المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة:ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه؛ إلا أن يشترط - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - كتاب الصيام - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌باب صيام التطوع

- ‌مسألة:أفضل الصيام صيام داوود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً

- ‌مسألة:وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم

- ‌ فصل:وجاء في صوم الأشهر الحرم مطلقاً

- ‌ فصل:ويكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة:وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله عز وجل من عشر ذي الحجة

- ‌مسألة:ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال؛ فكأنما صام الدهر

- ‌مسألة:وصوم عاشوراء كفارة سنة، وعرفة كفارة سنتين

- ‌فصل:ولا يستحب صومه لمن بعرفه

- ‌ فصل:وأما صوم يوم عاشوراء

- ‌ فصل:وعاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم

- ‌والسنة لمن صامه أن يصوم تاسوعا معه

- ‌ فصل:

- ‌مسألة:ويستحب صيام أيام البيض

- ‌مسألة:والاثنين والخميس

- ‌ فصل:

- ‌مسألة:والصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، ولا قضاء عليه

- ‌ فصل:في المواضع [التي يكره فيها الفطر أو يستحب أو يباح]

- ‌ فصل:ومن تلبس بصيام رمضان أو بصلاة في أول وقتها أو بقضاء رمضان أو بقضاء الصلاة أو بصوم نذر أو كفارة؛ لزمه المضي فيه

- ‌مسألة:وكذلك سائر التطوع؛ إلا الحج والعمرة؛ فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما

- ‌مسألة:ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين؛ يوم الفطر ويوم الأضحى

- ‌مسألة:ونهى عن صوم أيام التشريق إلا أنه أرخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي

- ‌ فصل:وأما المتمتع إذا لم يجد الهدي، ولم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر؛ فهل يصوم أيام التشريق

- ‌ فصل:ويكره صوم يوم الشك في حال الصحو

- ‌ فصل:ويكره استقبال رمضان باليوم واليومين

- ‌ فصل:ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم

- ‌ فصل:ويكره إفراد يوم السبت بالصيام

- ‌ فصل:

- ‌مسألة:وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان

- ‌ فصل:وعلامتها

- ‌ فصل:ويستحب الاجتهاد في العشر مطلقاً

- ‌باب الاعتكاف

- ‌مسألة:وهو لزوم مسجد لطاعة الله فيه

- ‌مسألة:وهو سنة لا يجب إلا بالنذر

- ‌ فصل:ولا يصح الاعتكاف إلا من مسلم عاقل

- ‌مسألة:ويصح من المرأة في كل مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل

- ‌مسألة:ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد؛ فله فعل ذلك في غيره؛ إلا المساجد الثلاثة، فإذا نذر ذلك في المسجد الحرام؛ لزمه، وإذا نذره في مسجد المدينة؛ فله فعله في المسجد الحرام وحده، وإن نذره في المسجد الأقصى؛ فله فعله فيهما

- ‌ فصل:وإذا نذر المشي إلى بيت المقدس أو إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ فصل:فأما إن نذر الصوم بمكان بعينه

- ‌ فصل:فأما الأزمنة:

- ‌ فصل:وإذا أراد أن يعتكف العشر الأواخر أو شهر رمضان ونحو ذلك؛ فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من أول ليلة

- ‌ فصل:ومن نذر اعتكاف ليلة؛ لم يلزمه يومها.وإن نذر اعتكاف يوم؛ لم تلزمه ليلته

- ‌ فصل:وإذا نذر اعتكاف شهر مطلق

- ‌ فصل:وإذا نذر اعتكاف يوم يقدم فلان

- ‌مسألة:ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقرب واجتناب ما لا يعنيه من قول أو فعل

- ‌ فصل:

- ‌ فصل:

- ‌ فصل:ويجوز للمعتكف أن يغسل رأسه ويرجله حال الاعتكاف:

- ‌مسألة:ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه؛ إلا أن يشترط

- ‌ فصل:وأما عيادة المريض وشهود الجنازة

- ‌ فصل:

- ‌ فصل:فإن قال: عليَّ أن أعتكف شهر رمضان إن لم أكن مريضاً أو مسافراً

- ‌مسألة:ولا يباشر امرأة

- ‌ فصل:وإذا أبطل اعتكافاً لزمه قضاؤه؛ فهل عليه كفارة

- ‌ فصل:ويبطل الاعتكاف أيضاً بالردة

- ‌ فصل:وإذا ترك الاعتكاف بالخروج من المعتكف:

- ‌ فصل:

- ‌ فصل:فإن كان الاعتكاف الذي أفسده تطوعاً

- ‌مسألة:وأن يسأل عن المريض أو غيره في طريقه ولم يعرج عليه

- ‌ فصل:في تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌ فصل:وأما خروجه للجمعة

- ‌‌‌ فصل:وإذا جوزنا له الخروج لعيادة المريض وتشييع الجنازة بغير شرط أو كان قد اشترطه؛ فإنه لا يزيد على المسنون

- ‌ فصل:

- ‌ فصل:

- ‌ فصل:وأما الأكل

- ‌ فصل:وأما إذا تعينت عليه شهادة أو أحضره سلطان

- ‌ فصل:وإذا حاضت المرأة أو نفست

- ‌ فصل:وإذا وجبت عليها عدة وفاة وهي معتكفة

- ‌ فصل:وإذا وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله أو أهله

- ‌ فصل:وإذا تعيَّن عليه الخروج للجهاد

- ‌ فصل:ويستحب لمن اعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان أن يبيت ليلة العيد في معتكف

الفصل: ‌مسألة:ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه؛ إلا أن يشترط

عبادة تختص بلبث في مكان مخصوص، فلم يكن الطيب والرفيع من الثياب فيها مشروعاً؛ كالحج.

