الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد يقع ليري الله عباده العبر، وقد يوجد ما يدل على أنه في خير ونور، ولكن ليس هناك ما يدل على أن أحدا يطلع على أحوال المقبورين، بدون أسباب حسية، أو أن أهل القبور يبلغون كذا وكذا يعلمون كذا وكذا كل هذا باطل، إنما قد تقع الرؤيا إما رؤيا صالحة، أو رؤيا غير صالحة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى الإنسان ما يسره، يخبر بها من أحب، والرؤيا المكروهة من الشيطان، فإذا رآها إنسان، يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأى ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدا، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، والمقصود أنها يعني: هذه المتسفلة هي على اسمها متسفلة خبيثة، لا يجوز تصديقها والالتفات إليها، بل يجب ردعها وتأديبها عن هذا العمل السيئ، نسأل الله العافية.
69 -
معرفة مستقبل الناس من علم الغيب
س: ما هو مستقبل العالم الإسلامي، من حيث القوة والضعف، حسبما نظرت السنة الشريفة، وكذلك مستقبل أعداء الإسلام، في هذه الحياة الدنيا؟ (1)
ج: هذا يا أخي من علم الغيب، هذا أمره إلى الله عز وجل، وهو
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 140.
من علم الغيب، ولا يعلم مستقبل الناس إلا الله سبحانه وتعالى، لكن مقتضى الأدلة الشرعية أن الغربة تزداد، ولا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ (1)» . لكن قد تقع فجوات في الدهر، ينتصر فيها الإسلام على غيره، ويظهر فيها الإسلام في بعض الأوقات، وفي بعض الجوانب من الدنيا، كما جرى في عهد عمر بن عبد العزيز، كان عهده أحسن من عهد الأمير الذي قبله، بسبب ما قام به من الدعوة إلى الله، وإلزام الناس بالحق، وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، من ظهور الإسلام والقضاء على أسباب الكفر، واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله، وعلى إخلاص العبادة لله وحده، وهدم مباني القبور المعبودة من دون الله، والقضاء على الأوثان، وكانت الحال في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وما بعده، أحسن من الحالة في قرون كثيرة مضت ظهر فيها الشرك، وظهر فيها الفجور والمعاصي، الحاصل أن الأصل أن الإسلام تشتد غربته عاما بعد عام، وقرنا بعد قرن في الجملة، كما قال جماعة من أهل العلم، وقد يأتي الله بزمان ينفس فيها الله عن المسلمين، فيحصل فيه خير كثير، وتكون الحالة أحسن من الزمن الذي قبله، رحمة من الله
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، برقم 146.
جل وعلا، وقد يكون ذلك في جانب دون جانب، وفي إقليم دون إقليم، كما جرى في وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفي بلدان أخرى خرج فيها المصلحون، وصارت الحالة في بلادهم أحسن من الحالة التي قبلها، وقتا ما. والله جل وعلا أخبرنا أن هذا الإسلام، ينتهي في آخر الزمان، وأن هناك ريحا تخرج يرسلها الله عز وجل، يقبض بها أرواح المؤمنين والمؤمنات، ثم يبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، وفي آخر الزمان يرفع القرآن، ويقبض المؤمنين والمؤمنات، ويبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، لكن في أول هذا القرن وفي آخر القرن السابق، حصل بحمد الله يقظة للمسلمين، وحركة مباركة للمسلمين، صار فيها المسلمون أحسن حالا من قبلها، في أوقات بسبب الحركة الإسلامية من الشباب وغيرهم، وبسبب كثرة الدعاة إلى الله، والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية في شتى بقاع الأرض، وانتشر الدعاة من هنا وهنا، من الجامعة الإسلامية ومن هذه الرئاسة، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد، ومن الرابطة ومن جهات أخرى، فالحاصل أن هذا الوقت الآن يبشر بخير، من حركة إسلامية قوية، وتكاتف ودعوة إلى الله، ونشاط، فنرجو أن يكون المستقبل القريب أحسن مما مضى بكثير، أما ما بعد ذلك فالله أعلم، جل وعلا، والأدلة معروفة في هذا الباب، وأما مستقبل الكفرة فكذلك، كلما نشط الإسلام ضعف جانب الكفر، وأما تفصيل الأشياء وعلم نهاياتها، هذا إلى الله سبحانه وتعالى، لكن الواجب على المسلمين أن
يجتهدوا في نصر دين الله، والدعوة إلى الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحرصوا على جهاد الأعداء، ونشر تعاليم الإسلام حتى يظهر دين الله، وحتى يبقى دينه، وحتى يستعيدوا ما سلبه الأعداء منهم، هذا واجب المسلمين، وهذا واجب على الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تحكم شريعته سبحانه، وأن تجتهد في إصلاح أوضاع بلادها، وإقامة حكم الله في بلادها، وفي شعبها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، وقد سرنا ما سمعنا من حكومة بنجلاديش، من إعلانهم تحكيم الشريعة، واجتماعهم على هذا الأمر، وهذا يبشر بخير كثير، ونرجو أن يوفقهم الله لهذا الأمر، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة، وأن يوفق الباقين لهذا الأمر، وأن يقتدوا بغيرهم ممن سعى، وبادر بتحكيم الشريعة، وهكذا حكومة الباكستان عندها عزم كبير على تحكيم الشريعة، ونسأل الله أن يعينها على ذلك، وهكذا نرجو لبقية الدول الإسلامية: كحكومة مصر والأردن وغيرها، نسأل الله لهم العون والتوفيق، حتى يحكموا شريعة الله، وحتى يدعوا النظم المخالفة لشرع الله، هذا هو الواجب عليهم وبذلك ينصرهم الله ويعينهم، ويحسن لهم العاقبة، ويجمع شملهم على الخير. والله المسئول سبحانه أن يوفق المسلمين جميعا، حكاما ومحكومين، وقادة وشعوبا لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة والتمسك بها، وترك ما يخالفها، إنه سبحانه وتعالى سميع قريب.