المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فائدة شروط الإمامة المتفق عليها ثمانية] - غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر - جـ ٤

[أحمد بن محمد الحموي الحنفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ

- ‌أَنْوَاعُ الدُّيُونِ:

- ‌[تَذْنِيبٌ مَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

- ‌الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ:

- ‌[تَنْبِيهٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهَا]

- ‌الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ

- ‌ فَائِدَةٌ: مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ:

- ‌يَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ:

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ

- ‌خَاتِمَةٌ: أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ]

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ

- ‌[مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ]

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ حَبْسُ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ:

- ‌[قَاعِدَةٌ إذَا أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ عَلَيْهِ هَلْ يَقَعُ الْكُلُّ وَاجِبًا أَمْ لَا]

- ‌[فَائِدَةٌ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ الرَّجُلُ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا إلَّا أَنْ يَكْسِبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ]

- ‌[قَاعِدَةٌ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ لِلْعُمُومِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعُلُومُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا خَمْسَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمُؤْمِنُ مَنْ يَقْطَعُهُ خَمْسَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْكَنِيسَةَ إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ الْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ الْأَهْلِيَّةَ]

- ‌[فَائِدَةٌ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ مَوْضُوعٍ عَلَى دُكَّانٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَلَّى السُّلْطَانُ مُدَرِّسًا لَيْسَ بِأَهْلٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَدْرَسَةٌ بِهَا صُفَّةٌ لَا يُصَلِّي فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يُدَرَّسُ وَالْقَاضِي جَالِسٌ فِيهَا لِلْحُكْمِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْأَشْبَهُ]

- ‌فَائِدَةٌ: الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ]

- ‌الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْأَلْغَازِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[كِتَابُ الْعَتَاقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ وَفِيهِ فُصُولٍ] [

- ‌الْأَوَّلُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ الثَّانِي فِي الصَّوْمِ

- ‌الثَّالِثُ فِي الزَّكَاةِ

- ‌الرَّابِعُ فِي الْفِدْيَةِ)

- ‌[الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ]

- ‌السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ)

- ‌السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ)

- ‌الثَّامِنُ: فِي الْخُلْعِ

- ‌التَّاسِعُ: فِي الْأَيْمَانِ

- ‌الْعَاشِرُ: فِي الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌الْحَادِي عَشَرَ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌الثَّانِي عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ

- ‌الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ

- ‌الرَّابِعَ عَشَرَ. فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌السَّادِسَ عَشَرَ: فِي الْمُدَايَنَاتِ

- ‌السَّابِعَ عَشَرَ: فِي الْإِجَارَاتِ

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ فِي مَنْعِ الدَّعْوَى]

- ‌التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌الْعِشْرُونَ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الصُّلْحِ

- ‌الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الْكَفَالَةِ

- ‌الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الرَّهْنِ

- ‌الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ] [

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهَا بَعْضُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ

- ‌[الْفَنُّ السَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْحِكَايَاتُ وَالْمُرَاسَلَاتُ]

- ‌[مَسْأَلَة الْمَبِيعَ يُمْلَكُ مَعَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ]

- ‌[وَصِيَّةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَبِي يُوسُفَ]

الفصل: ‌[فائدة شروط الإمامة المتفق عليها ثمانية]

فَائِدَةٌ) : ذَكَرَ الْآمِدِيُّ 1 - أَنَّ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ:

الِاجْتِهَادُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِأَمْرِ الْحُرُوبِ وَتَدْبِيرِ الْجُيُوشِ، وَأَنْ تَكُونَ لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ لَا تَهُولُهُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَضَرْبُ الرِّقَابِ وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ، وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَرِعًا، بَالِغًا ذَكَرًا حُرًّا، نَافِذَ الْحُكْمِ، مُطَاعًا، قَادِرًا عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ. وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَكَوْنُهُ: قُرَشِيًّا وَهَاشِمِيًّا وَمَعْصُومًا وَأَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ، ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ مِنْ كِتَابِ الْإِمَامَةِ.

