الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الإمام أحمد ومحمد بن نوح رحمهما؛ فأبيا ذلك، وقالا: القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. ورأيا أن الإكراه في هذا المقام لا يسوغ لهما أن يقولا خلاف الحق؛ لأن المقام مقام جهاد، والإكراه يقتضي العفو إذا كانت المسألة شخصية؛ بمعنى أن تكون على الشخص نفسه، أما إذا كانت المسألة شخصية؛ بمعنى أن تكون على الشخص نفسه، أما إذا كانت المسألة لحفظ شريعة الله عز وجل.
لو قال الإمام أحمد في ذلك الوقت: إن القرآن مخلوق، ولو بتأويل أو لدفع الإكراه؛ لقال الناس كلهم: القرآن مخلوق! وحينئذ يتغير المجتمع الإسلامي من أجل دفع الإكراه، لكنه صمم، فصارت العاقبة له، ولله الحمد.
المهم أن القول في القرآن جزء من القول في كلام الله على العموم، لكن لما وقعت فيه المحنة، وصار محك النزاع بين المعتزلة وأهل السنة؛ صار الناس يفردون القول في القرآن بكلام خاص، والمؤلف رحمه الله من الآن ساق الآيات الدالة على أن القرآن كلام الله في آيات متعددة.
الآية الأولى: قوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة:6].
{أَحَدٌ} : هذه اسم، و {وَإِنْ}: أداة الشرط، والاسم إذا ولي أداة الشرط؛ فقد ولي أداة لا يليها إلا الفعل، فاختلف النحويون في هذا:
فقال بعضهم: إنه فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، وعليه يكون {أَحَدٌ} فاعل لفعل محذوف، والتقدير: وإن استجارك أحد من المشركين؛ فأجره، ومثلها:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] فـ {السَّمَاءُ} فاعل لفعل محذوف، والتقدير: إذا انشقت السماء.
القول الثاني: وهو قول الكوفيين وهم في الغالب أسهل من البصريين: أن {أَحَدٌ} فاعل مقدم، والفعل استجارك مؤخر، ولا حاجة للتقدير.
القول الثالث: أن ورود الأسماء بعد أدوات الشرط في القرآن كثيراً يدل على عدم امتناعه، وعلى هذا القول يكون الإسم الواقع بعد أداة الشرط مبتدأ إذا كان مرفوعاً، فيكون {أَحَدٌ}: مبتدأ، و {اسْتَجَارَكَ}: خبر المبتدأ.
والقاعدة عندي أن ما كان أسهل من أقوال النحويين؛ فهو المتبع، حيث لا مانع شرعاً من ذلك.
قوله: {اسْتَجَارَكَ} ؛ أي: طلب جوارك، والجوار: بمعنى العصمة والحماية.
{حَتَّى يَسْمَعَ} : {حَتَّى} : للغاية؛ والمعنى: إن أحد استجارك ليسمع كلام الله؛ فأجره حتى سمع كلام الله؛ أي: القرآن، وهذا بالاتفاق.
وإنما قال: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} ؛ لأن سماع كلام الله عز وجل مؤثر ولا بد كما قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