المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأصول والثمار - عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصيام

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ الاِعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ المَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ زَادَهَا اللهُ شَرَفًا

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الإحِصَارِ وَالفَوَاتِ

- ‌كتاب البيع

- ‌بَابُ الْرِّبَا

- ‌بابُ الْبُيُوع الْمَنْهِيِّ عَنْها

- ‌بَابُ الخيَارِ

- ‌بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ

- ‌بَابُ التوْلِيَةِ وَالإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ

- ‌بَابُ الأصُولِ وَالثمَارِ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌كِتَابُ الرَّهنِ

- ‌كتاب التفليس

- ‌بِابُ الْحَجْرِ

- ‌كِتَابُ الْصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الحوالةِ

- ‌كتاب الضمان

- ‌كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالةِ

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فُرُوعٌ مَنْثُورَةٌ نَخْتِمُ بِهَا الْبَابَ مُهِمَّةٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْقراضِ

- ‌كتاب المُسَاقَاةِ

- ‌كتاب الإجارة

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهبة

- ‌كِتَابُ الْلُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْلَّقِيطِ

- ‌كتاب الجُعَالةِ

الفصل: ‌باب الأصول والثمار

الْمُشتَرِي أَنهُ لَا يَعرِفُ ذَلِلث فِي الأصَحِّ، لأنه ربما يقر عند عرض اليمين عليه، والثاني: لا، كما لا تُسمع بيّنتُهُ، وإِن بَيَّنَ، أي بأن قال مثلا: راجعت جريدتي فغلطت من ثمن متاع إلى غيره، فَلَهُ التحلِيفُ، لأن ذلك يحرك ظَنَّ صدقه (65)، ومنهم من طرد الخلاف السابق وهو أشهر كما قاله الإمام وغيره، وَالأصَحُّ سَمَاعُ بَيِّنَتِهِ، قياسًا على التحليف والجامع بينهما العذر، والثاني: لا لتكذيبه لها، قال ابن الرفعة في المطلب: وهذا هو المشهور المنصوص.

‌بَابُ الأصُولِ وَالثمَارِ

بَابُ الأصُولِ وَالثمارِ: أي بابُ بيع الأصولِ والثِّمَارِ، والمرادُ بالأصولِ الشَجَرُ وَالأرضُ، والثِّمَارُ جمعُ ثَمَرٍ.

قَالَ: بِعتُكَ هذِهِ الأرض أَوِ الساحَةَ أَوِ الْبُقْعَةَ، أي وكذا العرصَةَ، وَفِيها بِنَاءٌ وَشَجَرٌ، أي رطب، فالْمَذهبُ أنهُ يَدخُلُ فِي الْبيع، لفوته، دُون الرَّهْنِ، لضعفه، والثانى: القطع بعدم الدخول فيهما، لخروجهما عن مسمّى الأرض، وهو أوضح في المعنى كما قال الرافعي، والثالث: قولان؛ وجه الدخول أنهما للدوام، هذا كله إذا

(65) • لحديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه؛ (أن رَجُلًا أقَامَ سِلْعَة وَهُوَ فِي السُّوق؛ فحلفَ بالله لَقَد أُعطِىَ بِها مَا لَم يُعطَ لِيُوقعَ فِيْها رَجُلًا مِنَ المسلِمِينَ؛ فَنَزَلَت {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} [آل عمران: 77]). رواه البخارى في الصحيح: باب ما يكره من الحلف في البيع: الحديث (2088).

• ولحديث قيس بن أبى عَزَرَةَ قال: كنا فِي عَهدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم نَشْتَرِي مِنَ الأسْوَاقِ وَنُسَمِّي أنفُسَنَا السمَاسِرَةَ؛ فأتَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قسَمانَا بِاسْمٍ هُو أحسَنُ مِنْهُ؛ فَقَالَ: [يَا معشَرَ التُّجَارِ إِنً هذَا البَيْعَ يَحضُرُة الكَذِبُ وَاللغْوُ]. رواه البيهقي في السنن الكبري: الحديث (10549).

• وفي لفظ: [يَا معشَرَ التُّجارِ إِنَّ سُوقكم هذِهِ يُخَالِطُها الحَلِفُ، فَشُوبُوهُ بِالصَّدقَة]. رواه البيهقى في السنن: الحديث (10550).

ص: 724

أطلق، فإن قال: دونهما لم يدخلا فيها أو بما فيها دخلا، وكذا إن قال: بحقوقها في الأصح، أما إذا كانت الأشجار يابسةً، فيظهر أنها لا تدخل، لأنها لا تراد للبقاء.

فَرعٌ: الهبةُ كالبيع، والإقرارُ كالرَّهْنِ، والوقفُ كالهبةِ.

