المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فتنة القبور والتوسل بالموتى - عيون الرسائل والأجوبة على المسائل - جـ ١

[عبد اللطيف آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول: الدراسة

- ‌الباب الأول: عصر المؤلف وحياته

- ‌الفصل الأول: عصر المؤلف

- ‌المبحث الثالث: الحالة الدينية

- ‌المبحث الأول: الحالة السياسية

- ‌المبحث الثاني الحالة الاجتماعية

- ‌الفصل الثاني: حياة المؤلف

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه

- ‌المبحث الثاني ولادته وأسرته

- ‌المبحث الثالث صفاته الذاتية والفكرية

- ‌المبحث الرابع نشأته العلمية ورحلاته

- ‌المبحث الخامس شيوخه

- ‌المبحث الساس: تلاميذه

- ‌المبحث السابع ثقافته وإنتاجه العلمي

- ‌المبحث الثامن عقيدته

- ‌المبحث التاسع أعماله ووظائفه

- ‌المبحث العاشر حياته السياسية

- ‌المبحث الحادي عشر وفاته والمرثيات التي قيلت فيه

- ‌المبحث الثاني عشر: ثناء علمائه عليه

- ‌الباب الثاني: دراسة الكتاب

- ‌الفصل الأول: التعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأول: عنوان المخطوط

- ‌المبحث الثاني ترجمة جامع الرسائل

- ‌المبحث الثالث توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف

- ‌المبحث الرابع موضوع الكتاب

- ‌المبحث الخامس وصف النسخة الخطية والمطبوعة

- ‌الفصل الثاني: دراسات تقويمية للكتاب

- ‌المبحث الأول: منهج المؤلف في الكتاب

- ‌المبحث الثاني مصادره

- ‌المبحث الثالث قيمة الكتاب

- ‌القسم الثاني: تحقيق النص

- ‌مقدمة جامع الكتاب

- ‌الرسائل الخاصة بعقيدة التوحيد والاتباع وما ينافيها من الشرك والابتداع

- ‌الرسالة الأولى: إلى عبد العزيز الخطيب

- ‌مدخل

- ‌فصل في معنى الظلم والمعصية والفسوق والفجور

- ‌الأصل الأول: أن السنة والأحاديث النبوية هي المبينة للأحكام القرآنية

- ‌الأصل الثاني: أن الإيمان أصل، له شعب متعددة

- ‌الأصل الثالث: حقيقة الأيمان

- ‌الأصل الرابع: أنواع الكفر

- ‌الأصل الخامس: لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن يسمى مؤمنا

- ‌مسألة في من يعمل سنة ختمة في ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم هل ذلك مسنون أو لا

- ‌مسألة: في النوم في المسجد

- ‌الرسالة الثانية: إلى إبراهيم بن عبد الملك

- ‌تقديم جامع الرسائل

- ‌المسألة الأولى: الإنكار على من كفر أناسا شمتوا بانتصار أعداء المسلمين عليهم

- ‌المسألة الثانية: في حظر الإقامة حيث يهان الإسلم ويعظم الكفر

- ‌المسألة الثالثة: حكم تصرف الوالد في مال ولده الصغير

- ‌المسألة الرابعة: حكم تملك الوالد جميع مال ولده

- ‌المسألة الخامسة: إذا كان لرجل على آخر دين مثل الصقيب يكون له الدين الكثير يصطلحان بينهما

- ‌الرسالة الثالثة: إلى إبراهيم بن عبد الملك

- ‌الرسالة الرابعة: إلى محمد بن علي آل موسى

- ‌الرسالة الخامسة: إلى حسن بن عبد الله

- ‌الرسالة السادسة: إلى حمد بن عبد العزيز

- ‌الرسالة السابعة: إلى أهل الفرع

- ‌الرسالة الثامنة: نصيحة إلى كافة المسلمين

- ‌الرسالة التاسعة: إلى محمد بن عجلان

- ‌الرساة العاشرة: إلى عبد الله بن عبد العزيز الدوسري

- ‌التوصية بلزوم الكتاب والسنة

- ‌الرسالة الحادية عشرة: إلى أهل عنيزة

- ‌فتنة القبور والتوسل بالموتى

- ‌الرسالة الثانية عشرة: إلى علي بن أحمد بن سلمان

- ‌قول العلماء في الجهمية والرد عليهم

- ‌تفضيل القبورين للقبور على الكعبة

- ‌الرسالة الثالثة عشرة: إلى زيد بن محمد

- ‌المسألة الأولى: عن قول الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ

- ‌ المسألة الرابعة: عن قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور: " إلى من تكلني إليه، إلى بعيد يتجهمني

- ‌المسألة السادسة: عن قوله تعالى: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا

- ‌الرسالة الرابعة عشرة: محمد بن عون

- ‌الرسالة الخامسة عشرة: إلى صالح محمد الشثري

- ‌الرسالة السادسة عشر: إلى محمد بن راشد الجابري

- ‌الرسالة السابعة عشرة: إلى عبد الله بن معيذر

- ‌حول كتاب الإحياء للغزالي

- ‌[فصل] في بيان أشياء مهمة، أنكرت على أبي حامد:

- ‌الرسالة الثامنة عشرة: إلى صالح بن عثمان بن عقيل

- ‌الرسالة التاسعة عشرة: إلى الإمام فيصل

- ‌الرسالة العشرون: إلى زيد بن محمد آل سليمان

- ‌الرسالة الحادية والعشرون: إلى زيد بن محمد آل سليمان

- ‌الرسالة الثانية والعشرون: إلى محمد بن علي آل موسى، وإبراهيم بن راشد، وإبراهيم بن مرشد

- ‌الرسالة الثالثة والعشرون: إلى الإخوان محمد بن علي وإبراهيم بن راشد

- ‌الرسالة الرابعة والعشرون: إلى حمد بن على وإبراهيم بن مرشد

- ‌الرسالة الخامسة والعشرون: إلى أبراهيم بن راشد وإبراهيم بن مرشد

- ‌الرسالة السادسة والعشرون: إلى الشيخ حمد بن عتيق

- ‌الرسالة السابعة والعشرون: إلى من وصل من المسلمين

- ‌الرسالة الثامنة والعشرون: إلى عبد الله بن نصير

الفصل: ‌فتنة القبور والتوسل بالموتى

‌الرسالة الحادية عشرة: إلى أهل عنيزة

‌فتنة القبور والتوسل بالموتى

(الرِّسَالَةُ الحَادِيَةُ عَشَرَةَ)(1)

قال جامع الرسائل

وله أيضاً -قدس الله روحه ونوّر صريحه- رسالة إلى أهل عنيزة (2)، وهذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى من يصل إليه هذا الكتاب من أهل عنيزة، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يجري عنكم أمور، يتألم منها المؤمنون، ويرتاح لها المنافقون، ولا بد من النصيحة، معذرة إلى الله تعالى، وطلباً لرضاه، وإلاّ فالحجة قد قامت، وجمهوركم يتجشّم (3) ما يأتي لأسباب لا تخفى، من ذلك: المشاقة والمعاندة، بإكرام داود العراقي (4) ، مع اشتهاره بعداوة التوحيد وأهله، والتصريح بإباحة دعاء الصالحين (5) ، والحثُّ عليه، وغير ذلك مما يطول عدّه.

ولا بد من تقديم مقدّمة ينتفع بها الواقف على هذا، فنقول: لما وقع في آخر هذه الأمة ما أخبر به نبيُّها صلى الله عليه وسلم، من اتباع سنن من كان قبلها من أهل الكتاب، وفارس والروم (6) ، وتزايدت تلك السنن، حتى وقع الغلو في الدين، وعُبِدَت

(1) في (ب) : جاءت هذه الرسالة متأخرة، في لوحة (153-157) .وهي في (ب) تأتي بعد الرسالة رقم (4) حسب ترتيب نسخة (أ) .

(2)

تقدم موضعها ف ص30.

(3)

أي يتكلّف على مشقة. لسان العرب 12/100، مادة (جشم) .

(4)

تقدمت ترجمته في ص58.

(5)

أي التصريح بإباحة أن يُدعى الصالحون فيما لا يُطلب إلاّ من الله.

