الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن جرح بغير اختياره، فوصل إلى جوفه؛ لم يفطر. هذا قول [أصحابنا] القاضي وغيره.
*
فصل:
فإن تجوَّف جوف في فخذه أو يده أو ظهره أو غير ذلك، وليس بينه وبين البطن منفذ، فوضع فيه شيء
؛ لم يفطره؛ كما لو وضعه في فمه وأنفه.
الفصل الثالث: إذا استقاء، وهو أن يستدعي القيء؛ فإنه يفطر.
فأما إن ذرعة القيء؛ فلا قضاء عليه.
374 -
والأصل فيه ما روى عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ذرعه القيء وهو صائم؛ فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً؛ فليقض» . رواه الخمسة.
لكن لم يذكر أبو داوود وابن ماجه: «عمداً» .
قال الدارقطني: رواته كلهم ثقات.
وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس، وقال محمد: لا أراه محفوظاً.
375 -
قلت: وقد رواه ابن ماجه، عن أبي زرعة، عن علي بن الحسن بن سليمان أبي الشعثاء، عن حفص بن غياث، عن هشام: مثل رواية عيسى بن يونس.
376 -
ورواه النسائي موقوفاً على أبي هريرة من حديث الأوزاعي عن عطاء عنه.
377 -
وعن أبي الدرداء حدثه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر» . فلقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد دمشق، فقلت: إنّ أبا الدرداء حدثْني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر. قال: صدق، وأنا صببت له وضوءه. رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
379 -
وعن ابن عمر؛ قال: «إذا استقاء الصائم؛ فعليه القضاء، وإذا ذرعه القيء؛ فلا قضاء عليه» .
380 -
وعن زيد بن أرقم؛ قال: «ليس بفطر من ذرعه القيء وهو صائم» . رواه سعيد.
وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عمداً.
381 -
فإن قيل: فقد روى البخاري عن أبي هريرة؛ قال: «إذا قاء؛ فلا يفطر، إنما يخرج ولا يولج» . قال: ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر، والأول أصح.
382 -
383 - قال: وقال ابن عباس وعكرمة: «الفطر مما دخل وليس مما خرج» .
384 -
وعن إبراهيم؛ قال: قال: «إنما الصيام مما دخل وليس مما خرج، وإنما الوضوء مما خرج [وليس مما دخل]» . رواه سعيد.
385 -
وقد روى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد الخدري؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة، والقيء، والاحتلام» . رواه الترمذي وقال: هو غير محفوظ، وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم وعبد العزيز بن محمد وغير
واحد هذا الحديث عن زيد بن اسلم مرسلاً، ولم يذكر فيه: عن أبي سعيد.
386 -
وقد رواه الدارقطني من حديث هشام بن سعد عن زيد متصلاً. . . .
ضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ويقول: روى هذا الحديث عن أبيه عن عطاء بن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يفطرون الصائم: القيء، والحجامة، والاحتلام» .
387 -
وقال العمري: عن نافع، عن ابن عمر:«إذا ذرعه القيء؛ فلا قضاء عليه، وإن استقاء؛ فعليه القضاء» .
388 -
ورواه أبو داوود من حديث سفيان، عن زيد بن أسلم، عن
بعض أصحابه، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفطر من قاء ولا من احتجم ولا من احتلم» .
قيل: أما الحديث المرفوع؛ فضعيف، ثم قِرانه بالاحتلام قد يحتمل أنه أراد من ذرعه القيء؛ فإنه لو استمنى أفطر، فيحمل هذا على من ذرعه القيء.
ثم لو لم يكن في الباب حديث مرفوع، وتعارضت أقوال الصحابة؛ لكان قول من فطَّره أولى بالاتباع؛ لأن التفطير بالاستقاء لا يدرك بالقياس على الأكل والشرب.
فمن نفى الفطر به؛ بناه على ما ظهر من أن الفطر إنما هو مما دخل، ومن أوجب الفطر به؛ فقد اطلع مزيد علم وسنة خفيت على غيره.
والاستقاء: أن يستدعي القيء بيده أو بجذب نفسه.
فأما إن نظر إلى شيء بغتة أو تفكر في شيء بغتة حتى قاء:
فقال ابن عقيل: يفطر إذا قصد ذلك. كما اختار أنه يفسد صومه إذا نظر
أو تفكر فأنزل.
وذكر عمن خالفه من أصحابنا: أنه إذا نظر فقاء أو تذكر فقاء؛ لم يفطر.
والقيء المفطر: هو الطعام ونحوه الذي يخرج من الجوف، فأما ما ينزل من الرأس؛ فلا بأس به.
فأما النخامة: التي تخرج من الجوف:
فقال في رواية المروذي: ليس عليك قضاء إذا ابتلعت النخاعة وأنت صائم؛ إلا أنه لا يعجبني أن يفعل.
والنخاعة إذا كانت من الصدر، ليس فيها طعام؛ فلا بأس.
وإن استقاء حتى يخرج الطعام؛ فعليه القضاء.
وقال في رواية حنبل: إذا تنخم الصائم، ثم ازدرده؛ فقد أفطر.
فإن بلع ريقه؛ لم يفطر.
لأن النخامة تنزل من الرأس، والريق من الفم؛ فبينهما فرق.
ولو أن رجلاً تنخع من جوفه، ثم ازدرده؛ فقد أفطر.
لأنه شيء قد بان منه، وكان بمنزلة من أكل شيئاً.
ولا ينبغي أن يتنخم ويقلع من جوفه بلغماً أو غيره؛ إلا أن يغلبه أمر، فيقذفه ولا يزدرده؛ فقد نص في استخراج النخامة من الصدر عمداً على روايتين:
قال القاضي: وتحقيق المذهب في قدر القيء الذي يحصل به الفطر مبني على قدر ما يحصل به نقض الطهر، وفيه ثلاث روايات:
إحداها: ما كان ملء الفم.