الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا؛ فلا كفارة فيه.
والمنصوص عن أحمد: وجوب الكفارة والإِطعام؛ لأن التعيين قد فات.
قيل: ليس فيه إلا كفارة يمين فقط
*
مسألة:
وإن نذر الصوم في حال الكبر واليأس من البرء
.
فقيل: لا ينعقد نذره.
وظاهر المذهب: أنه ينعقد موجباً لما يجب إذا نذر ثم عجز عن الكفارة والإِطعام أو عن أحدهما.
*
فصل:
وإذا صام عنه أكثر من واحد في يوم:
فقال أحمد في رواية أبي طالب، وقد ذكر له فيمن كان عليه صوم شهر: هل يصوم عشرة أنفس شهراً؟
355 -
فقال: طاووس يقول ذلك. قيل له: فما تقول أنت؟ قال: بصوم واحد.
قال القاضي: فمنع الاشتراك؛ كالحجة المنذورة تصح بالنيابة فيها من واحد ولا تصح من الجماعة.
وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يصوم عنه جماعة في يوم واحد، ويجزئ عن عدتهم من الأيام، وحُمِل كلام أحمد على نذر مقتضاه التتابع؛ لأن لفظ الشهر في إحدى الروايتين يقتضي التتابع.
المسألة الرابعة: إذا نذر غير الصوم من عتقٍ أو صدقة أو هدي أو حج؛ فإنه يجوز أن يفعله عنه وليه، روايةً واحدة، أوصى أو لم يوص.
356 -
لما روى عبد الله بن عمرو: أنَّ العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن يذبح مئة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين، وأن عمراً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال:«أما أبوك؛ فلو أقرَّ بالتوحيد، فصمت عنه وتصدقت؛ نفعه ذلك» . رواه أحمد.
357 -
وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أختي نذرت أن تحج، وإنها ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟» . قال: نعم. قال: «فاقض الله؛ فهو أحق بالقضاء» . رواه أحمد والبخاري.
358 -
وفي لفظ للبخاري: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال:«حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين؛ ألست قاضيه؟» . قالت: نعم. قال: «اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء» .
ولأن هذه الأمور يجوز أن تفعل عنه من هذه العبادات ما وجب بالشرع بعد موته بدون إذنه؛ فلأن يفعل عنه ما وجب بالنذر أولى وأحرى.
وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء؛ فهل يفعل بعد الموت؟
على روايتين:
أحدهما: لا يجوز.
لأنه لا تجوز النيابة فيها ببدن ولا مال، فلم تجب النيابة فيها بعد الموت؛ كالأيمان.
ولأنه لا مدخل للبدل في المشروع منها، فلم يدخل في المنذور.
ولأن العبادات المنذورة يحتذى بها حذو العبادات المشروعة، ولا يجوز أن تفعل بالنذر ما لم يكن له أصل في الشرع، وعكسه الصوم؛ فإن للبدل فيه مدخلاً؛ كما ذكره الشيخ.
والثانية: يفعل عنه بعد الموت.
وهو اختيار أبي بكر والخرقي.
قال القاضي: وهو الصحيح؛ لما رَوَى ابن عباس.
359 -
ولأن سعد بن عبادة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان على أمه توفيت
قبل أن تقضيه؟ قال: «اقضه عنها» . رواه الجماعة.
ولا يخلو إما أن يكون سعد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان على أمه وأجابه النبي صلى الله عليه وسلم على مقتضى هذا السؤال ولم يستفصله، فيكون كأنه قال: إذا كان عليها نذر؛ فاقضه عنها؛ لأن السؤال كالمعاد في الجواب، وهذا عام مطلق في جميع النذور.
أو يكون قد سأله عن نذر معين من صوم ونحوه، فيكون إخبار ابن عباس: أنه أمره أن يقضي عنها النذر، ولم يعين ابن عباس أي نذر، هو دليل على أنه فهم أن مناط الحكم عموم كونه نذراً، لا خصوص ذلك المنذور، وأن كل النذور مستوية في هذا الحكم، وابن عباس أعلم بمراد النبي صلى الله عليه وسلم ومقصوده.
وأيضاً؛ فقد جاء مفسراً من حديث ابن عباس:
360 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم: «أمر رجلاً وامرأة أن تقضي نذر صوم كان على أمه وأخته» .
ووجَّهه النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا دين من الديون، وأن الله أحق أن يوفى دينه، وأحق أن يقبل الوفاء، وهذه علة تعم جميع الديون الثابتة في الذمة لله.
وأيضاً؛ فإنه لا فرق بين الصلاة والصيام؛ فإنها عبادة بدنية لا يجوز الاستنابة في فرضها بحال، والصوم كذلك؛ فإذا جاز قضاء الصوم المنذور عينا؛ فكذلك الصلاة المنذورة، نعم؛ الصوم دخلت النيابة فيه بالمال بخلاف
الصلاة، لكن هذا لا أثر له في دخول النيابة ببدن الغير؛ فإنهما مستويان فيه.
وأيضاً؛ فإن النذور محلها ذمة العبد، فصارت. . . .
وأما الاعتكاف:
فالمنصوص عن أحمد في رواية ابن إبراهيم وحنبل: إذا نذر أن يعتكف، فمات قبل أن يعتكف؛ ينبغي لأهله أن يعتكفوا عنه.
وكذلك قال أصحابنا، ولم يذكروا خلافاً؛ إلحاقاً له بالصوم؛ فإنه به أشبه منه بالصلاة.
وعلى قول ابن عقيل في منع النيابة في الصوم يمتنع في الاعتكاف.
361 -
وقد روي عن عامر بن مصعب؛ قال: «اعتكفت عائشة عن أخيها بعدما مات» . رواه سعيد.
وإذا نذر فعل طهارة:
فقال القاضي وابن عقيل: لا تفعل عنه؛ لأنها غير مقصودة في نفسها.