الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة العشرون: إلى زيد بن محمد آل سليمان
…
(الرسالة العشرون)
قال جامع الرسائل
وله أيضاً -قدس الله روحه ونور ضريحه- رسالة إلى زيد بن محمد آل سليمان1. وسببها التحذير عما انهمك الناس فيه، وشاع عنهم من الخوض والمراء والاضطراب، والإعراض عن منهج السنة والكتاب، وميل الأكثرين إلى موالاة عباد الأصنام، والفرح بظهور الكفرة الطغام، والانحياز إلى حماهم، وتفضيل من يتولاهم. وكذلك الانتصار للشيخ حمد بن عتيق2-رحمه الله لما اعترض عليه من اعترض، فيما كتبه إلى بعض الإخوان بأن ما كتبه ابن عجلان3ردة صريحة؛ فصرح المعترض بجهله، ونال من عرضه، وتعاظم هذه العبارة، وزعم أنه غلا وتجاوز الحد.
فبين الشيخ رحمه الله ما في كلام ابن عتيق من الخطأ في التعبير، وأن ذلك من الغيرة لله وشدة النكير، فلا ينبغي معارضة من انتصر لله ولكتابه، وذب عن دينه وأغلظ في أمر الشرك والمشركين ولا يلتفت إلى زلاته، والاعتراض على عباراته. فمحبة الله والغيرة لدينه ونصرة كتابه ورسوله مرتبة علية، يغتفر فيها العظيم من الذنوب. وقد أبلج4الشيخ في هذه الرسالة الحق، وأوضحه، وأثلج5به الصدور، فانكشف عنها الغطاء، فما أنصحه، واستبان الصواب لذي
1 تقدمت ترجمته ضمن تلاميذ الشيخ، في ص 93.
2 تقدمت ترجمته ضمن تلاميذ الشيخ، في ص 92.
3 هو محمد بن إبراهيم بن عجلان، تقدمت ترجمته في ص 239.
4 أبلج: أي ظهر. يقال: أبلج الحق، أي ظهر. وهذا أمر أبلج، أي واضح.
لسان العرب 2/ 216، مادة (بلج) .
5 أثلج: أي أشفى. يقال: أثلج صدري خبر وارد: أي شفاني وسكنني. وثلج صدري: انشرح ونقع. لسان العرب 2/ 222- 223. مادة (ثلج) .
الألباب، فما أصرحه. وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المحب المكرم زيد بن محمد آل سليمان، حفظه الله من طوائف الشيطان، وحماه من طوارق المحن والافتتان، جعله من عسكر السنة والقرآن، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، على سوابغ نعمائه، ولطفه عند قدره وقضائه. والخط وصل -وصلك الله ما يرضيه، ووفقك لجهاد من يناويه ويعاديه- وما ذكرت من حال الأخ صالح1، فهو عند الإمام مكين، يحسن الدخول في الأمر والخروج.
وما ذكرت من جهة ما يلقى إليك من الخطوط، فلا بأس بإرسالها إلي. وأما ما كتب في هذه المحنة من الشبه، فقد عرفت أن الفتنة بالمشركين فتنة عظيمة2، وداهية عمياء ذميمة، لا تبقى من الإسلام ولا تذر، لاسيما في هذا الزمان الذي فشا فيه الجهل، وقبض فيه العلم، وتوفرت أسباب الفتن، وغلب الهوى، وانطمست أعلام السنن، وابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً3، وعند ذلك {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} 4. وقد شاع ما الناس فيه من الخوض والمراء والاضطراب والإعراض عن منهج السنة والكتاب، ومال الأكثرون إلى موالاة عباد الأصنام، والفرح بظهورهم والانحياز إلى حماهم، وتفضيل من يتولاهم5،..................
1 لم أعرفه.
2 ولعظمتها أمرنا الله سبحانه وتعالى بقابلتهم حتى تزول الفتنة، فقال تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [لأنفال:39] .
3 هذا اقتباس من قوله تعالى {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} [الأحزاب:11]
4 سورة إبراهيم الآية (27) .
5 تقدم الكلام حول مسألة موالاة الكفار والإقامة بين أظهرهم، مع ذكر أقسام المولاة، في ص210- 216. 225- 226.
و (حبك الشيء يعمي ويصم)1.
وقد صدر من الشيخ محمد بن عجلان2، رسالة ما ظننتها تصدر عن ذي عقل وفهم، فضلاً عن /ذي فقه وعلم/3 وقد نبهت على ما فيها من الخطأ الواضح، والجهل الفاضح، وكتمت عن الناس أول نسخة وردت علينا، حذراً من إفشائها وإشاعتها بين العامة والغوغاء، ولكنها فشت في الخرج والفرع، وجاءت منها نسخت إلى بلدتنا؛ وافتتن بها من غلب عليه الهوى، وضل عن سبيل الرشاد والهدى، والله غلاب على أمره.
وأخبرت من يجالسني أن جميع ما فيها من النقول صحيحة والآثار، حجة على منشيها، تهدم ما بناه مبديها، وأنه وضع النصوص في غير مواضعها، ولم يعط القوس باريها. وبلغني عن الشيخ حمد4 أنه أنكر واشتد نكيره، ورأيت له خطاً أرسله إلى بعض الإخوان، بأن ما كتبه ابن عجلان ردة صريحة؛ وبلغني أن بعضهم دخل من هذا الباب واعترض على ابن عتيق، وصرح بجهله، ونال من عرضه، وتعاظم هذه العبارة، وزعم أنه غلا وتجاوز الحد، فحصل بذلك تنفيس لأهل الجفاء وعباد الهوى.
والرجل وإن صدر منه بعض الخطأ في التعبير في أمر الشرك والمشركين، على من تهاون أو رخص وأباح بعض شعبه، وفتح باب وسائله وذرائعه القريبة، المفضية إلى ظهوره وعلوه، ورفض التوحيد، ونكس أعلامه، ومحو آثاره، وقلع أصوله وفروعه، ومسبة من جاء به
1 الحديث أخرجه أبو داود في سننه 5/346- 347، الأدب، باب في الهوى، من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأحمد في مسنده5/194، 6/650 وغيرهما. وقد ضعفه الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة 4/348- 349، (1868) وفي ضعيف سنن أبي داود ص507 (1097) .
2 تقدمت ترجمته في ص239.
3 في (ب)(ج) و (د) : ذوي الفقه والعلم. وفي المطبوع: ذي الفقه والعلم.
4 هو حمد بن عتيق، وقد تقدمت ترجمته في ص92.
لقولة رآها، وعبارة نقلها وما درآها، من إباحة الاستغاثة بالمشركين1، مع الغفلة والذهول عن صورة الأمر والحقيقة2، وأنه أعظم وأطم من مسألة الاستعانة والانتصار، بل هو تولية وتخلية بينهم وبين أهل الإسلام والتوحيد، وقلع قواعده وأصوله، وسفك دماء أهله، واستباحة حرماتهم وأموالهم.
هذا هو حقيقة الجاري والواقع، وبذلك ظهر في تلك البلاد من الشرك الصريح والكفر البواح مالا يبقى من الإسلام رسماً يرجع إليه، ويعول في النجاة إليه. كيف وقد هدمت قواعد التوحيد والإيمان، وعطلت أحكام السنة والقرآن، وصرح بمسبة السابقين الأولين من أهل بدر وبيعة الرضوان3 وظهر الشرك والكفر والرفض جهراً
1 تقدم البحث في مسألة الاستعانة بالمشركين ص239- 240.
2 يريد ما كتبه محمد بن عجلان، ورد عليه حمد بن عتيق رداً صارماً، وسماه رد صريحة.
ولم أطلع عليه.
3 هذا مع النهي الشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. فقد جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".
صحيح البخاري مع الفتح 7/25 فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لو كنت متخذاً خليلاً". ومسلم في صحيحه 16/326، فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة، سنن أبي داود 5/45، السنة باب النهي عن سب أصحاب رسول الله، سنن الترمذي 5/653، المناقب، باب فيمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال هذا حديث حسن صحيح.
ومعلوم أن سب الصحابة أحد مبادئ المعتقد الشيعي بل من أهمها. فإنهم يكنون للصحابة البغض والكراهية، والسب والشتم بل والتكفير، ويقولون أن الصحابة ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ذلك يقول الكليني (أكبر محدثيهم) :(كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي) .
الشيعة وأهل البيت، لإحسان إلهي ظهير ص450، نقلاً عن كتاب الروضة من الكافي 8/245. فيا سبحان الله ماذا كان مصير أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بمن فيهم علي والحسنان رضي الله عنهم وهذه ملخص مكانة الصحابة في المعتقد الشيعي، عليهم من الله ما يستحقون.
في تلك الأماكن والبلدان.
ومن قصر الواقع على الاستعانة بهم، فما فهم القضية، وما عرف المصيبة والرزية. فيجب حماية عرض من قام لله، وسعى في نصرة دينه الذي شرعه وارتضاه، وترك الالتفات إلى زلاته، والاعتراض على عباراته، فمحبة الله والغيرة لدينه ونصرة كتابه ورسوله، مرتبة علية محبوبة، لله مرضية، يغتفر فيها العظيم من الذنوب، ولا ينظر معها إلى تلك الاعتراضات الواهية، والمناقشات التي تفت في عضد الداعي إلى الله، والمتلمس لرضاه. وهبة كما قيل، فالأمر سهل في جنب تلك الحسنات، "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "1. شعر:
فليضع الركب ما شاءوا لأنفسهم
…
هم أهل بدر فلا يخشون من حرج2
ولما قال المتوكل3 لابن الزيات4، يا ابن الفاعلة، وقذف أمه، قال الإمام أحمد: أرجو أن يغفر له، نظراً إلى حسن قصده في نصرة السنة وقمع البدعة.5
ولما قال عمر لحاطب ما قال، ونسبه إلى النفاق6لم يعنفه النبي صلى الله عليه
1 تقدم تخريجه في ص 179.
* ويريد المصنف-رحمه الله بهذا الحديث هنا، أن يمثل حال هذا الشيخ الذي يدافع عنه، بحال حاطب بن أبي بلتعة، للتشابه الموجود بين المسألتين في أن الحسنات يذهبن السيئات.
2 لم أعرف قائله، ولا مصدره.
3 هو جعفر بن محمد (المعتصم بالله) بن الرشيد هارون بن المهدي، المتوكل على الله، القرشي العباسي البغدادي، الخليفة. ولد سنة (205هـ) و (ت 247هـ) .
تاريخ بغداد 7/ 165، سير الأعلام 12/ 30.
4 هو محمد بن عبد الملك بن أبان بن الزيات، أبو جعفر الوزير الأديب، كان أبوه زياتاً سوقياً، وزر للمعتصم وللواثق، كان معادياً لابن أبي دواد، فأغرى ابن أبي دواد المتوكل حتى عذبه. وكان يقول بخلق القرآن. (ت 233هـ) .
تاريخ بغداد 2/ 342، وفيات الأعيان 4/ 182، سير الأعلام 11/ 172.
5 قال الخليفة بن خياط: استخلف المتوكل، فأظهر السنة، وتكلم بها في مجلسه، وكتب إلى الآفات برفع المحنة، وبسط السنة ونصر أهلها. انظر سير الأعلام 12/ 31.
6 ذلك عندما قال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دعني اضرب عنق هذا المنافق. وقد تقدمت قصة حاطب في ص 179.
وسلم، وإنما أخبره /أن/1 هناك مانعاً. والتساهل في رد الحق، وقمع الداعي إليه، يترتب عليه قلع أصول الدين، وتمكين أعداء الله المشركين من الملة والدين.
ثم أن القول قد يكون ردة وكفراً ويطلق عليه ذلك، وإن كان ثم مانع من إطلاقه على القائل2.
وصريح عبارة الشيخ حمد التي رأينا، ليست في الاستعانة خاصة، بل في تسليم بلاد المسلمين إلى المشركين، وظهور عبادة الأصنام والأوثان3. ومن المعلوم أن من تصور هذا الواقع ورضي به، وصوب فاعله، وذب عنه، وقال بحله، فهو من أبعد الناس عن الإسلام والإيمان، إذا قام الدليل عليه. وأما من أخطأ، في عدم الفرق، ولم يدر الحقيقة، واغتر بمسألة خلافية، فحكمه حكم أمثاله من أهل الخطأ، إذا اتقى الله ما استطاع، ولم يغلب جانب الهوى.
والمقصود أن الاعتراض والمراء من الأسباب في منع الحق والهدى. ومن عرف القواعد الشرعية والمقاصد الدينية، والوسائل الكفرية، عرف ما قلناه. والمعترضون على الشيخ، ليس لهم في الحقيقة أهلية لإقامة الحجج الشرعية، والبراهين المرضية على ما يدعونه من غلطه وخطئه، إنما هي اعتراضات مشوبة بأغراض فاسدة؛ وما أحسن ماقيل:
أقلوا عليه لا أباً لأبيكمو
…
من اللوم أوسدوا المكان الذي سداً4
1 في (د) : إنما.
2 تقدم الكلام حول مسألة تكفير المعين في ص 159.
3 هذا من باب عطف العام على الخاص.
4 البيت للحطيئة. انظر ديوان حطيئة من رواية ابن حبيب عن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني، شرح أبي سعيد السكري، دار صادر بيروت لبنان 1387هـ- 1967م ص 40
وفيه أقلوا عليهم لا أباً لأبيكم
…
من اللوم أوسدوا المكان الذي سدوا
وأكثرهم يرى السكوت عن كشف اللبس في هذه المسألة، التي اغتر بها الجاهلون، وضل فيها الأكثرون. وطريقة الكتاب والسنة وعلماء الأمة تخالف ما استحله هذا الصنف من السكوت والإعراض في هذه الفتنة العظيمة1، وإعمال ألسنتهم في الاعتراض على من غار لله ولكتابه ولدينه. فليكن لك يا أخي طريقة شرعية وسيرة مرضية في رد ما ورد من الشبه، وكشف اللبس، من فتنة العساكر، والنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم2. وهذا لا يحصل مع السكوت وتسليك الحال على أي حال، فاغتنم الفرصة، وأكثر من القول في ذلك،
1 إن السنة صريحة في مثل هذه الأحوال، عند ظهور المنكرات في الأمة. فقد قال صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه،....." الحديث. تقدم تخريجه في ص 241.
فأي منكر يحدث بين الناس يجب على كل فرد إزالته، الكل حسب الإمكان، أما السكوت والإعراض على من يقوم بتغيره، فهذه مخالفة لما عليه تعاليم ديننا الحنيف
2 هذا ما علمه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه لأتباعه، كما رواه تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الدين النصيحة. قلنا لمن قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 397، الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة. وهذا لفظه. وأخرجه البخاري تعليقاً في صحيحه 1/ 166، الإيمان باب قول النبي الدين النصيحة؛ سنن أبي داود 5/ 233- 234، الأدب، باب في النصيحة، سنن الترمذي 4/ 286، البر والصلة، باب ما جاء في النصيحة، سنن النسائي 7/ 157، البيعة، باب النصيحة للإمام.
قال الخطابي رحمه الله:
النصيحة لله سبحانه وتعالى: صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته.
والنصيحة لكتاب الله: الإيمان به والعمل بما فيه.
والنصيحة للأئمة المسلمين: أن يطيعهم في الحق، وأن لا يرى الخروج عليهم بالسيف إذا جاروا.
والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم.
معالم السنن بحاشية سنن أبي داود 5/ 233.
واغتنم أيام حياتك، فعس الله أن يحشرنا وإياك في زمرة عسكر السنة والقرآن، والسابقين الأولين من أهل الصدق والإيمان.
والشبهة التي تمسك بها من قال بجواز الاستعانة، هي ما ذكرها بعض الفقهاء، من جواز الاستعانة بالمشرك عند الضرورة. وهو قول ضعيف مردود، مبني على آثار مرسلة1، تردها النصوص القرآنية، والأحاديث الصحيحة الصريحة النبوية. ثم القول بها- على ضعفه- مشروط بشروط نبه عليها شراح الحديث2، ونقل الشوكاني منها طرفاً في شرح المنتقى، منها: أمن الضرر والمفسدة، وأن لا يكون لهم شوكة وصولة، وأن لا يدخلوا في الرأي والمشورة3.
وأيضاً ففرضها في الانتصار بالمشرك على المشرك. وأما الانتصار بالمشرك على الباغي عند الضرورة، فهو قول فاسد، لا أثر فيه ولا دليل عليه، إلا أن يكون محض القياس4، وبطلانه أظهر شيء في الفرق بين الأصل والفرع، وعدم الاجتماع في مناط الحكم. شعر:
وليس كل خلاف جاء معتبراً
…
إلا خلاف له حظ من النظر5
والمقصود المذاكرة في دين الله، والتواصي بما شرعه من دينه وهداه.
بلغ سلامنا العيال، والشيخ حسين6ومن عز عليك. ومن لدينا العيال والإخوان
1 كمرسل الزهري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في خيبر، في حربه فأسهم لهم) . سنن الترمذي 4/ 108- 109، السير، باب في أهل الذمة يسهم لهم؛ نيل الأوطار 8/ 253.
2 وقد تقدم ذلك في ص 239.
3 نيل الأوطار 7/ 254.
4 يريد: قياس الاستعانة بالمشرك على الباغي، على جواز الاستعانة به على مشرك مثله. ثم يذكر أن هذا القياس واضح البطلان، نظراً للفرق الظاهر بين الحالتين. ففي الأصل استعانة بمشرك على مشرك، وفي الفرع استعانة بمشرك على مسلم باغي.
5 لم أعرف قائله، ولا مصدره.
6 لعله الشيخ حسين قاضي الحريق.
بخير وينهون السلام. وصلى الله على محمد و /على/1 آله وصحبه وسلم/ تسليماً كثيراً2.
تتمة: غلط صاحب الرسالة3 في معرفة الضرورة فظنها عائدة إلى مصلحة ولي الأمر في رئاسته وسلطانه، وليس الأمر كما زعم ظنه، بل هي ضرورة الدين، وحاجته إلى من يعين عليه وتصلح به مصلحته، كما صرح به من قال بالجواز، وقد تقدم ما فيه. والله أعلم.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
1 ساقط في (ب) و (ج) .
2 ساقط في (ب) والمطبوع.
3 يعني ابن عجلان في رسالته