وَأصُولِ الْبَقْلِ التِي تَبْقَى سَنَتَيْنِ كَالْقتِّ، أي بالقاف ثم التاء المثناة فوق؛ وهو القِرْطُ (•)، وَالهُنْدُباء كَالشَّجَرِ، لبقائها فتجرى فيها الطرق، وَلَا يَدخُلُ، أي في مطلق بيع الأرض، مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةَ كحِنْطَةٍ؛ وَشعَيِرٍ؛ وَسائِرِ الزُّرُوع، أي كالجزر والفجل سواء أَطلق أو قال بحقوقها، لأنه نماء طاهر لا يراد للبقاء.

ويصح بَيْعُ الأرْضِ الْمَزْرُوعَةِ، أي بزرع يؤخذ دفعةً واحدة، عَلَى الْمَذهبِ، كما لو باع دارًا مشحونة بأمتعة البائع؛ والطريق الئانى تخريجها على القولين في بيع الدار المستأجرة، وفَرَّقَ الأصحاب بأن يد المستأجر (•) حائلة، أما ما يحصد مرة بعد أخرى فيصح جزمًا، قاله المتولي؛ لأن الزرع انتقل إلى المشتري، وَللْمُشتَرِي الْخِيَارُ إِن جَهِلَهُ، أي بأن كانت رؤيته لها متقدمة على البيع لتأخر الانتفاع، فإن تركه له سقط خياره، وكذا لو فرّغ الأرض في زمن يسير، وَلَا يَمنعُ الزَّزعَ دُخُولُ الأرْضِ في يَدِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانُهُ إِذَا حَصَلَتِ التخْلِيَةُ فِي الأصَحِّ، لوجود التسليم في الرقبة وهى المبيعة، والثانى: لا، لأنها لا تدخل في يدهِ وضمانهِ؛ لأنه لا يقدر على الانتفاع في الحال، وَالْبَذْرُ، أي يمنع، كَالزَّرع، أي فيما تقدم؛ فإن كان زرعه يدوم كنوى النخل فحكمه في الدخول تحت بيع الأرض كالأشجار، وإن كان يؤخذ دفعة واحدة فلا، ويبقى إلى أوَانِ الْحَصَادِ، ويتخيَّر المشتري عند جهله إن لم يترك البائع أو لم يفرغ كما، وَالأصَحُّ: أنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِلْمُشتَرِي مُدَّةَ بَقَاءِ الرَّزع، أي لا قبل القبض، ولا بعده، كما لو باع دارًا مشحونة بالأمتعة لا يستحق المشتري

(•) القَتُّ وَالقِرطُ؛ نوع من الكُرَّاثِ يعرف بكراث المائدة؛ وهو نبات الأرض أو اليابس منه، ويستخدم علف للبهائم.

(•) نسخة (3) بدل المستأجر: المكترى.

ص: 725

الاجرة لمدة التفريغ، والثاني: له لأجل المنفعة، ومحل الخلاف ما إذا كان المشتري جاهلًا وأجاز، فإن كان عالمًا فلا أُجرة له جَزْمًا قاله الإمام لعلمه بالاستحقاق، وكلام المصنف يفهم استحقاق البائع لابقاء الزرع، ومحله إذا شرطه؛ أو أطلق؛ فإن شرط القطع ففى وجوب الوفاء تردد.

وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا معَ بَذْرٍ أَوْ زَرع لَا يُفْرَدُ، أي كل منهما، بِالْبَيْع، بأن كانا مستورين، بَطَلَ فِي الْجَمِيع، بناء على أن الاجازة في تفريق الصفقة بالقسط لتعذره هنا، وَقِيلَ فِي الأرضِ قوْلَان، بناء على أن الاجازة بجميع الثمن، ثم هذا في بذر لا يدخل في بيع الأرض، فإن كان يدخل وهو بذر دائم النبات كالنخل فيصح البيع فيه وفي الأرض ويكون ذكر البذر توكيدًا قاله المتولي.

