المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الْقَوْلُ فِي الدَّيْنِ

- ‌أَنْوَاعُ الدُّيُونِ:

- ‌[تَذْنِيبٌ مَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ]

- ‌[الْكَلَامُ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ]

- ‌الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ:

- ‌[تَنْبِيهٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهَا]

- ‌الْقَوْلُ فِي الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ

- ‌ فَائِدَةٌ: مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ التَّعْلِيقَ

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ:

- ‌يَخْتَصُّ رُكُوبُ الْبَحْرِ بِأَحْكَامٍ:

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ

- ‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ

- ‌خَاتِمَةٌ: أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً

- ‌[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ]

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ مَسْحُ الْخُفِّ وَغَسْلُ الرِّجْلِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ

- ‌[مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْحَيْضُ وَالْجَنَابَةُ]

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَالصَّحِيحُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ حَبْسُ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ

- ‌مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ:

- ‌[قَاعِدَةٌ إذَا أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ عَلَيْهِ هَلْ يَقَعُ الْكُلُّ وَاجِبًا أَمْ لَا]

- ‌[فَائِدَةٌ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ الرَّجُلُ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا إلَّا أَنْ يَكْسِبَ أَرْبَعًا مَعَ أَرْبَعٍ]

- ‌[قَاعِدَةٌ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَى مَعْرِفَةٍ لِلْعُمُومِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْعُلُومُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَيْسَ مِنْ الْحَيَوَانِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا خَمْسَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمُؤْمِنُ مَنْ يَقْطَعُهُ خَمْسَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْكَنِيسَةَ إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ الْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ الْأَهْلِيَّةَ]

- ‌[فَائِدَةٌ الصَّلَاةُ عَلَى مَيِّتٍ مَوْضُوعٍ عَلَى دُكَّانٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِ الْقَضَاءِ وَفِقْهِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَلَّى السُّلْطَانُ مُدَرِّسًا لَيْسَ بِأَهْلٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ ثَلَاثَةٌ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَدْرَسَةٌ بِهَا صُفَّةٌ لَا يُصَلِّي فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يُدَرَّسُ وَالْقَاضِي جَالِسٌ فِيهَا لِلْحُكْمِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْأَشْبَهُ]

- ‌فَائِدَةٌ: الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ

- ‌[فَائِدَةٌ إذَا اجْتَمَعَ الْحَقَّانِ]

- ‌الْفَنُّ الرَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْأَلْغَازِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[كِتَابُ الْعَتَاقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[الْفَنُّ الْخَامِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْحِيَلِ وَفِيهِ فُصُولٍ] [

- ‌الْأَوَّلُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ الثَّانِي فِي الصَّوْمِ

- ‌الثَّالِثُ فِي الزَّكَاةِ

- ‌الرَّابِعُ فِي الْفِدْيَةِ)

- ‌[الْخَامِسُ فِي الْحَجِّ]

- ‌السَّادِسُ فِي النِّكَاحِ)

- ‌السَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ)

- ‌الثَّامِنُ: فِي الْخُلْعِ

- ‌التَّاسِعُ: فِي الْأَيْمَانِ

- ‌الْعَاشِرُ: فِي الْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌الْحَادِي عَشَرَ فِي الْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌الثَّانِي عَشَرَ فِي الشَّرِكَةِ

- ‌الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْهِبَةِ

- ‌الرَّابِعَ عَشَرَ. فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌السَّادِسَ عَشَرَ: فِي الْمُدَايَنَاتِ

- ‌السَّابِعَ عَشَرَ: فِي الْإِجَارَاتِ

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ فِي مَنْعِ الدَّعْوَى]

- ‌التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي الْوَكَالَةِ

- ‌الْعِشْرُونَ: فِي الشُّفْعَةِ

- ‌الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الصُّلْحِ

- ‌الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي الْكَفَالَةِ

- ‌الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحَوَالَةِ

- ‌الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الرَّهْنِ

- ‌الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْفَنُّ السَّادِسُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفُرُوقِ] [

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهَا بَعْضُ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ

- ‌[الْفَنُّ السَّابِعُ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ الْحِكَايَاتُ وَالْمُرَاسَلَاتُ]

- ‌[مَسْأَلَة الْمَبِيعَ يُمْلَكُ مَعَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ]

- ‌[وَصِيَّةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَبِي يُوسُفَ]

الفصل: ‌القول في أحكام المسجد

‌الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ

هِيَ كَثِيرٌ جِدًّا؛

1 -

وَقَدْ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ. فَمِنْهَا: تَحْرِيمُ دُخُولِهِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْعُبُورِ.