(6)

أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم في قوله: " لتتبعنّ سَنن من كان قبلكم، شبراً بشرٍ، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه ". قلنا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:" فمن؟ ". وفي رواية عند الشيخين: " حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم ". صحيح البخاري مع الفتح 6/571، 13/313؛ صحيح مسلم بشرح النووي 16/460؛ سنن ابن ماجة 2/377، الفتن، باب (افتراق الأمم) ؛ مسند الإمام أحمد 2/327.

ص: 288

قبور الأولياء والصالحين، وجُعِلَت أوثاناً تُقصَد من دون الله رب العالمين (1) ، عظَّمها قوم لم يعرفوا حقيقة الإسلام، ولم يشموا رائحة العلم، ولم يحصلوا على شيء من رائحة النبوّة، ولم يفقهوا من أخبار الأمم قبلهم، وكيف كان بدء شركهم (2) ، ومنتهى نحلتهم، ونهاية طريقتهم، وما هذا الذي عابه القرآن عليهم وذمه (3) ، وتلطّف الشيطان في كيد هؤلاء الغلاة في قبور الصالحين توسلاً ونداءً، وحُسن اعتقاد في الأولياء، وتشّفُعاً بهم (4) ، واستظهاراً بأرواحهم الشريفة، فاستجاب لهم صبيان العقول، وخفافيش البصائر، وداروا مع الأسماء، ولم يقفوا مع الحقائق، فعادت عبادة الأولياء والصالحين، ودعاء الأوثان والشياطين، كما كانت قبل النبوة،

(1) وقد عقد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في ذلك باباً في كتاب التوحيد، سمّاه: باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين، يصيّرها أوثاناً تعبد من دون الله.

(2)

هذا تنبيه لعباد قبور الصالحين ومعظِّميها، إلى أن عملهم ذلك شبيه بعمل أناس من قوم نوح، الذين عظّموا الصالحين، وغلوا فيهم، واتخذوا لهم تماثيل بعد موتهم، وكانت سبباً في بدء الشرك بالله، كما أخرج ذلك الإمام البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى:{وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [نوح:23]، قال:"هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً، وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنَّسخ العلم عبدت". صحيح البخاري مع الفتح 8/535.

(3)

فقد عاب القرآن على المشركين، في كثير من الآيات منها:

قوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً} [المائدة:76] .

وقوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 66، 67] .

(4)

هذه هي حجة المشركين الواهية على مرِّ الدهور، في عبادتهم الأوثان؛ إذ يزعمون أنّ عبادتهم لها إن هي إلا تقرُّباً وتشّفعاً بها إلى الله، وقد حكى الله عنهم فيقوله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] .

ص: 289

وفي زمان الفترة (1) ، حذو النعل بالنعل، وحذو القذّة بالقذّة، وهذا من أعلام النبوة، كما ذكره غير واحد (2) ، ولم يزل ذلك في ظهور وازدياد حتى عمَّ ضرره، وبلغ شرره الحاضر والباد، ففي كل إقليم ومدينة وقرية ممن ينتسب إلى الإسلام، ولائج (3) يدعونهم مع الله، ويلتمسون بدعائهم قرب الرب ورضاه، ويفزعون إليهم في المهمات والشدائد، ويلوذون به في النوائب والحاجات، وبعضهم لا يرد على خاطره، ولا يلم (4) بباله دعاء الله تعالى في شيء من ذلك، لاستشعاره حصول مقصوده، ونجاح مطلوبه من جهة الأولياء والأنداد. وقد رأينا وسمعنا من ذلك ما يعز حصره واستقصاؤه، ولو كان يخفى لعرجنا على ذكره وتفصيله، ولكنه أشهر من الشمس في نحر الظهيرة.

إذا عرف هذا وتحقق، فاعلموا أن الله تعالى أطلع شمس الإيمان به وتوحيده، في

(1) زمان الفترة: هي زمن ليس فيه نبي ولا رسول.