ويدخُلُ فِي بَيْع الأرضِ الْحِجاَرَةُ الْمَخْلُوقَةُ فِيها، لأنها من أجزائها. كالمعادن، وكذا تدخل المَبْنِيَّةُ فيها، دُون الْمَدفُونَةِ، كالكنوز، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إِن عَلِمَ، كسائر العيوب، ويلْزَمُ البائِعَ النقْلُ، أي وللمشتري إجباره عليه تفريعًا لملكه بخلاف الزرع فإن له أمدًا ينتظره، وَكَذَا إِنْ جَهِلَ وَلم يَضُر قَلْعُها، أي ولا تركها، وَإن ضَر فَلَهُ الْخِيَارُ، دفعًا للضرر، فَإِن أَجَازَ، أي أمضى العقد، لَزِمَ الْبَائِعَ النقْلُ، لتفريغ ملكه، وَتَسْوِيَةُ الأرضِ، أي بأن يعيد التراب المزال بالقلع فوق الحجارة (•) مكانه، قاله في المطلب، وَفِي وُجُوبِ أجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّةَ النقْلِ، أَوْجُهٌ: أَصَحُّها: تَجِبُ إِنْ نَقَلَ بَعدَ الْقَبْضِ، لتفويته على المشتري منفعة تلك المدة، لَا قَبْلَهُ، والثاني: يجب مطلقًا، والثالث: مقابلهُ.

وَيَدخُلُ فِي بَيْع الْبُستانِ الأرضُ؛ وَالشَّجَرُ؛ وَالْحِيطان، لدخولها في مسماه، بل لا يسمى بستانًا بدون حائطه، وَكَذَا الْبِنَاءُ عَلَى الْمَذْهبِ، هو إشارة إلى الطرق السابقة في تبعية البناء للأرض، وَفِي بَيْع الْقَريةِ الأبْنِيَةُ، وَسَاحَاتٌ يُحِيطُ بِها السُّورُ، لدخولها في الاسم، لَا الْمَزَارِعُ عَلَى الصحِيح، لأنها غير داخلة في مسماها، ألا

(•) في نسخة (2): دون الحجارة.

ص: 726

ترى أنه لو حلف لا يدخل قرية؛ لا يحنث بدخول مزارعها، والثاني: تدخل وهو قول الإمام والغزالي، والثالث: إن قال بحقوقها دخلت وإلّا فلا.

وَفِي بَيْع الدَّارِ الأرضُ، بالإجماع، وُكُلُّ بِنَاء، لأن الدار اسم للأرض والبناء، حَتى حَمَّامُها، لأنها معدودة من مرافقها، لَا الْمَنْقُولُ كَالدَّلْوِ وَالْبَكْرَةِ وَالسرِيرِ، لخروجها عن الاسم، وَتَدخُلُ الأبْوَاب الْمَنْصُوبَةُ وَحِلَقُها وَالإجَانَاتُ، أي وهى الإناء الذي يغسل فيه الثياب، وَالرفُّ وَالسُّلمُ الْمُسَمرَانِ، وَكَذَا الأسْفَلُ مِنْ حَجَرَيّ الرَّحَى عَلَى الصَّحِيح، لأن الجميع معدود من أجزاء البيت لاتصالها بها، واحترز بالمنصوبة عن المقلوعه لانتفاء المعنى المذكور، ووجه عدم دخول الحجر، أنه منقول، وإنما أثبت لسهولة الارتفاق به كيلا يتزعزع ويتحرك عند الاستعمال، وهذا الوجه جارٍ أيضًا في الإجَانَةُ؛ وَالرَّفُّ؛ وَالسُّلمُ؛ وسائر المثبتات كمِعجَنِ الخبَّازين ونحوه؛ كما ذكره الرافعي في الْمُحَرَّرِ وأهمله المصنف في اختصاره، وظاهر عبارته تقييد الإجانة بكونها مثبتة، وَالأعلَى. وَمفْتَاحُ غَلَقٍ مُثَبَّث فِي الأصَحِّ، لأنهما تابعان لشيء مثبت، والثانى: لا، كسائر المنقولات.

وَفِي بَيْع الدَّابةِ نَعلُها، لاتصاله بها، وَكَذَا ثيابُ الْعَبْدِ، أي ذكرًا كان أو أنثى وهو ما كان عليه حال العقد، فِي بَيْعِهِ فِي الأصَحِّ، للعرف. قُلْتُ: الأصَحُّ لَا تَدخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ، وَالله أَعلَمُ، لأن اللفظ لا دلالةٍ لَهُ عليها وليست جزءًا منه، كما لا يدخل السرج في بيع الدَّابةِ، وهذا ظاهر كلام الرافعى في شرحيه، والثالث: يدخل ساتر العورة فقط، لأن ستر العورة واجبٌ فما يسترها تابع له.

