الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يأمن ولا يقنط وييأس، بل يخاف ويحذر ولا يقنط ولا ييأس، فلا قنوط ولا يأس ولا أمن من مكر الله، ولكن بين ذلك، يعبد الله بين الخوف والرجاء، ويحسن ظنه بربه، ويرجو رحمته مع خوفه من عقابه وغضبه ومعاقبته، بسبب معاصيه وسيئاته، وهكذا الواجب على المؤمن أن يكون في سيره إلى الله بين الرجاء والخوف، لكن في حال الصحة، رأى بعض السلف أن يغلب جانب الخوف حتى يحذر وحتى يتباعد عن المعاصي، وبكل حال الواجب أن يسير إلى الله بين الرجاء والخوف، لا أمن ولا قنوط، وفق الله الجميع.
14 -
بيان أن تعظيم حرمات الله
والحذر من الوقوع فيها من علامات الخوف منه تعالى
س: أمامي رسالة تصور بعض الحالات النفسية التي تنتاب بعض الشباب، هذا شاب يقول: إنني فتى في السابعة عشرة، أؤدي ولله الحمد ما افترضه الله جل وعلا على عباده من أركان الإسلام وواجباته، وأجاهد نفسي على جعلها في أتم صورة، إلا أن في نفسي شعورا أحس من خلاله أنني أرتكب معصية موبقة، وأيضا توقعني في عذاب الله وسخطه، وقد ارتكبته من حيث لا أشعر، وأحس أنني مثل عبد كان عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي أصابه سهم من الكفار،
في حرب خيبر، فاقل المسلمون: هنيئا له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها من المغانم يوم خيبر، لم تصبها القسمة لتشتعل عليه نارا (1)» خلاصة الأمر أنني في معصية لا أعرفها، أرجو إجابتي نحو هذا الشعور، هل هو دليل خير وتقوى، أم دليل على غير ذلك؟ وأرجو التعليق على هذا جزاكم الله خيرا (2).
ج: هذا من الدلائل على شدة خوفك من الله عز وجل، وتعظيمك لحرماته، فأنت على خير إن شاء الله، وعليك أن تبتعد عن هذا الخوف الذي لا وجه له، لأنه من الشيطان ليتعبك ويقلقك، ويضيق عليك حياتك، فاعرف أنه من عدو الله، لما رأى منك المحبة للخير، ورأى منك الغيرة لله، ورأى منك المبادرة للخيرات، أراد أن يتعبك، فاعصه وابتعد عما أراده منك، واطمئن إلى ربك واعلم أن التوبة كافية، وإن كان الذنب أعظم من كل عظيم فتوبة الله فوق ذلك، وليس هناك ذنب أعظم من الشرك، والمشرك متى تاب تاب الله عليه، وغفر له، فأنت
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم، برقم 6707، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة، برقم 115.
(2)
السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 88.
عليك بالتوبة مما قد علمت أنك فعلته، وبعد التوبة ينتهي كل شيء، ولا ينبغي لك أن توسوس أو تطيع عدو الله في هذا الخجل، أو في هذا الخوف الذي قد يضرك، ولكن تعلم أنك بحمد الله قد فزت فوزا عظيما بالتوبة الصادقة النصوح، كما قال المولى سبحانه:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (1) وهناك آيات أعظم في المعنى وهي: أن العبد متى تاب وأتبع التوبة بالإيمان والعمل الصالح أبدل الله تلك السيئة حسنة، جعل مكان كل سيئة حسنة، كما قال سبحانه في سورة الفرقان:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (2){يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (3){إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (4) فأخبر سبحانه أنه يبدل سيئات هؤلاء حسنات، بسبب توبتهم الصادقة وإيمانهم وعملهم الصالح، فأنت بذكرك ذنبك الذي أشرت إليه، وتوبتك فيه من متابعتك ما جرى منك، من الأعمال الصالحة وبالإيمان والتصديق، والرغبة فيما عند الله، فالله سبحانه يبدلك بدل تلك السيئة حسنة، وهكذا جميع السيئات التي يتوب منها العبد، ويبدلها بالإيمان والعمل الصالح، الله يبدلها له حسنات سبحانه وتعالى فضلا منه وإحسانا.
(1) سورة طه الآية 82
(2)
سورة الفرقان الآية 68
(3)
سورة الفرقان الآية 69
(4)
سورة الفرقان الآية 70