2 -

وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ يُخَافُ مِنْهَا التَّلْوِيثُ.

3 -

وَمَنْعُ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَنْعَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ فِيهِ إلَّا لِعُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّتِهِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِخَوْفِ التَّلْوِيثِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ لَهَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ]

قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. يَعْنِي أَكْثَرَهُمْ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَصَاحِبُ مُنْيَةِ الْمُفْتِي فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ.

(2)

قَوْلُهُ: وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ إلَخْ عَطَفَ عَلَى دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ فَمِنْهَا تَحْرِيمُ دُخُولِهِ عَلَى الْجُنُبِ، وَلِذَا قَالُوا يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَتَعَاهَدَ النَّعْلَ وَالْخُفَّ عَنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يَدْخُلَ فِيهِ احْتِرَازًا عَنْ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ.

(3)

قَوْلُهُ: وَمَنْعُ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى تَحْرِيمُ فِي قَوْلِهِ مِنْهَا تَحْرِيمُ دُخُولِهِ، وَالْمُرَادُ الْمَنْعُ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مَبْنِيًّا لِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ مَسْجِدٌ وَالْمَدْرَسَةُ لَا (انْتَهَى) . أَقُولُ إنَّمَا يَتِمُّ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ إذَا بَنَى لَهَا إذَا كَانَتْ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ كَوْنَ الْمَسْجِدِ لَمْ يُبْنَ إلَّا لِأَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا إذَا كَانَتْ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ خَوْفَ التَّلْوِيثِ فَلَا. وَقَوْلُهُ وَالْمَدْرَسَةُ لَا، لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هَذَا إذَا مُنِعَ أَهْلُهَا مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَسْجِدٌ.

ص: 53

وَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ تَنْزِيهِيَّةٌ.

5 -

وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَمْ يُعَلِّلْهُ أَحَدٌ مِنَّا بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى طَهَارَتِهِ بِالْغُسْلِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا. وَمِنْهَا: صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ فِيهِ. وَمِنْهَا: حُرْمَةُ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ.

6 -

وَمِنْهَا مَنْعُ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ بَعْدَ قَتْلِهَا فِيهِ. وَمِنْهَا: تَحْرِيمُ الْبَوْلِ فِيهِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ، وَأَمَّا الْقَصْدُ فِيهِ فِي إنَاءٍ فَلَمْ أَرَهُ.

7 -

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ. وَمِنْهَا مَنْعُ: أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ. قَالُوا فِي تُرَابِهِ؛ إنْ كَانَ مُجْتَمِعًا جَازَ الْأَخْذُ مِنْهُ وَمَسْحُ الرِّجْلِ عَلَيْهِ.

8 -

وَإِلَّا لَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ. قِيلَ عَلَيْهِ إنَّ التَّعْلِيلَ بِخَوْفِ التَّلْوِيثِ وَهُوَ أَمْرٌ وَهْمِيٌّ مُحْتَمَلٌ خِلَافُهُ إنَّمَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ التَّنْزِيهِيَّةَ وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ لِلتَّحْرِيمِ بِأَنَّ النَّهْيَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(5)

قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْأَوَّلُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ. أَقُولُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ بَلْ هُوَ مِنْ نَقَلَةِ الْمَذْهَبِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَكَى تَرْجِيحَهُ.

(6)

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَنْعُ إلْقَاءِ الْقَمْلَةِ بَعْدَ قَتْلِهَا فِيهِ. أَقُولُ الْمَنْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّنْزِيهِ لَا الْحُرْمَةِ وَلَا كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْقَمْلَةَ الْمَقْتُولَةَ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ فَالْمَنْعُ مِنْ إلْقَائِهَا فِي الْمَسْجِدِ لِاسْتِقْذَارِهَا لَا لِنَجَاسَتِهَا لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَيْتَةَ الْقَمْلِ وَالْبُرْغُوثِ وَالْبَقِّ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ فَتَأَمَّلْ.

(7)

قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ إلَخْ. أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا نَجَسٌ مُغَلَّظٌ.