فَرعٌ: بَاعَ شَجَرَةً دَخَلَ عُرُوقُها وَوَرَقُها، أي يابسة وغيرها؛ لأنهما معدودان من أجزائها، وَفِي وَرَقِ التُّوثِ، أي الربيعي الأبيض، وَجْهٌ، لأنه لا يقصد منه غير الورق لتربية الدود، والأصح الدخول كما في سائر الأشجار، أما الخريفى والأحمر فللمشتري قطعًا وفي معناه ورق الذكر من التوث الأبيض، وَأَغْصَانُها، لأن ذلك معدود منها، إلَّا الْيَابِسِ، أي فإنه لا يدخل في بيع الشجرة الرطبة، لأن العادة فيه

ص: 727

القطع كالثمرة، وَيصِحُّ بَيْعُها بِشَرطِ الْقَلْع أوِ الْقَطْع، أي رطبة كانت أو يابسة، وَبِشَرطِ الإبقَاءِ، أي إذا كانت رطبة، وَالإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الإِبقَاءَ، تحكيمًا للعادة، وَالأصَحُّ: انهُ لَا يَدخُلُ الْمَغْرِسُ، أي بكسر الراء، حيث استحق الإبقاء سواء كان بالاشتراط أم بالإطلاق، لأن اسم الشجرة لا يتناوله، كذا عللوه، وهو موجود في بيع الأرض، وقد صححوا الدخول كما تقدم، والثانى: يدخل لأنه يستحق منفعته لا إلى غاية فدل على الملك إذ لو كان إعارة لنافاه اللزوم، أو اجارة لنافاه التأبيد، لَكِنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مَا بَقِيَتِ الشَّجَرَةُ، أي فلا يلزمه شيء في مدة الابقاء.

وَلَوْ كَانَتْ يَابِسَةً لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقَلْعُ، لاقتضاء العرف ذلك، وَثَمَرَةُ النخْلِ الْمَبِيع إِن شُرِطَتْ لِلْبَائِع أوِ لِلْمُشْتَرِي عُمِلَ بِهِ، وفاءً بالشرط، وَإلا، أي وإن لم يقع شرط، كان لَمْ يَتَأبر مِنْها شَيْءٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَإلا، أي، وإن تأبر منها شئ، فَلِلْبَائِع، لقوله صلى الله عليه وسلم:[مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أبرَتْ فَثَمَرَتها لِلْبَائِع إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ] منفق على صحته (66) والتأبير تَشَقُّقُ الطلْع، وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ، وهو الزهر على أي لون كان، كَتِينٍ وَعِنبٍ إِن بَرَزَ ثَمَرُهُ أي ظهر، فَلِلْبَائِع وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي، لأن الظهور هنا كالتشقيق في النخل، وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرِهِ ثُمَّ سَقَطَ كَمِشْمش وتُفاح فَلِلْمُشْتَرِي إِن لَمْ تَنْعَقِدِ الثمَرَةُ، لأنها كالمعدومة، وَكَذَا إِنِ انْعَقَدَتْ وَلَم يَتَنَاثَرِ النوْرُ فِي الأصَحِّ لأن استتارها بالنَّوْرِ بمنزلةِ استتار ثمرة النخل بكمامه، والثانى: أنها للبائع تنزيلًا لاستتارها بالنَّوْرِ منزلة استتار ثمرة النخل بعد التأبير بالقشر الأبيض، وَبعدَ التناثُرِ لِلْبَائِع، لظهورها.

وَلَوْ بَاعَ نَخْلَاتِ بُسْتَان مُطْلِعَة وَبَعضها مُؤبرٌ فَلِلْبَائِع، أي ثمرتها وكذا ما اطلع بعد البيع، فإن أفْرَدَ مَا لَمْ يُؤَبر، أي من البستان الواحد فباعه، فَلِلْمُشْتَرِي

(66) الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ رواه البخاري في الصحيح: كتاب البيوع: باب مَنْ باعَ نخلًا قد أبرَتْ أو أرضًا مزروعة؛ أو بإِجارة: الحديث (2204). ومسلم في الصحيح: باب من باع نخلًا عليها تمر: الحديث (77/ 1543).

