الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحذر من التساهل بهذا الأمر، ووقوعه مرة أخرى، إذا أدب من باب الضرب أو السجن أو نحو ذلك، هذا قد يكون فيه مصلحة كبيرة، لكن لا يحكم عليه بحكم المرتدين، من أجل ما أصابه من شدة الغضب التي تشبه حال الجنون، والله المستعان.
أما المرتبة الثالثة، القسم الثالث: فهو الغضب العادي الذي لا يزول معه العقل، ولا يكون معه شدة تضيق عليه الخناق، وتفقده ضبط نفسه، بل هو دون ذلك غضب عادي يتكدر ويغضب، لكنه سليم العقل سليم التصرف، فهذا عند جميع أهل العلم تقع تصرفاته، بيعه وشراؤه وطلاقه وغير ذلك؛ لأن غضبه لا يغير عليه قصده ولا قلبه، والله أعلم.
54 -
من سب الدين وجب قتله غيرة لله وحماية لدينه
س: الأخ: م. ك. أ. من جمهورية مصر العربية، يسأل ويقول: ما كفارة سب الدين؟ أعاذنا الله وإياكم من ذلك (1).
ج: سب الدين الواجب فيه القتل، لأنه ردة عظيمة، فمن سب الدين وثبت عليه ذلك وجب أن يقتل، نصرة لدين الله وحماية له من سب السابين وإلحاد الملحدين، إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي وجب
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 172.
عليه الحكم بقتله، غيرة لله وحماية لدينه، ولا تقبل توبته في الحكم الشرعي، أما فيما بينه وبين الله، فإن كان صادقا في توبته تقبل عند الله عز وجل، إذا تاب توبة صادقة، وأما في الحكم الشرعي فلا تقبل، بل يجب قتله إذا ثبت لدى القاضي بالبينة الشرعية أنه سب الدين سبا واضحا، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل ردة، يقول صلى الله عليه وسلم:«من بدل دينه فاقتلوه (1)» هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سيما بالسب لله ولرسوله، أما لو تاب فيما بينه وبين الله، وندم فيما بينه وبين الله فهذا إلى الله سبحانه وتعالى، لكن لو تاب قبل القدرة عليه، لو تاب ورجع إلى الله قبل أن نقدر عليه، لا يجوز قتله حينئذ، لو جاءنا تائبا نادما مستغفرا، يقول: لقد جرى مني كذا وكذا. فإنه لا يقتل، أما توبته بعد إمساكه، وبعد إقامة الحجة عليه، والبينة عليه، قال: تبت. فإنها لا تقبل، بل يجب قتله إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي أنه سب الدين، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه يقتل ويحكم بردته، ولا تقبل منه التوبة بعد القدرة عليه، كما قال الله عز وجل في حق المحاربين:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2)، أول الآية يقول سبحانه:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (3)
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017.
(2)
سورة المائدة الآية 34
(3)
سورة المائدة الآية 33
{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) والذي يسب الدين أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم الناس محاربة لله ورسوله، ومن أعظم الناس فسادا في الأرض، فلا تقبل توبته بعد القدرة عليه، بل يجب تنفيذ حكم الله فيه، وهو القتل حتى لا يتجرأ الناس على سب الدين، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد صنف أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابا جليلا في هذا المعنى سماه: الصارم المسلول على شاتم الرسول عليه الصلاة والسلام. وذكر الأدلة في ذلك وكلام أهل العلم، وذكر حكم ساب الله ورسوله، فينبغي أن يراجع فإنه مفيد جدا.
ونخلص إلى أن من سب الله ورسوله، ثم قدر عليه وقامت الحجة عليه، فإن الحاكم الشرعي يحكم بردته وقتله، أما لو تاب قبل ذلك، قبل أن نعلم، وجاء إلينا تائبا نادما، يخبر عن توبته فإن الصحيح أنه تقبل توبته والحمد لله.
(1) سورة المائدة الآية 34