المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم قول: عليك بالنبي صلى الله عليه وسلم - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌باب ما جاء في التنجيم

- ‌ حكم التحدث عن وقت وقوع الكسوف والخسوف

- ‌باب ما جاء في التوكل

- ‌ بيان أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل

- ‌ الأخذ بالعلاج أفضل من تركه

- ‌ حكم تعطيل الأسباب بزعم قوة اليقين

- ‌ حكم قول إني متوكل على الله ثم عليك

- ‌ بيان الفرق بين التوكل والوكالة

- ‌باب ما جاء في الخوف والرجاء

- ‌ بيان مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف

- ‌ التفصيل في مسألة تغليب الخوف على الرجاء

- ‌ بيان معنى القنوط

- ‌ مسألة في الوعد والوعيد

- ‌ بيان أن تعظيم حرمات اللهوالحذر من الوقوع فيها من علامات الخوف منه تعالى

- ‌باب ما جاء في الرياء

- ‌ بيان المقصود بالشرك الخفي

- ‌ الرياء يحبط العمل إذا قارنه

- ‌ حكم الامتناع عن العمل الصالح بحجة الخوف من الرياء

- ‌ حكم صاحب الرياء إذا مات ولم يتب

- ‌ وجوب الحذر من الوقوع في الرياء

- ‌ بيان أن الرياء شرك ومن أعمال المنافقين

- ‌ وجوب مجاهدة النفس للتخلص من العجب والرياء

- ‌ وجوب إحسان الظن بالله ومحاربة الوساوس الشيطانية

- ‌ بيان كفارة الرياء

- ‌ بيان معنى الإخلاص

- ‌باب ما جاء في الحلف بغير الله

- ‌ حكم الحلف بالقرآن

- ‌ حكم الحلف بغير الله تعالى

- ‌ حكم الحلف بالنجاح

- ‌ حكم الحلف بالأمانة والذمة

- ‌ حكم الحلف بالشرف أو بالذمة

- ‌ حكم قول المرء لأخيه: بذمتك إن فعلت كذا ونحوه

- ‌ حكم استعمال كلمة (بالعون) و (بالحيل)

- ‌ حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم الحلف بحياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم قول: وحرام بالله أن تعمل كذا

- ‌ حكم قول: عليك بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم حلف المرء بأبيه أو أمه

- ‌ حكم قول: والنبي أعطني كذا ونحوه

- ‌باب ما جاء في نواقض الإسلام

- ‌ بيان أن نواقض الإسلام ليست محددة بعدد معين

- ‌ حكم الركوع والسجود لغير الله تعالى

- ‌ بيان أن سجود الملائكة لآدم وسجود أبوي يوسف وإخوته له تحية وإكرام

- ‌ حكم من يؤدي بعض أركان الإسلام ويترك البعض الآخر

- ‌ حكم تكفير تارك الصلاة والمستهزئ بالقرآن

- ‌ شرح قاعدة: "من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره فهو كافر

- ‌ التفصيل في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى

- ‌ حكم التحاكم إلى من يسمى بالمرضي

- ‌ حكم الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين

- ‌ حكم الرجل المسلم يسب دين الإسلام

- ‌ حكم العذر بالجهل فيمن يسب الدين

- ‌ وجوب مقاطعة وهجران من سب الدين أو الرب

- ‌ حكم من سب الدين وقد اشتد به الغضب

- ‌ من سب الدين وجب قتله غيرة لله وحماية لدينه

- ‌ حكم ادعاء علم الغيب

- ‌ حكم من ادعى أن الشيخ عبد القادر يتصرف في الكون ويجيب السائلين

- ‌ حكم دعاء الأموات والاستغاثة بهم

- ‌ حكم الاستغاثة بالجن ودعائهم

- ‌ بيان معنى قول أهل السنة: لا يكفر المسلم بذنب

- ‌ حكم تكفير المعين

- ‌ حكم من تكلم بما يوجب ردته

- ‌ حكم الإكراه على ناقض من نواقض الإسلام

- ‌ الفرق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر

- ‌ حكم مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌ حكم معاملة من يسب الدين

