المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرسالة الثامنة عشرة: إلى صالح بن عثمان بن عقيل - عيون الرسائل والأجوبة على المسائل - جـ ١

[عبد اللطيف آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول: الدراسة

- ‌الباب الأول: عصر المؤلف وحياته

- ‌الفصل الأول: عصر المؤلف

- ‌المبحث الثالث: الحالة الدينية

- ‌المبحث الأول: الحالة السياسية

- ‌المبحث الثاني الحالة الاجتماعية

- ‌الفصل الثاني: حياة المؤلف

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه

- ‌المبحث الثاني ولادته وأسرته

- ‌المبحث الثالث صفاته الذاتية والفكرية

- ‌المبحث الرابع نشأته العلمية ورحلاته

- ‌المبحث الخامس شيوخه

- ‌المبحث الساس: تلاميذه

- ‌المبحث السابع ثقافته وإنتاجه العلمي

- ‌المبحث الثامن عقيدته

- ‌المبحث التاسع أعماله ووظائفه

- ‌المبحث العاشر حياته السياسية

- ‌المبحث الحادي عشر وفاته والمرثيات التي قيلت فيه

- ‌المبحث الثاني عشر: ثناء علمائه عليه

- ‌الباب الثاني: دراسة الكتاب

- ‌الفصل الأول: التعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأول: عنوان المخطوط

- ‌المبحث الثاني ترجمة جامع الرسائل

- ‌المبحث الثالث توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف

- ‌المبحث الرابع موضوع الكتاب

- ‌المبحث الخامس وصف النسخة الخطية والمطبوعة

- ‌الفصل الثاني: دراسات تقويمية للكتاب

- ‌المبحث الأول: منهج المؤلف في الكتاب

- ‌المبحث الثاني مصادره

- ‌المبحث الثالث قيمة الكتاب

- ‌القسم الثاني: تحقيق النص

- ‌مقدمة جامع الكتاب

- ‌الرسائل الخاصة بعقيدة التوحيد والاتباع وما ينافيها من الشرك والابتداع

- ‌الرسالة الأولى: إلى عبد العزيز الخطيب

- ‌مدخل

- ‌فصل في معنى الظلم والمعصية والفسوق والفجور

- ‌الأصل الأول: أن السنة والأحاديث النبوية هي المبينة للأحكام القرآنية

- ‌الأصل الثاني: أن الإيمان أصل، له شعب متعددة

- ‌الأصل الثالث: حقيقة الأيمان

- ‌الأصل الرابع: أنواع الكفر

- ‌الأصل الخامس: لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن يسمى مؤمنا

- ‌مسألة في من يعمل سنة ختمة في ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم هل ذلك مسنون أو لا

- ‌مسألة: في النوم في المسجد

- ‌الرسالة الثانية: إلى إبراهيم بن عبد الملك

- ‌تقديم جامع الرسائل

- ‌المسألة الأولى: الإنكار على من كفر أناسا شمتوا بانتصار أعداء المسلمين عليهم

- ‌المسألة الثانية: في حظر الإقامة حيث يهان الإسلم ويعظم الكفر

- ‌المسألة الثالثة: حكم تصرف الوالد في مال ولده الصغير

- ‌المسألة الرابعة: حكم تملك الوالد جميع مال ولده

- ‌المسألة الخامسة: إذا كان لرجل على آخر دين مثل الصقيب يكون له الدين الكثير يصطلحان بينهما

- ‌الرسالة الثالثة: إلى إبراهيم بن عبد الملك

- ‌الرسالة الرابعة: إلى محمد بن علي آل موسى

- ‌الرسالة الخامسة: إلى حسن بن عبد الله

- ‌الرسالة السادسة: إلى حمد بن عبد العزيز

- ‌الرسالة السابعة: إلى أهل الفرع

- ‌الرسالة الثامنة: نصيحة إلى كافة المسلمين

- ‌الرسالة التاسعة: إلى محمد بن عجلان

- ‌الرساة العاشرة: إلى عبد الله بن عبد العزيز الدوسري

- ‌التوصية بلزوم الكتاب والسنة

- ‌الرسالة الحادية عشرة: إلى أهل عنيزة

- ‌فتنة القبور والتوسل بالموتى

- ‌الرسالة الثانية عشرة: إلى علي بن أحمد بن سلمان

- ‌قول العلماء في الجهمية والرد عليهم

- ‌تفضيل القبورين للقبور على الكعبة

- ‌الرسالة الثالثة عشرة: إلى زيد بن محمد

- ‌المسألة الأولى: عن قول الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ

- ‌ المسألة الرابعة: عن قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور: " إلى من تكلني إليه، إلى بعيد يتجهمني

- ‌المسألة السادسة: عن قوله تعالى: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا

- ‌الرسالة الرابعة عشرة: محمد بن عون

- ‌الرسالة الخامسة عشرة: إلى صالح محمد الشثري

- ‌الرسالة السادسة عشر: إلى محمد بن راشد الجابري

- ‌الرسالة السابعة عشرة: إلى عبد الله بن معيذر

- ‌حول كتاب الإحياء للغزالي

- ‌[فصل] في بيان أشياء مهمة، أنكرت على أبي حامد:

- ‌الرسالة الثامنة عشرة: إلى صالح بن عثمان بن عقيل

- ‌الرسالة التاسعة عشرة: إلى الإمام فيصل

- ‌الرسالة العشرون: إلى زيد بن محمد آل سليمان

- ‌الرسالة الحادية والعشرون: إلى زيد بن محمد آل سليمان

- ‌الرسالة الثانية والعشرون: إلى محمد بن علي آل موسى، وإبراهيم بن راشد، وإبراهيم بن مرشد

- ‌الرسالة الثالثة والعشرون: إلى الإخوان محمد بن علي وإبراهيم بن راشد

- ‌الرسالة الرابعة والعشرون: إلى حمد بن على وإبراهيم بن مرشد

- ‌الرسالة الخامسة والعشرون: إلى أبراهيم بن راشد وإبراهيم بن مرشد

- ‌الرسالة السادسة والعشرون: إلى الشيخ حمد بن عتيق

- ‌الرسالة السابعة والعشرون: إلى من وصل من المسلمين

- ‌الرسالة الثامنة والعشرون: إلى عبد الله بن نصير

الفصل: ‌الرسالة الثامنة عشرة: إلى صالح بن عثمان بن عقيل

‌الرسالة الثامنة عشرة: إلى صالح بن عثمان بن عقيل

(الرِّسَالَةُ الثَامِنَةُ عَشَرَةِ)

قال جامع الرسائل:

وله أيضاً –قدس الله روحه ونوّر ضريحه- رسالة إلى صالح بن عثمان ابن عقيل1، [سأله2 عن السّمْتِ والهدي والاقتصاد، وعن التؤدة، وعن الرؤيا التي ذُكرت في الأحاديث ما معناها، وهل هذه الخصال جزء من أربع وعشرين جزء من النبوّة فأجابه –رحمه الله وعفا عنه-] 3 /بما نصه/4:5

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المكرم صالح بن عثمان بن عقيل –سلّمه الله تعالى- وتولاّنا وإيّاه في الدنيا والآخرة، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، على ما أنعم به من سوابغ نعمه، وألبس من ملابس فضله وكرمه، جعلنا الله وإيّاكم ممن عرف نعمة الله عليه، فاستعان بها فيما يقرِّبه إليه.

والوصية الجامعة العظمى، ما أوصى الله به سبحانه من التقوى، وتفاصيلها على القلوب والجوارح بحسب الأحوال والأوقات، لا يخفى على من له /به/6 اهتمام، وله إليه التفات، والأحاديث التي سألت عن معناها7، قد تكلم عليها

1 لم أطلع على ترجمته.

2 هنا زيادة كلمة (فيها) وهي غير صالحة هنا، لأنه بذلك يقتضي كون الرسالة من الشيخ وليس كذلك.

3 ما بين المعكوفين زيادة في (ب) .

4 في (أ) و (ج) والمطبوع: وهذا نصها.

5 هذه المقدمة كلها ساقطة في (د) .

6 ساقط في (د) .

7 الظاهر أنّ من بين الأحاديث التي سأل عن معناها:

ص: 421

بعض العلماء بما حاصله: أنَّ السَّمْت1 والهدي، في حالة الرجل ومذهبه وخلقه، وأصل السمت في اللغة: الطريق المنقاد2، ثم نقل لحالة الرجل وطريقته في المذهب والخلق.

والاقتصاد: سلوك القصد في الأمر، والدخول فيه برفق، وعلى سبيل يمكن الدوام عليه3، وأمّا التؤدة: فهي التأنِّي والتمهُّل، وترك العجلة وسبق الفكر والرؤية للتلبس في الأمور.

