الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ
1 -
هُوَ سَجْدَتَانِ.
2 -
وَهِيَ وَاحِدَةٌ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
[مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ]
قَوْلُهُ: هُوَ سَجْدَتَانِ أَيْ: سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ يُكَبِّرُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ: أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَأْتِي بِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ مَرَّةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا، وَإِذَا كَانَ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ كَانَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى قَعْدَةَ الْخَتْمِ فَيُصَلِّي فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيَدْعُو بِحَاجَتِهِ لِيَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ وَالْأَذَانِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى قَعْدَةِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَإِنَّهَا هِيَ الْأَخِيرَةُ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا ضَحِكَ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ سُجُودِ السَّهْوِ فَإِنَّهُ لَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُنْتَقَضُ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْقَعْدَتَيْنِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: الْقَعْدَةُ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِهَا بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لِيَقَعَ خَتْمُ الصَّلَاةِ بِهَا لِيُوَافِقَ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ رُكْنًا فَلَا حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا. بِأَنْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ قَامَ وَذَهَبَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إذَا سَهَا عَنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ. وَاذَا عَادَ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ هَلْ تُرْفَضُ الْقَعْدَةُ كَمَا رُفِضَ إذَا عَادَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَالصَّلَاتِيَّةِ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ فِي فَتَاوَاهُ: أَنَّهُ لَا تُفْرَضُ الْقَعْدَةُ. وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ: وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(2)
قَوْلُهُ: وَهِيَ وَاحِدَةٌ إلَخْ أَيْ: سُجُودُ التِّلَاوَةِ، وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ أَوْ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ التَّأْنِيثَ. وَرُكْنُهَا وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا بِهِ
هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بَعْدَ السَّلَامِ.
4 -
وَهِيَ فِيهَا.
5 -
هُوَ لَا يَتَكَرَّرُ.
6 -
بِخِلَافِهَا، لَا يَقُومُ لَهُ.
7 -
وَيَقُومُ لَهَا، يَتَشَهَّدُ لَهُ وَيُسَلِّمُ بِخِلَافِهِمَا،
ــ
[غمز عيون البصائر]
تُوجَدُ. وَشَرَائِطُ جَوَازِهَا شَرَائِطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ مِنْ طَهَارَةِ الْبَدَنِ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ، وَطَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ. وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ: هُوَ الْمُخْتَارُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ سَجَدَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَاهِلًا. قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُجْزِيهِ إنْ كَانَ مُتَحَرِّيًا وَفِي الْهِدَايَةِ: وَمَنْ أَرَادَ السُّجُودَ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَا تَشَهُّدَ عَلَيْهِ وَلَا سَلَامَ (انْتَهَى) . وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَوْ سَجَدَ وَلَمْ يُكَبِّرْ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ. قَالَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَهَذَا يُعْلَمُ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا هَلْ يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ بِهَذَا التَّأْخِيرِ نَصَّ عِصَامٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ. (3) قَوْلُهُ: هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بَعْدَ السَّلَامِ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا فِي رِوَايَةِ الْأُصُولِ. وَرُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُجْزِيه.
(4)
قَوْلُهُ: وَهِيَ فِيهَا أَيْ: سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ إلَيْهِ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ التَّأْنِيثَ. وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ بَلْ كَمَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ يَكُونُ خَارِجَهَا عَلَى أَنَّ مَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ صَادِقٌ بِمَا يَكُونُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَمَا يَكُونُ فِي أَثْنَائِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْمُفَارَقَةُ بَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ إذَا وُجِدَ مُوجِبُهُ فِي الصَّلَاةِ.
(5)
قَوْلُهُ: هُوَ لَا يَتَكَرَّرُ أَيْ: سُجُودُ السَّهْوِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ مِرَارًا تَكْفِيه سَجْدَتَانِ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ.
(6)
قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ يَعْنِي تَتَكَرَّرُ إذَا لَمْ يَتَحَدَّ الْمَجْلِسُ.
(7)
قَوْلُهُ: وَيَقُومُ لَهَا إلَخْ أَيْ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ اسْتِحْبَابًا. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ:
الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُشَرَّعُ فِيهِ. مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ: سُجُودُ الشُّكْرِ لَا يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِهَا، وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ الشُّكْرِ. فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ يَقُومُ ثُمَّ يَسْجُدُ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ يَقُومُ ثُمَّ يَقْعُدُ.
