الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يوجب على نفسه إلا الصوم فقط؛ فإذا فُعل عنه؛ فقد أُدِّيَ عنه نفس ما أوجبه، ولو أُطعِم عنه؛ لم يكن قد أُدِّيَ عنه الواجب.
ولهذا يصح أن ينذر ما يطيقه وما لا يطيقه؛ فإذا عجز عنه؛ فهو في عهدته.
والصوم إنما أوجبه الله سبحانه على بدن المكلف؛ فإذا عجز؛ ففي ماله، فإذا عجز عن الأصل؛ انتقل إلى البدل الذي شرعه الله سبحانه.
ولهذا لم يوجب الله عليه من الصوم إلا ما يطيقه، وكذلك كل صوم وجب بإيجاب الله؛ فإنه بدله الإِطعام، وإن كان سبب وجوبه من المكلف كصوم الكفارة؛ بخلاف النذر.
نص عليه احمد في رواية ابن منصور فيمن مات وعليه صيام من دم التمتع أو كفارة يطعم عنه.
وكذلك نقل حنبل عنه فيمن مات وعليه نذر صيام شهر؛ صام عنه؛ فإن مات وعليه صيام شهر من كفارة؛ يطعم عنه، النذر فيه الوفاء.
وكذلك نقل المروذي صوم السبعة.
*
فصل:
ويصام النذر عنه
، سواء تركه لعذر أو لغير عذر.
قال القاضي: أومأ أحمد إلى هذا في رواية عبد الله والميموني والفضل وابن منصور.
قال في رواية عبد الله في رجل مرض في رمضان: إن استمر المرض
حتى مات؛ ليس عليه شيء؛ فإن كان نذر؛ صام عنه وليه إذا هو مات.
لأن النذر محله الذمة، وهو أجبه على نفسه، ولم يشترط القدرة، والله سبحانه قد شرط فيما أوجبه على خلقه القدرة.
ولهذا قد يجب على الإِنسان من الديون بفعل نفسه ما يعجز عنه، ولا يجب عليه بإيجاب الله عليه إلا ما يقدر عليه.
ولهذا لو تكفَّل من الدين بما لا يقدر عليه؛ لزمه في ذمته.
وعلى هذا؛ فلا فرق بين أن ينذر وهو مريض فيموت مريضاً، أو ينذر صوم شهر ثم يموت قبل مضي شهر.
وقد ذكر القاضي في موقع من «خلافه» وابن عقيل: أنه لا يلزم أن يقضي عنه من النذر إلا ما أمكنه أن يفعله صحيحاً مقيماً؛ اعتباراً بقضاء رمضان.
فأما إذا نذر الحج وهو لا يجد زاداً ولا راحلة بعد ذلك:
فقال القاضي: إن وجد في الثاني؛ لزمه الحج بالنذر السابق، وإن لم يجد؛ لم يلزمه؛ كالواجب بأصل الشرع؛ كما قلنا في الصوم سواءً.
فإن لم يكن له تركة يصام عنه منها؛ لم يلزمه صوم ولا حج، ويكون بمنزلة مَنْ عليه دين ولم يخلف وفاء.
وهذا الصوم لا يجب على الولي، بل يخير بين أن يصوم وبين أن يدفع من [يطعم] عن الميت عن كل يوم مسكيناً إن كان له تركة، فإن لم يكن له تركة؛ لم يلزم الوارث. قاله القاضي في «خلافه» .
فعلى هذا: لو تبرع الولي أو غيره بالإِطعام عنه دون الصيام. . . .
وقال في «المجرد» وابن عقيل وغيرهما: هذا القضاء لا يلزم الورثة، كما لا يلزمهم أن يقضوا دينه، وإنما الكلام فيه: هل يصح قضاؤه عنه؟
قال ابن عقيل: إذا قضوا عنه؛ صح، لكنه لا يلزمهم القضاء والصوم عنه الأقرب فالأقرب استحباباً. قال أحمد: يصوم أقرب الناس إليه ابنه أو غيره. وقال أيضاً: يصوم عنه واحد.
قال القاضي: وظاهر هذا أنه لا يختص القضاء بجميع الورثة، بل يصوم أحدهم، وهو الأقرب فالأقرب.
وهل تعتبر الولاية والقرابة؟. . . .
فإن صام غير الولي عنه بإذنه؛ جاز، وإن صام بغير إذنه؛ جاز أيضاً فيما ذكره القاضي، كما لو كان عليه دين يصح أن يقضيه الولي وغيره، وظاهر كلام أحمد. . . .
قال في رواية حنبل: إذا نذر أن يصوم شهراً، فحيل بينه وبين ذلك من مرض أو علة حتى يموت؛ صام عنه مليه النذر، وأطعم لكل يوم مسكيناً لتفريطه.
وإن عجز عن الصوم المنذور لكبر أو مرض لا يرجى برؤه:
فقال: لا يمتنع أن نقول: يصح الصوم عنه كما نقول في الحج إذا عجز عنه في حال الحياة: يحج عنه.
وقال الخرقي: يطعم عنه ولا يصام عنه.