الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
99 -
بيان أن الدعاء من أسباب رد القدر المعلق
س: في الحديث يا سماحة الشيخ يقول: هل الدعاء يرد القدر؟ وكيف ذلك؟ (1)
ج: نعم، الدعاء من أسباب رد القدر المعلق، والقدر يكون معلقا ويكون مبتوتا، فإذا كان قدرا معلقا، قد قدر الله جل وعلا، أن يهبه ولدا، إذا دعا ربه، فدعا ربه واستجاب دعوته، هذا معلق بالدعاء، أو قدر الله له مالا، إذا دعا ربه في طلب ذلك المال، فإذا دعا ربه يسر الله له المال المعلق، على هذا الدعاء، أو طلب زوجة، طلب أن يزوجه فلانة، والله قد قدر له ذلك بهذا الطلب، قد علق القدر بهذا الطلب، أن فلانا قدر الله في سابق علمه، أنه يسأل ربه أن الله يزوجه فلانة بنت فلان، فإذا ألهمه الله الدعاء ووفقه للدعاء، حصل المقدور المعلق، أما الأقدار المبتوتة التي ليست معلقة، هذه ما تتعلق بالدعاء، الموت المحدود في يوم معلوم، دون دعاء، إذا جاء يوم موته، المحدود مات، دعا أو لم يدع.
(1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم 43.
س: م. س. من العراق رسالة ضمنها سؤالين: سؤاله الأول يقول: سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال حديثا معناه: إن الجنين في بطن أمه يكتب له الشقاء والسعادة، فهل الشقاء على وتيرة واحدة، أو السعادة على وتيرة واحدة أم أنها درجات؟ وهل في الدنيا أم في الآخرة، أم في الآخرة والدنيا؟ جزاكم الله خيرا (1).
ج: هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن الجنين إذا مضى عليه ثلاثة أطوار: كل طور أربعون يوما، يعني أربعة أشهر، يدخل عليه ملك، ويأمر الله بكتب رزقه وأجله، وعمله ويكتب شقي أو سعيد، إما من أهل النار أو من أهل الجنة، فالشقي من أهل النار، والسعيد من أهل الجنة، والله جل وعلا يكتب أعماله كلها، ولا يمنع في هذا الأمر والنهي، فالقدر ماض في أمر الله، ولكن على العبد أن يعمل، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قال الصحابة لرسول الله:«إذا كانت الأعمال تكتب شقاء وسعادة، فلماذا العمل؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فميسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فميسرون لعمل أهل الشقاوة (2)» ، فالعبد
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 279.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب:(فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647.
على ما كتب له، إن كتب له الشقاوة في الدنيا والآخرة فهو شقي، وإن كتب له السعادة فهو سعيد في الدنيا والآخرة، يكتب له شقاوة في الدنيا دون الآخرة، أو شقاوة في الآخرة دون الدنيا وقد يعمل بعمل أهل الجنة في الدنيا، ثم يموت على أعمال أهل النار، فيدخل النار، نسأل الله السلامة، وقد يكون شقيا في الدنيا بأعمال أهل النار، ثم يكتب الله له التوبة، فيتوب عند موته، قبل أن يموت، فيكون من أهل السعادة، فكل شيء يكتب عليه، شقاوته وسعادته في الدنيا والآخرة، لكن مع هذا كله الواجب عليه العمل الواجب عليه أن يتقي الله، وألا يقول هذا كتب علي وأنا أجلس، لا، مثل ما أمر النبي الصحابة قال:«اعملوا فكل ميسر لما خلق له (1)» ، والله يقول سبحانه:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (2).
فالإنسان مأمور بالعمل، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن (3)» فكل إنسان مأمور بأن يطيع الله ورسوله، مأمور بأن يكسب الحلال، مأمور بأن يبتعد عن أسباب الشر، مأمور بأن يحذر الخطر، منهي أن يقتل نفسه، مأمور
(1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب:(فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647.
(2)
سورة التوبة الآية 105
(3)
أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، برقم 2664.
بالكف عن المعاصي إلى غير ذلك، فعليه أن يمتثل للأوامر، ويحذر النواهي ويجتهد في ذلك، ولا يتأخر عن شيء أمر الله به، ولا يقدم على شيء نهى الله عنه، وهو مع هذا ميسر لما خلق له.
س: الأخت: أ. ح. تسأل وتقول: أيهما يتحكم في الآخر، الأجل أم الصحة؟ (1)
ج: الأمر إلى الله في هذا سبحانه وتعالى، ليس لهذا ولا لهذا تحكم، بل الأمر راجع إلى قدر الله وحكمته سبحانه وتعالى، فمن قدر الله له تمام الصحة واستمرارها حصل ذلك، ومن قدر الله عليه الأمراض حصل ذلك، كل شيء بقضائه وقدره سبحانه وتعالى، «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (2)» يقول جل وعلا:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3)، ويقول سبحانه:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (4)، فإذا نزل المرض فهو بمشيئة الله، وقد شرع الله علاجه، واتخاذ الأسباب التي تزيله، كما شرع الأسباب التي تقي منه قبل وقوعه من توقي أسباب الشر والبعد عن أسباب
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 280.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، برقم 2655.
(3)
سورة التغابن الآية 11
(4)
سورة الحديد الآية 22
الشر، ليتوقى ما يضره ويبتعد عما يضره بالأسباب التي شرعها الله، كما يتعاطى أسباب الصحة والعافية بالأسباب التي شرعها الله، فيأكل ويشرب، ويتقي ما يضره، لأن الله أمر بذلك، ويعالج الأمراض، لقوله صلى الله عليه وسلم:«تداووا ولا تداووا بحرام (1)» ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله (2)» ، فإذا أراد الله غلبة المرض: استمر المرض، وصار لا يرجى برؤه، وإذا أراد الله استمرار الصحة، استمرت الصحة وقل المرض، وقد يبتلى الإنسان بهذا وهذا تارة وهذا تارة، ولا سيما المسلم، يبتلى بالأمراض ليكفر الله بها من خطاياه، ويحط بها من سيئاته، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من يرد الله به خيرا يصب منه (3)» ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أصاب مسلما من هم ولا غم ولا نصب، ولا وصب، ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة (4)» .
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الأدوية المكروهة، برقم 3874.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه، برقم 17988.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5645.
(4)
أخرجه البخاري في كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5642.