المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الحوالةِ الْحِوالةُ: هي بفتح الحاء وكسرها مشتقة من التحويلِ والانْتِقالِ، - عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصيام

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ الاِعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ المَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ زَادَهَا اللهُ شَرَفًا

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الإحِصَارِ وَالفَوَاتِ

- ‌كتاب البيع

- ‌بَابُ الْرِّبَا

- ‌بابُ الْبُيُوع الْمَنْهِيِّ عَنْها

- ‌بَابُ الخيَارِ

- ‌بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ

- ‌بَابُ التوْلِيَةِ وَالإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ

- ‌بَابُ الأصُولِ وَالثمَارِ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌كِتَابُ الرَّهنِ

- ‌كتاب التفليس

- ‌بِابُ الْحَجْرِ

- ‌كِتَابُ الْصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الحوالةِ

- ‌كتاب الضمان

- ‌كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالةِ

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فُرُوعٌ مَنْثُورَةٌ نَخْتِمُ بِهَا الْبَابَ مُهِمَّةٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْقراضِ

- ‌كتاب المُسَاقَاةِ

- ‌كتاب الإجارة

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهبة

- ‌كِتَابُ الْلُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْلَّقِيطِ

- ‌كتاب الجُعَالةِ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الحوالةِ الْحِوالةُ: هي بفتح الحاء وكسرها مشتقة من التحويلِ والانْتِقالِ،

‌كِتَابُ الحوالةِ

الْحِوالةُ: هي بفتح الحاء وكسرها مشتقة من التحويلِ والانْتِقالِ، وفي الشرع نَقْلُ حَقٍّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ؛ فكأنَّ المال المأخوذَ حُوِّلَ من ذمّةٍ المُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحالِ عَلَيهِ وَهِيَ مُجْمَعٌ عَلَيها، والأصحُّ أنها بَيعُ دَينٍ بِدَينٍ واسْتُثْنى لِلحاجَةِ (121).

يُشْتَرَطُ لَها رِضَى الْمُحِيل، لأنَّ الحَقَّ في ذِمَّتِهِ مرسلًا فلا يتعين قضاؤه من محل معين كما لو طلب منه الوفاء من كيس بعينه، والمُحتالِ، لأنَّ حقهُ في ذمة المحيل فلا ينتقل إلى غيره إلا برضاه، لأن الذمم متفاوتة، لا المُحالِ عَلَيهِ في الأصحِّ، لأنه محل الحق والتصرف فلا يعتبر رضاهُ كما لا يعتبر رضا العبد المبيع، والثاني: يشترط؛ لأنه أحد أركان الحوالة كالآخرين.

(121) * قُلْتُ: الأصلُ في الباب حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: [مَطلُ الْغَنِي ظُلْمٌ، وَإِذا أتبِعَ أحَدُكُم عَلَى مَلِيٍّ فَليَتْبَع]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحوالة: باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة؟ الحديث (2287). ومسلم في الصحيح: كتاب المساقاة: باب تحريم مطل الغني: الحديث (33/ 1564). وفي رواية: عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: [مَطلُ الْغَنِي ظُلْمٌ، إِذا أحِيلَ أحَدُكمُ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَحتَل]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الحوالة: باب من أحيل: الحديث (11576).

* وحديث ابن عمر قال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلم؛ وَإِذا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيٍّ فاتْبَعْهُ، وَلا تَبِعْ بَيعَتَينِ في بَيعَةٍ]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: الحديث (11577). والترمذي في الجامع: كتاب البيوع: باب ما جاء في مطل الغني: الحديث (1309). وفي إسناده ضَعْفٌ. وتبقى الحجة للحديث الأول.

ص: 810

وَلا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لا دينَ عَلَيهِ، بناءً على أَنها بَيعٌ، وَقِيلَ: تَصِحُّ بِرِضاهُ، بناءً على أنها استيفاء، وكأَنَّ المحتال أخذَ حقهُ ممَّنْ هو عليه وأقرضه من المحال عليه؛ وعَدَلَ المصنفُ عن الصِّيغَةِ إلى اشتراط الرضى المستلزم لها لأنه الأصل المعتبر، ويعتبر في المحيل والمحتال من الأهلية للتصرف ما يعتبر في سائر المعاملات.

