المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَالسلَامُ مِنْهَا] متفق عليه (1054). ثُمَّ التْنْعِيمُ، لأنه عليه الصلاة - عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصيام

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌كِتَابُ الاِعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ المَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ زَادَهَا اللهُ شَرَفًا

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الإحِصَارِ وَالفَوَاتِ

- ‌كتاب البيع

- ‌بَابُ الْرِّبَا

- ‌بابُ الْبُيُوع الْمَنْهِيِّ عَنْها

- ‌بَابُ الخيَارِ

- ‌بَابُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ

- ‌بَابُ التوْلِيَةِ وَالإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ

- ‌بَابُ الأصُولِ وَالثمَارِ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌كِتَابُ الرَّهنِ

- ‌كتاب التفليس

- ‌بِابُ الْحَجْرِ

- ‌كِتَابُ الْصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الحوالةِ

- ‌كتاب الضمان

- ‌كِتَابُ الشِّرْكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالةِ

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌فُرُوعٌ مَنْثُورَةٌ نَخْتِمُ بِهَا الْبَابَ مُهِمَّةٌ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْقراضِ

- ‌كتاب المُسَاقَاةِ

- ‌كتاب الإجارة

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهبة

- ‌كِتَابُ الْلُّقَطَةِ

- ‌كِتَابُ الْلَّقِيطِ

- ‌كتاب الجُعَالةِ

الفصل: وَالسلَامُ مِنْهَا] متفق عليه (1054). ثُمَّ التْنْعِيمُ، لأنه عليه الصلاة

وَالسلَامُ مِنْهَا] متفق عليه (1054). ثُمَّ التْنْعِيمُ، لأنه عليه الصلاة والسلام [أَمَرَ أخَا عَائِشَةَ رَضِىَ الله عَنْهَا أنْ يَعْمِرَهَا مِنْهُ] متفق عليه أيضًا (1055). ثُمَّ الحُدَيبِيَةُ، لأنه عليه الصلاة والسلام أراد المدخل لعمرته منها فَصُدَّ؛ وكان إحرامه بها من ذي الحليفة، كما رواه البخارى في غزوة الحديبية في صحيحه (1056). فقدَّم الأصحابُ ما فعله؛ ثم ما أمر به ثم؛ ما هَمَّ به أي من سلوك الطريق، لا هَمُّهُ بالإحرام، كما عَلِمت. وليس النظر فيها إلى المسافة بل إلى السُّنةِ.

خَاتِمَة: يُستحب لمن أحرم من بلده أو من مكة أن يخرج عَقِبَ إحرامِهِ، ولا يمكُثَ بَعْدَهُ. نصَّ عليهِ كما نقله الشيخ أبو حامد.

‌بَابُ الإِحْرَامِ

الإحْرَامُ: هُوَ الدخُولُ فِي الحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيْهِمَا أَوْ فِيْمَا يَصْلُحُ لَهُمَا أَوْ لأحَدِهِمَا.

يَنْعَقِدُ مُعَيِّنًا بِأنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَة أَوْ كِلَيْهِمَا، بالإجماع، وَمُطْلَقًا: بِأن لَا يَزِيدَ عَلَى نَفْسِ الإحْرَامِ، لأنه أحد ما قيل في إحرام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَالتعْيِينُ أَفضَلُ، لأنه أقرب إلى الإخلاص وليعرف ما يدخل عليه، وَفِي قَوْلٍ: الإطْلَاقُ،

(1054) لحديث أنس رضي الله عنه؛ قال: (اعْتَمَرَ أربعَ عُمَرٍ؛ فى ذِي القَعدةِ إلَّا الْتِى اعْتَمَرَ فِي حَجتِهِ: عُمْرَتُهُ مِنَ الحُدَيبِيَةِ ومِنَ العَامِ المُقْبِلِ؛ وَمِنَ الجِعرَانَةِ حَيْثُ قسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمرَة مَعَ حَجتِهِ). رواه البخارى في الصحيح: كتاب العمرة: الحديث (1778 و 1780). ومسلم في الصحيح: كتاب الحج: باب بيان عدد عُمَر النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث (217/ 1253).

(1055)

تقدم في الرقم (1053)؛ ورواه مسلم في الصحيح: كتاب الحج: الحديث (111/ 1211) و (113 و 120).

