المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[وصية الإمام الأعظم لأبي يوسف] - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٤

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ

- ‌أَنْوَاعُ الدُّيُونِ:

- ‌[تَذْنِيبٌ مَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

- ‌الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ:

- ‌[تَنْبِيهٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهَا]

- ‌الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ

- ‌ فَائِدَةٌ: مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ:

- ‌يَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ:

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ

- ‌خَاتِمَةٌ: أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ]

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ

- ‌[مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ]

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ حَبْسُ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ:

- ‌[قَاعِدَةٌ إذَا أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ عَلَيْهِ هَلْ يَقَعُ الْكُلُّ وَاجِبًا أَمْ لَا]

- ‌[فَائِدَةٌ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ الرَّجُلُ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا إلَّا أَنْ يَكْسِبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ]

- ‌[قَاعِدَةٌ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ لِلْعُمُومِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعُلُومُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا خَمْسَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمُؤْمِنُ مَنْ يَقْطَعُهُ خَمْسَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْكَنِيسَةَ إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ الْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ الْأَهْلِيَّةَ]

- ‌[فَائِدَةٌ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ مَوْضُوعٍ عَلَى دُكَّانٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَلَّى السُّلْطَانُ مُدَرِّسًا لَيْسَ بِأَهْلٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَدْرَسَةٌ بِهَا صُفَّةٌ لَا يُصَلِّي فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يُدَرَّسُ وَالْقَاضِي جَالِسٌ فِيهَا لِلْحُكْمِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْأَشْبَهُ]

- ‌فَائِدَةٌ: الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ]

- ‌الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْأَلْغَازِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[كِتَابُ الْعَتَاقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ وَفِيهِ فُصُولٍ] [

- ‌الْأَوَّلُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ الثَّانِي فِي الصَّوْمِ

- ‌الثَّالِثُ فِي الزَّكَاةِ

- ‌الرَّابِعُ فِي الْفِدْيَةِ)

- ‌[الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ]

- ‌السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ)

- ‌السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ)

- ‌الثَّامِنُ: فِي الْخُلْعِ

- ‌التَّاسِعُ: فِي الْأَيْمَانِ

- ‌الْعَاشِرُ: فِي الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌الْحَادِي عَشَرَ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌الثَّانِي عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ

- ‌الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ

- ‌الرَّابِعَ عَشَرَ. فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌السَّادِسَ عَشَرَ: فِي الْمُدَايَنَاتِ

- ‌السَّابِعَ عَشَرَ: فِي الْإِجَارَاتِ

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ فِي مَنْعِ الدَّعْوَى]

- ‌التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌الْعِشْرُونَ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الصُّلْحِ

- ‌الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الْكَفَالَةِ

- ‌الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الرَّهْنِ

- ‌الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ] [

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهَا بَعْضُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ

- ‌[الْفَنُّ السَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْحِكَايَاتُ وَالْمُرَاسَلَاتُ]

- ‌[مَسْأَلَة الْمَبِيعَ يُمْلَكُ مَعَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ]

- ‌[وَصِيَّةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَبِي يُوسُفَ]

الفصل: ‌[وصية الإمام الأعظم لأبي يوسف]

[وَصِيَّةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَبِي يُوسُفَ]

َ رحمه الله بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ الرُّشْدُ وَحُسْنُ السِّيرَةِ وَالْإِقْبَالُ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ لَهُ: يَا يَعْقُوبُ وَقِّرْ السُّلْطَانَ وَعَظِّمْ مَنْزِلَتَهُ، وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا لَمْ يَدْعُك لِحَاجَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّك إذَا أَكْثَرْت إلَيْهِ الِاخْتِلَافَ تَهَاوَنَ بِك وَصَغُرَتْ مَنْزِلَتُك عِنْدَهُ، فَكُنْ مِنْهُ كَمَا أَنْتَ مِنْ النَّارِ تَنْتَفِعُ وَتَتَبَاعَدُ وَلَا تَدْنُ مِنْهَا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ لَا يَرَى لِأَحَدٍ مَا يَرَى لِنَفْسِهِ، وَإِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْكَلَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَلَيْك مَا قُلْته لِيُرِيَ مِنْ نَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ حَاشِيَتِهِ أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْك وَأَنَّهُ يُخَطِّئُكَ فَتَصْغُرَ فِي أَعْيُنِ قَوْمِهِ، وَلْتَكُنْ إذَا دَخَلْت عَلَيْهِ تَعْرِفُ قَدْرَك وَقَدْرَ غَيْرِك، وَلَا تَدْخُلْ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ فَإِنَّك إنْ كُنْت أَدْوَنَ حَالًا مِنْهُ لَعَلَّك تَتَرَفَّعُ عَلَيْهِ فَيَضُرُّك، وَإِنْ كُنْت أَعْلَمَ مِنْهُ لَعَلَّك تَحُطُّ عَنْهُ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ مِنْ عَيْنِ السُّلْطَانِ. وَإِذَا عَرَضَ عَلَيْك شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْضَاك وَيَرْضَى مَذْهَبَك فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَايَا، كَيْ لَا تَحْتَاجَ إلَى ارْتِكَابِ مَذْهَبِ غَيْرِك فِي الْحُكُومَاتِ وَلَا تُوَاصِلْ أَوْلِيَاءَ السُّلْطَانِ وَحَاشِيَتَهُ بَلْ تَقَرَّبْ إلَيْهِ فَقَطْ وَتَبَاعَدْ عَنْ حَاشِيَتِهِ لِيَكُونَ مَجْدُك وَجَاهُك بَاقِيًا وَلَا تَتَكَلَّمْ بَيْنَ يَدَيْ الْعَامَّةِ إلَّا بِمَا تُسْأَلُ عَنْهُ، وَإِيَّاكَ وَالْكَلَامَ فِي الْعَامَّةِ وَالتِّجَارَةِ إلَّا بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ؛ كَيْ لَا يُوقَفَ عَلَى حُبِّك رَغْبَتُك فِي الْمَالِ؛ فَإِنَّهُمْ يُسِيئُونَ الظَّنَّ بِك وَيَعْتَقِدُونَ مَيْلَك إلَى أَخْذِ الرِّشْوَةِ مِنْهُمْ.