(8)

قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا. أَقُولُ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَمَعَ الْمُنْبَسِطَ بِمَنْزِلَةِ أَرْضِ الْمَسْجِدِ فَيُكْرَهُ أَخْذُهُ يَعْنِي عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْمَالِ أَمَّا إذَا أَخَذَهُ لِلتَّبَرُّكِ فَجَائِزٌ كَمَا قَالُوا فِي تُرَابِ الْكَعْبَةِ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ كَانَ حَيْثُ كَانَتْ الْمَسَاجِدُ لَا تَنْبَسِطُ أَمَّا الْآنَ فَإِزَالَةُ التُّرَابِ وَرَفْعُهُ قُرْبَةٌ

ص: 54

وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْبُصَاقِ فِيهِ،

10 -

وَإِلْقَاءُ النُّخَامَةِ فَوْقَ الْحَصِيرِ أَخَفُّ مِنْ وَضْعِهَا تَحْتَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ دَفَنَهُ

11 -

وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ مَوْضِعٍ أُعِدَّ لِذَلِكَ لَا يُصَلِّي فِيهِ، 12 - أَوْ فِي إنَاءٍ

وَيُكْرَهُ مَسْحُ الرِّجْلِ مِنْ الطِّينِ عَلَى عَمُودِهِ وَالْبُزَاقُ عَلَى حِيطَانِهِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْبُصَاقِ. أَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ الْحُرْمَةِ هُنَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ: وَيُكْرَهُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ طَبْعًا فَيَجِبُ تَنْزِيَةُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ كَمَا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْ الْمُخَاطِ وَالْبَلْغَمِ.

(10)

قَوْلُهُ: وَإِلْقَاءُ النُّخَامَةُ فَوْقَ الْحَصِيرِ أَخَفُّ إلَخْ. أَقُولُ: لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْحَصِيرِ جُزْءٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْحَصِيرِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخُلَاصَةِ عِلَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَوَارِيَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ حَقِيقَةً لَكِنْ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَتَحْتَ الْبَوَارِي مَسْجِدٌ حَقِيقَةً.

(11)

قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِيهِ. أَقُولُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: وَاخْتُلِفَ فِي الْوُضُوءِ فِي الْمَسْجِدِ كَرِهَهُ الْإِمَامُ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَوْضِعٌ مُعَدٌّ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكْرَهْهُ مُحَمَّدٌ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَوَضَّأَ الْمُعْتَكِفُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وُضُوئِهِ إزَالَةُ قَذَرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا لَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ.

(12)

قَوْلُهُ: أَوْ فِي إنَاءٍ أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّوَضُّؤُ فِي إنَاءٍ فَلَا يُكْرَهُ أَقُولُ هَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَ فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَلْ فِي الْمُعْتَكِفِ فَقَطْ بِشَرْطِ عَدَمِ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا، قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَإِنْ غَسَلَ الْمُعْتَكِفُ رَأْسَهُ فِي الْمَسْجِدِ لَا بَأْسَ إذَا لَمْ يُلَوِّثْ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَنْظِيفَ الْمَسْجِدِ وَاجِبٌ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ فِي إنَاءٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (انْتَهَى) . بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ اُتُّخِذَ لِذَلِكَ لَا يُصَلَّى فِيهِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَوْ مَوْضِعٌ اُتُّخِذَ لِذَلِكَ لَا يُصَلِّي فِيهِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَوْ تَرَكَ

ص: 55

وَلَا يُحْفَرُ فِيهِ بِئْرُ مَاءٍ.

14 -

وَتُتْرَكُ الْقَدِيمَةُ.

وَيُكْرَهُ غَرْسُ الْأَشْجَارِ فِيهِ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ لِيَقِلَّ النَّزُّ.

15 -

وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ طَرِيقٍ فِيهِ لِلْمَرِّ إلَّا لِعُذْرٍ

16 -

وَتُكْرَهُ الصِّنَاعَةُ فِيهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ بِأَجْرٍ وَتَعْلِيمِ صِبْيَانٍ بِأَجْرٍ لَا بِغَيْرِهِ.

17 -

إلَّا لِحِفْظِ الْمَسْجِدِ فِي رِوَايَةٍ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْمُصَنِّفُ حَرْفَ الْجَرِّ لَكَانَ أَنْسَبَ لِمَا سَبَقَ.

(13)

قَوْلُهُ: وَلَا يُحْفَرُ فِيهِ بِئْرُ مَاءٍ. أَقُولُ: لِمَا فِيهِ مِنْ إذْهَابِ حُرْمَتِهِ، ثُمَّ الْحَافِرُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِحَفْرِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ كَمَا فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ.