ص: 728

فِي الأصَحّ، لأنه بإفراده بالييع انقطع عن حكم التبعية، والثانى: لا، اكتفاء بوقت التأبير عنه، وَلَوْ كَانَت فِي بَسَاتِينَ، أي وباعها صفقة واحدة واتحد المالك، فَالأصَحُّ: إِفْرَادُ كُلّ بُسْتَانٍ بِحُكمِهِ، لأن لاختلاف البقاع أثرًا في وقت التأبير، والثاني: لا بل يتبع، لأنهما اجتمعا في صفقةٍ واحدةٍ فأشبها نخيل البستان الواحد، وَإِذَا بَقِيَتِ الثمَرَةُ لِلْبَائِع، أي إما بالشرط، وإما بالحكم عند التأبير، فَإِن شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَهُ، وفاءً بالشرط، وَإِلا، أي كان لم يشترط القطع، بل شرط البقاء أو أطلق، فلَهُ تركُها إِلَى الجَدَادِ، وفاءً بالشرط في الأول؛ والعادة فِى الثاني، وَلكُلّ مِنْهُمَا السقْيُ إِنِ انْتَفَعَ بِهِ الشجَرُ وَالثمَرُ، وَلَا مَنْعَ للآخَرِ، لأن مَنْعَهُ والحالةُ هذه سَفَهٌ (•)، وَإِن ضَرهُمَا لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِرِضَاهُمَا، لأنه يدخل على صاحبه ضررًا بغير نفع يعود عليه. وَإِن ضَرّ أَحَدَهُمَا وَتَنَازَعَا فُسِخَ الْعَقْدُ، لأنه ليس أحدهما أَولى من الآخر، إِلَّا أَن يُسَامِحَ الْمُتَضرِّرُ، أي فلا فسخ لزوال النزاع، وفيه نظر لأنها إضاعة مال وهى محرمة، وَقِيلَ: لِطَالِبِ السَّقْي أَن يَسْقِيَ، لدخول الآخر في العقد على ذلك، وَلَوْ كَان الثمَرُ يَمتَصُّ رُطُوبَةَ الشجَرِ لَزِمَ الْبَائِعَ أَن يَقْطَعَ أَوْ يَسْقِيَ، دفعًا لضرر المشتري.

فصل: يَجُوزُ بَيْعُ الثمَرِ بَعدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، أي ظهوره، مُطْلَقًا، أي بلا شرط قطع ولا تبقيتهِ، وَبِشَرطِ قَطْعِهِ، بالإجماع، وَبِشَرطِ إِبْقَائِهِ، لاطلاق النهي عن بيع الثمرة حتى بيدو صلاحها، وَقَبْلَ الصلَاح إِن بيع مُنْفَرِدًا عَنِ الشجَرِ لَا يَجُوزُ إلّا بِشَرطِ الْقَطْع، للحديث المذكور فإنه يدل بمنطوقه على المنع مطلقًا، وخرج البيع المشروط فيه القطع بالإجماع فبقينا فيما عداه على الأصل، ويستثنى ما إذا كان على شجرة مقطوعة، لأنها لا تبقى عليها، ولا تمتص من أجزاء الشجرة شيئًا، وَأَن يَكُون الْمَقْطُوعُ مُنتَفِعًا بِهِ لَا كَكُمثْرَى، جريًا على قاعدة البيع، وهذا الشرط مأخوذ من الشرط الثانى في البيع وهو النفع، وَقِيلَ: إِن كَان الشجَرُ لِلْمُشْتَرِي، أي والثمرة

(•) في نسخة (2) بدل (سَفَهٌ): مَشَقةٌ.

ص: 729

للبائع، جَازَ بِلا شَرطٍ، لأنهما يجتمعان في ملك شخص واحد، فأشبه ما لو اشتراهما معًا، وهو وجه قوي متأيد بما سيأتى؛ أنه إذا شرط القطع لا يجب الوفاء به، وصححه في الروضة في باب المساقاة. قُلْتُ: فَإِن كَان الشجر لِلْمُشْتَرِي وَشَرَطْنَا الْقَطْعَ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بهِ، والله أعلَمُ، لأنه لا معنى لتكليفه قطع ثماره من أشجاره، وَإِن بِيعَ مَعَ الشجر جَازَ بِلَا شَرطٍ، لأن الثمَرَ هنا يتبع للأصل وهو غير متعرض للعاهة، وهذا إذا لم يفصل الثمن، فإن فَصَلَهُ بِأَنْ قال: بعتك الشجرة بدينار والثمرة بعشرة فلا يصح قطعًا لانتفاء التبعية، وَلَا يَجُوزُ بِشَرطِ قَطْعِهِ، لأن فيه حجرًا على المشتري في ملكه، والفرق بينه وبين ما إذا باعها من صاحب الأصل ما ذكرناه من التبعية.

فَرع: باع البطِيْخَ ونحوه مع أصله، فلا بد من شرط القطع، لأن الأصل متعرض للعاهة بخلاف الشجر والثمر، فإن باعه مع الأرض استغنى عنه، قاله الامامُ والغزالي وفيه بحث للرافعي.

وَيحرُمُ بَيْعُ الزرع الأخْضَرِ فِي الأرضِ إلّا بِشرطِ قَطْعِهِ، لأنه عليه الصلاة والسلام [نَهى عَنْ بَيْع السُّنْبُلِ حَتى يَبْيَضَّ، وَيأمَنَ الْعَاهةَ، نَهى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ] رواه مسلم (67)، فَإن بِيعَ، أي الزرع الأخضر، مَعَها، أي مع الأرض، أَوْ بَعدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ، أي وحده، جَازَ بِلَا شَرط، أما الأول: فكبيع الثمرة مع الشجرة، وأما الثانى: فكبيع الثمرة بعد بدو الصلاح، وَيُشترَطُ لِبَيْعِهِ وَبَيْع الثمَرِ بَعدَ بُدُوِّ

(67) • الحديث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم (نَهى عَنْ بَيْع النخْلِ حَتْى يَزْهُو، وَعَنِ السنْبُلِ حَتْى يَبيَضَّ وَيَأمَنَ الْعَاهةَ؛ نَهى الْبَائِعَ وَالْمشتَرِي). رواه مسلم في الصحيح: باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها: الحديث (50/ 1535).