- ‌باب ما جاء في الإيمان بالغيب

- ‌ حكم من يخبر بالمغيبات

- ‌ حكم تصديق من يدعي معرفة أحوال الموتى

- ‌ معرفة مستقبل الناس من علم الغيب

- ‌ بيان أن التقاويم لها حسابات معروفة وليست من علم الغيب

- ‌ بيان معنى القضاء والقدر

- ‌ بيان أن شكوى الهموم لأجل التعاون ليس من الاعتراض على القدر

- ‌ حكم قول: حصل هذا صدفة

- ‌باب ما جاء في حقيقة الإيمان

- ‌ علامات الإيمان

- ‌ شرح معنى محبة الله

- ‌ شرح معنى اليقين

- ‌ بيان أن الإيمان بالقلب لا يكفي عن العمل بالبدن

- ‌ بيان ما يتم به الدخول في الإسلام

- ‌ حكم قول: أنا مؤمن إن شاء الله

- ‌ بيان ما يقوى به الإيمان

- ‌ بيان أن الإيمان يزيد وينقص

- ‌ بيان ما يزيد به الإيمان ويقوى

- ‌ من أسباب ذوق حلاوة الإيمان

- ‌ الذنوب تؤثر على توحيد الله والإيمان به

- ‌ وجوب الإيمان بالرسل والملائكة

- ‌ بيان أن مع كل إنسان حفظة من الملائكة

- ‌ وجوب الإيمان بالكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله

- ‌ بيان أن الإسراء ثابت بالقرآن والسنة

- ‌ بيان أن الإسراء كان بجسده وروحه عليه الصلاة والسلام

- ‌باب ما جاء في القضاء والقدر

- ‌ بيان أن القدرية مجوس هذه الأمة

- ‌ بيان أن الإنسان مسير ومخير جميعا

- ‌ حكم سب الإنسان الحظ والبخت

- ‌ بيان أن الله خلق للجنة أهلا وخلق للنار أهلا فكل ميسر لما خلق له

- ‌ حكم قول: من حسن الحظ

- ‌ حكم قول: شاء الحظ التعيس

- ‌ بيان أن الدعاء من القدر

- ‌ بيان أن الدعاء من أسباب رد القدر المعلق

- ‌ حكم قول: شاءت الأقدار

- ‌ حكم التضجر والتأفف من أجل آلام المرض

- ‌باب ما جاء في أشراط الساعة

- ‌ بيان علامات الساعة

- ‌ الكلام على نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان

- ‌ البرهان على أن عيسى عليه السلام بشر من خلق الله

- ‌ بيان أن المسلمين يقاتلون اليهود في آخر الزمان وينصرون عليهم

- ‌باب ما جاء في المهدي المنتظر والمسيح الدجال

- ‌ الكلام على خروج الدجال في آخر الزمان

- ‌ الكلام على فتنة المسيح الدجال

- ‌ بيان أن المسيح الدجال من بني آدم

- ‌باب ما جاء في الإيمان باليوم الآخر

- ‌ وجوب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه

- ‌ بيان أن العالم الأخروي عالم مادي إلا أنه لا ندرك كنهه في الدنيا

- ‌ بيان أن كل مخلوق له أجل محدود لا يعلمه إلا الله

- ‌ بيان أن روح المؤمن ترفع إلى الجنة

- ‌ بيان المقصود بالبرزخ

- ‌ بيان أن عذاب القبر حق

- ‌ بيان أن الإنسان يمتحن في قبره

- ‌ بيان أن النعيم والعذاب على الروح والجسد جميعا

- ‌ بيان أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار

- ‌ لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله

- ‌ معنى النفخ في الصور

- ‌ بيان عدد النفخات في الصور

- ‌ أقسام الناس يوم القيامة

- ‌ بيان أن أهل الجنة مخلدون وأهل النار مخلدون

- ‌ بيان أن الحسنات توزن والسيئات كذلك

- ‌ مقدار وقوف الخلق في المحشر

- ‌ تجمع الأرواح بين الركن والمقام لا أصل له

- ‌ بعض الحكم في ابتلاء الأطفال

- ‌ بيان أن الإنسان يعاد بعد موته كما كان في الدنيا

- ‌ صفة الجنة ونعيمها

- ‌ الكلام عن الحور العين

الفصل: ‌ حكم قول: عليك بالنبي صلى الله عليه وسلم

أما قوله: وحرام بالله أن تعمل كذا - فهذا معناه: علي حرام، هذا يكون فيه كفارة يمين، إذا لم ينفذ الذي قاله، عليه كفارة يمين. إذا قال: حرام بالله أن تقوم، ولا قام - عليه كفارة يمين. حرام بالله أن تأكل طعاما، ولا أكل - عليك كفارة يمين؛ لقول الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} (1){قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (2).

قال جماعة من المفسرين: إنها جاءت في العسل، ثم قال بعضهم: في تحريم جارية، فأمره الله أن يكفر عن يمينه. جعل التحريم يمينا، تحريم الجارية أو الطعام، أو ركوب الدابة، أو ما أشبه ذلك - يكون حكمه حكم اليمين. علي الحرام ما أركبها، علي الحرام ما آكل معك هذا الطعام، علي الحرام ما أجلس - يكون حكمه حكم اليمين.