وَلَا تَضْحَكْ وَلَا تَتَبَسَّمْ بَيْنَ يَدَيْ الْعَامَّةِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 310

1 -

وَلَا تُكْثِرْ الْخُرُوجَ إلَى الْأَسْوَاقِ وَلَا تُكَلِّمْ الْمُرَاهِقِينَ؛ فَإِنَّهُمْ فِتْنَةٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تُكَلِّمَ الْأَطْفَالَ وَتَمْسَحَ رُءُوسَهُمْ وَلَا تَمْشِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ مَعَ الْمَشَائِخِ وَالْعَامَّةِ؛ فَإِنَّك إنْ قَدَّمْتَهُمْ،.

2 -

ازْدَرَى ذَلِكَ بِعِلْمِك وَإِنْ أَخَّرْتَهُمْ ازْدَرَى بِك مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَسَنُّ مِنْك، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَلَا تَقْعُدْ عَلَى قَوَارِعِ الطَّرِيقِ " 3 - فَإِذَا دَعَاك ذَلِكَ فَاقْعُدْ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا تَأْكُلْ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ.

4 -

وَلَا تَشْرَبْ مِنْ السِّقَايَاتِ وَلَا مِنْ أَيْدِي السَّقَّائِينَ وَلَا تَقْعُدْ عَلَى الْحَوَانِيتِ وَلَا تَلْبَسْ الدِّيبَاجَ وَالْحُلِيَّ وَأَنْوَاعَ الْإِبْرَيْسَمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الرُّعُونَةِ.

وَلَا تُكْثِرْ الْكَلَامَ فِي بَيْتِك مَعَ امْرَأَتِك فِي

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَلَا تُكْثِرْ الْخُرُوجَ إلَى الْأَسْوَاقِ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ رَجَعْت فِي الْفَتَاوَى عَنْ ثَلَاثٍ إلَى ثَلَاثٍ يَجُوزُ دُخُولُ الْعَالِمِ لِلسُّلْطَانِ وَخُرُوجُهُ إلَى الْأَسْوَاقِ وَأَخْذُ الْأَجْرِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِلْحَاجَةِ فِي الثَّلَاثِ وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: بَدَلُ خُرُوجِهِ إلَى الْأَسْوَاقِ خُرُوجُهُ إلَى الْقُرَى لِيَجْمَعُوا لَهُ شَيْئًا.

(2)

قَوْلُهُ: ازْدَرَى ذَلِكَ بِعِلْمِك كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهُ فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ وَالصَّوَابُ أَزْرَى ذَلِكَ بِعِلْمِك قَالَ فِي الْقَامُوسِ زَرَى فِيهِ زَرْيًا عَابَهُ كَأَزْرَى وَأَزْرَى بِأَخِيهِ أَدْخَلَ عَلَيْهِ عَيْبًا وَبِالْأَمْرِ تَهَاوَنَ.

(3)

قَوْلُهُ: فَإِذَا دَعَاك ذَلِكَ فَاقْعُدْ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ إذَا طَلَبَتْ مِنْك نَفْسُك ذَلِكَ فَخَالِفْهَا وَاقْعُدْ فِي الْمَسْجِدِ.

(4)

قَوْلُهُ: وَلَا تَشْرَبْ مِنْ السِّقَايَاتِ أَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ السِّقَايَاتِ يَشْرَبُ مِنْهَا عَامَّةُ النَّاسِ فَرُبَّمَا يَشْرَبُ مِنْهَا نَجِسُ الْفَمِ وَرُبَّمَا يَغْسِلُ نَجِسُ الْيَدِ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَإِنَّ فِي الشُّرْبِ مِنْهَا دَنَاءَةً وَسُقُوطَ حُرْمَةٍ لِلْعَالِمِ وَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ مِنْهَا يَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

ص: 311

الْفِرَاشِ إلَّا وَقْتَ حَاجَتِك إلَيْهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا تُكْثِرْ لَمْسَهَا وَمَسَّهَا وَلَا تَقْرَبْهَا إلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَتَكَلَّمْ بِأَمْرِ نِسَاءِ الْغَيْرِ بَيْنَ يَدَيْهَا وَلَا بِأَمْرِ الْجَوَارِي، فَإِنَّهَا تَنْبَسِطُ إلَيْك فِي كَلَامِك وَلَعَلَّك إذَا تَكَلَّمْت عَنْ غَيْرِهَا تَكَلَّمَتْ عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَلَا تَتَزَوَّجْ امْرَأَةً كَانَ لَهَا بَعْلٌ أَوْ أَبٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ بِنْتٌ إنْ قَدَرْت.

5 -

إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِك.

6 -

فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ يَدَّعِي أَبُوهَا أَنَّ جَمْعَ مَالِهَا لَهُ وَأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهَا.