فإن كان المعتكف قد حبس نفسه باعتكافه كما حبس المحرم نفسه بإحرامه، وهذا لأن الاعتكاف يحرم الوطء وما دونه، والطيب من دواعيه، فإذا لم يحرمه؛ فلا أقل من أن لا يستحب.

وأن يخرج إلى المصلى في ثياب اعتكافه، ولا يجدد ثياباً غيرها حتى يرجع إلى المصلى، ولا يحرم عليه شيء من اللباس المباح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف إلى أن مات، ولم ينقل عنه أنه تجرد لاعتكافه.

قالوا: وله أن يأكل ما شاء كالمحرم.

وقال أبو بكر: يمنع نفسه عن التلذذ بما هو مباح قبل الاعتكاف.

‌مسألة:

ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه؛ إلا أن يشترط

.

وجملة ذلك أن الاعتكاف هو لزوم المسجد للعبادة، فمتى خرج منه لغير فائدة؛ بطل اعتكافه، سواء طال لبثه أو لم يطل؛ لأنه لم يبق عاكفاً في المسجد.

861 -

وقد روت عائشة رضي الله عنها: «أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهي حائض، وهو معتكف في المسجد، وهي في حجرتها، يناولها رأسه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإِنسان إذا كان معتكفاً» . متفق عليه.

ص: 800

وفي لفظ للبخاري: وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً.

862 -

وقد تقدم قولها: «لا يخرج لحاجة؛ إلا لما لا بد له منه» . رواه أبو داوود.

فأما خروجه لما لا بد له منه مما يعتاد الاحتياج إليه، ولا يطول زمانه، وهو حاجة الإِنسان، وصلاة الجمعة؛ فيجوز، ولا يقطع عليه اعتكافه، ولا يبطله، ويكون في خروجه في حكم المعتكف بحيث لا يقطع عليه التتابع المشروع وجوباً واستحباباً.

ولا تجوز له المباشرة، ولا ينبغي أن يشتغل إلا بالقرب وما يعنيه؛ لقوله سبحانه وتعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: رقم 187]؛ فنهى عن المباشرة لمن اعتكف في المسجد، وإن كان في غيره؛ لأن المباشرة في نفس المسجد لا تحل للعاكف ولا غيره.

فعلم من هذا أن العاكف في المسجد قد يكون في حكم العاكف مع خروجه منه، حتى تحرم عليه المباشرة.

وقد ذكرت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإِنسان؛ تعني: الغائط والبول، كُني عنهما بالحاجة؛ لأن الإِنسان يحتاج إليهما لا محالة.

وتقدم الدليل على أن له أن يخرج للجمعة.

ومثل هذا المصلي صلاة الخوف إذا استدبر القبلة ومشى مشياً كثيراً؛ فإنه

ص: 801

لا يخرج عن حكم الصلاة – وإن كانت هذه الأفعال تنافي الصلاة – [لكنها] أبيحت للضرورة.

وكذلك؛ الطائف إذا صلى في أثناء صلاة مكتوبة أقيمت أو جنازة حضرت؛ فإنه طواف واحد، وإن تخلله هذا العمل المشروع.

وكذلك إذا قطع الموالاة في قراءة الفاتحة لاستماع قراءة الإِمام ونحو ذلك.

وفي معنى ذلك كل ما يحتاج إلى الخروج له، وهو ما يخاف من تركه ضرراً في دينه أو دنياه، فيدخل في ذلك الخروج لفعل واجب وترك محرم وإزالة ضرر؛ مثل: الحيض، والنفاس، وغسل الجنابة، وأداء شهادة تعينت عليه، وإطفاء حريق، ومرض شديد، وخوف على نفسه من فتنة وقعت، وجهاد تعين، وشهود جمعة، وسلطان أحضره، وحضور مجلس حكم، وقضاء عدم الوفاء، وغير ذلك؛ فإنه يجوز له الخروج لأجله، ولا يبطل اعتكافه، لكن منه ما يكون في حكم المعتكف إذا خرج بحيث يحسب له من مدة الاعتكاف ولا يقضيه – وهو ما لا يطول زمانه -، ومنه ما ليس كذلك – وهو ما يطول زمانه -؛ كما سنذكر إن شاء الله تعالى.

ويدل على جواز الخروج لا يعرض من الحاجات، وإن لم يكن معتاداً، مع احتسابه من المدة:

863 -

ما روى علي بن الحسين: أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة؛ مرَّ رجلان من الأنصار، فسلما عللا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على رسلكما؛ إنها صفية بنت

ص: 802

حيي». فقالا: سبحان الله! وكَبُر عليهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من الإِنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئاً» . رواه الجماعة إلا الترمذي.

وفي رواية متفق عليها: وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد.

وفي لفظ للبخاري: كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عنده أزواجه، فرحن، فقال لصفية بنت حيي:«لا تعجلي حتى أنصرف معك» ، وكان بيتها في دار أسامة بن زيد، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم معها، فلقيه رجلان. . . (وذكر الحديث).

وهذا صريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج معها من المسجد، وأن قولها:«حتى بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة» ؛ تعني: باباً غير الباب الذي خرج منه؛ فإن حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كانت شرقي المسجد وقبلته، وكان للمسجد عدة أبواب، أظنها ستة، فيمر على الباب بعد الباب، والرجلان رأيا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المرأة خارج المسجد؛ فإنه لو كان في المسجد؛ لم يحتج إلى هذا الكلام.

وقوله: «لا تعجلي حتى أنصرف معك» ، وقيامه معها ليقلبها: دليل على أن مكانها كان بينه وبين المسجد مسافة يخاف فيها من سير المرأة وحدها ليلاً، وذلك والله أعلم قبل أن يتخذ حجرتها قريباً من المسجد، ولهذا قال: «كان

ص: 803