(1056)

عن المسوَرِ بن مَخْرَمَةَ رضي الله عنه؛ قال: (خَرَجَ النْبيُّ صلى الله عليه وسلم -عَامَ الحدَيبيَةِ في بِضْع عَشْرَةَ مِائَة منْ أصحَابِهِ. فَلَما أتَى ذَا الحُلَيفَةِ قَلْدَ الهَدى وَأشْعَرَهُ، وَأحرَمَ مِنهَا بِعُمرَةٍ). رواه البخاري فى الصحيح: الحديث (4178).

ص: 587

ليتمكن من صرفه إلى ما لا يخاف فوته، فإن أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيةِ، أي لا باللفظ، إِلَى مَا شَاءَ مِنَ النسُكَيْنِ أوْ إِلَيهِمَا ثُمَّ اشتَغلَ بِالأعْمَالِ، أي ولا يجزى العمل قبل النية ثم هذا إذا كان الوقت صالحًا لهما، وإليه يرشد قوله (ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالأعمَالِ) أما لو ضاق الوقت؛ وخاف فوت الحج أو فات، صرفه إلى العمرة؛ قاله الروياني، وَإِنْ أَطلَقَ فِي غَيْرِ أشْهُرِهِ فَالأصَحُّ انعِقَادُهُ عُمرَةَ فَلًا يَصرُفُهُ إِلَى الْحَج فى أشْهُرِهِ، لأن الوقت لا يقبل غير العمرة، والثانى: ينعقد مُبْهَمًا فله صرفه إلى حج أو قِران، فإن صرفه إلى الحج قبل الأشهر كان كمن أحرم بالحج قبل أشهر فينعقد عمرة (1057)، وَلَهُ أَن يُحْرِمَ كَإحْرَامِ زَيْدٍ، لأن أبا موسى أهل بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم أخبره فلم ينكر عليه، بل قال:[أحْسَنْتَ] وفعله عليٌّ كرَّم الله وجهه أيضًا وكلاهما في الصحيحين (1058).

(1057) • أما الإطلاق أو التعيين فعلى الخيار؛ لحديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: [مَنْ أرَادَ مِنْكُم أن يُهلَّ بِحَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ فَلْيَفْعَل. وَمَنْ أرَادَ أن يُهِلَّ بِالحَجِّ فَليُهِلَّ. وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِالعُمرَةِ فَلْيُهِلَّ] قَالَت عَائِشَةُ رَضِىَ الله عَنهَا: فَأهَل رَسُولُ الله بحَجٍّ وَأهَل بهِ نَاسٌ مَعَهُ. وَأهَلَّ نَاسٌ بِالعُمرَةِ وَالحَجِّ. وَأهَلَّ نَاسٌ بِعُمرَةٍ. وَكُنْت فِيمَنْ أهَلَّ بِعُمرَةٍ. رواه مسلم في الصحيح: الحديث (114/ 1211).

• عن طاووس قال: خَرَجَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ لا يُسَمِّي حجًا وَلا عُمْرَةً يَنتظِرُ القَضَاءَ، فَنَزَلَ عَلَيهِ القَضَاءُ، وَهُوَ بَين الصَّفَا وَالمَروة؛ فَأمَرَ أصحَابَهُ مَن كَانَ مِنْهُم أهَلَّ وَلَم يَكُنْ مَعَهُ هَديٌ أن يَجعَلَهَا عُمْرَة. قالَ:[لَوِ استَقبَلتُ مِنْ أمرِي مَا اسْتَدبرْتُ لَمَا سُقْتُ الهدىَ وَلَكِننِى لَبدتُ رَأسِي وَسُقْتُ هَديىِ فَلَيسَ لِى مَحِلٌ دُونَ مَحِل الهَدىِ]. رواه الشافعى مرسلًا في كتاب الأم: باب الحج بغير نية: ج 2 ص 127.

(1058)

حديث أبى موسى رضي الله عنه؛ قال: قدمْتُ عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالبطْحَاءِ فَقَالَ: [أحَجَجتَ؟ ] قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: [بِمَ أهلَلتَ؟ ] قلْتَ. لبَّيكَ؛ بِإهْلال كَإهْلالِ النبِي صلى الله عليه وسلم. قَالَ: [أحْسَنْتَ]. رواه البخارى في الصحيح: باب الذبح قبل الحلق: الحديث (1724).