7 -

وَلَا تَدْخُلْ بَيْتَ أَبِيهَا مَا قَدَرْت.

8 -

وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْضَى أَنْ تُزَفَّ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا؛ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَك وَيَطْمَعُونَ فِيهَا غَايَةَ الطَّمَعِ، وَإِيَّاكَ وَأَنْ تَتَزَوَّجَ بِذَاتِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، فَإِنَّهَا تَدَّخِرُ جَمِيعَ الْمَالِ لَهُمْ وَتَسْرِقُ مِنْ مَالِكَ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ الْوَلَدَ أَعَزُّ عَلَيْهَا مِنْك وَلَا تَجْمَعْ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ. وَلَا تَتَزَوَّجْ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّك تَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهَا وَاطْلُبْ الْعِلْمَ أَوَّلًا ثُمَّ اجْمَعْ الْمَالَ مِنْ الْحَلَالِ. ثُمَّ

ــ

[غمز عيون البصائر]

(5) قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِك كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْمُنَاسِبُ مِنْ أَقَارِبِهَا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ.

(6)

قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذْ كَانَتْ ذَا مَالٍ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ ذَاتُ مَالٍ.

(7)

قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلْ بَيْتَ أَبِيهَا. عَطْفٌ عَلَى لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِهَا وَالتَّقْدِيرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِهَا وَبِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلَ هِيَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ.

(8)

قَوْلُهُ: وَإِيَّاكَ أَنْ تَرْضَى أَنْ تُزَفَّ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا وَالْأَوْلَى وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْكُنَ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُ

ص: 312

تَزَوَّجْ؛ فَإِنَّك إنْ طَلَبْت الْمَالَ فِي وَقْتِ التَّعَلُّمِ عَجَزْت عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَدَعَاك الْمَالُ إلَى شِرَاءِ الْجَوَارِي وَالْغِلْمَانِ وَتَشْتَغِلُ بِالدُّنْيَا وَالنِّسَاءِ قَبْلَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ؛ فَيَضِيعُ وَقْتُك وَيَجْتَمِعُ عَلَيْك الْوَلَدُ وَيَكْثُرُ عِيَالُك فَتَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ وَتَتْرُكُ الْعِلْمَ وَاشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِك وَوَقْتِ فَرَاغِ قَلْبِك وَخَاطِرِك ثُمَّ اشْتَغِلْ بِالْمَالِ لِيَجْتَمِعَ عِنْدَك؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْوَلَدِ وَالْعِيَالِ يُشَوِّشُ الْبَالَ؛ فَإِذَا جَمَعْت الْمَالَ فَتَزَوَّجْ، وَعَلَيْك بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالنَّصِيحَةِ لِجَمِيعِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَلَا تَسْتَخِفَّ بِالنَّاسِ، وَوَقِّرْ نَفْسَك وَوَقِّرْهُمْ وَلَا تُكْثِرْ مُعَاشَرَتَهُمْ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُعَاشِرُوك، وَقَابِلْ مُعَاشَرَتَهُمْ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ أَحَبَّك وَإِيَّاكَ وَأَنْ تُكَلِّمَ الْعَامَّةَ بِأَمْرِ الدِّينِ فِي الْكَلَامِ؛ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ يُقَلِّدُونَك فَيَشْتَغِلُونَ بِذَلِكَ وَمَنْ جَاءَك يَسْتَفْتِيك فِي الْمَسَائِلِ؛ فَلَا تُجِبْ إلَّا عَنْ سُؤَالِهِ وَلَا تَضُمَّ إلَيْهِ غَيْرَهُ؛ فَإِنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْك جَوَابَ سُؤَالِهِ وَإِنْ بَقِيت عَشْرَ سِنِينَ بِلَا كَسْبٍ وَلَا قُوتٍ فَلَا تُعْرِضْ عَنْ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّك إذَا أَعْرَضْت عَنْهُ كَانَتْ مَعِيشَتُك ضَنْكًا وَأَقْبِلْ عَلَى مُتَفَقِّهِيك كَأَنَّك اتَّخَذْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنًا 9 - وَوَلَدًا لِتَزِيدَهُمْ رَغْبَةً فِي الْعِلْمِ، وَمَنْ نَاقَشَك مِنْ الْعَامَّةِ وَالسُّوقَةِ فَلَا تُنَاقِشُهُ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

(9) قَوْلُهُ: وَوَلَدًا كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْأَوْلَى أَبًا وَوَلَدًا.

ص: 313

10 -

فَإِنَّهُ يُذْهِبُ مَاءَ وَجْهِك، وَلَا تَحْتَشِمْ مِنْ أَحَدٍ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَقِّ وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا وَلَا تَرْضَ لِنَفْسِك مِنْ الْعِبَادَاتِ.

11 -

إلَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ غَيْرُك وَيَتَعَاطَاهَا فَالْعَامَّةُ إذَا لَمْ يَرَوْا مِنْك الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَفْعَلُونَ اعْتَقَدُوا فِيك قِلَّةَ الرَّغْبَةِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ عِلْمَك لَا يَنْفَعُك إلَّا مَا نَفَعَهُمْ الْجَهْلُ الَّذِي هُمْ فِيهِ.

