الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوم القيامة نرى ربنا بأبصارنا، ولكن لا تدركه أبصارنا.
الآية الثانية: قوله: {عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [
المطففين:23].
{الأَرَائِكِ} : جمع أريكة، وهي السرير الجميل المغطى بما يشبه الناموسية.
{يَنْظُرُونَ} : لم يذكر المنظور إليه، فيكون عاماً لكل ما يتنعمون بالنظر إليه.
وأعظمه وأنعمه النظر إلى الله تعالى؛ لقوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين: 24]؛ فسياق الآية يشبه قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ؛ فهم ينظرون إلى كل ما يتنعمون بالنظر إليه.
ومنه النظر إلى قرناء السوء يعذبون في الجحيم؛ كما قال تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} قال أي: لأصحابه: {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} : {هَلْ} . للتشويق يطلعون على ماذا؟! على هذا القرين، {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}!! أعوذ بالله! رآه في سوائها أي: في أصلها، وقعرها، سبحان الله هذا في أعلى عليين، وهذا في أسفل سافلين، وينظر إليه مع بعد المسافة العظيمة!
لكن نظر أهل الجنة ليس كنظر أهل الدنيا، هناك ينظر الإنسان في ملكه في الجنة مسيرة ألفي عام ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، من كمال النعيم؛ لأن الإنسان لو كان نظره كنظره في الدنيا؛
ما استمتع بنعيم الجنة؛ لأنه ينظر إلى مدى قريب، فيخفى عليه شيء كثير منه.
اطلع من أعلى عليين إلى أسفل سافلين، فرآه في سواء الجحيم، قال يخاطبه:{قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} ؛ وهذا يدل على أنه كان دائماً يحاول أن يضله، ولهذا قال:{إِنْ كِدْتَ} ، وهذا يدل على أنه كان دائماً يحاول أن يضله، ولهذا قال:{إِنْ كِدْتَ} ؛ يعني: إنك قاربت، و {إِنْ} هذه المخففة لا الثقيلة، {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ} إلى آخر الآيات [الصافات: 54 - 58].
أقول: إن الناس سابقاً يمارون في مثل هذا؛ كيف يكون في أعلى مكان ويخاطب من ينظر إليه ويكلمه في أسفل مكان؟!
ولكن ظهرت الآن أشياء من صنع البشر؛ كالأقمار الصناعية، والهواتف التليفزيونية .... وغير ذلك؛ يرى الإنسان م خلالها من يكلمه وينظر إليه وهو بعيد.
مع أنه لا يمكن أن نقيس ما في الآخرة على ما في الدنيا.
إذاً؛ {يَنْظُرُونَ} : عامة: ينظرون إلى الله، وينظرون مالهم من النعيم، وينظرون ما يحصل لأهل النار من العذاب.
إذا قال قائل: هذا فيه إشكال!! كيف ينظرون إلى أهل النار ينكتون عليهم ويوبخونهم؟!
فنقول: والله؛ ما أكثر ما أذاق أهل النار أهل الجنة في الدنيا من العذاب والبلاء والمضايقة!!