الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويبطل أيضاً بالسكر؛ لأن السكران ممنوع من دخول المسجد؛ لقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: آية 43]. . . .
فأما إن زال عقله بغير النوم من جنون أو إغماء. . . .
*
فصل:
وإذا ترك الاعتكاف بالخروج من المعتكف:
فإما أن يكون نذراً أو تطوعاً: أما النذر؛ فأربعة أقسام:
أحدها: أن يكون نذراً معيناً، مثل أن يقول: لله عليَّ أن أعتكف هذا الشهر، أو هذا العشر، أو العشر الأواخر من رمضان. . . ونحو ذلك؛ ففيه روايتان، ويقال: وجهان مبنيان على روايتين منصوصتين في الصيام:
أحدهما: يبطل ما مضى من اعتكافه، وعليه أن يبتدئ الاعتكاف، فيعتكف ما بقي من المدة، ويصله باعتكاف ما فوته منها؛ لأنه وجب عليه أن يعتكف تلك الأيام متتابعة، فإذا بطا الاعتكاف؛ قطع التتابع؛ فعليه أن يأتي به في القضاء متتابعاً؛ لأن القضاء يحكي الأداء، ووجب عليه أن يعتكف ما بقي من المدة لأجل التعيين، وهذا أولى من الصوم؛ لأن الصوم عبادات يتخللها [ما ينافيها، فإذا أفطر يوم؛ لم يلزم منه فطر يوم آخر؛ بخلاف] الاعتكاف؛ فإنه عبادة واحدة متواصلة، فإذا أبطل آخرها؛ بطل أولها؛ كالإِحرام وصوم اليوم الواحد والصلاة.
والرواية الثانية: لا يبطل ما مضى من اعتكافه، بل يبني عليه ويقضي ما تركه، وإن شاء قضاه متتابعاً، وإن شاء متفرقاً، وإن شاء وصله بالمدة المنذورة، وإن شاء فصله عنها؛ لأن التتابع إنما وجب تبعاً للتعيين في الوقت، فإذا فات التعيين؛ سقط التتابع لسقوطه؛ كمن أفطر يوماً من رمضان؛ فإنه يبني على ما صام منه، ويقضي يوماً مكان ما ترك، وعليه كفارة يمين لما فوته من التعيين في نذره رواية واحدة.
القسم الثاني: أن ينذر اعتكاف الوقت المعين متتابعاً، بأن يقول: عليَّ أن أعتكف هذا العشر متتابعاً، فإذا ترك بعضه؛ كان عليه استئناف الاعتكاف، فيعتكف ما بقي، ويصله بالقضاء.
الثالث: أن ينذر اعتكافاً متتابعاً غير معين؛ مثل أن يقول: عليَّ أن أعتكف عشرة أيام متتابعة أو شهراً متتابعاً، فإذا ترك بعضه؛ كان عليه أن يستأنف الاعتكاف في أي وقت كان، ولا كفارة عليه.
الرابع: أن ينذر اعتكافاً مطلقاً غير متتابع، مثل أن يقول: عليَّ اعتكاف عشرة أيام متفرقة، فإذا ترك اعتكاف بعضها؛ لم يبطل غير ذلك اليوم. . . .
وأما إذا أبطله بالوطء والسكر ونحوهما:
فقال ابن عقيل وكثير من متأخري أصحابنا: هو كما لو أبطله بالخروج من معتكفه.
فإن كان مشروطاً فيه التتابع؛ فعليه الاستئناف؛ رواية واحدة؛ لفوات التتابع المشروط فيه، لا لفساد ما مضى منه.
وإن لم يشترط فيه التتابع؛ فهل يبني أو يستأنف؟ على وجهين، مع
وجوب الكفارة فيهما.
ولفظ ابن عقيل: هل يبطل ما مضى منه. على روايتين:
إحداهما: يبطل. لأنها عبادة واحدة، فيبطل لما مضى منها بالوطء فيما بقي؛ كالطواف.
والثانية: لا يبطل الماضي.
لأنه عبادة بنفسه؛ بدليل أنه يصح أن يفرد بالنذر والنفل، وإن لم يكن معيناً؛ فعليه القضاء والاستئناف.
وإن كان متتابعاً بغير كفارة. . . .
والذي ذكره قدماء الأصحاب مثل الخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى وغيرهم أن عليه القضاء والاستئناف. وهذا هو المنصوص عنه.
قال في رواية حنبل: إذا واقع المعتكف أهله؛ بطل اعتكافه، وكان عليه أيام مكان ما أفسده، ويستقبل ذلك، ولا كفارة عليه إذا كان الذي واقع ليلاً، وليس هو واجب فتجب عليه الكفارة.
وكذلك قال أيضاً: إذا وطئ المعتكف؛ بطل اعتكافه، وعليه الاعتكاف من قابل.
وهذا أجود؛ لأنه إذا نذر اعتكاف العشر، وجامع فيه؛ فإن الجماع يبطل اعتكافه، فيبطل ما مضى منه؛ لأن الاعتكاف المتتابع عبادة واحدة، فإذا طرأ عليها ما يبطلها؛ أبطل ما مضى منها؛ كالإِحرام والصيام.
وأيضاً؛ فإن مدة الوطء قليلة؛ فلو قيل: إن ما قبله صحيح، وما يفعل بعده صحيح؛ لم يبق معنى قولنا: يبطل اعتكافه؛ إلا وجوب قضاء ذلك الزمن اليسير، وهذا لا يصح.