وَإِذَا دَخَلْت بَلْدَةً فِيهَا أَهْلُ الْعِلْمِ؛ فَلَا تَتَّخِذُهَا لِنَفْسِك، بَلْ كُنْ 12 - كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّك لَا تَقْصِدُ جَاهَهُمْ، وَإِلَّا يَخْرُجُونَ عَلَيْك بِأَجْمَعِهِمْ وَيَطْعَنُونَ فِي مَذْهَبِك، وَالْعَامَّةُ يَخْرُجُونَ عَلَيْك وَيَنْظُرُونَ إلَيْك بِأَعْيُنِهِمْ فَتَصِيرُ مَطْعُونًا عِنْدَهُمْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُذْهِبُ مَاءَ وَجْهِك قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: الْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ فِي كَلَامِهَا الْمَاءَ لِكُلِّ مَا يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَمَوْقِعُهُ وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ وَمَحَلُّهُ فَتَقُولُ مَاءُ الْوَجْهِ وَمَاءُ الشَّبَابِ وَمَاءُ الْحَيَاةِ وَمَاءُ النَّعِيمِ وَمَاءُ السَّيْفِ كَمَا تَسْتَعِيرُ الِاسْتِسْقَاءَ فِي طَلَبِ الْخَيْرِ قَالَ رُؤْبَةٌ:

أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي نَحْوَكَا

إنِّي رَأَيْت النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا

لَمْ يَسْقِ مَاءً وَإِنَّمَا اسْتَطْلَقَ أَسِيرًا

وَسَمَّوْا الْمُجْتَدِيَ مُسْتَمِيحًا

وَإِنَّمَا الْمَيْحُ جَمْعُ الْمَاءِ فِي الدَّلْوِ وَغَايَةُ دُعَائِهِمْ لِلْمَرْجُوِّ أَوْ الْمَشْكُورِ أَنْ يَقُولُوا: سَقَاهُ اللَّهُ فَإِذَا تَذَكَّرُوا أَيَّامًا لَهُمْ قَالُوا: سَقَى اللَّهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ انْتَهَى قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَمَّا تَوَارَثُوا اسْتِعْمَالَهُ فِي الْعَظِيمِ الْمُخْبَرِ وَالْحَسَنِ الْمَنْظَرِ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ فِي خِلَافِهِ مُسْتَهْجَنًا فَلِذَا عِيبَ عَلَى أَبِي تَمَّامٍ قَوْلُهُ:

لَا تَسْقِنِي مَاءَ الْمُلَامِ فَإِنَّنِي

حَقًّا قَدْ اسْتَعْذَبْت مَاءَ بُكَائِي

(11)

قَوْلُهُ: إلَّا بِأَكْثَرَ مَا يَفْعَلُهُ غَيْرُك وَيَتَعَاطَاهَا الصَّوَابُ وَيَتَعَاطَاهُ.

(12)

قَوْلُهُ: كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِمْ كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهُ فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ وَالْأَوْلَى كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.

ص: 314

بِلَا فَائِدَةٍ، وَإِنْ اسْتَفْتَوْك الْمَسَائِلَ فَلَا تُنَاقِشْهُمْ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُطَارَحَاتِ، وَلَا تَذْكُرْ لَهُمْ شَيْئًا إلَّا عَنْ دَلِيلٍ وَاضِحٍ، وَلَا تَطْعَنْ فِي أَسَاتِذَتِهمْ، فَإِنَّهُمْ يَطْعَنُونَ فِيك، وَكُنْ مِنْ النَّاسِ عَلَى حَذَرٍ، وَكُنْ لِلَّهِ تَعَالَى فِي سِرِّك كَمَا أَنْتَ لَهُ فِي عَلَانِيَتِك، وَلَا تُصْلِحُ أَمْرَ الْعِلْمِ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَجْعَلَ سِرَّهُ كَعَلَانِيَتِهِ، 13 - وَإِذَا أَوْلَاك السُّلْطَانُ عَمَلًا لَا يَصْلُحُ لَك فَلَا تَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُوَلِّيك ذَلِكَ إلَّا لِعِلْمِك، وَإِيَّاكَ وَأَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ عَلَى خَوْفٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوَرِّثُ الْخَلَلَ.

14 -

فِي الْإِحَاطَةِ وَالْكَلَّ فِي اللِّسَانِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُكْثِرَ الضَّحِكَ؛ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَلَا تَمْشِ إلَّا عَلَى طُمَأْنِينَةٍ وَلَا تَكُنْ عَجُولًا فِي الْأُمُورِ، وَمَنْ دَعَاك مِنْ خَلْفِك فَلَا تُجِبْهُ، فَإِنَّ الْبَهَائِمَ تُنَادَى مِنْ خَلْفِهَا وَإِذَا تَكَلَّمْت فَلَا تُكْثِرْ صِيَاحَك وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَك وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك السُّكُونَ وَقِلَّةَ الْحَرَكَةِ عَادَةً كَيْ يَتَحَقَّقَ عِنْدَ النَّاسِ ثَبَاتُك.

وَأَكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ لِيَتَعَلَّمُوا ذَلِكَ مِنْك، وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك وِرْدًا خَلْفَ الصَّلَاةِ، تَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ وَتَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَتَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَوْدَعَك مِنْ الصَّبْرِ وَأَوْلَاك مِنْ النِّعَمِ وَاِتَّخِذْ لِنَفْسِك أَيَّامًا مَعْدُودَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَصُومُ فِيهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُك بِك وَرَاقِبْ نَفْسَك وَحَافِظْ عَلَى

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْلَاك السُّلْطَانُ عَمَلًا كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ وَإِذَا وَلَّاك مِنْ التَّوْلِيَةِ.

(14)

قَوْلُهُ: فِي الْإِحَاطَةِ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا فِي الْأَلْفَاظِ وَالصَّوَابُ فِي الْخَاطِرِ كَمَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ.