ص: 588

فَرْعٌ: لو عَلَّقَ على إحرام زيد في المستقبل؛ أو على طلوع الشمس ونحوه؛ ففيه وجهان؛ وميلُ الرافعي إلى الجواز.

فَإن لَم يَكنْ زَيْدٌ مُحرِمًا؛ انعَقَدَ إِحرَامُهُ مُطلَقًا، لأنه قَصَدَ الإحرامَ بصفة خاصة، فإذا بطلت الصفة بقي أصل الإحرام، وَقِيلَ: إِن عَلِمَ عَدَمَ إِحرَامِ زَيْدٍ لَم يَنْعَقِدْ، كما لو عَلَّقَ فقال: إن كان زيدٌ محرمًا فقد أحرمتُ، فلم يكن محرمًا لكن الفارق بأنه جازم بالإحرام في مسألتنا بخلاف ما إذا علق، وِإن كان زَيدٌ مُحْرِمًا انعَقَدَ إِحرَامُهُ كَإحْرَامِهِ، أي إن كان حاجًا فحج، وإن كان عمرة فعمرة، وإن كان قِرانًا فَقِرانٌ، وإن كان أحرم بعمرة بنية التمتع، كان عمرُو محرمًا بعمرة ولا يلزمه التمتع، وإن كان مطلقًا انعقد إحرامه مطلقًا، ويتخير كما يتخير زيد ولا يلزمه الصرف إلى ما يصرفه إليه زيد على الأصح؛ وإن كان زيد أحرم مطلقًا ثم عينه قبل إحرام عمرو فالأصح أنه ينعقد إحرامُ عمرو مطلقًا. فَإن تعَذْرَ مَعرِفَةُ إِحرَامِهِ، بمَوتهِ، أي وكذا بجنونه أو غيبته، جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا، أي بأن ينويه، وَعَمِلَ أَعْمَالَ الَنسُكَينِ، لأنه لا سبيل إلى الإطلاع على نية الغير والتحرى في فعله.

فصلٌ: المُحرِمُ يَنْوِي ويُلَبِّي، للحديث الصحيح المشهور [إِنمَا الأعْمَالُ بالنّيَّاتِ] ومحلها القلبُ، وكيفيتها المستحبة أن يقول بقلبه ولسانه: نَوَيتُ الحَجَّ وأحرَمْتُ بِهِ لله تَعَالَى، لبَّيكَ اللهُم لَبَّيكَ إلى آخر التلبية، ولا يجب هنا نية الفرض جزمًا. ويستحب استقبال القِبلة عند الإحرام ويلبى أي مقترنًا بنيَّته لنفل الخلف عن السلف، فإن لبَّى بِلا نيَّةٍ لَم يَنْعَقِد إِحرامُهُ، لأن الأعمال بالنيات، وَإن نَوَى وَلَم يُلَبِّ انعَقَدَ عَلَى الصحِيح، كالطهارة والصوم في عدم اشتراط لفظ مع النية، والثاني: لا ينعقد؛ لإطباق الناس على الإعتناء بذلك عند الإحْرَامِ. وظاهر إيراد الروياني في حكاية هذا الوجه: اشتراط المقارنة.

وُيسن الغُسْلُ لِلإحْرَامِ، للاتباع كما حسَّنه الترمذي مع الغرابة من حديث

ص: 589

عبد الله بن زيد بن ثابت (1059) وأخرجه أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها (1060)، ويُكره تركه، ولا فرق في ذلك بين الحج والعمرة، والرجل والمرأة والحائض والنفساء (1061)، فَإِن عَجَزَ تيمَّمَ، لأن الغسل يراد للقربة والنظافة؛ فإذا تعذر أحدهما بقى الآخر، ولأنه ينوب عن الغسل الواجب، فالمندوب أَولى. ولو ذكر المصنف هذا عقب جميع الأغسال لكان أولى لشمول الحكم لكلها.

فَرْعٌ: يستحب أن يتأهَّبَ للإحرام بحلق العانة؛ وتقليم الأظافر؛ وقص الشارب؛ ونتف الإبط، وينبغي تقديم هذه الأمور على الغسل كما في حقِّ المَيِّتِ.