وأما كون هذه الخصال /جزءاً/4 من أربع وعشرين /جزءاً/5 من النبوة، فقد قيل: إنّ هذه الخلال من شمائل الأنبياء عليهم السلام، ومن الخصال المعدودة من

= (أ) حديث حذيفة: عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سألنا حذيفة عن رجل قريب السَّمت والهدي من النبي صلى الله عليه وسلم حتى نأخذ عنه، فقال: ما أعرف أحداً أقرب سمتاً وهدياً من النبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عَبد. يعني ابن مسعود. صحيح البخاري مع الفتح 7/128، فضائل الصحابة، باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال ابن حجر –رحمه الله في معنى الحديث:(سمتاً) أي خشوعاً، (وهدياً) أي طريقة، (ودلالة) أي سيرة وحالة وهيئة. فتح الباري 7/128.

(ب) عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد، جزء من خمس وعشرين جزءاً من النبوة) . سنن أبي داود 5/136، الأدب باب في الوقار؛ سنن الترمذي 4/321-322، البر والصلة، باب ما جاء في التأني والعجلة، وقال الترمذي:(حديث حسن غريب) وفي إسناده: قابوس بن أبي ظبيان، لا يحتج بحديثه. انظر التعليق بهامش سنن أبي داود 5/137.

1 السَّمت: حسن النحو في مذهب الدين، يقال: إنه لحسن السمت، أي: حسن القصد والمذهب في دينه ودنياه. لسان العرب 2/46، مادة (سمت) .

2 المرجع السابق، نفس الصفحة.

3 هذه المعاني يذكرها المصنف هنا، هي ما فسّر بها الخطابي لحديث ابن عباس المتقدم ذكره آنفاً. انظر معالم السنن المطبوع مع سنن أبي داود 5/136.

4 في (ج) و (د) : جزء.

5 في (ج) و (د) : جزء.

ص: 422

خصالهم، /وأنها/1 جزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بهم فيها، وتابعوهم عليها قالوا: وليس معنى الحديث أن النبوّة تتجزّأ، ولا أنَّ من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوّة؛ فإنَّ النبوة غير مكتسبة، ولا مجتلبة بالأسباب2، وإنما هي كرامة من الله تعالى، وخصوصيّة لمن أراد الله إكرامه من عباده، {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} 3، فقد انقطعت النبوّة بمحمد صلى الله عليه وسلم.4

وفيه وجه آخر وهو: أن يكون معنى النبوة ها هنا، ما جاءت به النبوّة، ودعت إليه

1 ساقط في (د) .

2 كما يقوله الباطنية والفلاسفة. انظر: الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام، ليحيى بن حمزة العلوي (745هـ)، تحقيق: فيصل بدير عون، نشر منشأ المعارف بالإسكندرية، مصر ص20-21؛ الحركات الباطنية في العالم الإسلامي، عقائدها وحكم الإسلام فيها، د. محمد أحمد الخطيب، مكتبة الأقصى، الأردن ط/2، 1406هـ- 1986م، ص96.

3 سورة الأنعام الآية (124) .

4 معالم السنن بحاشية سنن أبي داود 5/136-137.

*هذا ما يعتقده أهل السنة والجماعة، ويدل عليه قوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: 40] . وقد خالف هذا المعتقد السليم، فرقة القاديانية (الأحمدية) التي تدّعي لنفسها نبياً بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؛ وهو "غلام أحمد القادياني" المولود في قرية قاديان، من إحدى قرى البنجاب في باكستان، عام 1839م، وقد توفي هذا المتنبي سنة 1908م، [القاديانية دراسات وتحليل، للأستاذ إحسان إلهي ظهير، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ط/1، 1387هـ- 1967م، ص268-22؛ وما هي القاديانية، لأبي الأعلى المودودي، طبعة عام 1389هـ- 1969م، ص9،19،175] .

ولا شك أنّ خروج مثل هذا النبي إن هو إلا تصديقاً لقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، الذي لا ينطق عن الهوى؛ إذ أنه صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأنه سيكون كذّابون يدَّعون النبوة بعده، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى يبعث دجَّالون كذّابون قريب من ثلاثين، كلُّهم يزعم أنه رسول الله". صحيح البخاري مع الفتح 13/88، الفتن، باب (25) حدّثنا مسدّد؛ صحيح مسلم بشرح النووي 18/260، الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر رجل فيتمنّى أن يكون مكان الميت من البلاء، (84) . فغلام أحمد القادياني أحد ألئك الكذّابين الثلاثين.

ص: 423

الأنبياء عليهم السلام؛ يعني أن هذه الخلال من خمسة وعشرين جزءاً مما جاءت به النبوّات، ودعت إليه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وقد أُمرنا بإتباعهم في قوله عز وجل:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 1.

قالوا: وقد يحتمل وجهاً آخر وهو: أن من اجتمعت له هذه الخصال، لقيه الناس بالتعظيم والتوقير، وألبسه الله لباس التقوى، الذي يلبسه أنبياءه، فكأنّها جزءٌ من النبوّة2.

