الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ:
1 -
الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ حَدِيثُ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ، وَبَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مَا هُوَ وَبِمَنْ يُعْتَبَرُ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا؛ 2 - فَيَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَسْمِيَةِ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْحُرِّ وَالْقُرْآنِ وَخِدْمَةِ زَوْجٍ حُرٍّ وَنِكَاحٍ آخَرَ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[الْكَلَامُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ]
قَوْلُهُ: الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ حَدِيثُ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ.
وَهُوَ مَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ وَالْجَامِعِ لِلتِّرْمِذِيِّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِهِ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ وَاشِقٍ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَبِرْوَعُ كَجَرْوَلَ وَلَا يُكْسَرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: أَهْلُ الْحَدِيثِ يَرَوْنَهَا بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغَةِ فَيَفْتَحُونَ الْبَاءَ وَيَقُولُونَ:
إنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَرَبِيَّةِ فِعْوَلٌ إلَّا خِرْوَعٌ لِهَذَا الثَّبْتِ الْمَعْرُوفِ وَعِتْوَدٌ اسْمُ وَادٍ (انْتَهَى) . وَهُوَ تَابِعٌ لِلْجَوْهَرِيِّ وَقَدْ اُسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَيُفْتَحُ أَوَّلُهُ وَذَرْوَدُ وَعَتْوَرُ.
(2)
قَوْلُهُ: فَيَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ. أَقُولُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ: " إنَّ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ بِتَمَامِهِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَشْتَرِطَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا شَيْئًا " لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْمُحِيطِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ هَذَا الْعَبْدَ يُقْسَمُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَعَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَذَلَتْ الْبُضْعَ وَالْعَبْدَ بِإِزَاءِ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَالْبَدَلُ يَنْقَسِمُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمُبْدَلِ فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَالْبَيْعُ فِيهِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهَا بَاعَتْهُ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ وَالْبَاقِي يَصِيرُ مَهْرًا (انْتَهَى) . وَيُخَالِفُهُ مَا نَقَلَاهُ أَيْضًا: لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنْ تُعْطِينِي عَبْدَك هَذَا فَقَبِلَتْ جَازَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ
وَمَجْهُولُ الْجِنْسِ.
4 -
وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي عَلَى خَطَرٍ وَفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ لَهَا مِنْ الْمَنَافِعِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ فِي الْكُلِّ أَوْ الْمَوْتِ. وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَهُ؛ فَالْمُتْعَةُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
لَهُ مِنْ الْعَبْدِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ. وَقَدْ يُقَالُ: أَنَّ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُجْعَلْ الْعَبْدُ مَبِيعًا بَلْ هِبَةً فَلَا يَنْقَسِمُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْإِعْطَاءَ وَالْعَطِيَّةَ وَالْهِبَةَ وَفِي الْأَوَّلِ جَعَلَ الْعَبْدَ مَبِيعًا فَانْقَسَمَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذَكَرَ الدُّعَاءَ لَا الْإِعْطَاءَ (انْتَهَى) .
(3)
قَوْلُهُ: وَمَجْهُولُ الْجِنْسِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ أَجْنَاسٌ شَتَّى كَالْحَيَوَانِ وَالدَّابَّةِ فَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ بِالْإِرَادَةِ فَصَارَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً وَقَدْ فُسِّرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ الْجِنْسُ بِالنَّوْعِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُتَّفِقِينَ بِالْأَحْكَامِ كَرَجُلٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّوْبَ تَحْتَهُ الْكَتَّانُ وَالْقُطْنُ وَالْحَرِيرُ وَالْأَحْكَامُ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الثَّوْبَ الْحَرِيرَ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَغَيْرُهُ يَحِلُّ فَهُوَ جِنْسٌ عِنْدَهُمْ وَكَذَا الْحَيَوَانُ تَحْتَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ وَغَيْرُهُمَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْجَهَالَةُ أَفْحَشُ مِنْ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَمَهْرُ الْمِثْلِ أَوْلَى وَهُوَ الضَّابِطُ هُنَا سَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ كَذَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ.
وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ يَجُوزُ إطْلَاقُ الْجِنْسِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْأَمْرِ الْعَامِّ سَوَاءٌ كَانَ جِنْسًا عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ أَوْ نَوْعًا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْخَاصِّ كَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ نَظَرًا إلَى فُحْشِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ وَالْأَحْكَامِ كَمَا يُطْلَقُ النَّوْعُ عَلَيْهِمَا نَظَرًا إلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِنْسَانِيَّةِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُشَرِّعِينَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْتَفِتُوا إلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفَلَاسِفَةُ كَمَا فِي النُّطَفِ.
(4)
قَوْلُهُ: وَالتَّسْمِيَةُ الَّتِي عَلَى خَطَرٍ وَفَوَاتُ مَا شَرَطَ لَهَا مِنْ الْمَنَافِعِ. كَمَا لَوْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَلْفٍ إنْ أَقَامَ بِهَا وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا فَإِنْ وَفَّى وَأَقَامَ فَلَهَا الْأَلْفُ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالضَّابِطُ فِي الْأُولَى أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا قَدْرَ أَوْ مَهْرَ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْهُ يَشْتَرِطُ لَهَا مَنْفَعَةً أَوْ لِأَبِيهَا أَوْ لِذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنْ وَفَّى بِمَا شَرَطَ فَلَهَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ صَلُحَ مَهْرًا وَقَدْ تَمَّ رِضَاهَا بِهِ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى لَهَا مَا فِيهِ نَفْعٌ فَعِنْدَ فَوَاتِهِ يَنْعَدِمُ رِضَاهَا بِالْمُسَمَّى فَيُكَمِّلُ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إنْ زَادَ عَلَى الْأَلْفِ وَإِنْ سَاوَى الْأَلْفَ أَوْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْهُ لَهَا الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ رَضِيَ بِذَلِكَ.
وَالضَّابِطُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ
وَلَا يُنْتَصَفُ، وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ.
6 -
وَفِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يُقَدَّرْ الْمِلْكُ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ؛ كَمَا فِي أَمَةِ ابْنِهِ.
7 -
إذَا أَحَبْلَهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ
بَيَانُ مَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ وَمَا لَا يَتَعَدَّدُ: أَمَّا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ؛ فَجَعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُنْقَسِمًا عَلَى عَدَدِ الْوَطْآتِ تَقْدِيرًا فَلَا يَتَعَدَّدُ فِيهِ.
8 -
كَمَا لَا يَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ إذَا لَمْ تَحْبَلْ وَكَذَا بِوَطْءِ السَّيِّدِ مُكَاتَبَتَهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
يُسَمِّيَ لَهَا مَهْرًا عَلَى تَقْدِيرٍ وَمَهْرًا آخَرَ عَلَى تَقْدِيرٍ آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَقَامَ بِهَا كَانَ لَهَا الْأَلْفُ لِعَيْنِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا تَمَّ رِضَاهَا بِذَلِكَ وَإِنْ أَخْرَجَهَا كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى أَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَلَا يُنْتَقَصُ عَنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ لِعَيْنِ مَا قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.
(5)
قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَصَفُ. أَيْ: مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ يَخْتَصُّ بِالْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ.
(6)
قَوْلُهُ: وَفِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِلْكَ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ. أَيْ يَجِبُ بِالْوَطْءِ إنْ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِلْكَ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ فَإِنْ قَدَّرَ فَلَا مَهْرَ.
(7)
قَوْلُهُ: إذَا أَحْبَلَهَا.
أَقُولُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ كُلُّ مَوْضِعٍ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ مِمَّا ذَكَرْنَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الِابْنِ وَعَلِقَتْ مِنْهُ وَادَّعَى نَسَبَهُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي النِّكَاحِ (انْتَهَى) . وَقَدْ أَفَادَ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْحَبَلِ وَقَدْ اكْتَفَى هُنَا. أَقُولُ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْعُلُوقُ وَدَعْوَةُ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَقَدَّمُهُ فَصَارَ وَاطِئًا مِلْكَ نَفْسِهِ
(8)
قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَتَعَدَّدُ بِوَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ إذَا لَمْ تَحْبَلْ.
كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إذَا حَبِلَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.