وَلدُخُولِ مَكْةَ، أي حلالًا كان أو محرمًا اقتداء به صلى الله عليه وسلم، أما في حق المُحْرِمِ فهو في البخاري (1062)، وأما في حق الحلال فذكره الشافعي في الأم قال: وكان ذلك

(1059) عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه؛ (أنهُ رَأى النبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَجَرَّدُ لإهْلالِهِ وَاغتسَلَ). رواه الترمذى في الجامع: باب ما جاء في الاغتسال عند الإحرام: الحديث (830)، وقال: هذا حديث حسن غريب.

(1060)

لحديث عائشة رضي الله عنها؛ (كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أرَادَ أنْ يُحرِمَ غَسَلَ رَأسَهُ بخطمى وأشنان وَدَهَنَهُ بِشَيْءٍ مِنْ زَيتٍ غَيرِ كثيرٍ). رواه الإمام أحمد في المسند: ج 6 ص 78، وفي إسناده محمد بن عقيل مختلف فيه.

(1061)

لحديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: (نَفسَت أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدٍ بنِ أبِي بَكْر بِالشجَرَةِ. فَأمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا بَكْرٍ؛ فَأمَرَهَا أن تَغتسِلَ وَتُهِلَّ). رواه مسلم في الصحيح: كتاب الحج: الحديث (109/ 1209).

(1062)

• عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ (كَانَ لًا يَقدَمُ مَكةَ إلَّا بَاتَ بِذِي طُوى؛ حَتى يُصْبِحَ ثُم يَدْخُلُ مَكةَ نَهَارًا وَيَذْكُرُ عَنِ النبِي صلى الله عليه وسلم أنهُ كَانَ يَفْعَلُهُ). رواه مسلم في الصحيح: كتاب الحج: الحديث (227/ 1259).

• عن نافع قال: (كَانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ إِذَا دَخَلَ أدْنَى الحَرَمِ أمسَكَ عَنِ التلبِيةِ. ثُم يَبِيْتُ بِذِي طُوى، ثُمَّ يُصَلى بِهِ الصُّبحَ وَيَغتسِلُ. ويحَدِّث أنَّ النبِى صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) رواه البخارى فى الصحيح: باب الاغتسال عند دخول مكة: الحديث (1573).

ص: 590

عام الفتح (1063)، ورأيتُ في الخصال لأبي بكر الخفاف من قدماء أصحابنا: أنه يُستحب أيضًا لدخول الحرم.

فَرْعٌ: لو خرج من مكة فأحرم بالعمرة واغتسل لإجرامه ثم أراد دخول مكة، فإن كان أحرم من بُعدٍ كالجعرانة والحديبية استحب الغسل للدخول، وإن أحرم من أدنى الحل كالتنعيم فلا.

وَللْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَبِمُزْدَلِفَةَ، أي على المشعر الحرام، غَدَاةَ النحرِ، وَفِي أيامِ التشرِيقِ لِلرَّمْي، لأن هذه المواضع يجتمع لها الناس فأشبه غسل الجمعة. ولا يستحب الغسل لرمى جمرة العقبه اتفاقًا اكتفاءً بما قبله.

فَرْعٌ: زاد الشافعي في القديم أربعة أغسَال؛ لطواف القدوم؛ والإفاضة؛ والوداع؛ والحَلقِ.

وَأَن يُطيَّبَ بَدَنهُ لِلإِحرَامِ، اقتداءً به صلى الله عليه وسلم متفق عليه (1064)، وَكَذا ثَوبهُ فِي الأصَح، كالبدن، والثاني: المنع، لأن الثوب يُنْزَعُ ويلْبَسُ وإذا نزعه ثم أعادَهُ كان كما لو استأنَفَ لبس ثوب مُطيَّبٍ، والخلاف في الجواز على المشهور وحكاه المتولي في الاستحباب وهو ظاهر إيراد المصنف تبعًا لِلْمُحَرَّر، واستغربه في شرح المهذب، لكن سبقه إليه القاضي حسين؛ فأين الغَرَابة.؟ وقال المصنف في مناسكه الكبرى: الأوْلَى أن يقتصر على تطيب بدنه دون ثيابه، وأن يكون بالمسك؛ والأفضل أن

(1063) قاله الشافعى في الأُم: الحج: باب الغسل لدخول مكة: ج 2 ص 169. وأسند قوله عن مالك بسنده عن ابن عمر أنه كان يغتسل لدخول مكة.

