الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
بيان أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل
س: تقول السائلة: أقرأ في القرآن الكثير من الآيات التي تحث على التوكل على الله، أسأل كيف يكون هذا التوكل في حياتنا، مع رجاء ضرب أمثلة لذلك؟ (1)
ج: التوكل من أهم الواجبات على المؤمن، والله يقول سبحانه:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (3) ويقول جل وعلا: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (4) التوكل من أهم العبادات، ومن أوجب العبادات، وهو التفويض إلى الله، والاعتماد عليه، والثقة به سبحانه، مع تعاطي الأسباب، تعلم أنه مسبب الأسباب، وأنه مصرف الأمور، وأن كل شيء بيده، جل وعلا، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، هو النافع الضار، هو المعطي المانع، ولكنك مع هذا تأخذ بالأسباب التي تفيدك، فتأكل عند الجوع، وتشرب عند الظمأ، وتتزوج، وتكسب الكسب الحلال، بالبيع والشراء أو بغير ذلك، لا تعطل الأسباب، وأنت مع هذا متوكل على الله، تعلم أنه لن يصيبك إلا ما قدر الله لك، وأنك لن تنجح إلا بتوفيقه وتيسيره سبحانه وتعالى، فتأخذ بالأسباب، وتعمل بالأسباب مع الثقة بالله والاعتماد
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 255.
(2)
سورة المائدة الآية 23
(3)
سورة الطلاق الآية 3
(4)
سورة إبراهيم الآية 12
عليه، فتعالج المريض، وأنت متوكل على الله، تعلم أنه هو الذي يشفي المريض، تعالجه تذهب به إلى الطبيب، تفعل ما قال الطبيب من إعطائه دواء، أو كيه أو حمية، أو ما أشبه ذلك، تبيع وتشتري وأنت متوكل على الله في ذلك، تعلم أنه لن يحصل لك إلا ما كتب الله لك، تؤجر ما عندك من العمارات، على من يرغبها منك لتنتفع بالأجرة، تسقي حرثك، تسقي دوابك، تعلفها حتى تستفيد منها، وأنت متوكل على الله في كل شيء، يعني تأخذ بالأسباب في كل شيء، مع الثقة بالله والاعتماد عليه، وأنه هو مسبب الأمور ومصرفها، وهو النافع الضار، المعطي المانع، وأنت إنما تفعل الأسباب المأمور بها، كما أنك تسافر إلى الحج، وإلى العمرة وللتجارة، أخذا بالأسباب وأنت تعلم أن الله سبحانه هو المسبب، وهو الذي بيده إيصالك إلى الحج، وبيده إعانتك على مناسك الحج، وبيده إعانتك على مقاصد التجارة، والرجوع من السفر، إلى غير ذلك.
…
س: السائلة: ف. أ. ي. من الأردن تقول: هل من أساس التوكل على الله عدم الاستعانة بالآخرين لقضاء أمور الدنيا؟ (1)
ج: التوكل على الله معناه الاعتماد عليه، والأخذ بالأسباب الشرعية لهذا وهذا، فالتوكل على الله التفويض إليه، والاعتماد عليه، والإيمان به، وأنه مدبر الأمور وقاضي الحاجات سبحانه وتعالى،
(1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 412.
ولكن مع هذا يأخذ بالأسباب، فالتوكل يجمع الأمرين: الاعتماد على الله، ثم الأخذ بالأسباب، فيعتمد على الله ويأكل ويشرب ويتزوج، يجامع أهله لطلب الولد، ويسافر لحاجات التجارة، ولا بأس: يتوكل على الله، ويستعين بإخوانه في إصلاح سيارته، في إصلاح مزرعته، في بناء بيته، لا بأس بهذا.
فالتوكل يجمع الأمرين، كما قال صلى الله عليه وسلم:«احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز (1)» ، فأمر بالحرص على ما ينفع، وأمر بالاستعانة بالله، فالتوكل أن تستعين بالله وتعتمد عليه، تعلم أنه سبحانه مصرف الأمور، ومدبر الأمور، وأن ما دبره وقضاه وشاءه كان، ومع هذا تأتي بالأسباب تحرص على ما ينفعك، تبيع تشتري، تحرث الأرض، تسافر للتجارة، تستعين بأخيك في إصلاح السيارة في المزرعة، كل هذا لا بأس به.
…
س: أرجو أن تتكرموا بشرح بعض المعاني بالتفصيل، ليطبقها الإنسان في حياته تطبيقا عمليا، مثل التوكل على الله (2).
