الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه، وجمهور أصحابنا - كابن عقيل وأبي الخطاب فيما ذكره القاضي -[أنه] كالإغماء، وقال جدي رحمه الله: يبطل صومه.
فأما الصرع - وهو الخنق الذي يعرض وقتاً ثم يزول -؛ فينبغي أن يلحق بالإغماء والغشي؛ لأنه يزيل الإِحساس من السمع والبصر والشم والذوق، فيُغطى، فيزول العقل تبعاً لذلك؛ بخلاف الجنون؛ فإنه يزيل العقل خاصة، فيلحقه بالبهائم.
*
فصل:
فأما من زال عقله بغير جنون
من إغماء أو غيره؛ فإنه يجب عليه الصوم بغير خلاف في المذهب، ويصح صومه إذا نواه في وقت تصح فيه النية وأفاق بعض النهار، سواء أفاق في أحد الطرفين أو في الوسط.
فأما إن أغمي عليه جميع النهار؛ لم يصح صومه. ولو نام جميع النهار؛ صح صومه. هذا هو المنصوص المشهور في المذهب، وإن كان سكراناً أو مبنجاً أو زال عقله بشرب دواء، وذلك لأن الإِغماء مرض من الأمراض، فلم يمنع صحة الصوم كسائر الأمراض، وإنما اشترطنا أن يفيق في جزء من النهار؛ لأن الصوم لا بد فيه من الإِمساك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه في صفة الصائم:
33 -
«يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» .
والإِمساك لا يكون إلا مع حضور العقل، ولم يشترط وجود الإِمساك في جميع النهار، بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه دخل في عموم قوله:«يدع طعامه وشهوته من أجلي» .
فعلى هذا: إن نوى الصوم من الليل، ثم أغمي عليه في أثناء النهار، واتصل أياماً؛ صح له صوم الأول دون ما بعده؛ لفوات الإِفاقة فيه والنية.
قال ابن أبي موسى: وقال بعض أصحابنا: ويجيء على قولنا: يجزيه نية لجميع الشهر: أنه إذا صح له صوم الأول؛ صح له ما بعده.
كأن صاحب هذا القول شبه جعل إفاقة واحدة كافية في جميع الشهر كما أن نية واحدة تكفي على هذه الرواية.
نعم لو أغمي عليه أياماً، فأفاق في أثناء النهار؛ فإنه هنا يجزيه ذلك الصوم على قولنا: إنه يصح [أن] يكفي لجميع الشهر نية واحدة.
* الفصل الخامس:
أنه لا يجب على الصبي حتى يبلغ في إحدى الروايتين. قال في رواية حنبل: إذا احتلم في بعض الشهر؛ لا يقضي، ويصوم فيما يستقبل.
واليهودي والنصراني إذا أسلما يصومان ما بقي ولا يقضيان ما مضى إنما وجبت الأحكام عليهما بعدما أسلما.
وقال في رواية المرُّوذي: إذا حاضت في بعض الشهر؛ تصوم الباقي، وقال في رواية ابن إبراهيم: تصوم إذا حاضت، فإن أجهدها؛ فلتفطر ولتقض.
وقال في رواية حرب: وقال له: غلام احتلم لثلاثة عشرة، فقيل له: صم، فقال: لا أقدر. قال: إذا احتلم الصائم لا يترك. قلت: فالجارية. قال إذا حاضت.
وعنه أنه يلزمه الصوم إذا أطاقه، حتى لو أطاق بعضه في أثناء الشهر؛ لزمه صوم ما يستقبله، ولو تبين له في أثناء النهار، وأنه يطيق صوم ذلك اليوم؛ كان بمنزلة إسلام الكافر. وهذا اختيار أبي بكر.
قال في رواية أبي داوود: يؤمر الغلام بالصوم إذا أطاقه.
وقال في رواية المروذي في غلام ابن اثني عشر سنة لم يحتلم: أرى عليه الصيام، فإن لم يصم يضرب على الصوم والصلاة.
وقد تأولها القاضي فقال: وذكر ابن أبي موسى هذه الرواية إذا أطاق صيام ثلاثة أيام تباعاً لا يضر يصبر فيه أخذ بصيام رمضان، فيكون صوم ثلاثة أيام متتابعة تفسير للطاقة المذكورة في الرواية الأخرى.
34 -
لأن أحمد رضي الله عنه قال في رواية عبد الله. قال: ورواه ابن جريج، قال: أخبرت عن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صام الغلام ثلاثة أيام متتابعة؛ فقد وجب عليه صيام شهر رمضان» . قال أبو عبد الله: يؤمر الصبي بالصيام إذا أطاق.
فهذا يبين أنه أخذ بالحديث في تفسير الطاقة.
35 -
وروى عبد الرزاق في «كتابه» ، عن ابن جريج، عن محمد
ابن عبد الرحمن بن لبيبة، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صام الغلام ثلاثة أيام متتابعة؛ فقد وجب عليه صيام رمضان» .
وبكل حال؛ فإنه يؤمر به إذا أطاقه، ويضرب عليه ليعتاده، هكذا ذكر جماعة من أصحابنا، منهم أبو الخطاب، وعليه تأول القاضي قول أحمد بالضرب.
وقال ابن عقيل: هل يلزمه الصوم ويضرب عليه؟ على روايتين.
فعلى هذا لا يضرب على ترك الصوم قبل الوجوب، وإن ضرب على الصلاة، بناء على أن رواية المروذي فيمن وجب عليه.
ويصح صومه إذا بلغ حد التمييز كما تصح منه الصلاة.
فأما قبل ذلك؛ فهل يصوم وليه. . .؟
وعلى هذا فقال الخرقي وغيره: إذا كان للغلام عشر سنين، وأطاق الصيام؛ أخذ به.
فجعل السن الذي يضرب عليه عشر سنين مع الطاقة قياساً على الصلاة، لكن تعتبر هنا الطاقة؛ بخلاف الصلاة؛ فإنه لا مشقة فيها.
وقد قال في رواية المروذي: ابن اثنتي عشرة سنة. وأطلق بعضهم الطاقة.
* الفصل السادس:
أنه لا يجب الصوم إلا على القادر؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقوله:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
فإن كان عاجزاً عنه في وقته قادراً عليه بعد خروج الوقت كالمريض والحامل؛ فإنه يجب عليه القضاء كما سيأتي.
وإن كان عاجزاً في الوقت وبعد الوقت - وهو الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة-؛ فإنهما يفطران ويطعمان كما سيأتي إن شاء الله.
وإن كان به عطاش أو شبق. . . .
وإذا أفاق من إغمائه في أثناء اليوم؛ فهو كما لو أفاق المجنون. ذكره ابن عقيل.
وينبغي. . . .