قال ابن كثير رحمه الله: " كانت الفترة، بين عيسى بن مريم آخر أنبياء بني إسرائيل وبين محمد خاتم النبيين من بني آدم على الإطلاق". ثم استدل على هذا بما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات، ليس بيني وبينه نبي ". تفسير ابن كثير 2/37. والحديث ورد في صحيح البخاري مع الفتح، 6/550، الأنبياء، باب (واذكر في الكتاب مريم) . وقد اختلف العلماء في مدة الفترة، على أقوال عدّة، منها: عن قتادة: أنها ستمئة سنة، وعنه أيضاً أنها، خمسمائة وستون، وعن معمّر، عن بعض أصحابه: خمسمائة وأربعون، وعن الضحاك: أربعمائة وبضع وثلاثون، وقد أورد ابن كثير تلك الأقوال ثم قال: والمشهور هو القول الأول، أنها ستمائة سنة" ثم قال:"والمقصود أن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتغيير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان والنيران والصلبان". تفسير ابن كثير 2/37. وانظر: الجامع لأحكام القرآن، 6/81.

(2)

انظر فتح المجيد، ص278؛ ومنهاج التأسيس والتقديس، ص8.

(3)

الولائج: جمع وليجة، وهي البطانة، وليجة الرجل: بطانته وخاصته ودخلاؤه. لسان العرب، 2/400، مادة (ولج) .

(4)

يلم: يقرب، ومعنى: لا يلم بباله دعاء الله: أي لا يقرب بباله دعاءالله. لسان العرب 12/551، مادة (لمم) .

ص: 290

آخر هذه الأزمان، على يد من أقامه الله في هذه البلاد النجدية، داعياً إليه على بصيرة (1) ، فذَكر به، آمراً بتوحيده، وإخلاص الدين له، وردِّ العباد إلى فاطرهم وباريهم وإلههم الحق، الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، يَنْهى عن الشرك به، وصرفِ شيء من العبادات إلى غيره، وابتداع دين لم يأذن به، لا سلطان ولا حجة على مشروعيته. واستدلَّ على ذلك، وألّف وقرّر، وصنّف وحرّر (2) ، وناظر المبطلين، ونازع الغلاة والمارقين، حتى ظهر دين الله على كل دين، فتنازع المخالفون أمره، وجحدوا برهان قصده، فقوم قالوا: هذا مذهب الخوارج المارقين، وطائفة قالت: هو مذهب خامس لا أصل له في الدين (3)، وآخرون قلوا: هو يكفِّر أهل الإسلام، وصِنْف نسبوه إلى

(1) هو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.

(2)

وقد ذكر القحطاني في "الدرر السنية"، 12/18-19، معظم مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وذكر منها:

-كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد -كتاب أحكام الطهارة.

-مختصر الإنصاف والشرح الكبير. -مختصر الصواعق.

-كتاب كشف الشبهات في التوحيد. -مختصر فتح الباري.

-كتاب أصول الإيمان. -مختصر الهدى.

-كتاب فضائل الإسلام. مختصر العقل والنقل.

-كتاب فضائل القرآن. مختصر المنهاج.

-كتاب السيرة المختصرة. -مختصر الإيمان.

-كتاب السير المطولة. -كتاب آداب المشي إلى الصلاة.

-كتاب مجموع الحديث على أبواب الفقه.

وله عدّة رسائل نفيسة في التوحيد وغيره منها: مسائل الجاهلية. معنى الطاغوت ورؤوس أنواعه. تفسير كلمة التوحيد. الأصل الجامع لعبادة الله وحده. رسالة في الرد على الرافضة. نولقض الإسلام. أربع قواعد من الدين، تميُّز بين المؤمنين والمشركين. رسالة شروط الصلاة وأركانها وواجباتها. تلقين أصول الدين للعامة. أنظر: محمد بن عبد الوهاب، مصلح مظلوم ومفترى عليه، ص167-173؛ عقيدة السيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية، ص118-128.

(3)

وهذا قول أكثر المبتدعين اليوم، يطلقون على دعوته بأنها مذهب (الوهابية) ، ويسمّون المناصرين له وهابيين، وأنّه دين جديد خاج عن الإسلام، وقد تقدّم التعريف الوهابية ص36.

ص: 291

استحلال الدماء والأموال الحرام، ومنهم من عابه بوطنه، وأنه دارمسيلمة الكذاب (1) .

وكل هذه الأقاويل لا تروج على من عرف أصل الإسلام، وحقيقة الشرك وعبادة الأصنام، وإنما يحتج بها قومٌ عزبت عنهم الأصول والحقائق، ووقفوا مع الرسوم والعادات، في تلك المناهج والطرائق، و {قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} (2) ؛ فهم من شأنه من أمر مريج؛ وما ذاك إلا أنه أشرقت له شموس النبوّة فقصدها، وظهرت له حقائق الوحي والتنزيل، فآمن بها واعتقدها، وترك رسوم الخلق لم يعبأ بها، ورفض تلك العوائد والطرائق الضالة لأه

واترك رسوم الخلق لا تعبأ بها

في السَّعد ما يغنيك عن دبران (3)

(1) وكل ذلك يطلقه الطغاة كذباً وزوراً، لا يستند شيءٌ منها إلى دليل، وإنّما يروجونها حقداً وحسداً على نجاح هذه الدعوة، والقبول التي تلقته في جميع ربوع العالم؛ وتشويهاً للمناضلين من أجل نشره.

ومن لطائف السيخ عبد اللطيف، ما ذكر أنه حين قيامه بمصر، قال له أحد المصرين: مسيلمة الكذاب من خير نجدكم، فقال مجيباً له: وفرعون اللعين رئيس مصركم، فبهت القائل، تذكرة ألي النهى 1/222، بنحو هذا الجواب، ورد قصيدة الملا عمران بن علي بن رضوان، في رده عمّن عيّر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، بأنه من دار مسيلمة، قال:

قد عيّروه بأنه قد كان في

وادي حنيفة دار من لم يسعد

قلنا لهم ما ضرّ مصر فإنها

كانت لفرعون الشقي الأطرد

إنّ النماردة الفراعنة ا، لى

كانوا بأرض الله أهل ترددي

ذا قال أنا رب وذا متنبئ

هم في بلاد الله أهل تردد

فبموتهم طابت وطار غبارها

وزهت بتوحيد الإله المفرد

إنّ الأماكن لا تقدس أهلها

إن لم يكونوا قائمين على الهدى

انظر: تذكرة أولي النهى والعرفان، 1/36

(2)

سورة المائدة: الآية (104) .

(3)

الدبران: نجم بين الثريا والجوزاء. لسان العرب، 4/271، مادة (دبر) . البيت للإمام ابن القيم. الكافية الشافية، 2/382.

ص: 292

وقد صنّف بعض علماء المشركين في الرد عليه (1) ، ودفع ما قرره ودعا إليه، واستهوتهم الشياطين، حتى سعوا في آيات الله معاجزين، وقد بدّد الله شملهم "فتمزّقوا أيدي سبا"(2) ، وذهبت أباطيلهم وأراجيفهم، حتى صارت هباءً، نعم بقيت لتلك الشبهة بقية أيدي قومٍ، ليس لهم في الإسلام قدم، ولا بالإيمان درية، يتخافتون بينهم ما تضمنته تلك الكتب من الشبه الشركية، ويتواصون بكتمانها كما تكتم كتب التنجيم، والكتب السحرية، حتى أتي لهم هذا الرجل من أهل العراق (3) ، فألقيت إليه

(1) مثل داود بن جرجيس العراقي؛ حيث ألّف في الرد والتضليل لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاباً سماه: "صلح الإخوان أهل الإيمان، وبيان الدين القيم، في تبرئة ابن تيمية وابن القيم". وهو كتاب مطبوع يوجد نسخة منه في مكتبة الجامعة الإسلامية، المركزية، وقد تقدم ذكر الكتب التي ردت على هذا الكتاب في –ص ولا شك أن من اطلع على عنوانه، قد يظنه من الكتب المناصرة لأئمة الدعوة؛ والحقيقة أنه يبدو على ظاهره الرحمة، بينما في باطنه سم وضلالٌ، فيشمل الكتاب على مقدمة وبابين وخاتمة.

فالمقدمة: في التحذير مت تكفير المسلمين، وأنه يوقع في الكفر، وأنه من شأن الخوارج والرافضة، (وقصده في ذلك، النهي عن المشركين وعباد القبور ونحوهم) .

وجعل الباب الأول: في نقل عبارات ابن تيمية وابن القيم –رحمهما الله-ومن تابعهم، في تبرئتهم-كما يزعم- (من تكفير أو تشريك أحد من المسلمين أو تأثيمه) بفعل شيء من نداء أهل القبور، والاستغاثة بهم والنذر لهم أو لغيرهم، والحلف بغير الله تعالى، وما أشبه ذلك، ويسلك في النقل، مسلك تأويل عباراتهم وتحريفها، وجعل الباب الثاني: في نقل أدلة المجيزين لذلك –من غير ابن تيمية وابن القيم-من جمهور علماء المذاهب الأربع، على أن هذه الأمور ليست بشرك، وسرد الأدلة من الكتاب والسنة، وفعل السلف، مما زعمها مؤيدة لأباطيله، أما الخاتمة: فقد جعلها في مناقشة مع المانعين، وردِّ ما يسمّيه (شبه المانعين لعبادة القبور) .

(2)

تمزّقوا أيدي سبأ: هذا مثل عربي، يضرب لقوم يتمزقون، فيقال: ذهبوا أيدي سبأ، أي متفرقين، تشبيهاً بأهل سبأ، لما مزّقهم الله في الأرض كلَّ ممزق، فأخذ كل طائفة منهم طريقا على حدة واليد هنا: الطريق، والعرب لا تهمز سبأ في هذا الموضع، لأنه كثير في كلامه، فاستثقلوا فيه الهمزة، وإن كان أصله مهمزاً، مجمع الأمثال، للميداني 1/384.تهذيب اللغة لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت370هـ) ، تحقيق أحمد بن عبد العليم البردوني، الدار المصرية، القاهرة مصر، 13/105. لسان العرب 1/94. والجامع لأحكام القرآن، 14/186.

(3)

هو داود بن جرجيس، تقدمت ترجمته ص58.

ص: 293

تلك الكتب، فاستعان بها على إظهار أباطيله وتسطير إلحاده وأساطيره، وزاد على ما في تلك المصنفات، وأباح لغير الله أكثر العبادات، بل زعم أن للأولياء تدبيراً وتصريفاًً مع الله، وأجاز أن يكل الله أمور ملكه وعباده إلى الأولياء والأنبياء، ويفوض إليهم تدبير العالم، وهذا موجود عندنا بنص رسائله (1) ، وشبّه على الجهال الذين أعمى الله بصائرهم، أباع كل ناعق، الذين لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق من الإيمان والفهم، بشبهات ضالة، كقوله: إنّ دعاء الموتى ونحوه لا يسمى دعاءً، إنّما هو نداء (2) ، وإنّ العبادات التي هي لأهل القبور لا تسمّى عبادة ولا شركاً، إلاّ إذا اعتقد التأثير بأربابها من دون الله (3) .

وقوله: من قال لا إله إلا الله، واستقبل القبلة، فهو مسلم، وإن لم يرغب عن ملّة عُبَّد القبور الذين يدعونها مع الله، ويكذب على أهل العلم من الحنابلة، وغيرهم، ويزعم أنّهم قالوا وأجمعوا على استحباب دعاء الرسول بعد موته صلى الله عليه وسلم (4) ويلحد في آيات الله، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصوص أهل العلم، ويعتمد الكذب على الله، وعلى رسوله، وعلى العلماء، يَعرِف ذلك من كلامه من له أدنى نهمة في العلم والتفات إلى ما جاءت به الرسل، ولا يروِّج باطله، إلاّ على قومه لا شعور له بشيءٍ من ذلك، عمدتهم في الدين النظر إلى الصور، وتقليد أهلها.

ومن شبهاته، قوله في بعض الآيات: هذه نزلت فيمن عبد الأصنام (5) ، هذه نزلت

(1) قد جمع كل ذلك في "صلح الإخوان"، المتقدم ذكره في ص 61. وذكرنا هناك ردود العلماء على هذا الكتاب.

(2)

صلح الإخوان، ص49، 119.

(3)

المصدر السابق، ص21، 52.

(4)

صلح الإخوان، ص 18، 43، 47، 54، 123.

(5)

كقوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} [الزمر:44] ، قال هذه الآية واردة في الأصنام من أحجار وأخشاب، يعتقد الكفار أنها أرباب، فهي رد على الكفار، لا على المسلمين الذين يتشفّعون بالأنبياء والصالحين. صلح الإخوان ص136.

ص: 294

في أبي جهل، هذه نزلت في فلان وفلان (1) ، يريد –قاتله الله- تعطيل القرآن عن أن يتناول أمثالهم وأشباههم، ممن يعبد غير الله، ويعدل بريه، ويزعم أن قوله تعالى:{وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (2) ، دليل على استحباب دعاء الصالحين مع الله (3) ، ويظن إن الشرك الذي جاءت الرسل بتحريمه هو الوسيلة إلى الله، ويحتج على ذلك بما يمجُّ سماعه، ويستوحش منه عوام المسلمين بمجرد الفطرة، فسبحان من أضله وأعماه:{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} (4) .

وهذا الرجل يأنس إلى بلدتكم، ويعتاد المجيء إليها، وله مَلَئِها (5) وأكابرها من يعظِّمه ويواليه وينصره، ويأخذ عنه ما تقدم من الشبه أمثالها، ولذلك أسباب؛ منها: البغضاء ومتابعة الهوى، وعد قبول ما منّ الله به من النور والهدى، حيث عرف من جهة العارض.

وتأملوا قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ

(1) انظر المرجع السابق، ص 125، 141، 142، 148.

(2)

سورة المائدة: الآية (35) .

(3)

صلح الإخوان، ص 45.

وهذا بلا شك، مخالف لما فهمه السلف الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن بعدهم، إذ إنه شرك واضح لا ريب فيه، فابتغاء الوسيلة إلى الله تعلى –كما جاء في الآية9 إنّما يكون بالتوسل إليه سبحانه وتعالى بالإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم، ومتابعته ظاهراً وباطناً، في حياته وبعد موته في مشهده ومغيبه، فهذا هو سبيل الله ودينه، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم-يتوسلون إلى الله بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته في حياته، فمن دعا له وشفع له نفعه ذلك، أما بعد موته فلم يكونوا يطلبون منه الدعاء ولا الشفاعة، ولم يكونوا يدعونه كما فعل المشركون بالصالحين، وبقبور الأنبياء –عليهم السلام. انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، تحقيق عبد القدر الأرنؤوط، مكتبة دار البيان، دمشق/ ط/1، 1405هـ-1985م، م5-6.

(4)

سورة يونس: الآية (33) .

(5)

كذا في المطبوع، وفي جميع النسخ:(ملاءها) .

ص: 295

تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} (1) .

وقد أجمع العلماء أن النعمة المقصودة هنا، هي بعث محمد صلى الله عليه وسلم، بالهدى ودين الحق (2) ، اللذين أصلهما وأساسهما عبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الآلهة والأنداد، والكفر بهذه النعمة هو ردها وجحدها، واختيار دعاء الصالحين، والتعلق على الأولياء والمقربين، فرحم الله امرءاً تفكَّر في هذا، وبحث عن كلام المفسرين من أئمة الدين، وعلم انه ملاقٍ ربّه الذي عنده الجنة والنار.

ثم فيما أجرى الله عليكم من العبر والعظات، ما ينبه من كان له قلب، أو فيه أدنى حياة، قال الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} (3) . وجماعتكم أعيا المسلمين داؤهم، وعزَّ عما هم عليه انتقالهم، وما أحسن ما قال أخو بني قريظة (4) لقومه:"أفي كل موطن لا تعقلون"(5) ، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} (6) .

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

(1) سورة إبراهيم: الآية (28-30) .

(2)

قال الطبري –رحمه الله: "وكان تبديلهم نعمة الله كفراً في نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، أنعم الله به على قريش، فأخرجه منهم، وابتعثه فيهم رسولاً، رحمة لهم، ونعمة منه عليهم، فكفروا به، وكّبوه، فبدّلوا نعمة الله عليهم به كفراً". جامع البيان للطبري، 13/219. وانظر الجامع لأحكام القرآن، 9/239؛ وتفسير ابن كثير 2/557. وتفسير القاسمي 10/3729.

(3)

سورة إبراهيم: الآية (5) .

(4)

في (أ) و (ج) و (د) : (قريظة) .

(5)

هو قول لكعب بن أسد، رئيس بني قريظة وكان قومه قد قالوا له –وهو يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالاً، بعد حكم سعد رضي الله عنه فيهم بالقتل-: يا كعب، ما تراه يصنع بنا؟ قال أفي كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، وأنه من ذهب به منكم لا يرجع؟ هو والله القتل!. سيرة ابن هشام، 3/252؛ والبداية والنهاية 4/126.

(6)

سورة الأحزاب: الآية (4) .

ص: 296