فَائِدَةٌ: كُلُّ إنْسَانٍ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يُعْلَمْ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَبِهِ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ غَيْبٌ عَنَّا، إلَّا الْفُقَهَاءَ فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا إرَادَتَهُ تَعَالَى بِهِمْ بِخَبَرِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ؛ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ) كَذَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْعِرَاقِيِّ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

[فَائِدَةٌ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ]

قَوْلُهُ: إنَّ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ إلَخْ أَقُولُ: فِي دَعْوَى الِاتِّفَاقِ عَلَى هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ نَظَرٌ. فَقَدْ ذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي كِتَابِهِ تُحْفَةُ التُّرْكِ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ فِي الْمَلِكِ قَالَ الْإِمَامُ وَأَصْحَابُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ السُّلْطَانِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا وَلَا مُجْتَهِدًا وَلَا عَدْلًا، بَلْ يَجِبُ التَّقْلِيدُ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ، وَأَصْلُهُ قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه فَإِنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم تَقَلَّدُوا مِنْ مُعَاوِيَةَ الْأَعْمَالَ بَعْدَمَا أَظْهَرَ الْخِلَافَ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي نَوْبَتِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي التُّرْكِ وَلَا فِي الْعَجَمِ فَلَا تَصِحُّ سَلْطَنَةُ التُّرْكِ عِنْدَهُمْ وَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُمْ لِلْقَضَاءِ مِنْ التُّرْكِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ. وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى وَفِيهِ مِنْ الْأَذَى لِلسُّلْطَانِ وَصَرْفِ الرَّعِيَّةِ عَنْهُ وَمُبَايَعَةِ الْجُنْدِ لَهُ مَا لَا يَخْفَى. وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَذْهَبَنَا أَوْفَقُ لِلتُّرْكِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (انْتَهَى) . وَفِي سِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِسَعِيدِ بْنِ عُمَرَ الْأَقْصُرَانِيِّ

ص: 147

فَائِدَةٌ: إذَا وَلَّى السُّلْطَانُ مُدَرِّسًا لَيْسَ بِأَهْلٍ لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَوْلِيَةِ غَيْرِ الْأَهْلِ خُصُوصًا أَنَّا نَعْلَمُ مِنْ سُلْطَانِ زَمَانِنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُوَلَّى الْمُدَرِّسُ عَلَى اعْتِقَادِ الْأَهْلِيَّةِ فَكَأَنَّهَا كَالْمَشْرُوطَةِ. وَقَدْ قَالُوا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: لَوْ وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا عَدْلًا فَفَسَقَ انْعَزَلَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا

ــ

[غمز عيون البصائر]

الشُّرُوطُ الَّتِي تَقْتَضِي الصَّلَاحِيَّةَ لِلْإِمَامَةِ نَوْعَانِ: فَنَوْعٌ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ وَنَوْعٌ يُشْتَرَط لِلِاسْتِحْبَابِ وَالْفَضِيلَةِ. فَشُرِطَ لِلْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ وَالشَّجَاعَةِ وَالشَّهَامَةِ ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهِ مُتَنَوِّعٌ إلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَفْسِهِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَسَبِهِ. فَنَبْدَأُ بِالْكَلَامِ فِي النَّسَبِ فَنَقُولُ: أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ فَرَوَى الْإِمَامُ أَنَّهُ قَالَ: الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَبِهِ قَالَ جَمِيعُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالشَّافِعِيُّ: وَقَالَ الرَّوَافِضُ: يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَعَيَّنُوا عَلِيًّا وَأَوْلَادَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.

وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ عُمَرَ الْغَطَفَانِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ قُرَيْشِيًّا أَوْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَلَا مَزِيَّةَ وَلَا فَضِيلَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ لَا شُبْهَةَ فِي فَضْلِ الْقُرَيْشِيِّ وَمَزِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: نَقَلَ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوَاهُ عَنْ ضِرَارِ بْنِ عُمَرَ الْغَطَفَانِيِّ مَا هُوَ أَبْدَعُ وَأَعْجَبُ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ قُرَشِيٌّ وَحَبَشِيٌّ كِلَاهُمَا قَائِمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْوَاجِبُ تَقْدِيمُ الْحَبَشِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِخَلْعِهِ إذَا عَادَ مِنْ طَرِيقِهِ (انْتَهَى) . وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا وَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقُرَشِيِّ وَإِنْ عُقِدَ الْعَقْدُ لِغَيْرِ الْقُرَشِيِّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصَّ عَلَى قُرَيْشٍ حَيْثُ قَالَ: «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَطِيعُوا وَلَوْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مَا حَكَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ فِيكُمْ» فَحَمَلَ الْإِمَامُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ عَلَى الْوُجُوبِ وَمَا رَوَى الْمُخَالِفُ عَلَى مَا إذَا أَنْفَذَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا، يَجِبُ عَلَى الْعَسْكَرِ أَنْ يُطِيعُوهُ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ عَمَلًا بِالدَّلَائِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي نَسَبِهِ، أَمَّا الْكَلَامُ فِي صِفَاتِهِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ مَا يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَنَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: يُضَمُّ إلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ كَوْنُهُ عَدْلًا حَتَّى لَوْ كَانَ

