الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وعلى هذا يحمل كلامه في رواية أبي طالب والأثرم.
وإن قال: عليَّ أن أعتكف هذه العشر أو العشر الأواخر من رمضان؛ فعلى ما ذكره القاضي: هو مثل أن يقال: هذه الأيام. حتى قال في «خلافه» : لو نذر اعتكاف عشر بعينه، كالعشر الأواخر من رمضان؛ لم يدخل ليلة العشر فيه. وغيره: تدخل الليلة هنا، وإن لم يدخل في لفظ الأيام.
وإذا نذر اعتكاف العشر؛ لم يكن له أن يخرج إلى هلال شوال. ذكره القاضي. وإن كان العشر عبارة عن الليالي؛ لأن بياض نهار كل يوم يدخل في ليلته، ويجزيه، سواء كان الشهر تامّاً أو ناقصاً؛ لأنه إذا أطلق العشر؛ فإنما يفهم منه ما بين العشر الأوسط وهلال شوال.
ولو نذر اعتكاف عشر مطلق أو عشرة أيام؛ لم يجزه إلا عشرة تامة، فإذا اعتكف العشر الآخر من رمضان، وكان ناقصاً؛ لزمه أن يعتكف يوم العيد.
وإذا نذر عشراً مطلقاً، أو عشر ليال؛ فهل يلزمه بياض اليوم الذي يلي آخر ليلة؟. . . .
*
فصل:
وإذا نذر اعتكاف شهر مطلق
؛ أجزأه ما بين الهلالين إن كان ناقصاً.
وإن كان شرع في أثناء شهر؛ لزمه استيفاء ثلاثين يوماً، فإن شرع في أثناء يوم. . . .
وإن قال: ثلاثين يوماً؛ لم يجزه إلا ثلاثين، فإذا كان ناقصاً؛ فعليه يوم آخر.
وإذا نذر اعتكاف شهر؛ لزمه أن يعتكف شهراً متتابعاً، سواء قلنا فيمن نذر صوم شهر يلزمه التتابع أم لا. قاله القاضي وأصحابه. لأن الاعتكاف يصح بالليل والنهار، فاقتضى التتابع؛ كمدة الإِيلاء والعِنَّة.
وإذا حلف لا يكلمه شهر وعليه الصوم. . . .
ومن أصحابنا من خرج في هذه المسألة وجهين؛ قياساً على مَن نذر أن يصوم شهراً: هل يلزمه التتابع أو يجوز له التفريق؟ على روايتين.
لأنها عبادة يجوز فعلها متتابعة ومفرقة، فأشبهت الصوم، والأول أجود؛ لأنه لو نذر اعتكاف عشر؛ لزمه متتابعاً، وإن جاز تفريقه؛ فكذلك الشهر.
وإذا نذر اعتكاف ثلاثين يوماً؛ فقال القاضي: يلزمه التتابع كما يلزمه في الشهر؛ كما لو حلف لا يكلمه عشرة أيام.
فعلى هذا إن نذر اعتكاف ليلتين:
فقال: يحتمل أن يلزمه ليلتان ويوم.
وقال أبو الخطاب: يجوز أن يفرقهما، وإن أوجبنا التتابع في لفظ الشهر؛ لأن أحمد فرق بين اللفظين في نذر الصيام:
فقال في رواية ابن الحكم في رجل قال: لله عليَّ أن أصوم عشرة أيام: يصومها متتابعاً. وإذا قال: شهراً؛ فهو متتابع، وإذا قال: ثلاثين يوماً؛ فله أن يفرق.
فعلى هذا: إن نذر اعتكاف عشرة أيام؛ تلزمه متتابعة كما يلزمه الصوم.
وقال ابن عقيل عن أحمد: الفرق بين الأيام والشهر، فأوجب التتابع في الشهر دون الأيام.
وزعم القاضي أنه لا فرق بين ثلاثين يوماً وعشرة أيام. قال: ولعله سهو من الراوي.
وليس كما قال؛ لأن عدول الحالف عن لفظ (شهر) إلى لفظ (ثلاثين يوماً) ، مع أنه أصل، وهو خلاف المعتاد: دليل على أنه أراد معنى يختص به؛ بخلاف لفظ عشرة أيام؛ فإنه ليس لها إلا لفظ واحد، والمطلق في القرآن من الصوم محمول على التتابع؛ فكذلك في كلام الآدميين.
وإذا وجب التتابع؛ لزمه اعتكاف الليالي التي تتخلل الأيام، فأما ليلة أول يوم؛ فلا تلزمه؛ مثل أن يقول: لله عليَّ اعتكاف يومين. فتجب الليلة التي بينهما دون التي قبلهما، هذا هو المشهور. وعلى الرواية المذكورة.
قيل: تجب الليلة التي قبل.
قال ابن عقيل: ويتخرج وجوب يومين بلا ليلة أصلاً؛ كما لو أفرد؛ لأن ليلة اليوم الأول لما لم يلزم أن تدخل في اعتكافه؛ كذلك ليلة اليوم الثاني.
وأما إذا لم يجب التتابع؛ فإنما تجب عشرة أيام بلا ليال. ذكره ابن عقيل وغيره. كما لو قال: عليَّ أن أعتكف يوماً؛ فإن اليوم اسم لبياض النهار خاصة، وهذا كله عند الإِطلاق.
فإن نوى شيئاً أو شرطه بلفظه؛ عمل بمقتضاه قولاً واحداً. . . .