(1064)

لحديث عائشة رضى الله عنها؛ قالت: (طيبتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ حِيْنَ أحْرَمَ، وَلحِلِّهِ حِينَ أحَلَّ قبْلَ أنْ يَطُوفَ. وَبَسَطَت يَدَيهَا). رواه البخارى في الصحيح: باب الطيب بعد رمى الجمار: الحديث (1754) وفي باب الطيب عند الإحرام: الحديث (1539). ومسلم في الصحيح: باب الطيب للمحرم عند الإحرام: الحديث (31/ 1189).

ص: 591

يخلطه بماء الورد أو نحوِهِ لِيُذْهِبَ جُرْمَهُ، ثم هذا الخلاف فيمن قصد تطييب الثوب، أما في مَن طيب بدنه فتعطر ثوبه فلا بأس به قطعًا.

ولا بَأسَ بِاستِدَامَتِهِ بَعْدَ الإحْرَامِ، كما في البدن، وَلا بِطِيبٍ لَهُ جِرْمٌ، لحديث عائشة رضي الله عنها [كَأنّى أنظُرُ إِلَى وَبِيْصِ الْمسكِ فِي مِفْرَقِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ] متفق عليه (1065)، وَالوَبِيصُ بالصاد المهملة الْبَرِيقُ. لَكِن؛ لَو نَزَعَ ثوبهُ المُطَيبَ؛ ثُمَّ لَبِسَهُ لَزِمَهُ الفِديةُ في الأصَح، كما لو أخذ الطيب من بدنه ثم ردَّه إليه على الراجح، والثانى: لا؛ لأن العادة في الثوب أن ينزع ويعاد فجعل عفوًا.

وَأن تُخَضِّبُ المَرأَةُ لِلإحْرَامِ يَدَيْهَا، أي إلى الكوعين بالحناء وكذا وجهها خَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُزَوجَة؛ شَابةَ أو عَجُوزًا، إذ المعنى فيه ستر لونها، فإنها مأمورة بكشف الوجه واليدين وفيه حديث في الدارقطني ليس بمحفوظ (1066)، وإنما يُسْتَحَبُّ التعميمُ دون التنقيش والتسويد والتطريف، واحترز بالمرأة عن الرجل؛ فإنه يحرم عليه ذلك إلا لضرورة، وعن الخنثى أيضًا احتياطًا.

وَيتَجَرَّدُ الرَّجُلُ لإحْرَامِهِ عَنْ مَخيطِ الثيابِ، إذ لبس للمحرم لبس المخيط على ما سيأتى؛ والصبيُّ كالرجل في ذلك، وقوله (يَتَجَرَّدُ) هو بضم الدال كما ضبطه

(1065) رواه البخارى في الصحيح: باب الطيب عند الإحرام: الحديث (1538). ولفظه: [وَبِيصَ الطيبِ فِى مَفَارِقِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم]. ولفظ المتن لمسلم في الصحيح: باب الطيب للمحرم: الحديث (39/ 1190).

(1066)

• عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ فال: (مِنَ السُّنةِ تَدْلُكُ المَرأةُ بِشي مِنْ حِناء عَشِيَّةَ الإحرَامِ. وَتُغلف رَأسَهَا بِغَسلِه، لَيسَ مِن طِيبٍ، ولا تُحْرِمُ عُطلًا). رواه الدارقطنى في السنن: باب المواقيت: الحديث (168) من الباب: ج 2 ص 272.

• عن عبد الله بن عببدة وعبد الله بن دينار؛ قال: (مِنَ السُّنةِ أنْ تَمْسَحَ المَرأةُ يَدَيهَا عِندَ الإحرَامِ بِشَيءٍ مِنَ الجناء ولا تُحْرِمُ وَهِىَ عَفَا). رواه الشافعى في الأمِّ: كتاب الحج: باب ما تلبس المرأة من الثياب: ج 2 ص 150. والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الحج: باب المرأة تختضب قبل إحرامها: الأثر (9133).

