الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عليه الصلاة والسلام: «ألا اشهدوا أن دمها هدر (1)» ؛ لأنها سبت الرسول عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء أن يحذروا هذا الأمر وهذه الجريمة العظيمة، وأن يحذروها الناس وأن يصرفوا ألسنتهم عن سب الله ورسوله، أو الاستهزاء بالله ورسوله أو الاستهزاء بشرعه، أو بما أخبر به عن الآخرة، يجب على أهل الإسلام أن يصونوا ألسنتهم، وأن يحفظوها عن كل ما يتعلق بالسب والشتم والاستهزاء، رزق الله الجميع العافية والسلامة.
(1) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 4070.
51 -
حكم العذر بالجهل فيمن يسب الدين
س: يقول: سمعت أن الذي يسب الدين كافر، فهل يتساوى في ذلك الذي يعرف أن سب الدين يخرج من الملة، مع الذي لا يعرف أنه يخرج من الملة، وفي أمور الدين يعذر الإنسان بجهله؟ وأي الأمور التي لا يعذر فيها الإنسان بجهله؟ أرجو من الله ثم منكم أن تشرحوا هذه القضية شرحا وافيا؛ لأن أناسا يشيعون ويقولون: إن العذر بالجهل وارد، فيدعون الجهل.
ج: من كان بين المسلمين لا يعذر بالجهل في مثل هذا، سب الدين ردة عن الإسلام، وترك الصلاة ردة عن الإسلام، وجحد وجوبها ردة عن الإسلام، هكذا سب الله، سب الرسول، الاستهزاء بالله، أو الاستهزاء بالرسول كل هذه ردة، لا يعذر فيها بالجهل، وهو بين المسلمين؛ لأن هذه معروف بين المسلمين، ومضطر ضرورة، معرفة هذا بين المسلمين، لا يخفى على أحد، ولو قال: إن الزنى حلال أو الخمر حلال. كذلك ردة عن الإسلام، يعني هذا شيء لا يخفى، أما إنسان في جاهلية لا يعرف الإسلام، وليس عند المسلمين، هذا حكمه حكم أهل الفترة، إذا مات على ذلك فأمره إلى الله، يمتحن يوم القيامة، لكن من كان بين المسلمين وسب الدين أو استهزأ بالله أو بالرسول، أو ترك الصلاة أو جحد وجوب الصلاة، أو جحد وجوب الزكاة، أو جحد وجوب صوم رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو قال: إن الزنى حلال، أو الخمر حلال، أو العقوق للوالدين حلال. كل هذا ردة، ما يعذر فيه بالجهل؛ لأن هذه أمور ظاهرة من الدين، معلوم من الدين بالضرورة، يعرفها الخاص والعام بين المسلمين.
س: ما الحكم الشرعي للشخص الذي يرتكب جريمة سب الدين وهو متزوج؟ إذا كنت حوله أو قريبا منه فما الواجب الذي أقوم به نحو هذا الشخص؟ وشكرا (1).
ج: سب الدين من أعظم الجرائم في الإسلام، وهو من الجرائم الكفرية، ومن نواقض الإسلام، ومن أنواع الردة عن الإسلام، فالذي يسب الدين أو يسب الله أو يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا قد أتى كفرا عظيما، وردة عن الإسلام، والواجب على من سمعه أو كان يعلم ذلك منه أن ينكر عليه، وأن يعلمه أن هذا ناقض من نواقض الإسلام، وكفر بواح، فعليه المبادرة بالتوبة، لعل الله يتوب عليه، وأما حكمه في الدنيا بالنسبة لولاة الأمور، فالواجب عليهم استتابته، فإن تاب فالحمد لله، وإلا وجب عليه أن يقتل، وقال جمع من أهل العلم: لا يستتاب، بل يقتل حدا كافرا، فإن تاب بينه وبين الله تاب الله عليه، ولكن يجب أن يقتل ردعا له ولأمثاله عن سب الله ورسوله، وعلى سب دين الله، والقولان معروفان لأهل العلم، ومن نظر إلى حالة الناس اليوم بسبب الجهل واختلاطهم بالمشركين والكفار وضعفاء البصيرة يتضح له أن هذا الشيء قد يكثر في هذا الزمان لكثرة المخالطة للكفرة، ولكثرة الجهل وغلبته للناس، ولضعف الإيمان في قلوب الكثير من الناس، ولهذا قد يقع منهم هذا الشيء كثيرا. فالواجب أن يردع عن هذا
(1) السؤال الرابع من الشريط رقم 15.