ص: 148

اعْتَمَدَ عَدَالَتَهُ صَارَتْ كَأَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ وَقْتَ التَّوْلِيَةِ.

قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ؛ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَكَذَلِكَ يُقَالُ إنَّ السُّلْطَانَ اعْتَمَدَ أَهْلِيَّتَهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً لَمْ يَصِحَّ تَقْرِيرُهُ خُصُوصًا إنْ كَانَ الْمُقَرَّرُ عَنْ مُدَرِّسٍ أَهْلٍ فَإِنَّ الْأَهْلَ لَمْ يَنْعَزِلْ وَصَرَّحَ الْبَزَّازِيُّ فِي الصُّلْحِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَعْطَى غَيْرَ الْمُسْتَحِقِّ فَقَدْ ظَلَمَ مَرَّتَيْنِ؛ بِمَنْعِ الْمُسْتَحِقِّ وَإِعْطَاءِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ. وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ رِسَالَةَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله إلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ: إنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ. وَعَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: إنَّ

ــ

[غمز عيون البصائر]

يَرْتَكِبُ نَوْعًا مِنْ الْفِسْقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَهَذَا الْقَوْلُ يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَى خِلَافِهِ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُ لَوْ اغْتَابَ الْإِمَامُ يُفَسَّقُ وَإِذَا فُسِّقَ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ عِنْدَهُ فَلَا تَصِحُّ قَضَايَاهُ وَلَا تَوْلِيَتُهُ وَلَا قِسْمَتُهُ وَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَقْطَارِ إنَابَتُهُ وَلَوْ أَقَامَ حَدًّا لَمْ يَكُنْ إلَيْهِ إقَامَتُهُ. وَعَنْ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفِسْقِ لَا يَخْلُو أَحَدٌ سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا، وَلَوْ خُلِّيَ عَنْ التَّكَلُّمِ لَا يَخْلُو عَنْ الِاسْتِمَاعِ وَلَوْ خُلِّيَ عَنْهُمَا لَا يَخْلُو عَنْ غَيْرِهِمَا فَيُؤَدِّي إلَى فَسَادِ أَمْرِ الْعَالَمِ وَالْوُقُوعِ فِي الْحَرَجِ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] كَيْفَ وَقَدْ خَرَجَ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ تَوْقِيعُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ فَيَلِيكُمْ الْبَارُّ بِبِرِّهِ وَالْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فِي كُلِّ مَا وَافَقَ الْحَقَّ فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ» .

فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّ الْأُمَّةَ ضِعَافٌ لَا يَقْدِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَنْزَجِرَ عَنْ كُلِّ فِسْقٍ فِي الْعَالَمِ فَأَخْبَرَ بِمَا أَخْبَرَ وَأَمَرَنَا بِأَنْ نَسْمَعَ وَنُطِيعَ أَوَامِرَهُ لِلْوُجُوبِ هَذَا إذَا كَانَ مَسْتُورًا مُتَحَاشِيًا، أَمَّا إذَا كَانَ مُعْلِنًا بِالْفِسْقِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْإِمَامَةِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ.

وَأَمَّا شَرَائِطُ الِاسْتِحْبَابِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ: يَنْبَغِي مِنْ طَرِيقِ الدِّينِ أَنْ يَعْقِدَ هَذَا الْعَقْدَ الْعَالِمُ التَّقِيُّ الْوَارِعُ الْأَرْيَحِيُّ الْبَصِيرُ بِالْأُمُورِ الْعَالِمُ بِمَصَالِحِ الْجُمْهُورِ الْمُجَرِّبُ لِأُمُورِ الْحَرْبِ الْخَبِيرُ بِالطَّعْنِ وَالضَّرْبِ، فَيَدْعُو إلَى الْمَكَارِمِ وَيَزْجُرُ النَّاسَ عَنْ الْفَوَاحِشِ وَالْقَبَائِحِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ

ص: 149