ص: 315

الْغَيْرِ تَنْتَفِعُ مِنْ دُنْيَاك وَآخِرَتِك بِعِلْمِك وَلَا تَشْتَرِ بِنَفْسِك وَلَا تَبِعْ،.

15 -

بَلْ اتَّخِذْ لَك غُلَامًا مُصْلِحًا يَقُومُ بِأَشْغَالِكَ وَتَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي أُمُورِك وَلَا تَطْمَئِنَّ إلَى دُنْيَاك وَإِلَى مَا أَنْتَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَائِلُك عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَا تَشْتَرِ الْغِلْمَانَ الْمُرْدَانَ، وَلَا تُظْهِرْ مِنْ نَفْسِك التَّقَرُّبَ إلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ قَرَّبَك.

16 -

فَإِنَّهُ تُرْفَعُ إلَيْك الْحَوَائِجُ 17 - فَإِنْ قُمْت أَهَانَك وَإِنْ لَمْ تَقُمْ أَعَابَك، 18 - وَلَا تَتَّبِعْ النَّاسَ فِي خَطَايَاهُمْ بَلْ اتَّبِعْ فِي صَوَابِهِمْ، وَإِذَا عَرَفْت إنْسَانًا بِالشَّرِّ فَلَا تَذْكُرْهُ بِهِ.

19 -

بَلْ اُطْلُبْ مِنْهُ خَيْرًا فَاذْكُرْهُ بِهِ، إلَّا فِي بَابِ الدِّينِ، فَإِنَّك إنْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: بَلْ اتَّخِذْ لَك غُلَامًا مُصْلِحًا إلَخْ أَيْ خَادِمًا ثِقَةً أَمِينًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَكِنْ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُصْلِحِ بِمَعْنَى الْخَادِمِ لَمْ أَجِدْهُ فِيمَا عِنْدِي مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ.

(16)

قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ تُرْفَعُ إلَيْك الْحَوَائِجُ أَيْ تُرْفَعُ إلَيْك حَوَائِجُ النَّاسِ بِسَبَبِ إظْهَارِك التَّقَرُّبَ مِنْ السُّلْطَانِ.

(17)

قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت أَهَانَك هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ فَإِنْ قُمْت بِهَا أَهَانَك وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِهَا عَابَك بِذِكْرِ صِلَةِ الْفِعْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي أَهَانَك رَاجِعٌ إلَى السُّلْطَانِ، وَفِي أَعَابَك رَاجِعٌ إلَى رَافِعِ الْحَاجَةِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ لَا إلَى السُّلْطَانِ لِعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ تَفْكِيكُ الضَّمِيرِ.

(18)

قَوْلُهُ: وَلَا تَتَّبِعْ النَّاسَ فِي خَطَايَاهُمْ بَلْ اتَّبِعْ فِي صَوَابِهِمْ كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ الرَّكَاكَةِ وَعَدَمِ حُسْنِ الْمُقَابَلَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَلَا تَتَّبِعْ خَطَأَ النَّاسِ وَتَتَبَّعْ صَوَابَهُمْ.

(19)

قَوْلُهُ: بَلْ اُطْلُبْ مِنْهُ خَيْرًا أَيْ تَوَقَّعْ مِنْهُ خَيْرًا فَاذْكُرْهُ بِهِ.

ص: 316

عَرَفْت فِي دِينِهِ ذَلِكَ فَاذْكُرْهُ لِلنَّاسِ كَيْ لَا يَتَّبِعُوهُ.

20 -

وَيَحْذَرُوهُ، وَقَالَ عليه السلام «اُذْكُرُوا الْفَاجِرَ بِمَا فِيهِ حَتَّى يَحْذَرَهُ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ ذَا جَاهٍ وَمَنْزِلَةٍ» وَاَلَّذِي تَرَى مِنْهُ الْخَلَلَ فِي الدِّينِ فَاذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا تُبَالِ مِنْ جَاهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُعِينُك وَنَاصِرُك وَنَاصِرُ الدِّينِ، فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ مَرَّةً هَابُوكَ وَلَمْ يَتَجَاسَرْ أَحَدٌ عَلَى إظْهَارِ الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ وَإِذَا رَأَيْت مِنْ سُلْطَانِك مَا يُوَافِقُ الْعِلْمَ؛ فَاذْكُرْ ذَلِكَ مَعَ طَاعَتِك إيَّاهُ فَإِنَّ يَدَهُ أَقْوَى مِنْ يَدِك؛ تَقُولُ لَهُ: أَنَا مُطِيعٌ لَك فِي الَّذِي أَنْتَ فِيهِ سُلْطَانٌ وَمُسَلَّطٌ عَلَيَّ، غَيْرَ أَنِّي أَذْكُرُ مِنْ سِيرَتِك مَا لَا يُوَافِقُ الْعِلْمَ، فَإِذَا فَعَلْت مَعَ السُّلْطَانِ مَرَّةً.

21 -

كَفَاك لِأَنَّ إذَا وَاظَبْت عَلَيْهِ وَدُمْت.

22 -

لَعَلَّهُمْ يَقْهَرُونَك فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ قَمْعٌ لِلدِّينِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لِيَعْرِفَ مِنْك الْجَهْدَ فِي الدِّينِ وَالْحِرْصَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ.