قلت: وما قبل هذا أليق بمعنى الحديث.

وأما حديث الرُّؤيا3، فقيل4، معناه: تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده، وهو جزء من أجزاء النبوّة في الأنبياء صلوات الله عليهم دون غيرهم، لأنَّ رؤيا الأنبياء وحيٌ. قال عمرو بن دينار5 عن عبيد بن عمير6:(رؤيا الأنبياء عليهم السلام وحيٌ، وقرأ قوله عز وجل: {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} 7) .8

1 سورة الأنعام الآية (90) .

2 إلى هنا انتهى كلام الخطابي الذي حكاه المصنف ابتداءاّ من أول جوابه: (والأحاديث التي سألت عن معناها قد تكلم عليها بعض العلماء

) ص422. انظر: معالم السنن بحاشية أبي داود 5/136-137.

3 هو حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة". وفي رواية أبي سعيد الخدري: (الرُّؤيا الصالحة

) الحديث؛ صحيح البخاري مع الفتح 12/389-390، التعبير باب الرؤيا الصالحة.

4 القائل هو الإمام الخطابي –رحمه الله في معالم السنن، المطبوع مع سنن أبي داود 5/281.

5 هو عمرو بن دينار أبو محمد الجمحي مولاهم، المكي الأثرم، الإمام الحافظ، أحد الأعلام، سمع من الصحابة. سير الأعلام 5/300؛ تهذيب التهذيب 8/28.

6 هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي الجنُدعي المكي الواعظ المفسر، ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان من ثقات التابعين وأئمّتهم بمكة. (ت74هـ) . أسد الغابة 3/353، تذكرة الحفاظ 1/50، سير الأعلام 4/156.

7 سورة الصافات الآية (102) .

8 صحيح البخاري مع الفتح 1/287-288، الوضوء، باب التخفيف في الوضوء.

ص: 424

وأما تحديد الأجزاء بالعدد المذكور في الحديث، فقد قال فيه بعض أهل العلم: إنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بمكة ستة أشهر في منامه، ثم توالى الوحي يقظةً إلى أن توفي صلى الله عليه وسلم وكانت مدة الوحي ثلاثاً وعشرين سنة، منها نصف سنة في أول الأمر، يوحى إليه في منامه، ونسبة الستة الأشهر لبقيّة مدة الوحي، جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.

وسئل بعض أهل العلم عن هذا الحديث قال: معناه أنّ الرؤيا تجيء على موافقة النبوّة لأنها جزء من باق النبوّة.

وقال بعضهم: إنها جزء من أجزاء علم النبوّة، /وعلم النبوّة/1 باقٍ، والنبوّة غير باقية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. "ذهبت النبوّة وبقيت المبشِّرات، الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له "2،.3

وعندي أن النبوة التي هي الوحي بشرائع الأنبياء، عبارة عن نبأ أو شأن عظيم في القوة، وإفادة اليقين، والرؤيا الصالحة التي هي من أقسام الوحي جزء باعتبار القوة، وإفادة العلم من ستة وأربعين جزءاً، ولا يقتضي هذا تجزؤ النبوة، وأنها مكتسبة، ولا إطلاق اسم النبوة على هذا الجزء، لأن المسمى هو الكل المستجمع لجميع الأجزاء فلا

1 ساقط في المطبوع.

2 الجزء الأول من الحديث: "ذهبت النبوة وبقيت المبشرات" أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6/381، وابن ماجة في سننه 2/355، التعبير، باب الرؤيا الصالحة. والدارمي في سننه 2/166، الرؤيا، باب ذهبت النبوّة، قال الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت 3/158:(صحيح) . وورد الجزء الآخر، في رواية مسلم:"لم يبق من مبشرات النبوّة إلاّ الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له". صحيح مسلم بشرح النووي 4/442، الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود. وأخرجه النسائي في سننه 2/189-190، الافتتاح، باب تعظيم الرب في الركوع. وابن ماجة في سننه 2/356، الرؤيا، باب الرؤيا الصالحة.

3 إلى هنا ينتهي كلام الخطابي في معالم السنن بحاشية سنن أبي داود 5/281.

ص: 425

محذور. ويمكن أن يقال هذا فيما تقدم من قوله: "الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمس وعشرين جزءاً1 من النبوة"2. هذا ما ظهر لي، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم /تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. تحريراً في 29 صفر 1319هـ/3.

1 في (ج) و (د) : جزء.

2 تقدم تخريجه في ص 422.

3 ساقط في جميع النسخ. مثبت في (أ) .

ص: 426