ص: 592

المصنف بخطه وصرح الرافعي بوجوبه؛ وحذفه فى الروضة؛ وفيه نظر، ويلْبَسَ إزَارًا وَرِدَاءً، للإتباع، أبيضَينِ، لقوله صلى الله عليه وسلم:[إِلبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاض فَإنهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُم] صححه الترمذي (1067)، وَنَعلينِ، للأمر به (1068) وهما التاسومة، ويجوز عند الحنفية لبس الشرموزة والجمجم ووافقنا مالك وأحمد على المنع.

ويصَلّيَ رَكْعَتَينِ، للإتباع ويقرأُ فيهما سورة الإخلاص، وقيل: قُل يَأيهَا الكَافِرُونَ. وتُغنى عنهما الفريضة والسُّنة الراتبة، ثُمَّ الأفْضَلُ أَن يُحْرِمَ إِذَا انْبَعَثَت بِهِ رَاحِلتهُ أَوْ تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ مَاشيًا، لأنه صلى الله عليه وسلم[كَانَ إِذَا وَضَعَ رِجلَهُ في الغرَزِ وَانْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلتهُ قائِمَةً أَهَلَّ مِنْ ذِي الحُلَيفَةِ] متفق عليه (1069)، ومعنى انبعثت استوت قائمة. وفي مسلم من حديث جابر رضي الله عنه[أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَحلَلنا أنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا، (1070)، وَفى قَولٍ: يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلاةِ، أي جالسًا لحديث مختلف فيه (1071). وبه جزم الخفاف في خصاله حيث قال: يصلي ركعتين ثم يقول: اللَّهُمَّ

(1067) تقدم في كتاب الجنائز: الرقم (816) وإسناده صحيح.

(1068)

عن ابن عمر رضى الله عنهما؛ أنَّ رَجلًا نَادَى النبِى صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ: مَا يَجتَنِبُ المُحرِمُ مِنَ الثيَابِ؟ فَقَالَ: [لًا يَلْبَسُ السرَاوِيلَ وَلا القُمُصَ، ولا البَرَانِسَ ولا العِمَامَةَ، ولا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعفَرَانٌ ولا ورسً؛ وَليحرِمْ أحَدُكمُ فى إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعلَينِ؛ فَإنْ لَم يَجِدْ نَعلَينِ فَلْيَلْبَس خُفيْنِ وَليَقْطَعهُمَا حَتى يَكُونَا إلَى الكَعبينِ]. رواه الإمام أحمد في المسند: ج 2 ص 34. وابن الجارود في المنتقى: الحديث (416).

(1069)

رواه البخارى في الصحيح: كتاب الجهاد: باب الركاب والغزو للدابة: الحديث (2865) عن ابن عمر رضى الله عنهما. ورواه مسلم واللفظ له كما في الصحيح: كتاب الحج: باب الإهلال من حيث تنبعث الدَّابة: الحديث (27/ 1187).

(1070)

الحديث عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما؛ قال: (أمَرَنَا النبِي صلى الله عليه وسلم لَمَّا أحلَلنا أنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنى) فال: (فَأهلَلنا مِنَ الأبطَح). رواه مسلم في الصحيح: باب وجوه الإحرام: الحديث (139/ 1214).

(1071)

الحديث عن ابن عباس رضى الله عنهما؛ (أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أهَل فِى دُبُرِ الصَّلاةِ). رواه أبو داود في السنن: كتاب المناسك: باب في وقت الإحرام: الحديث (1770) =

ص: 593

إِنِّى أُرِيْدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أوِ القِرَانَ عَلَى مَا يُوحِيْهِ كِتَابُكَ وَسُنَّةُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فإن كان له ما يركبه ركب ولبَّى هذا لفظه، وفي قول ثالث: أنهما سواء؛ حكاه البندنيجى وقال الإمام: ويستحبُّ لهُ أن يحرِمَ قَبْلَ الخُطْبَةِ بِمَكَّةَ فَيُسْتَثْنَى.

وَيُسْتَحَبُّ إِكْثَارُ التَّلْبِيَةِ، لأنه صلى الله عليه وسلم لزم تلبيته [لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لبَّيْكَ

إلى آخرها] رواه مسلم (1072)، ولأنها من شعار الحج، وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا فِى دَوَامِ إِحْرَامِهِ، للأمر به كما صححه الترمذي وغيره (1073)، واستثنى الجويني التلبية المقترنة بالإحرام؛ فإنه لا يجهر بها، ويخرج ذلك بقيد الدوام، والمرأة تَخْفِضُ صَوْتَهَا وكذا الخنثى.

