المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فصل:وإن كانت مستكرهة - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - كتاب الصيام - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌مسألة:ويجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم، ويؤمر به الصبي إذا أطاقه

- ‌ مسألة:فإن نوى الصوم وجُنَّ في بعض اليوم

- ‌ فصل:فأما من زال عقله بغير جنون

- ‌ فصل:فإن صار من أهل الوجوب في أثاء النهار

- ‌ فصل:فأما من يجب عليه القضاء إذا زال عذره في أثناء اليوم

- ‌ فصل:فأما إذا وجد سبب الفطر في أثناء النهار

- ‌مسألة:ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان، ورؤية هلال رمضان، ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه:

- ‌ فصل:وإذا أوجبنا صومه

- ‌مسألة:وإذا رأى الهلال وحده؛ صام

- ‌مسألة:فإن كان عدلاً صام الناس بقوله:

- ‌ فصل:ويقبل فيه شهادة الواحد

- ‌مسألة:ولا يفطر إلا بشهادة عدلين:

- ‌مسألة:(وإذا صاموا بشهادة اثنين وثلاثين يوماً؛ أفطروا، وإن كان بغيم أو قول واحد؛ لم يفطروا؛ إلا أن يروه أو يكملوا العدة)

- ‌ فصل:وإذا شهد بالرؤية واحد أو اثنان أو أكثر من ذلك عند بعض الناس ولم يثبت عند الإِمام:

- ‌مسألة:وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير؛ تحرى وصام؛ فإن وافق الشهر أو بعده أجزأه، وإن وافق قبله لم يجزئه

- ‌ فصل:وإذا رأى الهلال بعد زوال الشمس فهو لِلَّيلة المقبلة

- ‌ فصل:وإذا رأى الهلال أهل بلد؛ لزم سائر البلدان الصوم، وإن لم يروه

- ‌ فصل:ولا يصح الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌ فصل:

- ‌ فصل:وتصح النية في جميع ليلة الصوم

- ‌ فصل:وهل يشترط أن ينوي نية الفريضة

- ‌ فصل:ولا يجزئ الواجب من الكفارة والقضاء والنذر المطلق إلا بتعيين النية

- ‌والنذر المعين

- ‌باب في أحكام المفطرين في رمضان

- ‌مسألة:ويباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرر به والمسافر الذي له الفطر؛ فالفطر لهما أفضل، وعليهما القضاء، وإن صاما أجزأهما

- ‌مسألة:والثاني: الحائض والنفساء يفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يجزئهما

- ‌مسألة:والثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما؛ أفطرتا وقضتا وأطعمتا

- ‌عن كل يوم مسكيناً، وإن صامتا؛ أجزأهما

- ‌ فصل:ولو أحاط العدو ببلد، وكان الصوم المفروض يضعفهم؛ فهل يجوز لهم الفطر

- ‌مسألة:الرابع: العجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه؛ فإنه يطعم عنه لكل يوم مسكين

- ‌ فصل:وإن قوي الشيخ أو العجوز بعد ذلك على القضاء، أو عوفي المريض الميؤوس من بُرئه، بأن زال عطاشه وزال شبقه ونحو ذلك بعد إخراج الفدية

- ‌مسألة:وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير؛ إلا من أفطر بجماع في الفرج؛ فإنه يقضي ويعتق رقبة؛ فإن لم يجد؛ فصيام شهرين متتابعين؛ فإن لم يستطع؛ فإطعام ستين مسكيناً؛ فإن لم يجد؛ سقطت عنه

- ‌ فصل:فإن عجز عن الكفارات الثلاثة:

- ‌ فصل:ويجب العتق إذا وجد الرقبة أو ثمنها فاضلاً عن حوائجه الأصلية

- ‌ فصل:ولا تجب الكفارة إلا في شهر رمضان

- ‌مسألة:فإن جامع ولم يكفر حتى جامع ثانية؛ فكفارة واحدة.وإن كفر ثم جامع؛ فكفارة ثانية

- ‌وكل من لزمه الإِمساك في رمضان، فجامع؛ فعليه كفارة

- ‌ فصل:ولا فرق في الجماع بين المعذور وغير المعذور

- ‌ فصل:وأما المرأة؛ فلا تخلو: إما أن تكون مطاوعة، أو مستكرهة:

- ‌ فصل:وإن كانت مستكرهة

- ‌ فصل:إذا جامع ونزع قبل الفجر، ثم أمنى بذلك بعد طلوع الفجر

- ‌ فصل:ولو احتلم الصائم في النهار في المنام

- ‌مسألة:ومن أخر القضاء لعذر حتى أدركه رمضان آخر؛ فليس عليه غيره، وإن فرط؛ أطعم مع القضاء لكل يوم مسكيناً

- ‌ مسألة:وأما إذا أخر القضاء لعذر

- ‌ فصل:فإن كان قد أمكنه قضاء بعض ما فاته دون بعض

- ‌ مسألة:فإن أخره إلى رمضان ثالث

- ‌ فصل:ومن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوعاً

- ‌مسألة:وإن ترك القضاء حتى مات لعذر؛ فلا شيء عليه، وإن كان لغير عذر؛ أطعم عنه لكل يوم مسكيناً؛ إلا أن يكون الصوم منذوراً؛ فإنه يصام عنه، وكذلك كل نذر طاعة

- ‌ فصل:فإن فرط حتى أدركه رمضان الثاني قبل أن يصوم، ومات في أثناء ذلك الرمضان أو بعده قبل أن يصوم:

- ‌ فصل:ويصام النذر عنه

- ‌ مسألة:وإن نذر الصوم في حال الكبر واليأس من البرء

- ‌ فصل:وإذا صام عنه أكثر من واحد في يوم:

- ‌باب ما يفسد الصوم

- ‌مسألة:ومن أكل أو شرب أو استعط أو وصل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان أو استقاء أو استمنى أو قبل أو لمس فأمنى أو أمذى أو كرر النظر حتى أنزل أو حجم أو احتجم عامداً ذاكراً لصومه؛ فسد، وإن فعله ناسياً أو مكرهاً؛ لم يفسد

- ‌ فصل:فإن تجوَّف جوف في فخذه أو يده أو ظهره أو غير ذلك، وليس بينه وبين البطن منفذ، فوضع فيه شيء

- ‌ فصل:ويكره للصائم أن يباشر أو يقبل أو ينظر لشهوة

- ‌ فصل:ويفطر بالحجامة في جميع البدن

- ‌مسألة:وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكر فأنزل، أو قطر في إحليله، أو احتلم، أو ذرعه القيء؛ لم يفسد صومه

- ‌ فصل:وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه

- ‌ فصل:وما يوضع في الفم من طعام أو غيره

- ‌ فصل:

- ‌مسألة:«ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً؛ أفطر»

- ‌مسألة:وإن أكل شاكّاً في طلوع الفجر؛ لم يفسد صومه، وإن أكل شاكّاً في غروب الشمس؛ فسد صومه

- ‌ فصل:[الوقت] الذي يجب صيامه

- ‌ فصل:والسنة تعجيل الفطور

- ‌ فصل:والسحور سنة

- ‌ فصل:ويكره الوصال

- ‌ فصل:فإن أكل أو شرب ما يرويه وإنْ قل؛ خرج عن حكم النهي

- ‌ فصل:وما كان مكروهاً أو محرماً من الأقوال والأعمال في غير زمن الصوم؛ [ففيه] أشد تحريماً وكراهة

الفصل: ‌ فصل:وإن كانت مستكرهة

*‌

‌ فصل:

وإن كانت مستكرهة

بأن يضطجعها ويطأها، ولا تقدر أن تمتنع منه، أو يقيدها ونحو ذلك؛ فسد صومها.

نص عليه في رواية مهنا في محرمة غصبها رجل نفسها فجامعها وهي كارهة؛ قال: أخاف أن يكون قد فسد حجها. فقيل له: فإن غصبها رجل نفسها وهي صائمة فجامعها؟ قال: هو كذلك.

وفي لفظ: إذا أكرهها فوطئها؛ فعليها القضاء. قلت: وعليها الكفارة؟ قال: لا. قلت: فإن كانت اشتهته؟ قال: لم أسمع على المرأة كفارة.

وهذا قول ابن أبي موسى والقاضي وأكثر أصحابنا.

وعنه: لا يفسد. ذكرها أبو الخطاب وابن عقيل.

