الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن المراد بقوله: {لا قُوَّةَ} ، أي: لا قوة كاملة إلا بالله عز وجل.
وعلى كل حال، فهذا الرجل الصالح أرشد صاحبه أن يتبرأ من حوله وقوته، ويقول: هذا بمشيئة الله وبقوة الله.
في هذه الآية: إثبات اسم من أسماء الله، وهو: الله، وإثبات ثلاث صفات: الألوهية، والقوة، والمشيئة.
ومشيئة الله: هي إرادته الكونية، وهي نافذة فيما يحبه وما لا يحبه، ونافذة على جميع العباد بدون تفصيل، ولابد من وجود ما شاءه بكل حال، فكل ما شاء الله وقع ولا بد، سواء كان فيما يحبه ويرضاه أم لا.
الآية الثانية:
وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253]:
{لَوْ} : حرف امتناع لامتناع، وإذا كان جوابه منفياً بـ (ما)، فإن الأفصح حذف اللام، وإذا كان مثبتاً، فالأكثر ثبوت اللام، كما قال تعالى:{لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً} [الواقعة: 65]. فنقول: الأكثر، ولا نقول: الأفصح، لأنه ورد إثبات اللام وحذفها في القرآن الكريم:{لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً} [الواقعة: 70]. وقولنا: إن الأفصح حذف اللام في المنفي، لأن اللام تفيد التوكيد، والنفي ينافي التوكيد، ولهذا كان قول الشاعر:
ولو نعطى الخيار لما افترقنا
…
ولكن لا خيار مع الليالي
خلاف الأفصح، والأفصح: لو نعطى الخيار ما افترقنا
قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} : الضمير يعود على المؤمنين والكافرين، لقوله تعالى:{وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} [البقرة: 253].
وفي هذا رد واضح على القدرية الذي ينكرون تعلق فعل العبد بمشيئة الله، لأن الله قال:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} ، يعني: ولكنه شاء أن يقتتلوا فاقتتلوا. ثم قال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} ، أي: يفعل الذي يريده، والإرادة هنا إرادة كونية.
وقوله: {يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} : الفعل باعتبار ما يفعله سبحانه وتعالى بنفسه فعل مباشر. وباعتبار ما يقدره على العباد فعل غير مباشر، لأنه من المعلوم أن الإنسان إذا صام وصلى وزكى وحج وجاهد، فالفاعل الإنسان بلا شك، ومعلوم أن فعله هذا بإرادة الله.
ولا يصح أن ينسب فعل العبد إلى الله على سبيل المباشرة، لأن المباشر للفعل والإنسان، ولكن يصح أن ينسب إلى الله على سبيل التقدير والخلق.
أما ما يفعله الله بنفسه، كاستواءه على عرشه، وكلامه، ونزوله إلى السماء الدنيا، وضحكه
…
وما أشبه ذلك، فهذا ينسب إلى الله تعالى فعلاً مباشرة.