الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على المرتبة السابقة ـ النبوة والصديقية والشهادة ـ، فهم دونهم في المرتبة.
هذا الصراط الذي جاءت به الرسل هو صراط هؤلاء الأصناف الأربعة، فغيرهم لا يمشون على ما جاءت به الرسل.
قوله: "وقد دخل في هذه الجملة
ما وصف الله به نفسه في سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن، حيث يقول:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص: 1 - 4] ".
الشرح:
قوله: "دخل في هذه الجملة" يحتمل أنه يريد بها قوله: "وهو قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات" ويحتمل أن يريد ما سبق من أن أهل السنة والجماعة يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله، وأياً كان، فإن هذه السورة وما بعدها داخلة في ضمن ما سبق، من أن الله تعالى جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات وأن أهل السنة يؤمنون بذلك.
قوله: "في سورة الإخلاص": (السورة): هي عبارة عن آيات من كتاب الله مسورة، أي منفصلة عما قبلها وعما بعدها، كالبناء الذي أحاط به السور.
وقوله: "سورة الإخلاص": إخلاص الشيء، بمعنى: تنقيته، يعني: التي نقيت ولم يشبهها شيء وسميت بذلك، قيل: لأنها تتضمن الإخلاص لله عز وجل، وأن من آمن بها، فهو مخلص فتكون بمعنى مخلصة لقارئها، أي أن الإنسان إذا قرأها مؤمناً بها، فقد أخلص لله عز وجل وقيل لأنها مخلصة ـ بفتح اللام ـ، لأن الله تعالى أخلصها لنفسه، فلم يذكر فيها شيئاً من الأحكام ولا شيئاً من الأخبار عن غيره، بل هي أخبار خاصة بالله والوجهان صحيحان، ولا منافاة بينهما.
وقوله: "التي تعدل ثلث القرآن": الدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلية؟ ". فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: "الله الواحد الصمد ثلث القرآن"(1).
فهذه السورة تعدل ثلث القرآن في الجزاء لا في الإجزاء، وذلك كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن:"من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات فكأنما أعتق أربع أنفس من بني إسماعيل"(2) ، فهل يجزئ ذلك عن إعتاق أربع رقاب ممن وجب عليه ذلك وقال
(1) رواه البخاري (5015) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في كتاب فضائل القرآن/ باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . ومسلم (811) عن أبي الدرداء رضي الله عنه في كتاب صلاة المسافرين/ باب فضل قراءة قل هو الله أحد.
(2)
رواه البخاري (6404) كتاب الدعوات/ باب فضل التهليل. ومسلم (2693) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه في كتاب الذكر والدعاء/ باب فضل التهليل.
هذا الذكر عشر مرات؟ فنقول: لا يجزئ. أما في الجزاء، فتعدل هذا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يلزم من المعادلة في الجزاء المعادلة في الإجزاء. ولهذا، لو قرأ سورة الإخلاص في الصلاة ثلاث مرات، لم تجزئه عن قراءة الفاتحة.
قال العلماء: ووجه كونها تعدل ثلث القرآن: أن مباحث القرآن خبر عن الله وخبر عن المخلوقات، وأحكام، فهذه ثلاثة:
1 -
خبر عن الله: قالوا: إن سورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تتضمنه.
2 -
خبر عن المخلوقات، كالإخبار عن الأمم السابقة، والإخبار عن الحوادث الحاضرة، وعن الحوادث المستقبلة.
3 -
والثالث: أحكام، مثل: أقيموا، آتوا، لا تشركوا .. وما أشبه ذلك.
وهذا هو أحسن ما قيل في كونها تعدل ثلث القرآن.
قوله: "حيث يقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} ":
{قُلْ} : الخطاب لكل من يصح خطابه.
وسبب نزول هذه السورة: أن المشركين قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة (1)، وقيل:
(1) رواه أحمد (5/ 133)، والواحدي في "أسباب النزول"(262) والترمذي (3364) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" رقم (50 و 607 و 608) ، وان حزيمة في "التوحيد"(45) ، الدارمي في "الرد على الجهميةبرقم (28) من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، وقال الحافظ في "الفتح": أخرجه البيهقي بسند جيد (13/ 356) ، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (268).