قال في رواية ابن القاسم في الرجل يتوضأ فيسبقه الماء فيدخل حلقه: لا يضره ذلك، وكذلك الذباب يدخل حلقه، والرجل يومئ بالشيء فيدخل حلق الآخر، وكل أمر غلب عليه الصائم؛ فليس عليه قضاء ولا غيره.

فإن هذا يقتضي أنه لا يفسد الصوم بالإِكراه على الجماع؛ لقوله: «ليس عليه قضاء ولا غيره» ، وغير القضاء هي الكفارة، وإنما تجب الكفارة في الجماع، فعلم أنه إذا غلب على الجماع؛ لم يكن عليه قضاء ولا غيره. وهذا اختيار ابن عقيل؛ لأن الله تعالى عفا للأمة عما استكرهوا عليه، ولأن هذه المرأة لم يصدر منها فعل ألبتة.

ولهذا لا يجب عليه حدٌّ ولا إثم ولا تعزير ولا ضمان؛ فإنه لو ألقى إنسانٌ إنساناً على آخر، فقتله؛ لم يضمنه؛ فإذا لم يجب الضمان مع وجوبه مع السهو وغيره؛ فأن لا يفسد العبادة أولى.

ص: 331

ولأنه لو حلق رأس محرم أو قلم ظفره بغير اختياره؛ لم يكن عليه جزاء؛ فكيف يفسد إحرامه وصيامه بذلك؟!

فعلى هذا: إن أكرهت بالضرب أو الحبس أو الوعيد، حتى اضطجعت أو مكَّنت؛ ففيه وجهان كالوجهين فيما إذا أكره حتى أكل بيده.

ووجه الأول: أنه جماع يوجب الغسل، فأفسد الصوم والحج؛ كجماع المطاوِعَة، ولأنها عبادة تبطل بجماع المختارة فبطلت بجماع المستكرهة كالطهارة؛ إلا أن الأسباب الموجبة للوضوء لا تفريق بين عمدها وسهوها؛ بخلاف الأسباب المفسدة للإِحرام، ولأن الجماع يشبه الإِتلاف. . . . فعلى هذا لا كفارة عليها.

نص عليه في الصائمة في رواية مهنا، وفي المحرمة المستكرهة في رواية ابن إبراهيم ويعقوب بن بختان وحنبل.

وفرق بينها وبين المطاوعة.

وسواء قلنا: تجب الكفارة على الناسي والجاهل والرجل والمكره أو لا تجب في المشهور عند أصحابنا.

قال القاضي في «المجرد» : لا كفارة عليها روايةً واحدةً؛ لأن المكره لا فعل له، ولهذا لو أكره على قتل الصيد وإتلاف مال الغير؛ لم يكن عليه ضمان، وإنْ وجب الضمان على الناسي.

وذكر القاضي في خلافه فيها روايتين:

إحداهما: كذلك.

والثانية: عليها الكفارة كالناسي والجاهل.

ص: 332

وقد نص أحمد في رواية الأثرم: إذا أكرهها في الحج؛ على كل واحد منهما هدي.

ولا ترجع به عليه على هذه الرواية كالناسي.

وقال ابن أبي موسى: قيل: عنه كفارة ترجع بها عليه؛ لأنه حق لزمها بسببه، فكان استقراره عليه؛ كما لو أكره رجلاً على إتلاف المال أو غرَّه في نكاح أو بيع أو غيرها أو حلق رأس المحرم بغير اختياره؛ فإن ضمانه عليه.

والإِكراه الذي لا ريب فيه أن يقهرها على نفسها، وسواء كان إكراه غلبة مثل إنْ قهرها على نفسها، أو كان إكراه تمكين مثل إنْ ضربها حتى مكَّنت من نفسها؛ فالحكم سواء. هذا قول القاضي وأبي الخطاب.

فعليها الكفارة هنا؛ لأن لها فعلاً صحيحاً وقصداً واختياراً، وإن كانت معذورةً فيه؛ فإن العذر لا يمنع وجوب الكفارة؛ كالنسيان والجهل.