23 -

فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَادْخُلْ عَلَيْهِ وَحْدَك فِي دَارِهِ وَانْصَحْهُ فِي الدِّينِ وَنَاظِرْهُ إنْ كَانَ مُبْتَدِعًا،

ــ

[غمز عيون البصائر]

(20) قَوْلُهُ: وَيَحْذَرُوهُ عَطْفٌ عَلَى النَّفْيِ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ لِفَسَادِ الْمَعْنَى.

(21)

قَوْلُهُ: كَفَاك أَيْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عَهْدِ النَّصِيحَةِ.

(22)

قَوْلُهُ: لَعَلَّهُمْ يَقْهَرُونَك كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ لَعَلَّهُ يَقْهَرُك.

(23)

قَوْلُهُ: فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ افْعَلْ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: لِيَعْرِفَ مِنْك الْجَهْدَ فِي الدِّينِ إلَخْ.

ص: 317

24 -

وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا فَاذْكُرْ لَهُ مَا يَحْضُرُك مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قَبِلَ مِنْك وَإِلَّا فَاسْأَلْ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَك مِنْهُ وَاذْكُرْ الْمَوْتَ وَاسْتَغْفِرْ لِلْأُسْتَاذِ وَمَنْ أَخَذْت عَنْهُمْ الْعِلْمَ وَدَاوِمْ عَلَى التِّلَاوَةِ وَأَكْثِرْ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَالْمَشَايِخِ وَالْمَوَاضِعِ الْمُبَارَكَةِ، وَاقْبَلْ مِنْ الْعَامَّةِ مَا يَعْرِضُونَ عَلَيْك مِنْ رُؤْيَاهُمْ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَفِي رُؤْيَا الصَّالِحِينَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمَقَابِرِ، وَلَا تُجَالِسْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الدَّعْوَةِ إلَى الدِّينِ.

25 -

وَلَا تُكْثِرْ اللَّعِبَ وَالشَّتْمَ وَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَتَأَهَّبْ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ كَيْ لَا تَتَقَدَّمَ عَلَيْك الْعَامَّةُ، وَلَا تَتَّخِذُ دَارَك فِي جِوَارِ السُّلْطَانِ، وَمَا رَأَيْت عَلَى جَارِك فَاسْتُرْهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَا تُظْهِرْ أَسْرَارَ النَّاسِ، وَمَنْ اسْتَشَارَك فِي شَيْءٍ فَأَشِرْ عَلَيْهِ بِمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ يُقَرِّبُك إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاقْبَلْ وَصِيَّتِي هَذِهِ؛ فَإِنَّك تَنْتَفِعُ بِهَا فِي أُولَاك وَآخِرِك، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ وَالْبُخْلَ فَإِنَّهُ يُبْغَضُ بِهِ الْمَرْءُ وَلَا تَكُ طَمَّاعًا وَلَا كَذَّابًا.

26 -

وَلَا صَاحِبَ تَخْلِيطٍ، بَلْ احْفَظْ مُرُوءَتَكَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَإِنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ سُلْطَانًا.

(25)

قَوْلُهُ: وَلَا تُكْثِرْ اللَّعِبَ وَالشَّتْمَ أَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ اللَّعِبِ وَالشَّتْمِ النَّهْيُ عَنْ أَصْلِ اللَّعِبِ وَالشَّتْمِ مَعَ أَنَّهُمَا مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا شَرْعًا فَلَوْ قَالَ: وَلَا تَلْعَبْ وَلَا تَشْتُمْ لَكَانَ صَوَابًا.

(26)

قَوْلُهُ: وَلَا صَاحِبَ تَخْلِيطٍ أَيْ وَلَا تَكُنْ صَاحِبَ تَخْلِيطٍ أَيْ تَخْلِيطِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ وَالْجِدِّ بِالْهَزْلِ.

ص: 318

وَالْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ الْبِيضَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَأَظْهِرْ غِنَى الْقَلْبِ مُظْهِرًا مِنْ نَفْسِك قِلَّةَ الْحِرْصِ وَالرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَأَظْهِرْ مِنْ نَفْسِك الْغَنَاءَ، وَلَا تُظْهِرْ الْفَقْرَ وَإِنْ كُنْت فَقِيرًا، وَكُنْ ذَا هِمَّةٍ؛ فَإِنَّ مَنْ ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ ضَعُفَتْ مَنْزِلَتُهُ وَإِذَا مَشَيْت فِي الطَّرِيقِ، فَلَا تَلْتَفِتْ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، بَلْ دَاوِمْ النَّظَرَ إلَى الْأَرْضِ وَإِذَا دَخَلْت الْحَمَّامَ، فَلَا تُسَاوِ النَّاسَ فِي أُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَالْمَجْلِسِ بَلْ أَرْجِحْ عَلَى مَا تُعْطِي الْعَامَّةَ لِتَظْهَرَ مُرُوءَتُكَ بَيْنَهُمْ فَيُعَظِّمُونَك وَلَا تُسَلِّمْ الْأَمْتِعَةَ إلَى الْحَائِكِ وَسَائِرِ الصُّنَّاعِ بَلْ اتَّخِذْ لِنَفْسِك ثِقَةً يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ وَلَا تُمَاكِسْ بِالْحَبَّاتِ وَالدَّوَانِيقِ وَلَا تَزِنْ الدَّرَاهِمَ بَلْ اعْتَمِدْ عَلَى غَيْرِك وَحَقِّرْ الدُّنْيَا الْمُحَقَّرَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْهَا وَوَلِّ أُمُورَك غَيْرَك لِيُمْكِنَك الْإِقْبَالُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْفَظُ لِحَاجَتِك وَإِيَّاكَ أَنْ تُكَلِّمَ الْمَجَانِينَ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الْمُنَاظَرَةَ وَالْحُجَّةَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

27 -

وَاَلَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْجَاهَ.