(14)

قَوْلُهُ: وَتُتْرَكُ الْقَدِيمَةُ. أَقُولُ: كَبِئْرِ زَمْزَمَ.

(15)

قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ طَرِيقٍ فِيهِ لِلْمُرُورِ. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ لَهُ بَابَانِ فَأَكْثَرُ فَيَدْخُلُ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا وَعَدَمُ الْجَوَازِ صَادِقٌ بِالْحَرَامِ وَبِالْكَرَاهَةِ تَحْرِيمًا وَقَدْ صَرَّحَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي بِالْكَرَاهَةِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَّخِذُهُ طَرِيقًا فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ يُكْرَهْ (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ مُعْتَادُ ذَلِكَ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ (انْتَهَى) .

(16)

قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الصِّنَاعَةُ فِيهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَكِتَابَةٍ بِأَجْرٍ إلَخْ. قِيلَ عَلَيْهِ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَلَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ بِأُجْرَةٍ (انْتَهَى) . أَقُولُ: الَّذِي فِي نُسْخَتِي مِنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ كَالْكَاتِبِ فِي الْمَسْجِدِ بِأُجْرَةٍ (انْتَهَى) . فَلَعَلَّ لَا زَائِدَةٌ فِي نُسْخَتِهِ مِنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَفِي الْفَتْحِ: مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ كَالْكَاتِبِ إنْ بِأَجْرٍ لَا يَجُوزُ وَحِسْبَةٌ لَا بَأْسَ بِهِ (انْتَهَى) . وَفِي شَرْح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ: وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَرْوِيِّ «جَنِّبُوا مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ مَسَاجِدَكُمْ» انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ لَا.

(17)

قَوْلُهُ: إلَّا لِحِفْظِ الْمَسْجِدِ أَيْ: إلَّا إذَا كَانَتْ الصِّنَاعَةُ فِيهِ لِأَجْلِ حِفْظِ الْمَسْجِدِ لَا لِلتَّكَسُّبِ فَإِنَّ الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا

ص: 56

وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْمُصِيبَةِ

19 -

وَتُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ.

20 -

فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ كَفَتْهُ رَكْعَتَانِ كُلَّ يَوْمٍ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ فِيهِ لِلْمُصِيبَةِ. فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْمُصِيبَةِ يُكْرَهُ وَفِي غَيْرِهِ جَاءَتْ الرُّخْصَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْأَحْسَنُ تَرْكُهُ.

(19)

قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِدَاخِلِهِ. يَعْنِي قَبْلَ قُعُودِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا جَلَسَ قَبْلَ صَلَاتِهَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّهَا لِتَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَحُرْمَتِهِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا فَقُمْت فَرَكَعْتهمَا.» وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي عَدَمَ سُقُوطِهَا بِالْجُلُوسِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ الصَّحِيحِ لَكِنَّهُ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ التَّحِيَّةِ أَنْ يَجْلِسَ ثُمَّ يَقُومَ وَيُصَلِّيَ أَوْ يُصَلِّيَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ قَالُوا يُصَلِّي كُلَّمَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَهُوَ الصَّحِيحُ (انْتَهَى) . وَقَوْلُهُمْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ أَيْ: تَحِيَّةُ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ سُنَّةٌ إجْمَاعًا وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا الِاسْتِحْبَابَ لِاشْتِمَالِ السُّنَّةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَأَصْحَابُنَا يَكْرَهُونَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ تَقْدِيمًا لِعُمُومِ الْحَاضِرِ عَلَى الْمُبِيحِ.

وَفِي الْكِفَايَةِ: إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الْمِنْبَرِ تُكْرَهُ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فَإِنْ شَرَعَ فِيهَا قَطَعَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً ضَمَّ أُخْرَى وَسَلَّمَ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: الْمُصَلِّي إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إذَا كَانُوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ فَرْضٌ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ، وَالْإِتْيَانُ بِالْفَرْضِ أَوْلَى (انْتَهَى) . وَفِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَفِي مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا أَحْسَنُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ يَنُوبُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا دَخَلَهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ.