لأنه لو دفعه على إنسان فقتله؛ لم يكن على المدفوع دية ولا كفارة، ولو أكرهه حتى قتله؛ لوجب عليه دية القود، وكان هذا الفعل محرماً بالإِجماع. وعلى الوجهين متى قدرت على الدفع عن نفسها، فلم تفعل؛ فهي كالمطاوعة.

وإن مانعته في أول الفعل، ثم استلانت في أثنائه؛ فهي كالمطاوعة؛ لأن استدامة الوطء كابتدائه في إيجاب الكفارة؛ بدليل مَنْ طلع عليه الفجر وهو مجامع. هكذا ذكره ابن عقيل.

فأما إن وطئها وهي نائمة، ولم تستيقظ إلا بعد مفارقته للفعل:

فقال ابن أبي موسى: ليس عليها قضاء ولا كفارة، وعليه القضاء والكفارة قولَا واحداً؛ لأنها لم تشعر بالجماع، ولم تجد طعمه، ولم تذق عسيلته.

ص: 333

قال: وقال بعض أصحابنا: عليها القضاء وجهاً واحداً؛ يعني: كالمستكرهة؛ فإنه لم يذكر فيها خلافاً، وعليها الكفارة في أحد الوجهين، ترجع بها عليه.

هذا قول القاضي وأصحابه، لا فرق عندهم بين النائمة والمستكرهة.

قال القاضي: قياس المذهب أنها تفطر؛ كما لو أكرهها على الوطء أنها تفطر؛ بخلاف ما لو أكره على الأكل، أو أكل وهو نائم؛ فإنه لا يفطر؛ كالناسي إذا أكل وأولى؛ لأن أكثر ما فيه أنها جومعت بغير اختيارها، فأشبه المقهورة، ولأنه جماع يوجب الغسل، فأفسد الصوم كسائر أنواع الجماع.

قال ابن أبي موسى: ولو ألزمناه كفارتين عنه وعنها؛ كان وجهاً.

فعلى هذا يطالب هو بالتكفير؛ كما قلنا فيمن حلق [رأس] محرم وهو نائم.

وعلى الوجه الذي نقول فيه: ترجع عليه بالكفارة، تطالب هي بها، وترجع عليه.

وإن لم تمكنه؛ فهي كالمستكرهة؛ لأنها تشعر بالجماع.

قال ابن أبي موسى: عليها القضاء والكفارة، ترجع بالكفارة عليه؛ فإنه على الرواية التي توجب الكفارة على المستكرهة.

وأما الموطوءة بعذر غير الاستكراه؛ مثل الناسية والجاهلة والممكنة تظنه ليلاً فبان نهاراً ونحو ذلك:

فذكر أبو الخطاب أنه يفسد صومها، ولا يلزمها الكفارة مع العذر، والعذر

ص: 334

الإِكراه والنسيان، وسوّى بين الأعذار، وألحق المكرهة بالناسية، وجعل في الرجل المعذور روايتين.

وخرَّج بعض أصحابنا وجهاً: أنه لا يفسد صومها أيضاً.

لأن ما لا يوجب الكفارة لا يفسد الصوم مع النسيان؛ كالأكل.

وأما المنصوص عن أحمد، والذي ذكره عامة الأصحاب: الفرق إنما هو بين المطاوعة والمستكرهة فقط، وأن المطاوعة إذا نسيت أو جهلت؛ فإنها كالرجل سواء.

وقد صرح القاضي بالفرق بين الناسية والمستكرهة.

وهذا أصح؛ لأنه لا فرق بين عذر المرأة وعذر الرجل في غير الاستكراه، وإنما فرق بينهما في الاستكراه؛ لأن المرأة لا فعل لها هنالك، ولأن الرجل يمتنع إكراهه على الجماع. . . .

وإذا وطئ أمته مطاوعة، [وأوجبنا] الكفارة؛ كفَّرت بالصوم.

وإن استكرهها؛ فقال ابن أبي موسى: الكفارتان عليه.

وهذا إذا قلنا: لا كفارة على المستكرهة؛ فيحتمل أن تكون كذلك؛ لأنها إنما سقطت عنها تخفيفاً، وهنا تجب ابتداءً على السيد، وليس أهلاً للتخفيف عنه.

وإن قلنا: تجب عليها، ولا يحلها عنها على الرواية التي ذكرها القاضي. . . .

ص: 335