الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويسأل ربه أن الله يمنحه رقة القلب وخشوع القلب والبكاء من خشيته سبحانه، يسأل ربه ويضرع إليه فهذا من أسباب حصول البكاء من خشية الله، ومن أسباب ذلك العناية بطيب المطعم كونه يتحرى الكسب الحلال الطيب يبتعد عن الكسب الحرام، كذلك مجالسة الأخيار والحرص على صحبتهم، هذا من أسباب خشوع القلب ودمع العين.
84 -
من أسباب ذوق حلاوة الإيمان
س: يقول هذا السائل عن نفسه سماحة الشيخ أنا مؤمن والحمد لله وقد أديت مناسك الحج والعمرة ومع ذلك لا أشعر بحلاوة الإيمان، فبماذا تنصحونني؟ (1)
ج: ننصحك باستعمال ما شرع الله جل وعلا من الحرص على الطاعات، وقراءة القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله عز وجل، فإن هذا من أسباب ذوق المحبة، ذوق حلاوة الإيمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار (2)» ، فالصدق في محبة الله ورسوله، والإيمان بالله ورسوله، ومحبة إخوانك
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 308.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، برقم 16.
في الله، وكراهة الكفر بالله، من أسباب ذوق طعم الإيمان، ويقول صلى الله عليه وسلم:«ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا (1)» ويقول من حديث ابن عباس رضي الله عنه: «من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى لله، ومنع لله، وجد حلاوة الإيمان (2)» ، أو قال:«ذاق طعم الإيمان» . المقصود أن الإكثار من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، والاستقامة على طاعة الله ورسوله، ومحبة الله ورسوله، وأن تحب إخوانك في الله، وأن تكره الكفر وسائر المعاصي، كل هذا من أسباب ذوق طعم الإيمان، ووجود حلاوة الإيمان في قلبك، وأنسك بطاعة الله ورسوله، وتلذذك بذلك، بسبب صدقك في طاعة الله، ومحبة الله سبحانه وتعالى.
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، فهو مؤمن، وإن ارتكب المعاصي الكبائر، برقم 34.
(2)
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، ج9، برقم 9083.
س: منذ سنتين ونصف ابتليت بالوساوس والهواجس والخواطر، التي بعضها لا أستطيع دفعه وأصابني معها شيء من الخوف والقلق، والاضطراب حتى استولت علي هذه الخواطر والوساوس، وأنا خائف منها خوفا شديدا، حيث أخاف أن تضرني في ديني، لأن بعضها في عقيدتي، وإذا سألت بعض أهل العلم، يقول لي: الوسوسة من الإيمان، وإلى الآن لم تزل عني هذه الوساوس والخواطر، وأحيانا يصيبني بعض القنوط، بسبب كثرة الوساوس، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى النجاة من تلك البلية، وبيان الوسوسة التي ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنها من الإيمان، جزاكم الله خيرا (1).
ج: أصل الوساوس من الشيطان، هو الذي يملي على الإنسان ما يضره، ويشوش عليه دينه وقلبه، كما قال الله جل وعلا:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (2){مَلِكِ النَّاسِ} (3){إِلَهِ النَّاسِ} (4){مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (5)، وهو وسواس عند الغفلة، وخناس عند الذكر، يصغر ويخنس عند ذكر الله عز وجل، فعليك يا أخي أن تكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، لما قال له
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 198.
(2)
سورة الناس الآية 1
(3)
سورة الناس الآية 2
(4)
سورة الناس الآية 3
(5)
سورة الناس الآية 4
الصحابة: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد ما لأن يخر من السماء، أحب إليه من أن ينطق به، يجد من الوسوسة أشياء يفضل أن يخر من السماء، ولا ينطق بها لشدتها، فقال:«ذلك صريح الإيمان (1)» المعنى أن الشيطان لما يئس منهم، أتاهم بوساوس شديدة خطيرة في دينهم وعقيدتهم لأن يخروا من السماء، أهون عليهم من أن ينطقوا بها، فهذا من كيده الخبيث، فهو صريح الإيمان من جهة ما في قلب المؤمن من كراهتها، وإنكارها والحذر منها، هذا صريح الإيمان ليست الوسوسة من صريح الإيمان، بل كراهتها والخوف منها، كون المؤمن لأن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق بها، هذا صريح الإيمان في قلوبهم، يعني أن قلوبهم أنكرت تلك الوساوس، ورأت أن السقوط من السماء أهون من النطق بها، كأن يقول له: إن الله غير موجود، أو إن الله لا بأس أن يشرك معه في الدعاء والعبادة، أو يقول كما جاء في الحديث: الله خلق الأشياء فمن خلق الله، وأشباه هذه الوساوس المتعلقة بوجود الله واستحقاقه العبادة، وأنه الخلاق العليم أو متعلقة بالجنة والنار، بأن يوسوس أنه ليس هناك جنة ولا نار، ولا بعث ولا نشور كل هذا من وساوس عدو الله، وإنكار هذه الوساوس من صريح الإيمان، إنكارها واعتقاد بطلانها، هذا هو صريح الإيمان،
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 8911.
فالمؤمن أرشده النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأى مثل هذا أن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أمر الصحابة رضي الله عنهم، قال لهم:«إذا وجدتم ذلك فليقل أحدكم: آمنت بالله ورسله وليتعوذ بالله ولينته (1)» ، هذا هو الدواء لهذا الوساوس الخبيثة، إذا رآها المؤمن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويمضي في حاجته، يستمر في حاجته ولا يركن إليها، ولا يلتفت إليها، أما الوساوس الأخرى في صلاته ووضوئه، فهي أيضا من الشيطان يجب ألا يلتفت إليها يجب أن يحذرها، ويتوضأ لا يعيد الوضوء، وإذا صلى لا يعيد الصلاة، بسبب الوساوس، بل يعتقد بأن صلاته صحيحة، ووضوءه صحيح، ولا يلتفت إلى وساوس عدو الله، فإنه حريص على إفساد أعمال بني آدم، وتشويش قلوبهم وإحراجهم، فالواجب الحذر منه بالتعوذ بالله من شره، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كنت في الصلاة وكثرت عليك الوساوس، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتنفث عن يسارك ثلاث مرات، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه، وقال: يا رسول الله إن الشيطان قد لبس علي صلاتي، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم أن يتفل عن
(1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم 3276، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، برقم 134.
يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، ففعل عثمان ذلك وزال عنه ذلك الوسواس، فأنت يا أخي إذا كثر الوسواس عليك في صلاتك، أو في وضوئك تتفل عن يسارك تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات والله يعيذك منه سبحانه وتعالى، وهكذا في جميع الأمور تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتكثر من ذكر الله وتقول: آمنت بالله ورسله، إذا كان في العقيدة، آمنت بالله ورسله، وبهذا تسلم من عدو الله، ويبطل كيده كما فعله الصحابة، بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبطل الله كيده عنهم وعافاهم من هذه الوساوس.
س: السائل ص. ص. ع. سوداني مقيم في ساجر: في بعض الأحيان وبالذات عندما أكثر من العبادة، وقراءة القرآن يحصل لي وساوس، ولكن دون أن يلفظ لساني، وساوس تريد مني أن أسب الدين مثلا، أو أسب كل شيء من الدين، هل يحاسب الإنسان على وساوس القلب إذا لم يتلفظ بشيء؟
ج: هذا من الشيطان، وليس عليه بأس، لكن يحارب ذلك ويتعوذ بالله من الشيطان، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال له بعض الصحابة:(1)
(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 268.