(20)

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ كَفَتْهُ رَكْعَتَانِ كُلَّ يَوْمٍ. أَقُولُ عَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحَرَجِ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَا سَلَفَ عَنْ الصَّحِيحَيْنِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ سِيَّمَا وَمَزِيدُ

ص: 57

وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ فِيهِ

22 -

وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ، وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِيهِ وَفَوْقَهُ كَالتَّخَلِّي

وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ 23 - لِمَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهَةٍ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَا كُلُّ مُؤْذٍ فِيهِ وَلَوْ بِلِسَانِهِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْقُرْبِ يَحْصُلُ بِمَا يُوجِبُ التَّقَرُّبَ اللَّهُمَّ لَا أَنْ يَخْتَصَّ عَدَمُ التَّكْرَارِ بِشَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ. وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ: فَإِنْ قِيلَ هَلْ تُسَنُّ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ كُلَّمَا دَخَلَهُ أَمْ لَا؟ قِيلَ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِتَحِيَّةِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ يُحَيِّهِ كُلَّمَا لَقِيَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا إذَا كَانَ نَائِيًا، أَمَّا إذَا كَانَ جَارَ الْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّيهَا كَمَا لَا يَحْسُنُ لِأَهْلِ مَكَّةَ طَوَافُ الْقُدُومِ (انْتَهَى) . وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ مَسْجِدَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ دَخَلَ أَحَدَهُمَا وَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ دَخَلَ الْآخَرَ فَهَلْ يُطْلَبُ لَهُ تَحِيَّتُهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُطْلَبُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ آخَرُ حَقِيقَةً.

قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُ النِّكَاحِ فِيهِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعِبَارَتُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ.

(22)

قَوْلُهُ: وَجُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ. عَطْفٌ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ أَيْ: يُسْتَحَبُّ جُلُوسُ الْقَاضِي فِيهِ أَقُولُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ نَقْلًا عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي: لَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْقَضَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُكْرَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ الْخَصْمَانِ لَا بَأْسَ بِفَصْلِ الْخُصُومَةِ وَإِنْ تَعَمَّدَ الذَّهَابَ إلَيْهِ فِي الْفَصْلِ يُكْرَهُ. لَنَا الْحَدِيثُ «بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» . وَالْحُكْمُ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ كَرِهَ أَصْحَابُنَا الْقَضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِي التَّفَارِيقِ عَنْ مُحَمَّدٍ يُكْرَهُ الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ الْأَفْضَلُ فِي الْجَامِعِ (انْتَهَى) .

(23)

قَوْلُهُ: لِمَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهَةٍ. الرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ الْمُؤَنَّثَاتِ السَّمَاعِيَّةِ لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الرِّيحُ الشَّيْءُ الطَّيِّبُ الرَّائِحَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَالرَّائِحَةُ النَّسِيمُ طَيِّبًا أَوْ نَتِنًا (انْتَهَى) . وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ هُنَا أَنْ يُقَالَ لِمَنْ أَكَلَ ذَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ وَذُو الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ قَالَ عليه الصلاة والسلام ".

ص: 58

وَمِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكُلُّ عَقْدٍ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ، وَيَجُوزُ لَهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْ السِّلْعَةَ.

25 -

وَإِنْشَادُ الضَّالَّةِ

26 -

وَالْأَشْعَارِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

«مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا» . وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ «أَوْ فُجْلًا لِيَعْتَزِلَنَّ مِنْ مَسْجِدِنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» . وَذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الطِّبِّ النَّبَوِيِّ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ أَوَّلِ أَكْلِ الْفُجْلِ لَمْ يَجِدْ لَهُ رِيحًا خَبِيثًا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إلَّا بَخْرٌ وَمَنْ بِهِ صُنَانٌ مُسْتَحْكَمٌ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَأَوْلَى وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وُجِدَ مِنْهُ رِيحُ الثُّومِ يُؤْخَذُ بِيَدِهِ وَيُخْرَجُ إلَى الْبَقِيعِ وَلِلْغَيْرِ مَنْعُهُ مِنْ الْوُقُوفِ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَيُمْنَعُ الْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ مِنْ السِّقَايَاتِ الْمُسْبَلَةِ لِلشُّرْبِ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَحُكْمُ مَنْ رَائِحَةُ ثِيَابِهِ كَرِيهَةٌ كَثِيَابِ الزَّيَّاتِينَ وَالدَّبَّاغِينَ وَنَحْوِهِمْ حُكْمُ أَكْلِ الثُّومِ، وَعَنْ مَالِكٍ رحمه الله إنَّ الزَّيَّاتِينَ يَتَأَخَّرُونَ وَلَا يَتَقَدَّمُونَ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ بَلْ يَقْعُدُونَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ كَذَا أَفَادَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَى شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ.