• عن جابر رضي الله عنه قال: (نَهى النبِي صلى الله عليه وسلم أَنْ تُبَاعَ الثمرة حَتى تَشقَحَ)؛ فَقِيْلَ: وَمَا تُشقَح؟ فَالَ: (تَحمَارُّ وَتَصفَارُّ ويوْكَلُ مِنْها). رواه البخاري في الصحيح: باب بيع الثمار قبل بدو صلاحها: الحديث (2196).

ص: 730

الصَّلَاح ظُهُورُ الْمَقصُودِ، أي لئلا يكون بيع غائب، كَتِينٍ؛ وَعِنَبٍ؛ وَشَعِيرٍ، أيْ وكذا سُلْت؛ لأن حباته ظاهرةٌ، وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ فِي السُّنْبُلِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ دُون سنْبُلِهِ، لاستتاره، وَلَا مَعَهُ فِي الْجَدِيدِ، لأن المقصود مستتر بما ليس من صلاحه، فأشبه الحنطة في تبنها بعد الدياس فإنه لا يصح قطعًا. والقديم: الجواز، لأن بقاءه فيه من مصلحته.

فَرع: الأرُز كالشعيرِ على المذهب، وقيل: كالحنطة.

وَلَا بَأسَ بَكمَّامٍ لَا يُزَالُ إِلَّا عِنْدَ الأكْلِ، أي كالرمان لأن بقاءه فيه من مصلحته والكِمام بكسر الكاف أوعيةُ طلع النخل، وَمَا لهُ كَمَّامَانِ كَالْجَوْز؛ وَاللوْزِ؛ وَالباقلَّاءِ فَلَا يُبَاعُ فِي قشرهِ الأسْفَلِ، لأن بقاءه فيه من مصلحته، وَلَا يَصِحُّ فِي الأعلَى، لأنه مستتر بما ليس من مصلحته، وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ إِن كَان رطبًا، لأن الشافعى رضي الله عنه أمر الربيعَ أن يشتري له باقلاء؛ وصححهُ جماعة بل نقله الرويانى بعد اختياره عن تصحيح الأصحاب، فإن بقي في قشره الأعلى فيبس لم يجز بيعه قطعًا إذا لم نجوز بيع الغائب، وَبُدُوُّ صَلَاح الثمَرِ ظُهُورُ مبادِئِ النضْج وَالْحَلَاوَةِ فِيمَالَا يَتَلَون، أي بأن يصفو ويلين، وَفِي غَيْرِهِ بِأَن يأخُذَ فِي الحمرَةِ أَوِ السوَادِ، الأصل في ذلك حديث أنس رضي الله عنه: أَنَّ النبِىَّ صلى الله عليه وسلم نهى عَنْ بَيْع الثمَرَةِ حَتَّى تُزْهِي، قَالُوا: وَمَا تُزْهِى؟ قَالَ: (حَتى تَحمَرَّ)(68). وفي رواية: فَقُلنا لأَنَسَ وَمَا هُوَ زَهْوُها؟ قَالَ: (تَحمَرَّ وَتَصْفَرَّ) رواهما مسلم (69)، والحدُّ المذكور ينتقض بالقثاء الصغار وورق

(68) رواه مسلم في الصحيح: كتاب المساقاة: باب وضع الحوائج: الحديث (15/ 1555) بعد الذي يليه. والبخاري في الصحيح: كتاب الزكاة: باب مَن باع ثمارهُ أو نخلة: الحديث (1488). والبخاري في الصحيح: باب بيع الثمار قبل بدو صلاحها: الحديث (2198).

(69)

رواه مسلم في الصحيح: الحديث (15/ 1555). والبخاري في الصحيح: باب بيع النخل فبل أن يبدو صلاحها: الحديث (2197) بلفظ مقارب. وفي كتاب البيوع: باب بيع المخاضَرَة: الحدبْ (2208).

