الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمساء لها الأثر في ذلك، يكثر من الأوراد التي فيها الدعاء وسؤال الله العافية من كل سوء، وسؤال الله العافية من الشيطان، سؤال الله الهداية والسداد، فالأوراد لها أثرها العظيم.
5 -
الأخذ بالعلاج أفضل من تركه
س: حقيقة التوكل على الله، منها: الأخذ بالأسباب، ولكن سمعت بعض المشايخ يقول: لو أن الإنسان أصيب بمرض، ولم يستعمل الدواء لكان أجره أعظم من الذي استعمل الدواء، ولا يصبر على الألم. ما رأي سماحتكم في ذلك؟ (1)
ج: الصواب أن العلاج أفضل، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وقد عالج النبي صلى الله عليه وسلم، وعالج الصحابة، وهم أفضل الناس، فالمريض إذا ترك الدواء فلا حرج عليه، ولكن لو عالج فهو أفضل، وأخذ الدواء النافع المباح هو أفضل، ومن الدواء القراءة على المريض، هذا من الدواء، ومنه الكي لمن يناسبه الكي، والحجامة لمن تناسبه الحجامة، وشرب العسل لمن يناسبه شرب العسل، والفصد لمن يناسبه الفصد إلى غير ذلك، فتعاطي الأسباب أمر مشروع، للحديث:«عباد الله تدووا (2)» ، «ولما قالوا: يا رسول الله، إن لنا رقى نسترقي
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 154.
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، برقم 2038.
بها، ودواء نتداوى به، هل يرد من قدر الله شيئا؟ قال: هو من قدر الله (1)». تعاطي الأسباب من قدر الله، ولما رجع عمر من الشام لما وقع بها الطاعون، وأشار إليه بعض المسلمين بالرجوع، وعزم على ذلك، فقيل له في ذلك: أتفر من قدر الله؟ قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، يعني: نفر من قدر الله الذي فيه الخطر، إلى قدر الله الذي فيه السلامة، ثم جاءه عبد الرحمن بن عوف، فحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا سمعتم الطاعون في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنت بها فلا تخرجوا فرارا منه (2)» ، فحمد الله أن الله وفقه لموافقة الحديث، وانصرف إلى المدينة. فالحاصل أن التداوي وتعاطي الأسباب أمر مشروع ومطلوب، وهو أفضل من ترك ذلك، وقد يكون بعض الأسباب واجبا، يأكل لئلا يموت ويشرب، هذا واجب، وتوقي ما يضره كأن لا يلقي نفسه في بئر كل هذا لازم له، فتعاطي الأسباب التي يحتاج إليها أمر مطلوب ومشروع، وتوقي أسباب الهلاك أمر واجب متحتم، والله فطر العباد على هذا الشيء، وجاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا ينافي التوكل. التوكل: الثقة بالله
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث ابن أبي خزامة رضي الله عنه، برقم 15047
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، برقم 5728، ومسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، برقم 2218.