28 -

وَيَسْتَغْرِبُونَ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُمْ يَطْلُبُونَ تَخْجِيلَك وَلَا يُبَالُونَ مِنْك، وَإِنْ عَرَفُوك عَلَى الْحَقِّ وَإِذَا دَخَلْت عَلَى قَوْمٍ كِبَارٍ فَلَا تَرْفَعْ عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَرْفَعُوك، كَيْ لَا يَلْحَقَ بِك مِنْهُمْ أَذِيَّةٌ وَإِذَا كُنْت فِي قَوْمٍ فَلَا تَتَقَدَّمْ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يُقَدِّمُوك عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَاَلَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْجَاهَ عَطْفٌ عَلَى الْمَجَانِينِ.

(28)

قَوْلُهُ: وَيَسْتَغْرِقُونَ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ يَسْتَغْرِبُونَ بِذِكْرِ الْمَسَائِلِ أَيْ يَذْكُرُونَ الْمَسَائِلَ الْغَرِيبَةَ.

ص: 319

29 -

وَلَا تَدْخُلْ الْحَمَّامَ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَالْغَدَاةِ، 30 - وَلَا تَخْرُجْ إلَى النَّظَّارَاتِ وَلَا تَحْضُرْ مَظَالِمَ السَّلَاطِينِ؛ وَإِلَّا إذَا عَرَفْت أَنَّك إذَا قُلْت شَيْئًا يَنْزِلُونَ عَلَى قَوْلِك بِالْحَقِّ؛ فَإِنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا مَا لَا يَحِلُّ وَأَنْتَ عِنْدَهُمْ رُبَّمَا لَا تَمْلِكُ مَنْعَهُمْ وَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِسُكُوتِك فِيمَا بَيْنَهُمْ وَقْتَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَإِيَّاكَ وَالْغَضَبَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ، وَلَا تَقُصَّ عَلَى الْعَامَّةِ فَإِنَّ الْقَاصَّ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ وَإِذَا أَرَدْت اتِّخَاذَ مَجْلِسٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ فَإِنْ كَانَ مَجْلِسَ فِقْهٍ فَاحْضُرْ بِنَفْسِك وَاذْكُرْ فِيهِ مَا تَعْلَمُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَيْ لَا يَغْتَرَّ النَّاسُ بِحُضُورِك فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ عَلَى صِفَةٍ مِنْ الْعِلْمِ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى فَاذْكُرْ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا.

31 -

وَلَا تَقْعُدْ لِيُدَرِّسَ الْآخَرُ بَيْنَ يَدَيْك بَلْ اُتْرُكْ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِك لِيُخْبِرَك بِكَيْفِيَّةِ كَلَامِهِ وَكَمِّيَّةِ عِلْمِهِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلْ الْحَمَّامَ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ أَوْ الْغَدَاةِ الظَّهِيرَةُ حَدُّ انْتِصَافِ النَّهَارِ وَأَوَانُ الْقَيْظِ وَالْغَدَاةُ الْبُكْرَةُ أَوْ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ.

(30)

قَوْلُهُ: وَلَا تَخْرُجْ إلَى النَّظَّارَاتِ فِي الْقَامُوسِ النَّظَائِرُ الْقَوْمُ يَنْظُرُونَ إلَى شَيْءٍ أَوْ بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى التَّنَزُّهِ لَحْنٌ يَسْتَعْمِلُهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْبُحْتُرِيُّ:

فِي مَجْمَعِ النَّادِرَةِ

تَرَفُّقًا بِأَعْيُنِ النَّظَّارَةِ

قِفْ لَنَا فِي الطَّرِيقِ إنْ لَمْ تَزُرْنَا

وَقْفَةً فِي الطَّرِيقِ نِصْفَ الزِّيَارَةِ

(31)

قَوْلُهُ: وَلَا تَقْعُدْ لِيُدَرِّسَ بَيْنَ يَدَيْك. أَقُولُ: رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ

ص: 320

وَلَا تَحْضُرْ مَجَالِسَ الذِّكْرِ أَوْ مَنْ يَتَّخِذُ مَجْلِسَ عِظَةٍ بِجَاهِك وَتَزْكِيَتِك لَهُ، بَلْ وَجِّهْ أَهْلَ مَحَلَّتِك وَعَامَّتَك الَّذِينَ تَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِك وَفَوِّضْ أَمْرَ الْمَنَاكِحِ إلَى خَطِيبِ نَاحِيَتِك، وَكَذَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَلَا تَنْسَنِي مِنْ صَالِحِ دُعَائِك، وَاقْبَلْ هَذِهِ الْمَوْعِظَةَ مِنِّي، وَإِنَّمَا أُوصِيك لِمَصْلَحَتِك وَمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (انْتَهَى)

وَفِي آخِرِ تَلْقِيحِ الْمَحْبُوبِيِّ قَالَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ: نَظَرْت فِي ثَلَاثِمِائَةِ جُزْءٍ مِثْلِ الْأَمَالِي وَنَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ 33 - حَتَّى انْتَقَيْت كِتَابَ الْمُنْتَقَى، وَقَالَ حِينَ اُبْتُلِيَ بِمِحْنَةِ الْقَتْلِ بِمَرْوَ وَمِنْ جِهَةِ الْأَتْرَاكِ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ آثَرَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَالْعَالِمُ مَتَى أَخْفَى عِلْمَهُ وَتَرَكَ حَقَّهُ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْتَحَنَ بِمَا يَسُوءُهُ وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ.