(24)

قَوْلُهُ: وَمِنْ الْبَيْعِ. عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَلِذَا أَعَادَ الْجَارُ.

(25)

قَوْلُهُ: وَإِنْشَادُ الضَّالَّةِ. إنْشَادُهَا: تَعْرِيفُهَا وَالِاسْتِرْشَادُ عَنْهَا ضِدٌّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ هُنَا بِقَوْلِ مَنْ سَمِعَ بَيَّنَ لِهَذَا وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْجَارِ.

قَوْلُهُ: وَالْأَشْعَارُ أَيْ: وَإِنْشَادُ الْأَشْعَارِ عَلَى طَرِيقِ إيجَازِ الْحَذْفِ لَا الِانْسِحَابِ بِطَرِيقِ الْعَطْفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ فِي الْإِثْبَاتِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إذْ مَعْنَى إنْشَادِ الْأَشْعَارِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْمَنْعُ مِنْ إنْشَادِ الشَّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مَذْمُومٌ كَهَجْوِ الْمُسْلِمِ وَصِفَةِ الْخَمْرِ وَذِكْرِ النِّسَاءِ وَالْمُرْدَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْمُومٌ شَرْعًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَدْحِ النُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى حِكْمَةٍ أَوْ بَاعِثًا عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالزُّهْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ فَلَا بَأْسَ بِإِنْشَادِهِ فِي الْمَسْجِدِ.

ص: 59

وَالْأَكْلُ وَالنَّوْمُ لِغَيْرِ غَرِيبٍ وَمُعْتَكِفٍ

28 -

وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ، كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ

29 -

وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إلَّا لِلْمُتَفَقِّهَةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ وَالنَّوْمُ لِغَيْرِ غَرِيبٍ وَمُعْتَكِفٍ. فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي يُكْرَهُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ فِيهِ لِغَيْرِ مُعْتَكِفٍ وَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ فَيَدْخُلَ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى مَا نَوَى أَوْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَفْعَلَ مَا شَاءَ

قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ الْمُبَاحُ أَيْ: يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ. أَقُولُ مَحَلُّهُ أَنْ نَجْلِسَ لَهُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَمَّا أَنْ تَحْدُثَ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَلَا يُكْرَهُ (انْتَهَى) . قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ: الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ لَا يُبَاحُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ مَا بُنِيَتْ لِأُمُورِ الدُّنْيَا. وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْمُبَاحَ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا حَرَامٌ فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يُتَكَلَّمُ فِي الْمَسَاجِدِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الْمَسَاجِدِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا أَحْبَطَ اللَّهُ عَنْهُ عَمَلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ يُكْرَهُ الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا لِلْعِبَادَةِ مَا دُونَ فِيهِ شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ كَانُوا يُلَازِمُونَ الْمَسْجِدَ وَكَانُوا يَنَامُونَ فِيهِ وَيَتَحَدَّثُونَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مَأْثَمٌ؟ وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا يَجُوزُ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ خَلْفٍ جَاءَهُ غُلَامُهُ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَّمَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَا تَكَلَّمْتُ فِي الْمَسْجِدِ بِكَلَامِ الدُّنْيَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ.

قَوْلُهُ: وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ إلَخْ. أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَيَمْنَعُ مِنْهُ وَالتَّقْدِيرُ وَيُمْنَعُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْمَنْعِ لِلتَّحْرِيمِ وَالْمَنْعِ لِلْكَرَاهَةِ وَقَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُ الْبَزَّازِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْجَهْرُ بِالذِّكْرِ حَرَامٌ وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سَمِعَ قَوْمًا اجْتَمَعُوا فِي مَسْجِدٍ يُهَلِّلُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام جَهْرًا فَرَاحَ إلَيْهِمْ وَقَالَ مَا عَهِدْنَا ذَلِكَ عَلَى عَهْدِهِ عليه الصلاة والسلام وَمَا أَرَاكُمْ إلَّا مُبْتَدِعِينَ فَمَا زَالَ يَذْكُرُ