(1) سورة التحريم الآية 1

(2)

سورة التحريم الآية 2

ص: 87

37 -

‌ حكم قول: عليك بالنبي صلى الله عليه وسلم

س: بماذا تنصحون من يقول: أشهد أن محمدا يا رسول الله؟ وهل عبارة: يا رسول الله، صحيحة؟ أم لا؟ وهل توقع الإنسان في الشرك؟ والبعض أيضا يقولون: عليك بالنبي، هل تعتبر حلفا؟ (1)

ج: هذا المقام فيه تفصيل: إذا قال المسلم: السلام عليك يا

(1) السؤال السادس من الشريط رقم (107).

ص: 87

رسول الله، أو عليك السلام يا رسول الله، أو صلى الله عليك يا رسول الله وسلم، أو جزاك الله يا نبينا خيرا عما قمت به من البلاغ والبيان والنصح للأمة - فهذا ليس بدعاء للرسول، إنما هو إخبار بالصلاة والسلام عليه، ودعاء له عليه الصلاة والسلام، مثلما نقرأ في التحيات: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

تدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، تخصه بهذا وتستحضره بقلبك، تقول: السلام عليك، يعني أدعو لك يا رسول الله بالسلامة والرحمة والبركة. وهكذا كما يقول المسلم عند القبور عند قبره صلى الله عليه وسلم أو غيره: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليكم يا أهل القبور. معناه استحضارهم، وأنه يدعو لهم بالسلامة والرحمة والبركة. وهذا ليس من الشرك، بل هذا جائز ولا شيء فيه.

أما إذا قال: يا رسول الله، انصرنا على أعدائنا. يا رسول الله، أنا في جوارك، الغوث الغوث، المدد المدد. أو قال: عليك بالنبي، يعني ادعه من دون الله، واستغث به - هذا أمر من الشرك. أما إذا قال: بالنبي ما أفعل كذا، أو بالرسول ما أزورك، أو بالنبي ما أكلمك - هذا يعتبر حلفا بغير الله، هو شرك أصغر، كما قول قال: بالأمانة لا أفعل كذا، أو بجاه النبي، أو بحرمة النبي، أو بحرمة أبيك لا أفعل كذا، أو ما أشبه ذلك.

هذا كله يسمى حلفا بغير الله، والرسول عليه الصلاة والسلام قال:«لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد (1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان

(1) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248.

ص: 88

حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (2)» وفي لفظ: «فقد أشرك أو كفر (3)»

كلها أحاديث صحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يحفظ لسانه عما حرم الله عليه من الحلف بغير الله كائنا من كان، فالحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى. كما يجب أن يصون لسانه عن دعاء غير الله من الأموات أو الأصنام أو الكواكب أو الأشجار أو الجن، فلا يقول: يا سيدي يا رسول الله أغثني، أو المدد المدد. أو يا ملائكة الله، أو يا معشر الجن أغيثونا، انصرونا. أو يا سيدي البدوي أو يا سيدي علي أو الحسين، أو فلان أو فلان. أو يا سيدي عبد القادر أغثنا أو انصرنا.

كل هذا من الشرك بالله بإجماع أهل العلم والإيمان؛ لأن هذه أمور شركية، كما قال الله عز وجل:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (4)، وقال سبحانه وتعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} (5)، وقال سبحانه:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (6).

وقال عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (7)، وقال سبحانه:{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (8)

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310.

(2)

أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331.

(3)

أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036.

(4)

سورة الجن الآية 18

(5)

سورة الأعراف الآية 55

(6)

سورة غافر الآية 60

(7)

سورة البقرة الآية 186

(8)

سورة يونس الآية 106

ص: 89

وقال عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (1)، فسمى دعاة غير الله كافرين.

وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (3)، يعني نفسه سبحانه وتعالى.

فأخبر سبحانه أن المدعوين من دون الله من الأموات وغيرهم لا يسمعون دعاء داعيهم: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (4) ما بين ميت وجماد، ومشغول بما أمره الله به كالملائكة والجن، أو مشغول بحاجاتهم كبعض الجن، أو غائبين لا يسمعون، ليسوا عند الداعي ولا يسمعون دعاءه.

ثم بين سبحانه أنهم لو سمعوا، لو كانوا حاضرين - لم يستجيبوا، لم يقدروا على طلبات الطالبين. كلهم مأمورون مخلوقون، أمرهم بيد الله سبحانه وتعالى:{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (5)، ثم قال سبحانه:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (6) فهؤلاء المدعوون من دون الله من الأموات والجمادات والأصنام والأشجار والأحجار والملائكة والجن، كلهم يوم القيامة يكفرون بشرك المشرك، ويتبرؤون منه.