فَرْعٌ غَرِيْبٌ: يستحب لِلْمُلَبِّي عند التلبية إدخال إصبعيه في أُذنيه؛ ذكره ابن

وفيه (فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِيْنَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ). والترمذي في الجامع: باب ما جاء متى أحرم النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث (819)، وقال: هذا حديث حسن غريب. والنسائي في السنن: كتاب المناسك: باب العمل في الإهلال: ج 5 ص 162. وتفصيل قصة الاختلاف في رواية أبي داود في السنن. وضعف البيهقي حديث ابن عباس وأنكر على المحتج به، وقال: خَصَيْفٌ الْجُزرِيُّ غيرُ قوى، وقد رواه الواقدى بإسناد له عن ابن عباس، إلا أنَّه لا تنفع مُتَابَعَةُ الواقديِّ، والأحاديث التي وردت في ذلك عن ابن عمر وغيره أسانيدها قوية ثابتة. والله أعلم. قاله في السنن الكبرى للبيهقي: كتاب الحج: باب من قال يهل خلف الصلاة: الحديث (9061).

(1072)

من حديث جابر بن عبد الله في حجة النبي صلى الله عليه وسلم؛ رواه مسلم في الصحيح: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث (147/ 1218). وقال: أهَلَّ بِالتَّوْحِيْدِ [لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ؛ لَبَّيْكَ لَا شَرِيْكَ لَكَ لَبَّيْكَ؛ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنَّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيْكَ لَكَ]. قال: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِج وَنَحْوِهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا. والبيهقي في السنن الكبرى: باب كيفية التلبية: الحديث (9112).

(1073)

الحديث عن الْخَلَّادِ بن السَّائِب بن خَلَّاد؛ عن أبيه؛ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [أَتَانِى حِبْرِيْلُ؛ فَأَمَرَنِى أن آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُواْ أصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلَالِ وَالْتَّلْبِيَةِ]. رواه أبو داود في السنن: باب كيفية التلبية: الحديث (1814). والترمذي في الجامع: باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية: الحديث (829)، قال: حسن صحيح.

ص: 594

حبان من أصحابنا في صحيجه واستدل له بفعل موسى صلى الله عليه وسلم (1074).

وَخَاصَّةً عِنْدَ تَغَايُرِ الأحْوَالِ؛ كَرُكُوبٍ؛ وَنُزُولٍ؛ وَصُعُودٍ؛ وَهُبُوطٍ؛ وَاختِلَاطِ رُفْقَةٍ، أي ونحوها كفراغ صلاةٍ؛ وإقبال ليلٍ أو نهارٍ؛ ووقت السحرِ اقتداءً بالسلف في ذلك.

وَلَا تُسْتَحَبُّ فِي طَوَافِ القُدُومِ، لأن فيه أدعية وأذكار خاصة فصار كطواف الإفاضة والوداع.

وَفِي القَدِيمِ تُسْتَحَبُّ فِيهِ بِلَا جَهْرٍ، لإِطلاق الأدلة؛ والخلاف جارٍ في السعى بعده، وَلَفْظُهَا:[لَبَّيْكَ اللَّهُمْ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكُ، لَا شَرِيكَ لَكَ]، للإتباع وصحَّ [لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ] أيضًا أخرجه النسائي وصححه ابن حبان ونص الشافعي في الأم على استحبابها مع ما سلف أيضًا (1075)، وفي كتاب أسرار الحج إن تلبية يونس عليه الصلاة والسلام [لبَّيْكَ

(1074) الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: انْطَلَقْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ؛ فَلَمَّا أَتَيْنَا عَلَى وَادِي الأزْرَقِ قَالَ: [أَيُّ وَادٍ هَذَا؟ ] قَالُواْ: وَادَى الأَزْرَقِ. قَالَ: [كَأَنَّمَا أَنْظُر إِلَى مُوسَى يُبْعَثُ مِنْ طُوْلِهِ وَشَعْرِهِ وَلَونهِ وَاضِعًا إصْبعَيهِ فِي أُذْنَيهِ لَهُ جُؤَارٌ إلَى اللهِ تَعَالَى بِالتَّلْبِيَةِ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِى]، ثُمَّ نَفَذْنَا الْوَادِىَ حَتَّىَ أَتَيْنَا ثَنِيُّةَ هَرْشِى. قالَ:[كَأَنَّمَا أَنْظُر إِلَى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ خِطَامُ النَّاقَةِ خُلْبَةٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ يُهِلُّ نَهَارًا بِهَذِهِ الثَّنِيَّةِ مُلَبِيًا]. رواه في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: باب ذكر وصف الإهلال الَّذي يهل المرء به: الحديث (3790).