34 -

لَمَّا رَأَى فِي كُتُبِ مُحَمَّدٍ مُكَرَّرَاتٍ وَتَطْوِيلَاتٍ

ــ

[غمز عيون البصائر]

سَابِقًا فَإِنْ كَانَ مَجْلِسَ فِقْهٍ فَاحْضُرْ بِنَفْسِك وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لِلشُّورَى فِي جُلُوسِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْعُدَ لِيُدَرِّسَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

(32)

قَوْلُهُ: وَلَا تَحْضُرْ مَجَالِسَ الذِّكْرِ: كَذَا فِي النُّسَخِ وَمِثْلُهُ فِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «عَلَيْكُمْ بِحِلَقِ الذِّكْرِ فَإِنَّهَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ» وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا تُحَقِّرْ بِالْقَافِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْمَعْطُوفِ فَتَأَمَّلْ

مَنْ (33) قَوْلُهُ: حَتَّى انْتَقَيْت كِتَابَ الْمُنْتَقَى: هَذَا الْكِتَابُ مِنْ أَجَلِّ كُتُبِ الْمَذْهَبِ فِيهِ مَسَائِلُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَمَسَائِلُ نَوَادِرِ وَلِهَذَا يَذْكُرُهُ رَضِيُّ السِّرِّ لَدَيْنَا السَّرَخْسِيُّ فِي الْمُحِيطِ بَعْدَ نَقْلِ النَّوَادِرِ قَالَ الْمَوْلَى الْمُتَّجِرُ عَلِيٌّ جَلَبِي قَاضِي الْعَسْكَرَيْنِ وَلَا يُوجَدُ الْمُنْتَقَى فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ.

(34)

قَوْلُهُ: لَمَّا رَأَى فِي كُتُبِ مُحَمَّدٍ مُكَرَّرَاتٍ: الْمُرَادُ بِكُتُبِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ص: 321

35 -

خَلَسَهَا وَحَذَفَ مُكَرَّرَهَا، فَرَأَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَنَامِهِ فَقَالَ: لِمَ فَعَلْت هَذَا بِكُتُبِي؟ فَقَالَ: لِأَنَّ فِي الْفُقَهَاءِ كَسَالَى فَحَذَفْت الْمُكَرَّرَ وَذَكَرْت الْمُقَرَّرَ تَسْهِيلًا فَغَضِبَ وَقَالَ: قَطَعَك اللَّهُ كَمَا قَطَعْت كُتُبِي فَابْتُلِيَ بِالْأَتْرَاكِ حَتَّى جَعَلُوهُ عَلَى رَأْسِ شَجَرَتَيْنِ فَتَقَطَّعَ نِصْفَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَرْضَاهُ الْجَامِعِ لِلْفُنُونِ السَّبْعَةِ الَّتِي وَعَدَنَا بِهَا فِي خُطْبَةِ الْفَرِيدِ فِي نَوْعِهِ بِحَيْثُ لَمْ أَطَّلِعْ لَهُ عَلَى نَظِيرٍ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْهُ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُخْرَى سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِ مِائَةٍ وَكَانَتْ مُدَّةُ تَأْلِيفِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَعَ تَخَلُّلِ أَيَّامِ تَوَعُّكِ الْجَسَدِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى التَّمَامِ وَعَلَى نَبِيِّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَصَحْبِهِ الْبَرَرَةِ الْكِرَامِ وَتَابِعِيهِ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

كُتُبُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمَبْسُوطُ وَالزِّيَادَاتُ وَالْجَامِعُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالسِّيَرُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِظَاهِرِ الرِّوَايَة لِأَنَّهَا رُوِيَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ بِرِوَايَاتٍ ثِقَاتٍ فَهِيَ إمَّا مُتَوَاتِرَةٌ أَوْ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ.

(35)

قَوْلُهُ: خَلَسَهَا وَحَذَفَ مُكَرَّرَهَا: أَقُولُ: وَسَمَّاهُ الْكَافِي وَهُوَ كِتَابٌ مُعْتَمَدٌ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ وَشَرَحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِمَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ بَلْ هُوَ الْمُرَادُ إذَا أُطْلِقَ الْمَبْسُوطَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَشَرَحَهُ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ الْمَوْلَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ قَالَ شَيْخِي وَأُسْتَاذِي مَتَّعَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِطَوْلِ حَيَاتِهِ: وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ وَقَطَعَتْ صَحَارَى الْقِرْطَاسِ مَطَايَا الْأَقْلَامِ وَحَصَلَ مَا كُنْت أَرْجُوهُ وَأَتَمَنَّاهُ وَذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

ص: 322

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

عَلَى الدَّوَامِ وَعَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَأَشْرَفُ السَّلَامِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ الَّذِينَ هُمْ مِسْكُ الْخِتَامِ مَا هَمَى الْغَمَامُ وَصَبُحَ الشَّامُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْحَادِي عَشْرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ قَدْرُهُ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَلْفٍ أَحْسَنَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَهَا وَبَارَكَ لَنَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ أَيَّامِهَا وَلَيَالِيهَا قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ مُؤَلِّفُهُ السَّيِّدُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَنَفِيِّ الْحَمَوِيُّ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّتِهِ وَأَلْحَقَهُ تَعَالَى مَحَلَّ جَدِّهِ

ص: 323