ج: التوكل على الله معناه: التفويض إليه والاعتماد عليه سبحانه، فهو يخرج من بيته متوكلا على الله، يصوم متوكلا على الله، يصلي
(1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة، برقم 266.
(2)
السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409.
متوكلا على الله، يعتمد عليه في أدائه هذه الأمور لا على نفسه، ولا على زيد ولا عمرو، بل هو يصلي ويتوكل على الله أن الله يعينه على أدائها، يصوم ويتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الصيام، يخرج يبيع ويشتري يتوكل على الله أن الله ينفع بأسبابه، يستدين ويتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الدين، يخرج إلى الحج وهو يتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الحج، وهكذا يستعين الله في كل أموره، ويتوكل عليه، بل مع فعل الأسباب مع تعاطي الأسباب التي شرعها الله وأمره بها.
…
س: ن. ع. ح: من القصيم، تقول: إنها امرأة متزوجة، وعندها ثلاثة من الأطفال، ومدرسة وتحمد الله على ذلك، المشكلة عند دخولها إلى المدرسة ينتابها شيء من الخوف، وهذا الخوف يتحول إلى وسوسة حيث تقول: لا أستطيع أن أتكلم مع زميلاتي وعندما أتكلم مع إحداهن أشعر بالخجل والخوف الشديد، ولا أستطيع أن أرد كلمة واحدة، وأنا أشكو إلى الله قبل كل شيء ثم لكم أن توجهوني إلى الأمر الذي يفرج عني بالدعاء الخالص وأن يزيد إيمانا إلى إيماني جزاكم الله خيرا، وما سبب ذلك مأجورين؟ (1)
ج: هذا الكرب الذي يصيبك كله من الشيطان، فالواجب التعوذ
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409.
بالله من الشيطان الرجيم، والثقة بالله والاعتماد على الله وسؤاله التوفيق والإعانة، هكذا يجب عليك وعلى أمثالك، أن يكون عندك القوة والنشاط، والهمة العالية، والتوكل على الله، وأن تسأله سبحانه أن يعينك وأن يثبت قلبك على الهدى، وأن يعينك على أداء الواجب وعلى تعاطي ما شرعه وعلى ترك ما نهى الله عنه، وإذا صدقت يسر الله أمرك هم نساء مثلك، يجب ألا تهتمي بهذا الأمر، وأن يكون عندك القوة والنشاط في الدروس، وفي السلام، وفي التحدث مع زميلاتك ونحو ذلك واضرعي إلى الله أن يعينك على هذا، وأن يثبت قلبك ولسانك على الحق، وأن يعينك على كل خير، وأن يمنعك من نزغات الشيطان، وعليك أن تحذري هذه الوساوس، وإذا أحسست بشيء من هذا، قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان، ويزول هذا الأمر إن شاء الله، كل هذا من الشيطان، فأنت عليك الصدق في اللجوء إلى الله وسؤاله التوفيق والإعانة والعافية من كل سوء، وعليك مع هذا التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والجد في هذا والتكرار، نسأل الله لك التوفيق والهداية، ونسأل الله لك العافية من كل سوء.
…
س: سماحة الشيخ: تشكو الكثير من الأخوات من الوسوسة في الصلاة والطهارة، البعض منهن تجلس ما يقارب من نصف ساعة في الحمام، تعيد وتكرر الوضوء، ما العلاج الناجح
في ذلك، سماحة الشيخ؟ (1)
ج: هذا من الشيطان، الواجب الحذر من وساوسه والصدق في ذلك، وسؤال الله العافية بصدق، وبذلك يزول هذا الوسواس، لا في الصلاة، ولا في الطهارة، الواجب على المصلي أن يعرض عن هذه الوساوس رجل أو امرأة، وأن يتعوذ بالله من الشيطان ولو في الصلاة، ولما «اشتكى عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا"، فقال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني (2)».
فوصيتي للجميع من الرجال والنساء التعوذ بالله من الشيطان من هذا الوسواس، عند الصلاة، أو في الطهارة أو في الطواف، أو في غير ذلك، يكون عند الرجال وعند المرأة القوة والنشاط والهمة العالية، والتعوذ بالله من الشيطان وسؤال الله الإعانة والتوفيق والثبات على الحق والعافية من نزغات الشيطان، ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، إذا أحس بهذا الشيء، وإذا صدق مع الله في التعوذ، وسأل الله العافية، أعاذه الله وكفاه شر عدوه، وأورده الصباح
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة برقم 2203.