(1075)

• رواه النسائي في المناسك: باب كيفية التلبية: ج 5 ص 161، وقال: قال أبو عبد الرحمن: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَ هَذَا عَنْ عبد الله بن الفضل إلَّا عبد العزيز رَوَاهُ إسماعيل بنُ أُمَيَّةَ مُرْسَلًا.

• رواه ابن حبان في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: ذكر الإِباحة للمرء أن يزيد في تلبيته: الحديث (3789).

• رواه الإمام الشافعى رضي الله عنه في الأُم: كتاب الحج: باب كيفية التلبية؟ ج 2 ص 155.

ص: 595

فَرَّاجَ الْكُرْبِ لَبَّيْكَ] وتلبية عيسى [لبَّيْكَ أَنَا عَبْدُكَ ابْنُ أَمَتِكَ بِنْتُ عَبْدَيْكَ لَبَّيْكَ] وتلبية موسى [لَبَّيْكَ أَنَا عَبْدُكَ لَدَيْكَ لَبَّيْكَ].

وَعَلَّمَ إِبْلِيْسُ النَّاسَ التَّلْبِيَةَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيْكَ لَكَ إِلَّا شَرِيْكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكهُ وَمَا مَلَكَ. فلم يزالوا عليها حتَّى جاء الإسلام.

ورأيتُ في الخصال لأبي بكر الخفاف من قدماء أصحابنا: أن داود عليه الصلاة والسلام كان يقول في تلبيته [لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بَيْنَ يَدَيْكَ] وكان من تلبية موسى [لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ لَبَّيْكَ مَرْغُوبٌ وَمَرْهُوبٌ إِلَيْكَ لبَّيْكَ] قال: وكلُّ ذلك حسن، وحكى الروياني عن الأصحاب عن بعض صلحاء السلف أنَّه كان يقول: لَبَّيْكَ أَنْتَ مَلِيْكُ مَنْ مَلَكَ مَا خَابَ عَبْدٌ أَمَّلَكَ، قال الروياني: وهو حسنٌ (1076).

فَرْعٌ: يستحبُّ أن يكرر التلبية ثلاثًا نسقًا؛ وأن يقف وقفة لطيفة عند قوله [وَالْمُلْكُ] وقوله [إنَّ الْحَمْدَ] الاختيار: كَسْرُ إنَّ فيه على الاستئناف، ويجوز فتحها على معنى لأنَّ والمشهورُ نَصْبُ [النِّعْمَةَ] ويجوز رفعها.

وَإِذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ قَالَ: [لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ]، للاتباع (1077)، وَإِذَا

(1076) قُلْتُ: الأصل ما جاء في السُّنَّةِ من الألفاظ في التلبية، أو يجتهد المرء بما لا يخرج عن الأصل مع الوعى والضبط بحيث لا يقع في محذور. والله أعلم.

(1077)

• عن ابن جريج عن حميد الأعرج عن مجاهد، قال: كَانَ النَّبيُّ يظهِرُ مِنَ التَّلْبيَةِ [لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ

] قال: حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّاسُ يُصْرَفُونَ عَنْهُ، كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ مَا هُوَ فِيهِ فَزَادَ فِيهِ:[لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ]. رواه الشافعي رضي الله عنه في الأُم: بالي كيفية التلببة؟ ج 2 ص 156. وقال: قال ابن جريج: وَحَسِبتُ أَنَّ ذَلِكَ يَوْمُ عَرَفَةَ. والحديث منقطعٌ.

• وفي رواية ابن عباس رضى الله عنهما؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ بِعَرَفَات، فَلَمَّا قَالَ:[لَبَّيْكَ اللْهُمْ لَبَّيْكَ] قَالَ: [إِنَّمَا الْخَيرُ خَيْرُ الآخِرَةِ]. رواه الحاكم في المستدرك: الحديث (1707/ 99)، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

ص: 596