(8)
قَوْلُهُ: الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَا يُشْرَعُ فِيهِ إلَخْ أَيْ: فِي سُجُودِ السَّهْوِ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَمَاذَا يَقُولُ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّسْبِيحِ مَا يَقُولُ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَحْسَنُوا قَوْلَ {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا} [الإسراء: 108] . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ إذَا سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ: أَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَقْرَأُ سُورَةَ ص تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَمَّا بَلَغْت آيَةَ السَّجْدَةِ خَرَّتْ الشَّجَرَةُ فَسَمِعْتهَا تَقُولُ فِي السُّجُودِ: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْ لِي بِهَا عِنْدَك ذُخْرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ إذَا قَرَأَ سُورَةَ ص سَجَدَ. وَقَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ مَا حَكَى لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنْ الشَّجَرَةِ» (انْتَهَى) .
وَقَوْلُهُ: لَا يُشْرَعُ، فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الذِّكْرَ الْمَشْرُوعَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَهُوَ سُبْحَةُ السُّجُودِ كَمَا فِي النُّقَايَةِ، أَيْ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّ الرُّكُوعَ يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَكَذَا السَّجْدَةُ الصَّلَاتِيَّةُ إنْ نَوَى بِهَا سُجُودَ التِّلَاوَةِ. وَكَذَا الرُّكُوعُ خَارِجَهَا فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ. وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ. وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ إمَامًا لِلرَّجُلِ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ دُونَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمِمَّا اشْتَرَكَا فِيهِ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ لَا تُفْسِدُهُمَا.
لَا وَاجِبَةٌ.
10 -
وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً؛ أَيْ: وُجُوبًا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: لَا وَاجِبَةٌ. قِيلَ: عَلَيْهِ هَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ الثَّابِتَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ بَلْ عَلَى هَذَا يُرْفَعُ الْخِلَافُ.
(10)
قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً أَيْ وُجُوبًا. أَقُولُ: رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يَكْرَهُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ لَا يَرَاهَا شَيْئًا. وَفِي الْقُدُورِيِّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَكْرَهُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ، يَعْنِي؛ لِأَنَّ النِّعَمَ كَثِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْجُدَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ فَيُؤَدِّيَ إلَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: نَحْنُ لَا نَكْرَهُهَا. وَتَكَلَّمَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ الْإِمَامُ لَا يَرَاهَا شَيْئًا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرَاهَا سُنَّةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرَاهَا شُكْرًا تَامًّا فَتَمَامُ الشُّكْرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السَّعْدِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ السِّيَرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَقَدْ وَرَدَّتْ فِيهِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ الصَّحَابَةِ وَالصَّالِحِينَ، فَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أُوتِيَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ لَعَنْهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَجَدَ لِلَّهِ خَمْسَ سَجَدَاتٍ شُكْرًا» . فَلَا تُمْنَعُ الْعِبَادُ عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَتَفْسِيرُهُ كَمَا فِي الْمُصَفَّى أَنْ يُكَبِّرَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُولَ سَاجِدًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيُسَبِّحَ ثُمَّ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ الْمَلَكِيِّ " وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ ". يَعْنِي لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ مَكْرُوهَةٌ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا. وَقَالَا: قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِسَجْدَةِ الشُّكْرِ، تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَهُمَا وَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُ لَهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَأَى مُبْتَلًى أَوْ سَمِعَ مَا يَسُرُّهُ يَسْجُدُ لِلَّهِ شُكْرًا. وَلَهُ أَنَّ التَّقَرُّبَ بِالرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يُتَقَرَّبُ بِمَا دُونَهَا. وَمَا رَوَيَاهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ نُسِخَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْبَتْرَاءِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْقُنْيَةِ: السَّجْدَةُ الَّتِي تَقَعُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالَ إذَا رَأَوْهَا اعْتَقَدُوهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً، وَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إلَى هَذَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَتَعْيِينِ السُّورَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
لِلصَّلَاةِ وَتَعْيِينِ الْقِرَاءَةِ لِوَقْتٍ وَنَحْوِهِ، فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهِ النَّفَلُ وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ (انْتَهَى) . وَذَكَرَ فِي التَّهْذِيبِ: " لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ سَجْدَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ الْمُطْلَقَةَ لَمْ يَرِدْ بِهَا الشَّرْعُ. وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ سَجْدَةُ الشُّكْرِ مَكْرُوهَةٌ.