الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مبارك في أن من قرأه؛ فله بكل حرف عشر حسنات (1)؛ فكلمة (قال) مثلاً فيها ثلاثون حسنة، وهذا من بركة القرآن؛ فنحن نحصل خيرات كثيرة لا تحصى بقراءة آيات وجيزة من كلام الله عز وجل.
والحاصل: أن القرآن كتاب مبارك؛ فكل أنواع البركة حاصلة بهذا القرآن العظيم.
والشاهد في قوله: {أنْزَلْنَاهُ} .
وثبوت نزوله من الله دليل على أنه كلامه.
الآية الثانية: قوله: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ
عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21].
الجبل من أقسى ما يكون، والحجارة التي منها تتكون الجبال هي مضرب المثل في القساوة؛ قال الله تعالى:{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]، ولو نزل هذا القرآن على جبل؛ لرأيت هذا الجبل خاشعاً متصدعاً من خشية الله.
(1) لما رواه التروذي (2910) واللفظ لهو والدارمي (3190) ، والحاكم (1/ 555) وصححه، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 263)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنةو والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
{خَاشِعاً} ؛ أي: ذليلاً.
ومن شدة خشيته لله يكون {مُتَصَدِّعاً} يتفلق ويتفتق.
وهو ينزل على قلوبنا، وقلوبنا –إلا أن يشاء الله –تضمر وتقسو لا تتفتح ولا تتقبل.
فالذين آمنوا إذا نزلت عليهم الآيات؛ زادتهم إيماناً، والذين في قلوبهم مرض؛ تزيدهم رجساً إلى رجسهم؛ والعياذ بالله!
ومعنى ذلك: أن قلوبهم تتصلب وتقسو أكثر وتزداد رجساً إلى رجسها، نعوذ بالله من ذلك!
وهذا القرآن لو أنزل على جبل؛ لتصدع الجبل وخشع؛ لعظمة ما أنزل عليه من كلام الله.
وفي هذا دليل على أن للجبل إحساساً؛ لأنه يخشع ويتصدع، والأمر كذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم في أحد:"هذا أحد جبل يحبنا ونحبه"(1).
وبهذا الحديث نعرف الرد على المثبتين للمجاز في القرآن، والذي يرفعون دائماً علمهم مستدلين بهذه الآية:{فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77]؛ يقول: كيف يريد الجدار؟!
فنقول: يا سبحان الله! العليم الخبير يقول: {يُرِيدُ أَنْ
(1) رواه البخاري (4422) ، ومسلم (1392)؛ عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه.
يَنْقَضَّ} ، وأنت تقول: لا يريد! أهذا معقول؟
فليس من حقك بعد هذا أن تقول: كيف يريد؟!
وهذا يجعلنا نسأل أنفسنا: هل نحن أوتينا علم كل شيء؟
فنجيب بالقول بأننا ما أوتينا من العلم إلا قليلاً
فقول من يعلم الغيب والشهادة: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} : لا يسوغ لنا أن نعترض عليه، فنقول: لا إرادة للجدار! ولا يريد أن ينقض!
وهذا من مفاسد المجاز؛ لأنه يلزم منه نفي ما أثبته القرآن.
أليس الله تعالى يقول: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:44]؛ هل تسبح بلا إرادة؟!
يقول: {تُسَبِّحُ لَهُ} : اللام للتخصيص؛ إذا؛ هي مخلصة، وهل يتصور إخلاص بلا إرادة؟! إذا؛ هي تريد وكل شيء يريد لأن الله يقول:{إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ} ، واظنه لا يخفى علينا جميعاً أن هذا من صيغ العموم؛ فـ (إن): نافية بمعنى (ما)، و {مِنْ شَيْءٍ}: نكرة في سياق النفي، {إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ، فيعم كل شيء.
فيا أخي المسلم! إذا رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن؛ فاتهم نفسك؛ لأن الله أخبر أن هذا القرآن لو أنزل على جبل لتصدع، وقلبك يتلى عليه القرآن، ولا يتأثر.
اسأل الله أن يعينني وإياكم.