الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
فصل:
وإذا حاضت المرأة أو نفست
؛ فإنه يجب أن تخرج من المسجد؛ لأن المسجد لا يحل لجنب ولا حائض، لا سيما إن كانت قد نذرت الصوم في الاعتكاف، أو قلنا: لا يصح إلا بصوم؛ فإن الحيض لا يصح معه الصوم، ولأن الاعتكاف من جنس الصلاة والطواف، فنافاه الحيض.
قال في رواية حنبل: والمعتكفة إذا حاضت؛ اعتزلت المسجد حتى تطهر؛ فإذا طهرت؛ قضت ما عليها من الاعتكاف والصوم ولا كفارة عليها.
وكذلك قال أبو بكر: إذا حاضت؛ خرجت، فإذا طهرت؛ رجعت، فبنت على اعتكافها.
قال القاضي: إذا خرجت من المسجد؛ كان لها المضي إلى منزلها لتقضي حيضها ثم تعود. نص عليه.
وقال الخرقي وابن أبي موسى وغيرهما: تضرب خباء في الرحبة.
قال القاضي: وهذا على طريق الاختيار؛ لتكون بقرب المسجد.
885 -
وذلك لما روى عبد الرزاق، ثنا الثوري، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت:«كن المعتكفات إذا حضن؛ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من المسجد، وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن» .
رواه المحاملي وابن بطة وغيرهما.
وظاهر كلام الخرقي الوجوب على ظاهر أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهن بضرب الأخبية، ولأن رحبة المسجد فناؤه ومختصة به؛ فمقامها فيها ضرب من العكوف؛ بخلاف ذهابها إلى دارها؛ فإنه خروج عنه بالكلية من غير ضرورة، ولأن الخروج من المسجد إنما يباح للحاجة، والحكم المقيد بالحاجة مقدر بقدرها، وإنما يحتاج في الخروج إلى الرحبة خاصةً؛ ذهابها إلى منزلها لا حاجة إليه، ولهذا قالوا: إذا أمكن حاجة الإِنسان في مكان قريب من المسجد؛ لم يجز له أن يذهب إلى منزله. . . .
فإن لم يكن للمسجد رحبة أو كانت رحبة لا يمكنها المقام فيها؛ جاز لها الذهاب إلى منزلها.
وهل تدخل تحت السقوف؟
قال أصحابنا: لها ذلك.
وإذا خرجت من المسجد؛ فهل هي في حكم المعتكفة بحيث تحرم عليها لو خرجت لحاجة الإِنسان ونحو ذلك مما يقصد زمانه. . . .
والحيض لا يبطل ما مضى من الاعتكاف، سواء كان اعتكافها زماناً لا
يخلو من الحيض أو أمكن أن ينفك من الحيض، مثل أن تنذر اعتكاف خمسة عشر يوماً، أو لم يمكن؛ مثل أن تنذر اعتكاف شهر ونحو ذلك؛ فإذا طهرت؛ بنت على ما قبل الحيض، ولم تستأنف الاعتكاف، سواء كان الاعتكاف معيناً؛ مثل أن يقول: هذا العشر، أو مطلقاً؛ مثل أن يقول: عشرة أيام، ولا كفارة عليها إن كان منذوراً. نص عليه، وهو قول عامة الأصحاب.
قال بعضهم: لا نعلم فيه خلافاً؛ لأنه خروج لأمر معتاد، فأشبه الخروج للجمعة والجنازة وحاجة الإِنسان.
وطريقة بعض أصحابنا أنه إن كان معيناً؛ بنت، وعليها الكفارة في أحد الوجهين، وإن كان مطلقاً؛ فلها الخيار بين أن تبني وتكفر وبين أن تستأنف؛ إلحاقاً لخروج الحائض بخروج المعتدة والخروج لفتنة والنفير ونحو ذلك؛ لأنه خروج يطول زمانه، فأشبه الخروج للفتنة ونحو ذلك.
ولا تحتسب بمدة الحيض من الاعتكاف على ما نص عليه في رواية حنبل، وهو قول عامة أصحابه أبي بكر وابن أبي موسى والقاضي وأصحابه وغيرهم.
بل إن كان نذراً معيناً أو مطلقاً؛ فعليها قضاء مدة الحيض، وإن لم يكن نذراً؛ لم يكن عليها قضاء، لكن لا يتم لها اعتكاف المدة التي نوتها إلا بالقضاء.
وظاهر كلام الخرقي أنها إذا أقامت في الرحبة حسب لها من الاعتكاف كما يحسب [له من الاعتكاف خروجه للحاجة والجمعة، ويتوجه أن يحسب] مطلقاً، ويتوجه أن لا قضاء عليها.
وإن لم يحسب من الاعتكاف، لا سيما إن كانت المدة التي نذرتها مما لا تنفك عن الحيض؛ فإن مدة الحيض تقع مستثناة بالشرع والنية والنذر
ووجه الأول: أنه زمن يطول. . . .
فأما المستحاضة؛ فإنها تقيم في المسجد:
886 -
لما تقدم عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: «اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة، فكانت ترى الحمرة والصفرة، وربما وضعت الطست وهي تصلي» . رواه البخاري.
ولأن أكثر ما في ذلك أنها محدثة، ولأنه يخرج منها نجاسة لا يمكن الاحتراز منها لا تلوث المسجد؛ فإن الواجب عليها أن تتحفظ من تلويث المسجد: إما بالتحفظ، أو وضع شيء تحتها.
فإن لم تكن صيانة المسجد منها؛ خرجت منه؛ لأنه عذر، وكانت كالتي خرجت. . . .
[ثم إن طالت مدته]. . .