(1) سورة المؤمنون الآية 117

(2)

سورة فاطر الآية 13

(3)

سورة فاطر الآية 14

(4)

سورة فاطر الآية 14

(5)

سورة فاطر الآية 14

(6)

سورة فاطر الآية 14

ص: 90

فالواجب على جميع المسلمين، بل على جميع المكلفين في جميع الأرض، الواجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يدعوه وحده سبحانه وتعالى، وأن يتبعوا رسوله محمدا عليه الصلاة والسلام بما جاء به؛ لأنهم خلقوا لهذا، يقول سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، وأمرهم بهذا فقال سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} (2).

وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3)، فليس لأحد أن يدعو غير الله، من الجن أو الملائكة أو الأموات، أو الأصنام أو الكواكب أو غير ذلك. بل يجب أن تكون الدعوة لله وحده، والعبادة لله وحده، كما قال سبحانه:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (4)، وقال عز وجل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (5).

لكن يجوز دعاء الحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه، سواء كان هذا مشافهة، أو من طريق المكاتبة، أو من طريق الإبراق، أو من طريق الهاتف، أو نحو ذلك من الاتصالات الجديدة التي تمكن الإنسان من الاتصال بمن يريد مشافهة في طلب الحاجة التي يريد، كأن يقول: يا أخي فلان أقرضني كذا وكذا، أو أعني على تعمير بيتي، أو على إصلاح سيارتي، يخاطبه.

هذا لا بأس به، كما قال عز وجل:

(1) سورة الذاريات الآية 56

(2)

سورة البقرة الآية 21

(3)

سورة البينة الآية 5

(4)

سورة الزمر الآية 2

(5)

سورة النساء الآية 36

ص: 91

{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1)، في قصة موسى، كان موسى حاضرا قادرا على أن يغيث هذا الإسرائيلي. وكما قال سبحانه:{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (2)، يعني خرج موسى من مصر خائفا يترقب، خائفا من شر فرعون.

وكذا خوف الإنسان من اللصوص حتى يغلق بابه ويتحرز من شرهم، أو من قطاع الطريق حتى يحمل السلاح. هذا جائز، لا بأس به؛ لأنه خوف في محله من المؤذيات طبعا، أو المؤذيات بما يستطيعون، كإيذاء الظالم وإيذاء السارق، وإيذاء المعتدي عليك. فتتحرز من شر الناس حتى لا يتعدوا عليك، أو من شر السباع أو من شر الحيات ونحوها، أو اللصوص.

كل هذا مما شرع الله التحرز منه، وهو جائز شرعا وعقلا. كذلك اقتراضك ممن يسمع كلامك، تقول: أقرضني كذا وكذا فلوسا أو طعاما لحاجتك، ثم ترد عليه ما أقرضك إياه - هذا جائز بين المسلمين، ليس فيه شيء، مثل ما سمعت في قوله تعالى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (3). وهذا جائز بين المسلمين، سواء كان ذلك مشافهة للشخص الحاضر، أو بواسطة الاتصالات المعروفة من هاتف وكتابة وغير ذلك.

وإنما الشرك أن تدعو ميتا أو غائبا بغير الاتصالات المعروفة، وتعتقد فيه السر وأنه

(1) سورة القصص الآية 15

(2)

سورة القصص الآية 21

(3)

سورة القصص الآية 15

ص: 92

يسمع كلامك وينفعك وإن غاب عنك، وإن كان ليس بينك وبينه اتصال حسي معروف، لا من طريق الكتابة ولا من طريق الهاتف، ولا من طريق التلكس مثلا. بل تعتقد أنه سر كما يعتقد عباد القبور، وعباد الأوثان والأصنام. هذا هو الشرك الأكبر، وهذا الذي منعه الله ورسوله. أما الأشياء العادية بين الناس في تعاونهم بينهم، والله يقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1).

ويقول صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (3)» فالرسول صلى الله عليه وسلم وضح لنا أن التعاون مطلوب، كما وضحه الله في قوله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (4).

والنبي صلى الله عليه وسلم وضح ذلك أيضا فيما تقدم من الحديث: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (5)» . فالتعاون بين المسلمين جائز بشرط أن يكون ذلك مع حاضرين يسمعون، أو بالوسائل المعروفة التي توصلهم كلامك ومرادك كتابة أو

(1) سورة المائدة الآية 2

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699.

(3)

أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم 2442.

(4)

سورة المائدة الآية 2

(5)

مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699)، الترمذي القراءات (2945)، أبو داود الأدب (4946)، ابن ماجه المقدمة (225)، أحمد (2/ 252).

ص: 93