الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما نستفيده من الناحية المسلكية في هذه الآيات:
الأمر المسلكي: هو أن الإنسان ما دام يعرف أن الله تعالى رحيم، فسوف يتعلق برحمة الله، ويكون منتظراً لها، فيحمله هذا الاعتقاد على فعل كل سبب يوصل إلى الرحمة، مثل: الإحسان، قال الله تعالى فيه:{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]، والتقوى، قال تعالى:{فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156]، والإيمان، فإنه من أسباب رحمة الله، كما قال تعالى:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب: 43]، ولكما كان الإيمان أقوى، كانت الرحمة إلى صاحبه أقرب بإذن الله عز وجل.
صفة الرضى:
وقوله: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119].
الشرح:
هذه من آيات الرضى، فالله سبحانه وتعالى موصوف بالرضى، وهو يرضى عن العمل، ويرضى عن العامل.
يعني: أن رضى الله متعلق بالعمل وبالعامل ..
أما بالعمل، فمثل قوله تعالى:{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7]، أي: يرض الشكر لكم.
وكما في قوله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3].
وكما في الحديث الصحيح: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً
…
" (1).
فهذا الرضى متعلق بالعمل.
ويتعلق الرضى أيضاً بالعامل، مثل هذه الآية التي ساقها المؤلف:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119].
فرضى الله صفة ثابتة لله عز وجل، وهي في نفسه، وليست شيئاً منفصلاً عنه: كما يدعيه أهل التعطيل.
ولو قال لك قائل: فسر لي الرضى. لم تتمكن من تفسيره، لأن الرضى صفة في الإنسان غريزية، والغرائز لا يمكن لإنسان أن يفسرها بأجلي وأوضح من لفظها.
فنقول: الرضى صفة في الله عز وجل، وهي صفة حقيقية، متعلقة بمشيئته، فهي من الصفات الفعلية، يرضى عن المؤمنين وعن المتقين وعن المقسطين وعن الشاكرين ولا يرضى عن القوم الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يرضى عن المنافقين، فهو سبحانه وتعالى يرضى عن أناس ولا يرضى عن أناس، ويرضى أعمالاً ويكره أعمالاً.
ووصف الله تعالى بالرضى ثابت بالدليل السمعي، كما سبق، وبالدليل العقلي، فإن كونه عز وجل يثيب الطائعين ويجزيهم على أعمالهم وطاعاتهم يدل على الرضى.
(1) رواه مسلم (1715) عن أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب الأقضية/ باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة.