الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة السابعة عشرة: إلى عبد الله بن معيذر
حول كتاب الإحياء للغزالي
…
(الرِّسَالَةُ السَابِعَةُ عَشَرَةِ)
قال جامع الرسائل:
وله أيضاً قدس الله روحه، ونوّر ضريحه، رسالة إلى عبد الله بن معيذر2،وقد كان بلغ الشيخ أنه كان يشتغل بكتاب الإحياء للغزالي3، ويقرأ فيه عند العامة، وكان كتاب الإحياء مشتملاً على ما يمجُّ سماعه من التحريفات الجائرة، والتأويلات الضالة الخاسرة، وإن كان فيه بعض المباحث المستحسنة، لكن فيه من الداء الدفين والفلسفة في أصل الدين، ما تنفر عنه طباع الموحدين، ويخاف منه على ضعفاء البصائر من العامة والجاهلين، /فأجابه رحمه الله تعالى/4 بما نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلاّ على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، المَلِك الحق المبين؛ وأشهد أنّ /محمداً/5 عبده ورسوله، الصادق الأمين، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، صلاة دائمةً مستمرةً، إلى يوم الدين، أما بعد:
1 في (ب) جاءت هذه الرسالة في ص 191-200. وررد هذه الرسالة في الدرر السنية 3/345-353.
2 تقدم ضمن تلاميذ الشيخ ص 95.
3 هم محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي، أبو حامد الغزالي، صاحب التصانيف في الأصول والفقه والحكمة، أدخله سيلان ذهنه في مضايق الكلام ومزال الأقدام، ونقم عليه آراءه الاعتزالية، لكنه عكف بعد ذلك على البخاري ومسلم، ومات على ذلك سنة (505هـ) .
انظر طبقات السبكي 6/191، سير الأعلام 19/322، والنجوم الزاهرة 5/203.
4 ساقط في المطبوع، وسقط كلمة (تعالى) في (د) .
5 في (د) : محمد.
فإنِّي رأيت بعض أهل وقتنا، يشتغل بكتاب الإحياء للغزالي، ويقرأ فيه عند العامة، وهو لا يحسن فهم معانيه، ولا يعرف ما تحت جمله ومبانيه، ليست له أهليّة، في تمييز الخبيث من الطيب، ولا دراية بما تحت ذاك البارق، من ريح عاتية، أو صيب.
فكتبت إليه نصيحة، وأرسلت إليه بعض أصحابه، وأرشدته إلى الدواوين الإسلامية، المشتملة على الأحاديث النبوية، والسير السلفية، والرقائق الوعظية، فلم يقبل، واستمرّ على رأيه، واعجب بنفسه، وأظهر ذلك لبعض من يجالسه، وحط من قدر الناهي له.
فكتبت إليه كتاباً، فلم يصغ، ولم يلتفت، وزعم أنه على بصيرة؛ وأبدى من هـ، جهله الأعاجيب الكثيرة؛ فأحببت أن أذكر للطلبة، والمستفيدين، بعض ما قاله أئمة الإسلام /والدين/1، في هذا الكتاب، المسمى بالإحياء ليكون الطالب، على بصيرة من أمره؛ ولئلاّ يلتبس عليه ما تحت عباراته، من زخرف القول.
وصورة ما كتبت أولاً: من2 عبد اللطيف، بن عبد الرحمن، إلى الأخ عبد الله3؛ سلام عليكم ورحمة الله، وبركاته؛ وبعد:
فقد بلغني عنك، ما يشغل كل من له حمية إسلامية، وغيرة دينيّة، على الملّة الحنيفية، وذلك أنك اشتغلت بالقراءة في كتاب الإحياء للغزالي؛ وجمعت عليه من لديك من الضعفاء، والعامة، الذين لا تمييز لهم بين مسائل الهداية والسعادة، ووسائل الكفر والشقاوة؛ وأسمعتهم ما في الإحياء، من التحريفات الجائرة، والتأويلات الضالة الخاسرة، والشقائق التي اشتملت على الداء الدفين، والفلسفة في أصل الدين.
وقد أمر الله تعالى، وأوجب على عباده أن يتبعوا رسله، وأن يلتزموا سبيل المؤمنين؛
1 في (أ) : والذين.
2 هذه الرسالة نقلها من هنا، العلامة أبي المعالي محمود شكري الألوسي (ت1342هـ) في كتابه: غاية الأماني في الرد على النبهاني 2/369-373.
3 هو عبد الله بن معيذر، وقد تقدم ضمن تلاميذ الشيخ ص 95.
وحرم اتخاذ الولائج، من دون الله ورسوله، ومن دون المؤمنين1؛ وهذا الأصل المحكم، لا قِوَام للإسلام إلا به؛ وقد سلك في الإحياء طريق الفلاسفة، والمتكلمين، في كثير من مباحث الإلهيات، وأصول الدين، وكسا الفلسفة لحاء الشريعة، حتى ظنّها الأغمار، والجهال، بالحقائق، من دين الله، الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، ودخل به الناس في الإسلام؛ وهي في الحقيقة محض فلسفة منتنة، يعرفها أولوا الأبصار، ويمجها من سلك سبيل أهل العلم كآفة، في القرى والأمصار.
وقد حذر أهل العلم، والبصيرة عن النظر فيها، ومطالعة خافيها، وباديها؛ بل أفتى بتحريقها علماء المغرب2، ممن عُرِف بالسنة، وسمّاها كثيرٌ منهم إماتة علوم الدين3 وقام ابن عقيل4 أعظم قيام في الذم والتشنيع؛ وزيَّف ما فيه من التمويه والترقيع، وجزم بأنّ كثيراً من مباحثه زندقة خالصة، لا يقبل لصاحبها صرف ولا عدل5.
1 قال تعالى في تحريم الولائج من المشركين: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة:16] قال ابن كثير –رحمه الله: (يقول تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ} أيها المؤمنين أن نترككم مهملين لا نختبركم بأمور يظهر فيها أهل العزم الصادق من الكاذب. {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} أي بطانة ودخيلة، بل هم في الظاهر والباطن على النصح لله) تفسير ابن كثير 2/353.
(السبعينية) مطبوع تحت اسم (بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية وأهل الإلحاد القائلين بالحلول والاتحاد) لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق موسى سليمان الدويش، مكتبة العلوم والحكم، ط/1، 1408هـ، 1988م ص280. ومطبوع أيضاً ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر سير الأعلام 19/327.
3 وممن سماه بذلك: محمد بن الوليد الطرطوشي، انظر سير الأعلام 19/495.
4 هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن أحمد البغدادي الظفري المقرئ، أبو الوفاء، شيخ الحنابلة، صاحب التصانيف منها كتاب:"الفنون"، الذي يزيد على أربعمائة مجلد، كان كثير العلوم خارق الذكاء، ولد علم 431 و (ت513هـ) . لسان الميزان 4/243؛ الأعلام للزركلي 5/129؛ ذيل طبقات الحنابلة 1/142؛ سير الأعلام 19/443؛ النجوم الزاهرة 5/219؛ وشذرات الذهب 4/35.
5 لم أجد مصدر كلام ابن عقيل هذا.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ولكن أبو حامد، دخل في أشياء من الفلسفة، وهي عند ابن عقيل زندقة؛ وقد ردّ عليه بعض ما دخل فيه من تأويلات الفلاسفة) .
وردّ عليه شيخ الإسلام في السبعينيّة 1، وذكر قوله، في العقول والنفوس، وأنه مذهب الفلاسفة، فأفاد وأجاد؛ وردّ عليه غيره من علماء الدين2، وقال فيه تلميذه ابن العربي المالكي3: شيخنا أبو حامد دخل في جوف الفلسفة، ثم أراد الخروج فلم يحسن.4 وكلام أهل العلم معروف في هذا، لا يشكل إلاّ على من هو مزجى البضاعة، أجنبي من تلك الصناعة.
ومشائخنا تغمدهم الله برحمته مضوا على هذا السبيل والسنن، وقطعوا الوسائل إلى الزندقة والفلسفة والفتن، وأدَّبوا على ما هو دون ذلك، وأرشدوا الطالب إلى أوضح المناهج والمسالك، وشكرهم على ذلك كل صاحب سُنَّة، وممارسة للعلم النبوي.
1 السبعينية (بغية المرتاد) انظر رد شيخ الإسلام على قول الغزالي في العقول من صفحة 185 فما بعدها. ردَّ فيه على كلامه في كتبه: "معيار العلم" و"التفرقة بين الإيمان والزندقة" و"مشكاة الأنوار" و"جواهر القرآن.
2 وممن ردّ عليه من العلماء: أبو عبد الله محمد بن علي المازري (ت536هـ) ومحمد بن الوليد الطرطوشي (520هـ) ، والإمام ابن الجوزي (597هـ) ، في تلبيس إبليس، وأغلب نقده على إيراد الغزالي للأحاديث الضعيفة، ومحمد بن خلفبن موسى الأرس، من أهل البيره بالأندلس (ت537هـ)، في: النكت والأمالي في الرد على الغزالي، ومحمد بن محمد بن عبد الستار العمادي الكردي، في: الرد على الغزالي والجويني؛ كُتِبَ سنة 884هـ، وعماد الدين مسعود بن شيبة بن الحسين السندي الحنفي، في: الرد على الغزالي والتصوف، انظر كتاب: الإمام الغزالي وعلاقة اليقين بالعقل، د. محمد إبراهيم الفيومي، ط/1، 1976م، مكتبة أنجلو المصرية، الملحق: من خصوم الغزالي.
3 هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، أبو بكر بن العربي الأندلسي المالكي، صاحب التصانيف تفقه بأبي حامد الغزالي وغيره، من كتبه: عارضة الأحوذي لشرح صحيح الترمذي، والمحصول والإنصاف في الفقه وغيرها. (ت543هـ) .
سير الأعلام 20/197، النجوم الزاهرة 5/302، وشذرات الذهب 4/141.
4 لم أجد محل ذكره لهذا الكلام.
وأنت قد خالفت سبيلهم، وخرجت عن منهاجهم، وضللت المحجّة؛ وخالفت مقتضى البرهان والحجة، واستغنيت برأيك، وانفردت بنفسك، عن المتوسمين بطلب العلم، المنتسبين إلى السنة؛ ما أقبح الحور بعد الكور، وما أوحش زوال النعم، وحلول النقم!
إذا سمعت بعض عباراته المزخرفة، قلت: كيف ينهانا عن هذا فلانٌ، أو يأمر بالإعراض عن هذا الشأن؟ كأنك سقطت على الدرّة المفقودة، والضالة المنشودة، وقد يكون ما أطربك، وهزّ أعطافك، وحرّكك فلسفة منتنة، وزندقة مبهمة، أُخرجت في قالب الأحاديث النبوية، والعبارات السلفيّة، فرحم الله عبداً عرف نفسه، ولم يغتر بجاهه، وأناب إلى الله، وخاف الطرد عن بابه، والإبعاد عن جنابه.
وينبغي للإمام -أيده الله- أن ينزع هذا الكتاب، من أيديكم؛ ويلزمكم بكتب السنة، من الأمهات الست، وغيرها، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} 1 انتهى2.
ثم جمعت أقوال أهل العلم، وما أفتوا به في هذا الكتاب، وتحذيرهم للطالب، والمسترشد. فمن ذلك: قول الذهبي3 في ترجمته للغزالي: (وأخذ في تأليف الأصول، والفقه، والكلام، والحكمة، وأدخل سيلان ذهنه، في مضايق الكلام، ومزال الأقدام؛ ولله سرٌّ في خلقه. وساق الكلام إلى أن قال: ذكر هذا عبد الغافر4، إلى أن قال: ثمّ حكي أنّه أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون الدقيقة، والتقى بأربابها، حتى تفتحت له أبوابها، وبقي مدّة، وفتح عليه بابٌ من الخوف، بحيث شغله
1 سورة الأحزاب الآية (4) .
2 هنا انتهت رسالة الشيخ الأولى التي أرسلها إلى عبد الله بن معيذر.
3 هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قيماز، شمس الدين، أبو عبد الله التركماني، الذهبي، محدث عصره، صاحب التصانيف، منها: تذكرة الحفاظ، وسير الأعلام، والتاريخ الكبير، وغيره، (ت748هـ) .
طبقات السبكي 9/100-123، البدر الطالع 2/110-112، والدرر الكامنة 3/426.
4 هو عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد، أبو الحسن الفارسي ثم النيسابوري، مصنف كتاب مجمع الغرائب، والمفهم لشرح مسلم، (ت529هـ) .
وفيات الأعيان 3/225، سير الأعلام 20/16.
عن كل شيء. إلى أن قال: ومما كان يعترض به عليه، وقوع خلل من جهة النحو، في أثناء كلامه، ورُوجِع فيه، فأنصف واعترف بأنه ما مارسه.
ومما نقم عليه، ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في "كيمياء السعادة والعلوم"، وشرح بعض الصور والمسائل، بحيث لا يوافق مراسم الشرع، وظواهر ما عليه قواعد الملة؛ وكان الأولى به والحق أحق ما يقال ترك ذلك التصنيف، والإعراض عن الشرح له؛ فإنّ العوام ربما لا يحكمون أصول القواعد بالبراهين والحجج، فإذا سمعوا شيئاً من ذلك، تخيّلوا منه ما هو أضرّ بعقائدهم، وينسبون ذلك إلى بيان مذهب الأوائل) 1.
قال الذهبي: (ما /نقمه/2 عبد الغافر، على أبي حامد في الكيمياء، فله أمثاله في غضون تواليفه، حتى قال أبو بكر بن العربي شيخنا أبو حامد، بلع /الفلاسفة/3، وأراد أن يتقيّأهم فما استطاع) انتهى4.
ومن معجم أبي علي الصدفي5، /في/6 /تأليف/7 القاضي عياض8 له، قال:
1 سير الأعلام 19/325-326، نقل كلامه مختصراً.
2 في جميع النسخ: نقله، وهو خطأ، وما أثبتُّه هو الموجود في أصل النص عند الذهبي في السير.
3 في (أ) : الفلسفة، وهو خطأ.
4 سير الأعلام 19/327.
5 هو الحسين بن محمد بن فيره بن حيّون بن سكّرة، القاضي أبو علي الصدفي الأندلسي السرقسطي، برع في الحديث متناً وإسناداً. (ت514هـ) .
سير الأعلام 19/376، شذرات الذهب 4/43.
(في) زائدة في المطبوع.
7 هكذا في جميع النسخ (تأليف) ، ولعلّ صوابه (تعريف) .
8 هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرو، القاضي أبو الفضل، شيخ الإسلام اليحصبي، الأندلسي ثم البستي المالكي صاحب التصانيف، منها: الشفا في شرف المصطفى، وترتيب المدارك، والعقيدة، وغيرها (ت504هـ) .
تذكرة الحفاظ 4/1304-1307، النجوم الزاهرة 5/285، شذرات الذهب 4/138.
الشيخ أبو حامد، ذو الأنباء الشنيعة، والتصانيف العظيمة، غلا في طريق التصوّف، وتجرّد لنصر مذهبهم، وصار داهية في ذلك، وألّف فيه تواليفه المشهورة1، أخذ عليه فيها مواضع، وساءت به ظنون أمة، والله أعلم بسرِّه، ونُفِّذَ أمر السلطان عندنا بالمغرب، وفتوى الفقهاء بإحراقها، والبعد عنها، فامتثل ذلك.2 انتهى.
ونقل أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزي3، المتهم بالتشيّع، في كتابه:"رياض الأفهام" قال: "ذكر أبو حامد في كتابه: "سرُّ العالمين، وكشف ما في الدارين"، وقال في حديث: "من كنت مولاه فعلي مولاه" 4 أن عمر قال لعلي: "بخ بخ، أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة"5؛ قال أبو حامد: وهذا تسليم ورضا. ثم بعد هذا غلب عليه الهوى، حبّاً للرئاسة، /وعقداً لبنود، أمر الخلافة/6، ونهيها فحملهم على الخلاف {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} 7،8 وسرد
1 ومن ذلك: رسالة الأقطاب، وإحياء علوم الدين، ومشكاة الأنوار وغيرها.
انظر مؤلفاته في: طبقات السبكي الكبرى 6/224-227.
2 انظر: سير الأعلام 19/327، نقلاً عن معجم أبي علي الصدفي.
3 هو يوسف بن قزغلي بن عبد الله، أبو المظفر التركي الحنفي، سبط الإمام أبي الفرج ابن الجوزي، سمع من جده وغيره، صنف تاريخ مرآة الزمان وغيره (ت654هـ) .
انظر: سير الأعلام 23/296-297، النجوم الزاهرة 7/39، شذرات الذهب 5/266.
4 سنن الترمذي 5/591، المناقب، باب مناقب علي بن ابي طالب، قال الترمذي:(هذا حديث حسن صحيح) سنن ابن ماجة 1/24-25، المقدمة، باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسند الإمام أحمد 1/152، 4/281؛ المستدرك للحاكم 3/110، وقال:(صحيح على شرط مسلم) ، ووافقه الذهبي والحديث صححه الألباني، وقال بعد ذكره لرواية الترمذي والحاكم:(إسناده صحيح على شرط الشيخين) . سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني 4/331-332، 336.
*وهذا الحديث من أقوى ما يستشهد به الشيعة الإمامية على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه.
5 أثر عمر هذا لم أجد مصدره.
6 كذا في الأصل (أ) . وفي بقية النسخ وسير الأعلام: (وعَقْدِ البنود، وأمرِ الخلافةِ) .
7 سورة آل عمران الآية (187) .
8 إلى هنا نقل الكلام من كتاب "سرّ العالمين" للغزالي. ولم أطلع عليه.
كثيراً من هذا الكلام /الفسل/1 الذي تزعُمُه الإمامية"2.
قال الذهبي: (وما أدري ما عذره في هذا؟ /والظاهر/3 /أنه/4 رجع عنه، وتبع الحق)5.
قلت6: هذا إن لم يكن هذا [من] 7 وضع هذا، وما ذاك ببعيد، ففي هذا التأليف بلاياً، لا /تستطاب/8.
قلت9: ما ذكره الذهبي ممكن10، والغرض أنّ ما ينسب إلى هذا الرجل، لا يُغترُّ به، ويجب هجره، واطرحاه، لما في كتبه من الدَّاء العضال، والعثرات التي لا تُقَال.
قال الذهبي: (قد ألّف الرجل، في ذمّ الفلاسفة كتاب "التهافت" وكشف عوراتهم، ووافقهم في مواضع، ظناً منه أن ذلك حقّ، أو موافق للملّة، ولم يكن له علم بالآثار، ولا خبرة بالسنن النبوية، القاضية على العقل، وحُبِّب إليه إدمان النظر في
1 كذا في سير الأعلام والمطبوع، وفي بقية النسخ (الفشل) ، والأول (الفسل) بالسين هو الصواب، ومعناه: الرَّذْل النَّذْل الرَّديئ الذي لا مروءة فيه. لسان العرب 11/519 مادة (فسل) .
2 انظر سير الأعلام 19/328. نقلاً عن "رياض الأفهام"، لأبي المظفر يوسف سبط ابن الجوزي.
3 في جميع النسخ: (الظاهر) بإسقاط الواو، وهو موجود في النص، في سير الأعلام.
4 في (د) : إن هو.
5 سير الأعلام 19/328.
6 الكلام هنا مستمر للذهبي، وضعه المصنف تصرفاً منه، إذ لا وجود له في نص الذهبي في السير.
7 لفظ (من) لا وجود له في سير الأعلام.
8 كذا في المطبوع، وفي (أ) و (ج) و (د) :(تستطب) وفي (ب) : (تستطيب) ، وفي سير الأعلام (تتطيب) .
9 الكلام هنا للشيخ عبد اللطيف رحمه الله.
10 أي ما ذكره في رجوع الغزالي عما عليه من فساد في العقيدة، ويرجى له ذلك، ويأتي التعليق عليه قريباً.
كتاب "رسائل إخوان الصفا"1 وهو داء عضالٌ، وجربٌ /مردٍ/2، وسمٌّ /قتَّال/3، ولولا أنّ أبا حامد من [كبار] 4 الأذكياء، وخيار المخلصين، لتلف.
1 إخوان الصفا: جماعة من الشيعة الباطنية عامة، ومن الإسماعيلية خاصة، أحاطت نفسها بسياج متين من الكتمان حتى عام 334هـ، لهم رسائل محتوية على مبادئهم، لم يذكروا فيها ما ينمُّ على أسمائهم أو أعمالهم. [إخوان الصفا، لعمر الدسوقي، دار نهضة مصر، القاهرة، ط/3، ص5] .
قال القفطي: (وكانت هذه العصابة قد تألفت بالعشرة، وتصافحت بالصداقة، واجتمعت على القدس والطهارة والنصيحة، فوضعوا بينهم مذهباً، زعموا أنهم قرَّبوا الطريق إلى الفوز برضوان الله، وهذ المذهب هو مزج الفلسفة بالدين.
[تاريخ الحكماء، من كتاب أخبار العلماء بأخبار الحكماء، لجمال الدين علي بن يوسف القفطي، مكتبة المثنى، بغداد ص 83-84] .
أما موضوع هذه الرسائل:
فهي موسوعة ضمّت بين دفّتيها مبادئ العلوم التي كانت معروفة في البلاد العربية حتى القرن الرابع الهجري، وقد نقل من بداية رسائلهم قولهم: (هذه فهرست رسائل إخوان الصفا
…
وهي إحدى وخمسون رسالة، في فنون العلم، وغرائب الحكم، وطرائف الآداب، وحقائق المعاني عن كلام خلصاء الصوفية -صان الله قدرهم، وحرسهم حيث كانوا في البلاد- وهي مقسومة على أربع أقسام، فمنها رياضة تعليمية، ومنها جسمانية طبيعية، ومنها نفسانية عقلية، ومنها ناموسية إلهية) . [رسائل إخوان الصفا وخلاصة الوفاء، تصحيح خير الدين الزركلي، المكتبة التجارية الكبرى بمصر، المطبعة العربية بمصر، 1347هـ- 1928م، ص1، ونقلها عمر الدسوقي في كتابه "إخوان الصفا" ص152-153 عن رسائلهم 4/98-101] .
والخلاصة:
إنّ رسائلهم قائمة على فلسفة، خلطوها بكثير من الخرافات والأساطير؛ وحاولوا مزج الدين بالفلسفة، واستشهدوا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، على نظريات أفلاطون، وأرسطو وفيثاغورس وغيرهم، إخوان الصفا ص155. فهؤلاء كانوا أصحاب فلسفة باطنية إسماعيلية.
2 في جميع النسخ: مردي، عدا المطبوع.
3 كذا في أصل نص عند الذهبي في سير الأعلام، وفي جميع النسخ (قاتل) .
4 ما بين المعقوفتين ساقط في جميع النسخ، وهو موجود في أصل النص في السير.