ص: 731

الْفِرصَادِ (•) وَالزَّرع. والضابط أن ينتهي إلى الحالة التي يقصد منها غالبًا، وَيكْفِي بُدُو صلَاح بَعضهِ وَإن قَل، أي كبسْرَة واحدة (•)، لأن الله تعالى أمتن علينا فجعل الثمار لا تطيب دُفعةً واحدة إطالة لزمن التفكهِ، فلو اشترطنا في المبيع طيب جميعه لأَدَّى أن لا يباع شئ أو تباع الحبة بعد الحبة وفي كل منهما حرج.

فَرعٌ: لا يغني صلاحُ جنس عن جنسٍ آخر وإليه يرشد قوله بعضه.

وَلَوْ بَاعَ ثَمَرةَ بُسْتَان أَوْ بَسَاتينَ بَدَا صَلَاحُ بَعضهِ فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي التأبيرِ، أي فلا يتبعه إذا أفرد ما لم يَبْدُو صَلَاحُهُ، ولا إذا اختلف البُستانان على الأصح، ويتبع إذا اختلف النوع في الأصح.

وَمَنْ بَاعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ لَزِمَهُ سَقْيُهُ، أي إذا لم يشترط القطع، قَبْلَ التخلِيَةِ وَبَعدَها، أي قدر ما ينمو به الثمار ويسلم من التلف والفساد، لأنه من تتمة التسليم الواجب، حتى لو شرطه على المشتري بطل، لأنه مخالفٌ لمقتضاه، ويتَصَرفُ مُشْتَريه بَعدَها، أي بعد التخلية ولا يشترط القطع والنقل، وَلَوْ عَرَضَ مُهْلِكٌ، أي سماوي، بَعدها كَبَردٍ، أي بفتح الراء وإسكانها كما رأيته بخط مؤلفه في الأصل، فَالْجَدِيدُ أنهُ مِنْ ضَمَانِ المُشْتَرِي، لحديث أَبِى سَعِيدٍ الْخُدريِّ قال: أصِيْبَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثِمَار ابْتَاعَها فَكثُرَ دَيْنُهُ؛ فَقَالَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم: [تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ] فَتَصَدَّقَ الناسُ عَلَيْهِ، فَلَم يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دينهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:[خُذُوا مَا وَجَدتم وَلَيْسَ لَكُم إلّا ذَلِكَ] رواه مسلم (70)، والقديم وينسب إلى الصرف من الجديد، أنه من ضمان البائع بشرط ألا يبيعه من مالك الأشجار وأن يحصل التلف قبل إمكان

(•) الفِرصَدُ وَالفِرصَادُ: عَجمُ الزَّبيبِ، عَجمُ العِنَبِ أيِ النوَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ التُّوتُ أوْ حملَهُ؛ أو أحمَرَهُ.

(•) البَسرُ: المَاءُ البَارِدُ. وَابتِدَاءُ الشيء، وَهُوَ الغضُّ مِنْ كُلِّ شيءٍ، وَأولُ البسرِ طلعٌ، لِيَمُرَّ بِمَرَاحِلِ نُمُوِّهِ وَنُضوجِهِ.

(70)

رواه مسلم في الصحيح: كتاب المساقاة: باب استحباب الدين: الحديث (18/ 1556). والنسائى في السنن: باب وضع الحوائج: ج 7 ص 265.

ص: 732

الجداد لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح كما رواه مسلم (71)، والأول حمله على الاستحباب جمعًا بينهما، واحترز بقوله بعدها عما إذا حصل قبلها فإنه من ضمان البائع. فَلَوْ تَعَيبَ بِتَرك الْبَائِع السقْيَ فَلَهُ الْخِيَارُ، أي للمشتري، لأن السقى لما كان لازمًا للبائع كان التعيب الحادث كالمتقدم على القبض حتى لو تلف بذلك انفسخ العقد أيضًا، وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ صَلاحِهِ بِشرطِ قَطْعِهِ وَلَم يُقْطَع حَتى هلَكَ فَأَوْلَى بِكوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، لتفريطه، وَلَو بِيعَ ثَمَر يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ وَاخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ كَتِينٍ وَقِثاء لَم يَصِح، لأنه غير مقدور على تسليمه، إِلَّا أَن يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعَ ثَمَرِهِ، أي عند خوف الاختلاط فيصح لإنتفاءِ المحذور، وَلَوْ حَصَلَ الاِخْتِلَاطُ فِيمَا يَنْدُرُ فِيهِ فالأظْهرُ أَنهُ لَا يَنفَسِخُ البَيْعُ، لبقاء عين المبيع، وتسليمه ممكن بالطريق الآتى، والثاني: ينفسخ لتعذر التسليم المستحق، وهو تسليم المبيع وحده، وهذا ما صححه الأكثرون، والأول نقل الرافعي ترجيحه عن الوجيز خاصة وتبعه في الْمُحَرَّر فالأصح الثاني، بَلْ يَتَخَيَّرُ المُشْتَرِي، لأن الاختلاط أعظم من اباق العبد المبيع، فإن سمَحَ لَهُ الْبائِعُ بِمَا حَدَثَ سَقَطَ خِيَارُهُ فِي الأصَحِّ، لزوال المحذور، والثاني: لا يسقط، لما في قبوله من المنة وهو الأقيس، واعلم أن ما ذكره المصنف ذكره الغزالي تبعًا لإمامه وهو يقتضى أنّ الخيار ثبت أولًا للمشتري، حتى يجوز له المبادرة بالفسخ، فإن بادر البائع بالفسخ سقط خياره، قال صاحب المطلب: وهو مخالف لنص الشافعي والأصحاب فإنهم عكسوا فخيروا البائع أولًا.

