الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسمع منه ولا يرى، بخلاف الكلام؛ فإنه جائز أن الله يخلق أصواتاً في الهواء فتسمع!! قلنا لكم: لو خلق أصواتاً في الهواء، فسمعت؛ لكان المسموع وصفاً للهواء، وهذا أنتم بأنفسكم لا تقولوه؛ فكيف تعيدون الصفة إلى غير موصوفها؟!
هذه وجوه أربعة كلها تدل على أن القول بخلق القرآن باطل، ولو لم يكن منه إلى إبطال الأمر والنهي والخبر والاستخبار؛ لكان ذلك كافياً.
الآية الثانية: قوله: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ
ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:75].
هذا في سياق قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} ؛ يعني: لا تطمعون أن يؤمنوا لكم؛ أي: اليهود.
{فَرِيقٌ مِنْهُمْ} : طائفة منهم، وهم علماؤهم.
{يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ} : يحتمل أن يراد به القرآن، وهو ظاهر صنيع المؤلف، فيكون دليلاً على أن القرآن كلام الله. ويحتمل أن يراد به كلام الله تعالى لموسى حين اختار موسى سبعين رجلاً لميقات الله تعالى، فكلمه الله وهم يسمعون، فحرفوا كلام الله تعالى من بعدما عقلوه وهم يعلمون. ولم أر الاحتمال الأول لأحد من المفسرين.
أيا كان؛ ففيه إثبات أن كلام الله بصوت مسموع، والكلام
صفة المتكلم، وليس شيئاً بائناً منه؛ فوجب أن يكون القرآن كلام الله لا كلام غيره.
{ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} : {يُحَرِّفُونَهُ} : أي: يغيرون معناه.
وقوله:: {مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} : {يُحَرِّفُونَهُ} هذا أشد في قبح عملهم وجرأتهم على الله سبحانه وتعالى: أن يحرفوا الشيء من بعد ما عقلوه ووصل إلى عقولهم وهم يعلمون أنهم محرفون له؛ لأن الذي يحرف المعنى عن جهل أهون من الذي يحرفه بعد العقل والعلم.
{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ} [الفتح:15].
في هذه الآية إثبات أن القرآن كلام الله؛ لقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ} .
والضمير يعود على الأعراب الذين قال الله فيهم: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} [الفتح: 15]؛ فهؤلاء أرادوا أن يبدلوا كلام الله، فيخرجوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن الله تعالى إنما كتب المغانم لقوم معينين، للذين غزوا في الحديبية، وأما من تبعوه لأخذ الغنائم فقط؛ فلا حق لهم فيها.