الشيء بغاية التأديب الذي يردع الناس عن هذا، ثم يستتاب لعله يندم على ما فعل، ولكن لا بد من التعزير، لا بد من الأدب عما أقدم عليه، ثم استتابته بعد ذلك فيستتاب، فإن تاب الحمد لله مع التأديب والتعزير حتى لا يعود لمثل هذا، وإن لم يتب قتل كفرا ردة عن الإسلام.
القول الثاني: لا يستتاب، بل يقتل فورا، ولا يستتاب؛ لأن هذه جريمة عظيمة، فلا يستتاب أهلها، كما لا يستتاب الساحر على الصحيح، فهكذا من سب الله ورسوله، وسب دينه من باب أولى، لظهور كفره، ولأنه هتك أمرا عظيما، وأتى جريمة عظمى بسب الدين وسب الله ورسوله، وبكل حال الواجب أن يستتاب، فإن تاب وندم وأقلع، وأظهر الخير وأظهر العمل الصالح فالحمد لله وإلا قتل، ولكن التعزير لا بد منه، لا بد أن يعزر ويؤدب، حتى لا يعود إلى مثل هذا، ولو تاب، وإن قتل فورا ولم يستتب فهو قول جيد، وقول قوي ولا غبار عليه، ولكن الاستتابة لها وجهها، والله جل وعلا أمر باستتابة الكفار، ودعوتهم إلى ذلك، فإذا استتيب لأن الجهل يغلب على الناس، ويغلب عليهم أيضا التساهل في هذه الأمور، بسبب الجلساء الضالين وبسبب غلبة الجهل، وبسبب المخالطة الخبيثة للكفرة والمجرمين، فإذا استتيب وتاب توبة صادقة وأظهر خيرا فالحمد لله، وإلا أمكن قتله إذا عاد لمثل هذا، ولم يتأثر بالاستتابة، ولا بالتعزير الذي فعل معه من ولاة الأمور، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
س: الأخت ص. م. ر. من ليبيا، تسأل عن حكم الذي يسب الدين والعياذ بالله؟ وترجو توجيه النصيحة. جزاكم الله خيرا (1).
ج: حكم الذي يسب الدين عند أهل العلم أنه كافر، فالذي يسب الإسلام أو يسب الله أو يسب الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، أو يتنقصه ويعيبه ويطعن فيه أو يسب الجنة، أو يقول: إنها غير حقيقية أو ينكر النار ويقول: إنها غير حقيقية، كل هؤلاء كفار عند أهل العلم بإجماع المسلمين، فالذي يسب الرسول ويشتم الرسول، أو يقول: إنه ما بلغ الرسالة، أو يقول: إنه يجهل بعض الأمور، ما يعرف كل شيء جاهل أو عنده جهل، أو مقصر في حق الله أو مقصر في البلاغ، أو ما أشبه ذلك من الاستهزاء، كله كفر أكبر وردة عن الإسلام، أو يسب الله ويتنقص الله أو يقول: إنه يجهل أو يقول: إنه ظالم، أو يقول: إن شرعه ناقص، أو يقول: إن الإسلام غير صحيح أو إنه دين خرافة، أو لا يجوز التزامه أو لا الدخول فيه، أو لا يلزم طاعته، كل ذلك كفر أكبر، نسأل الله العافية.
والخلاصة: أن سب الإسلام أو سب الله أو سب الرسل، أو تنقصهم أو الطعن فيهم أو الاستهزاء بهم كله كفر أكبر عند جميع أهل العلم، نسأل الله العافية، يوجب القتل، يوجب على ولي أمر المسلمين أن يأخذ هذا الساب، وهذا المتنقص ويقتله على ردته عن الإسلام، أما
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم 176.
إذا تاب فتوبته فيها تفصيل بين أنواع الكفر، والساب لله ولرسوله لا يستتاب عند جمع من أهل العلم، لعظم جريمته نعوذ بالله، بل يقتل حدا، أما أنواع الكفر الأخرى كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات وترك الصلاة، هؤلاء يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا، نسأل الله العافية.
س: لو سب إنسان الدين والعياذ بالله، نتيجة غضب انتابه فهل عليه كفارة؟ وما هي؟ (1)
ج: عليه التوبة إلى الله، عليه التوبة والندم والإكثار من الأعمال الصالحة، والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى.
س: ما الحكم الشرعي في رجل سب الدين، وعندما قلنا له بأنك خرجت من الإسلام قال بأن ذلك في ساعة غضب لا تلومني؟ هل له من توبة؟ (2)
ج: ليس له توبة في قول جمع من أهل العلم من سب الدين، بل يستحق أن يقتل، ولكن الصواب إن شاء الله أنه إذا تاب توبة صادقة أنه يقبل، وكثير من أهل العلم يقولون: إن من سب الدين أو سب الله، أو
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 175.
(2)
السؤال الخامس من الشريط رقم 376.