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

ذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجَهُمْ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت الْمَذْكُورُ فِي الْفَتَاوَى إنَّ الْجَهْرَ بِالذِّكْرِ لَوْ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُمْنَعُ احْتِرَازًا عَنْ الدُّخُولِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114] وَصَنِيعُ ابْنِ مَسْعُودٍ يُخَالِفُ قَوْلَكُمْ. قُلْت الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمَسْجِدِ لَوْ نُسِبَ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِاعْتِقَادِهِمْ الْعِبَادَةَ فِيهِ وَتَعْلِيمَ النَّاسِ بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَالْفِعْلُ الْجَائِزُ يَكُونُ غَيْرَ جَائِزٍ لِغَرَضٍ يَلْحَقُهُ فَكَذَا غَيْرُ الْجَائِزِ يَجُوزُ أَنْ يَجُوزَ لِغَرَضٍ كَمَا تَرَكَ صلى الله عليه وسلم الْأَفْضَلَ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ وَمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ لِرَافِعِي أَصْوَاتِهِمْ بِالتَّكْبِيرِ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ لَنْ تَدْعُوا أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا إنَّهُ مَعَكُمْ» الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّفْعِ مَصْلَحَةٌ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي غَزَاةٍ وَعَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ نَحْوَ بِلَادِ الْعَدُوِّ خُدْعَةٌ وَلِهَذَا نَهَى عَنْ الْجَرَسِ فِي الْمَغَازِي.

وَأَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ فَجَائِزٌ كَمَا فِي الْآذَانِ وَالْخُطْبَةِ وَالْحَجِّ، وَالِاخْتِلَافُ فِي عَدَدِ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ سُنَّةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ فَيُتِمُّ صَلَاةً، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ سُنَّةَ الْأَرْبَعِ مِنْ الظُّهْرِ بِتَسْلِيمَةٍ أَوْلَى أَمْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ؟ وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ تَكُونُ بِدْعَةً أَوْ حَرَامًا. وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعَالِبِيِّ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ أَيْ: بِالْجَهْرِ بِالدُّعَاءِ مِنْ الِاعْتِدَاءِ فَيَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ وَفِي أَجْوِبَةِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ الْخُوَارِزْمِيِّ أَنَّهُ بِدْعَةٌ لَا تُجِيزُ وَلَا تَمْنَعُ ثُمَّ قَالَ: جَوَّزَهُ مُحِبُّ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ تَعَالَى كَثِيرًا (انْتَهَى) .

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِبَيَانِ ذِكْرِ الذَّاكِرِ لِلْمَذْكُورِ وَالشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ مَا نَصُّهُ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ سَلَفًا وَخَلَفًا عَلَى اسْتِحْبَابِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى جَمَاعَةً فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ إلَّا أَنْ يُشَوِّشَ جَهْرُهُمْ بِالذِّكْرِ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ قَارِئٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَقَدْ شَبَّهَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ ذِكْرَ الْإِنْسَانِ وَحْدَهُ وَذِكْرَ الْجَمَاعَةِ بِأَذَانِ الْمُنْفَرِدِ وَأَذَانِ الْجَمَاعَةِ قَالَ: فَكَمَا أَنَّ أَصْوَاتَ الْمُؤَذِّنِينَ جَمَاعَةً تَقْطَعُ جُرْمَ الْهَوَى أَكْثَرَ مِنْ صَوْتِ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ ذِكْرُ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ أَكْثَرُ تَأْثِيرًا فِي رَفْعِ الْحُجُبِ الْكَثِيفَةِ مِنْ ذِكْرِ شَخْصٍ وَاحِدٍ.

ص: 61

وَاخَرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ مِنْ الدُّبُرِ

31 -

وَالْخُصُومَةُ

32 -

وَيُسَنُّ كَنْسُهُ وَتَنْظِيفُهُ وَتَطْيِيبُهُ

33 -

وَفُرُشُهُ وَإِيقَادُهُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ مِنْ الدُّبُرِ. أَيْ: يُكْرَهُ.

أَقُولُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الَّذِي يَفْسُو فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَرَهُ بَعْضُهُمْ بَأْسًا وَبَعْضُهُمْ لَا يَفْسُو بَلْ يَخْرُجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ انْتَهَى. وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى بِمَا يَتَأَذَّى بِهِ بَنُو آدَمَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ.

(31)

قَوْلُهُ: الْخُصُومَةُ أَيْ: وَيُمْنَعُ مِنْ الْخُصُومَةِ فِيهِ.