(71) • عن جابر رضي الله عنه؛ (أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمَرَ بِوَضْع الحَوَائح). رواه مسلم في الصحيح: كتاب المساقاة: الحديث (17/ 1554).

• وعنه رضي الله عنه؛ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [إنْ بعتَ مِنْ أخِيْكَ ثَمَرًا؛ فَأصَابَتْهُ جَائِحَةٌ؛ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أنْ تَاخُذَ مِنْهُ شَيئًا! ! بِمَ تَأخذُ مالَ أخِيْكَ بِغَيرِ حَق]. رواه النسائي في السنن: باب وضع الجوائح: ج 7 ص 264 - 265.

• عن أنس رضي الله عنه؛ قال: إِنَّ النبِي صلى الله عليه وسلم قالَ: [إِن لَم يُثْمِرها الله بمَ يَسْتَحِلُّ أحَدُكُم مَالَ أخِيْه]. رواه مسلم في الصحيح: الحديث (16/ 1555) ولفَظ البخارى: الحديث (2198): [أرأيت إذَا مَنَعَ الله الثمَرَةَ بِمَ يأخُذ أحَدُكُم مَالَ أخِيْهِ؟ ].

ص: 733

فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِصَافِيَةٍ وَهُوَ الْمُحَاقَلَةُ، وَلَا أالرُّطَبُ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ، للنهي عنهما متفق عليه (72)، والمحاقلة مأخوذةٌ من الحقل وهى السَّاحَاتِ الَّتي تُزرع، فسميت محاقلة لتعلقها بزرع في حقل، وقال الماوردي: الحقلُ هو السنبل وهو في لسان العرب الموضع الذى يكون فيه الشيء كالمعدن. والمزابنة من الزبن وهو الدفع؛ لأن الغبن يكثر فيها لبنائها على التخمين، فيريد الْمَغْبُونُ دفعَهُ والغابنُ إمضاءَهُ فيتدافعان، ووجه البطلان فيهما عدم العلم بالمماثلة.

ويرَخَّصُ فِي الْعَرَايَا، لأنه عليه الصلاة والسلام [نَهَى عَنْ بَيْع التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ في بَيْع الْعَرَايَا: أَن يُبَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُهَا أهْلُهَا رُطَبًا] متفق عليه (73)، ومحل ذلك إذا لم يتعلق بها الزكاة لأجل الخرص أو غيره، وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ فِي الأَرْضِ، للحديث المذكور، أَوِ الْعِنَبِ فِي الشَّجَرِ بِزَبِيبٍ، قياسًا، وقيل: نصًّا.

فَرْعٌ: لو باع رطبًا بمثله فالأصح المنع.

فَرْعٌ: حكم البُسْر حكم الرطب في الجواز، قاله الماوردي، وعلى هذا ينبغي إلحاق الحصرم بالعنب.

(72) • عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما؛ قال: (نَهَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَن الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَعَنِ الْمُزَابَنَةِ وَعَنْ بَيْع الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَأَنْ لَا تُبَاعَ إِلَّا بالدِّيْنَارِ وَالدِّرهَمِ إلَّا الْعَرَايَا). رواه البخاري في الصحيح: كتاب المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط: الحديث (2381). ومسلم في الصحيح: كتاب البيوع: باب النهى عن المحاقلة: الحديث (81/ 1536).

• عن رافع بن خديج وسهل بن أبى حثمة؛ قالا: (إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ؛ بَيْع الثَّمَرِ بالتَّمْر؛ إِلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ). رواه البخاري في الصحيح: كتاب المسَاقاة: الحديث (2383 و 2384). ومسلم في الصحيح: الحديث (70/ 1540).

(73)

بهذا اللفظ رواه أبو داود في السنن: كتاب البيوع: باب في بيع العرايا: الحديث (3363) ولم أجده بهذا اللفظ في الصحيحين. وربما أراد الأصل في التعليق السابق.

ص: 734