الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة:
وأن يسأل عن المريض أو غيره في طريقه ولم يعرج عليه
880 -
وذلك لقول عائشة رضي الله عنها: «إن كنت لأدخل البيت للحاجة، والمريض فيه، فما أسأل عنه؛ إلا وأنا مارة» . رواه مسلم.
881 -
وقد تقدم أنها روت عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك.
ولأن سؤاله عن المريض كلام فيه مصلحة وقربة ولا يحبسه عن اعتكافه، فجاز كغيره من الكلام المباح، ومثل هذا أن يأمر أهله بحاجة أو يسأل عما يعنيه، لكن لا يجلس عند المريض ولا يعرج إليه إذا لم يكن على طريقه.
قال القاضي وابن عقيل: يسأل عنه مارّاً ولا يقيم للمسألة عنه؛ لأنه يقيم لغير حاجة، ولم يشترط ذلك في اعتكافه، وهذا على قولنا: لا يجوز للمعتكف أن يعود المريض بغير شرط.
*
فصل:
في تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها
.
أحدها: الخروج لحاجة الإِنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حكم المعتكف؛ بحيث لا يقطع خروجه تتابع الاعتكاف المشروط فيه، بل يحسب له من أوقات الاعتكاف.
ولو جامع في مخرجه؛ بطل اعتكافه.
ويستحب له أن يتحرى الاعتكاف في مسجد تكون المطهرة قريبة منه لئلا يطول زمن خروجه.
قال في رواية المروذي: اعتكف في ذلك الجانب، وهو أصلح من أجل السقاية، ومن اعتكف في هذا الجانب؛ فلا بأس أن يخرج إلى الشط إذا كانت له حاجة، ولا يعجبني أن يتوضأ في المسجد.
قال المروذي: سألت أبا عبد الله عن الاعتكاف في المسجد الكبير أعجب إليك أو مسجد الحي؟ قال: المسجد الكبير. وأرخص لي أن أعتكف في غيره. قلت: فأين ترى أن أعتكف في هذا الجانب أو في هذا الجانب؟ قال: في ذاك الجانب هو أصلح. قلت: فمن اعتكف في هذا الجانب ترى أن يخرج إلى الشط يتهيأ؟ قال: إذا كان له حاجة لا بد له من ذلك. قلت: يتوضأ الرجل في المسجد؟ قال: لا يعجبني أن يتوضأ في المسجد.
قال القاضي: [يكره] الطهارة في المسجد كما يكره غسل اليد؛ لأنه يتمضمض ويستنشق فربما تنخع فيه.
وإذا خرج من المسجد، وله منزلان، أو هناك مطهرتان، إحداهما أقرب من الأخرى، وهو يمكنه الوضوء في الأقرب بلا مشقة؛ فليس له المضي إلى الأبعد. قاله أبو بكر.
وإن كان هناك مطهرة أقرب من منزله يمكنه التنظف فيها؛ لم يكن له المضي إلى منزله. قاله القاضي وغيره. لأنه له من ذلك بدّاً.
وإن لم يمكنه التنظف فيها؛ فله المضي إلى منزله.
وقال بعض أصحابنا: إن كان يحتشم من دخولها، أو فيه نقيصة عليه ومخالفة لعادته؛ فله المضي إلى منزله؛ لما فيه من المشقة عليه في ترك مروءته، هذا إذا كان منزله قريباً من معتكفه.
فأما إن تفاحش بُعده؛ فقال القاضي: لا يمضي إليه؛ أنه خرج عن عادة المعتكفين، وليس عليه أن يشرع المشي، بل يمشي على عادته.
وقد قال أحمد في رواية المروذي: يجب على المعتكف أن يحفظ لسانه، ولا يؤويه إلا سقف المسجد، ولا ينبغي له إذا اعتكف أن يخيط أو يعمل. . . .
فأما البول في المسجد؛ فلا يجوز، وإن بال في طست ونحوه. . . .
وإن أراد أن يفصد أو يحتجم لحاجة؛ فله أن يخرج من المسجد كما يخرج لحاجة الإِنسان، ولا يجوز أن يفعل ذلك في المسجد لحاجة ولا لغيرها. قاله القاضي.
كما لا يجوز له أن يبول في الطشت؛ لأن هواء المسجد تابع للمسجد في الحرمة، بدليل أنه لا يجوز له أن يترك في أرضه نجاسة، ولا يجوز أن يعلق في هوائه نجاسة، مثل ميتة يعلقها، أو قنديل فيه خمر أو دم.
قال ابن عقيل: ويحتمل التجويز مع الضرورة؛ كما ورد في المستحاضة.
فأما مع القدرة على الخروج؛ فلا. وهذا قول بعض أصحابنا: أنه إذا لم
يمكن التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف؛ ألحق بالمستحاضة.
فعلى هذا يجوز لمن به سلس البول. . . .
فإن كان في المسجد نهر جارٍ أو برك يفيض ماؤها إلى بلاليع ونجو ذلك؛ جاز غسل اليد، وإزالة الوسخ فيها.
فأما الفصد والبول ونحو ذلك؛ فلا يجوز على ما ذكره أصحابنا.
وإذا خرج لحاجة الإِنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر ليتم فيه بقية اعتكافه؛ جاز، فإن دخل فيه ليمكث فيه بعض مدة الاعتكاف ثم يعود. . . .
وكذلك إن خرج من مسجد إلى مسجد آخر، وليس بينهما ما ليس بمسجد؛ لأنه لا يتعين للاعتكاف بقعة واحدة.
وإن ذهب إلى مسجد هو أبعد منه عن بيته ومسجده الأول؛ بطل اعتكافه؛ لأنه مشى إليه لغير عذر، فأشبه ما لو خرج إليه ابتداء.
وأما الوضوء؛ ففي كراهته في المسجد روايتان:
فإن خرج من المسجد لتجديد الطهارة؛ بطل اعتكافه؛ لأن له منه بدّاً.
وإن خرج للتوضي عن حدث؛ لم يبطل، سواء كان في وقت صلاة أو لم يكن؛ لأن به إليه حاجة، وهو من تمام سنن الاعتكاف، ولأن الوضوء لا بد منه، وإنما يتقدم وقته.
وإن توضأ للشك في بقاء طهارته، أو خرج لغسل الجمعة؛ فقيل: لا يجوز ذلك. . . .