(32)

قَوْلُهُ: وَيَسُنُّ كَنْسُهُ إلَخْ. وَكَذَا إزَالَةُ مَا فِيهِ مِنْ نُخَامَةٍ وَنَحْوِهَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ فِي الْمَحَالِّ وَنَظِّفُوهَا وَطَيِّبُوهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَعَنْ الْحَسَنِ «أَنَّ مُهُورَ الْحُورِ الْعِينِ إخْرَاجُ الْقُمَامَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَنْسُهَا وَعِمَارَتُهَا» وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ وَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ قَالَ يَا بَرْقَاءُ ائْتِنِي بِجَرِيدَةٍ فَأَتَاهُ بِهَا فَاحْتَجَرَ عُمَرُ بِثَوْبِهِ فَكَنَسَهُ

(33)

قَوْلُهُ: وَفُرُشُهُ وَإِيقَادُهُ.

أَيْ: وَقْتَ الصَّلَاةِ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الظُّلْمَةَ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا يُفْعَلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبُلْدَانِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ الْكَثِيرَةِ فِي لَيَالِي مَعْرُوفَةٍ فِي السُّنَّةِ كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ خُصُوصًا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُضَاهَاةُ الْمَجُوسِ فِي الِاعْتِبَارِ بِالنَّارِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا، وَمِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ اجْتِمَاعِ الصِّبْيَانِ وَأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَلَعْبِهِمْ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ وَامْتِهَانِهِمْ بِالْمَسَاجِدِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا وَحُصُولِ أَوْسَاخٍ فِيهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي يَجِبُ صِيَانَةُ الْمَسَاجِدِ عَنْهَا وَمِنْ الْمَفَاسِدِ مَا يُجْعَلُ فِي الْجَوَامِعِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ وَتَرْكِهَا إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعَ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْعِيدِ وَهُوَ حَرَامٌ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ وُقُودُ الشُّمُوعِ الْكَثِيرَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا بِمَقَامِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدَوِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَاتِهِ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ وُقُودُ الشُّمُوعِ الْكَثِيرَةِ لَيْلَةَ عَرَفَةَ. وَفِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ: وَلِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ

ص: 62

وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عِنْدَ دُخُولِهِ وَعَكْسُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَمَنْ اعْتَادَ الْمُرُورَ فِيهِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ، وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ مَكَان فِيهِ لِصَلَاتِهِ،

35 -

وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالْمُلَازَمَةِ فَلَا يُزْعِجُ غَيْرَهُ لَوْ سَبَقَهُ إلَيْهِ، وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ جَعْلُ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ مَسْجِدَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

يَفْرِشُوا الْمَسْجِدَ بِالْآجُرِّ وَالْحَصِيرِ وَيُعَلِّقُوا الْقَنَادِيلَ لَكِنْ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ لَا مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ (انْتَهَى) . أَقُولُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِذَلِكَ.

(34)

قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عِنْدَ دُخُولِهِ إلَخْ. يَعْنِي كَمَا يَفْعَلُ دَاخِلُ الْحَرَمِ وَالْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْأَمَاكِنِ الشَّرِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطَهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ فَلْيَخْلَعْ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى.

قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِذَا خَلَعَ الْإِنْسَانُ نَعْلَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى لَمْ يُدْخِلْهَا الْمَسْجِدَ أَوَّلًا بَلْ يَدَعْهَا مَخْلُوعَةً عَلَى النَّعْلِ ثُمَّ يَخْلَعْ الْيُمْنَى وَيُدْخِلْهَا الْمَسْجِدَ ثُمَّ يُدْخِلْ الْيُسْرَى.

(35)

قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالْمُلَازَمَةِ إلَخْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ مُعَلِّلًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَعَزَاهُ إلَى النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ جَهْلُ بَعْضِ مُدَرِّسِي زَمَانِنَا مِنْ مَنْعِهِمْ مَنْ يَدْرُسُ فِي مَسْجِدٍ تَقَرَّرَ فِي تَدْرِيسِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِمْ لِذَلِكَ زَاعِمِينَ الِاخْتِصَاصَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مُطْلَقًا أَنْ يَمْنَعَ مُؤْمِنًا مِنْ عِبَادَةٍ يَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ إلَّا لَهَا مِنْ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ وَذِكْرٍ شَرْعِيٍّ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ تَعَلُّمِهِ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، وَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ مَخْصُوصٌ لِأَحَدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلْمُدَرِّسِ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يُدَرِّسُ فِيهِ فَسَبَقَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إزْعَاجُهُ وَإِقَامَتُهُ مِنْهُ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ فِي الْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْعَصْرِ: لَهُ فِي الْمَسْجِدِ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ

ص: 63