وَتَصِحُّ بِالدَّينِ اللازِمِ وَعَلَيهِ، أي سواء اتفق الدَّينانِ في سببِ الوُجُوبِ أمِ اختلَفا، بأن كانَ أحدُهما ثمنًا والآخر أُجرةَ أو قرضًا أو بدل متلف لما سلف من الأدلة، قال في الروضة: وكان ينبغي وصف الدَّين بالاستقرار ليخرجَ دَينُ السَّلَمِ فإنَّه لازمٌ، ولا تصح الحوالة به ولا عليه على الصحيح، قُلْتُ: لكن يرد على الاستقرار ثمن المبيع قبل القبض والصداق قبل الدخول والْمَوْتِ؛ ونجمُ الكتابةِ المحال به والأجرة قبل مضيِّ المدَّة، والجواب عن دَين السلم أن المنع فيه لتعذر الاعتياض لا لعدم الاستقرار، فإن المعنيَّ بالاستقرار ما جاز بيعه لا ما أمنّا انفساخ العقد فيه بتلفه أو تلف مقابله، والْمِثْلِيِّ، أي كالأثمان والحبوب، وَكَذا الْمُتَقَوِّمِ، أي بكسر الواو كالثياب والعبيد، في الأصَحِّ، لثبوته في الذمة ولزومه، والثاني: لا، لأن المقصود من الحوالة أيصال الحق إلى مستحقه من غير تفاوت، ولا يتحقق فيما لا مثل له، وَبِالثمَنِ في مُدَّةِ الْخِيارِ، أي بأن يحيل المشتري البائع على إنسان، وَعَلَيهِ، بأن يحيل البائع إنسانًا على المشتري، في الأصَح، لأنه صائر إلى اللزوم والجواز عارض (•) فيه، والثاني: لا يصح به ولا عليه لعدم اللزوم، واحترز بقوله (في مُدَةِ الْخِيارِ) عما إذا حال به بعد انقضائه وقبل قبض المبيع فإنها جائزة قطعًا كما هو المشهور.

والأصَحُّ: صِحةُ حَوالةِ الْمُكاتَبِ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ، دُون حَوالةِ السَّيّدِ عَلَيهِ، لاستقرار ما أحال عليه بخلاف العكس إذ له اسقاطها متى شاء فلا يمكن إلزامه الدفع للمحتال، والثاني: المنع فيهما كالاعتياض، والثالث: الصحة فيهما؛ لأنه دَينٌ ثابتٌ فجازت الحوالة به وعليه كسائر الديون، وإطلاق المصنف تبعًا للرافعي يقتضي

(•) في نسخة (3): والخيار عارضٌ.

ص: 811

أنه لا فرق بين النُّجُومِ الحالَّةِ والمُؤجَّلَةِ وفي الحالةِ نظرٌ. وخرج بقول المصنف (بِالنُّجُومِ) ما إذا كان للسيد عليه دَينُ معاملة فأحال عليه، فإن الأصح في الروضة الصحة ولا نظر لسقوطها بعجزه.

ويشْتَرَطُ العِلْمُ بِما يُحالُ بهِ وَعَلَيهِ، لأنَّ المجهول لا يصح بيعه ولا استيفاؤه، قَدرا وَصِفَة، أي بصفات السلم، والصفة تغني عن الجنس فلذا حذفها، وَفِي قَوْلٍ: تَصِحُّ بإبِلِ الديةِ وَعَلَيها، لحصول المقصود من الجانبين فإنها مصورة (•) بما إذا أوضحت إنسانًا وأوضح ذلك الإنسان آخر فإن الواجب له عليه خمس من الإبل فأحال بها على الجاني أولًا، والأظهر المنع للجهل بصفاتها.

ويشْتَرَطُ تساويهِما جِنْسًا وَقَدْرًا، لأنها إرفاق كالقرض، فلو جوّزت مع الاختلاف لصار المطلوب منها الفضل فتخرج عن موضوعها، وَكَذا حلُولًا؛ وَأَجَلًا، وَصِحة؛ وَكَسْرًا في الأصَحِّ، إلحاقًا لتفاوت الوصف بتفاوت القدر، والثاني: لا يشترط وكأنه تبرع بالزيادة ولا تجوز الحوالة بالحالِّ على المؤجل قطعًا؛ لأن حقَّ المحتال حالُّ وتأجيلُ الحالُ لا يلزم.

فَرعٌ: الجَوْدَةُ والرَّداءَةُ كالصحَّةِ والتكْسِيرِ (•).

وَيبرَأ بِالْحَوالةِ المُحِيلِ عَن دَينِ المُحتالِ، والمُحتالُ عَلَيهِ عَن دَينِ المُحِيلِ وَيتَحَوّلُ حَقُّ المُحتالِ إِلَى ذِمَّةِ المُحالِ عَلَيهِ، بالإجماع كما أفاده الماوردي، فَإن تَعَذَّرَ بِفَلَسٍ أوْ جَحدٍ وَحَلْف وَنَحوهِما، أي كموت البينة وامتناعه، لَم يَرجِعْ عَلَى المُحِيلِ، كما لو اعتاض عن دَينهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ.

فَرعٌ: لو شرط في الحوالة الرجوع على المحيل بتقدير الإفلاس أو الجحود فهل تصح الحوالة أو الشرط؛ أم الحوالة فقط؛ أم لا يصحان؟ فيه أوجهٌ لا ترجيح في الرافعي فيها، وثانيها: هو مقتضى كلام المصنف.

(•) في النسخة (1): مقصودة.

(•) في نسخة (2): والكَسْرِ.

ص: 812

فائِدَةٌ: قال الخفاف في خصاله: لا رجوع في الحوالة إلا في حالتين أن يحتال الأَبُ على ابنهِ الصغيرِ وكذا الجد.

فَلَوْ كان مُفْلِسًا عِنْدَ الحَوالةِ؛ وَجَهِلَهُ المُحْتالُ؛ فَلا رُجُوعَ لَهُ، لأنه مقصّر بترك الفحص، وَقيلَ: لَهُ الرُّجُوعُ إِن شُرِطَ يَسارُهُ، كما لو شرط كون العبد كاتبًا فأخلف، وَلَو أَحال المُشتَرِي، أي البائع، بِالثمَنِ فَرَدَّ المَبِيعَ بِعَيبٍ، أي وكذا بإقالة أو تحالف، بَطَلَت في الأظْهَرِ، لأنه أحاله بالثمن، فإذا انفسخ العقد خرج المحال به عن أن يكون ثمنًا وسقط حق العاقد فبطلت، والثاني: لا، كما لو استبدل عن الثمن ثوبًا ثم ردَّ المبيع بعيب؛ فإنه يرجع بالثمن ولا يبطل الاستبدال على الأصح، والخلاف جارٍ سواء رُدَّ بعد قبض المبيع أو قبله، وسواء كان الرد بعد قبض المحتال مال الحوالة أم قبله على الأصح، أَو البائِعُ بِالثمَنِ، أي أحال البائع رجلًا بالثمن على المشتري، فَوُجِدَ الردُّ تَبطُل عَلَى المَذهَبِ، لتعلق الحق بثالث، والطريق الثاني طرد القولين في المسألة قبلها.

وَلَوْ باعَ عَبدًا وَأحال بِثَمَنِهِ، ثُمَّ اتّفَقَ المتُبَايِعانِ والمُحتَالُ عَلَى حُريتهِ أَوْ ثَبَتَت بِبَيِّنَةٍ بَطَلَتِ الحَوالةُ، لأنه بانَ أن لا ثمنَ، والمراد بالبطلان هنا عدم الصحة؛ لأن الحوالة لم يتقدم لها صحة وهذه البيِّنة يُقيمها العبد أو يشهدون حسبه ولا يُتصور أن يقيمها واحد من المتبائعين، لأنه كذبها بالدخول في البيع، فَإن كَذبَهُما المُحتالُ وَلا بَينَةَ، حَلفاهُ عَلَى نَفي العِلْمِ، طردًا للقاعدة، ثُمَّ يأخُذُ المَال مِنَ المُشتَرِي، لبقاء الحوالة في حقه بحلفه. وهل يرجع المشتري على البائع؟ فيه وجهان: قال صاحب المطلب: والحَق نَعَمْ.

وَلَو قَال المُستَحَقُّ عَلَيهِ: وَكَّلْتُكَ لِتَقبِضَ لِي، وَقال المُستَحِقُّ: أحَلتنِي، أي بأن قال: اقبض لي كذا وفهم كلُّ واحد ما ذكر، أوْ قَال: أرَدتُ بِقَوْلي أَحَلتكَ الوَكالةَ، وَقال المُستَحِق: بَل أرَدتَ الحَوالةَ صُدقَ المُستَحِق عَلَيهِ بِيَمِينهِ، لأنه أعرف بقصده والأصل بقاء الحقين ويتخرج عليهما ما إذا لم يكن له بينة، قال في

ص: 813

المطلب: ولم أرَ فيه نقلًا، وَفِي الصُّورَةِ الثانِيَةِ وَجْهٌ، لأن ظاهر اللفظ يوافق دعواه، أما لو قال: أحَلتكَ على فلان بمَالِكَ عَلَي فهي حوالة قطعًا، ومنهم من أجراه وجهًا ثالثًا وهو بعيد، وَإِن قَال: أَحَلتَكَ؛ فَقَال: وَكلْتَنِي، صُدِّقَ الثانِي بِيَمِينهِ، إِذِ الأصْلُ بَقَاءُ حَقِّهِ، وَيَظهرُ هذَا عِنْدَ إِفْلاسِ المُحِيلِ.

فَرعٌ نَخْتِمُ بِهِ البابَ: قال في البحر: هل يصح اشتراط الرهن فيها والضمان؟ إن قلنا هي في حكم بيع دَينٍ بِدَينٍ لم يجز، وإن قلنا هي في حكم بيع عين بِدَينٍ جاز.

ص: 814