الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
67 -
حكم من يخبر بالمغيبات
س: ما حكم من يخبر بالمغيبات، ويعمل البخور والشعوذة؟ (1)
ج: يجب على المسلم أن يحذر هؤلاء المخرفين، الذين ينسبون إلى التصوف والشعوذة، إما بدعوى علم الغيب، أو بدعوى أخرى يدعونها، أنهم بينهم وبين شيوخهم صلة، تمكنهم أن يفعلوا كذا وكذا فيشوشوا على الناس، ويوهموهم أنهم لهم قدرة على إشفاء المرضى، أو قضاء الحاجات بالطرق غير الشرعية، فهؤلاء يجب الحذر منهم، لأنهم مخرفون ودعاة باطل، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوما (2)» ، وقال:«من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (3)» صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الذين يدعون أمور الغيب، أو يدعون أن مشايخهم يرشدونهم إلى أشياء تتعلق بالغيب، وأن ما يقول مشايخهم صحيح، وأنهم معصومون وأن أخبارهم لا بد أن تقع، وما أشبه هذا مما يقع لبعض الصوفية، أو يعتقد أنه يأتيه الوحي من السماء، يقول:
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 185.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252.
حدثني قلبي عن ربي، بكذا وكذا. فكل هذه خرافات، والذي يدعيها كافر، الذي يدعي أنه يعلم الغيب، أو يأتيه الوحي من السماء ما عدا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما أطلعه الله عليه، كل هذا كفر وضلال، وهكذا من يصدقه بدعوى علم الغيب، من صدقه فهو مثله، وإذا جعل بخورا من الأشياء التي يشوش بها أو يلبس بها فلا يلتفت إليه، العمدة على ما يقول، إذا كان يدعي علم الغيب أو يدعي أنه يخدم الجن، وأن الجن هم الذين يخبرونه بالمغيبات، أو ما أشبه ذلك، هذا من الخرافيين، ومن المشعوذين، فيجب الحذر منهم وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم، ومتى ظهر منه أنه يدعي علم الغيب أو أنه يعبد الجن ويخدمهم بالطاعات والذبح لهم، صار مشركا، إما بدعوى علم الغيب، وإما لكونه يعبد الجن، ويستغيث بهم وينذر لهم ونحو ذلك، وإذا زعم أنه يعرف الأشياء بالطرق الأخرى، فهو كذاب لقصده التلبيس، لأنه لا يعلم الغيبيات إلا الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان يداوي المريض بالأدوية المعروفة الحسية، كما يفعل الأطباء المعروفون، يداوي بالكي، يداوي بأشياء يستعملها مأكولات أو مشروبات أو مروخات، جربت ونفعت، ولا يدعي علم الغيب، ولا يخدم الجن، هذا لا حرج عليه، هذا طب شعبي، قد اعتاده الناس فيما بينهم، من أنواع من المأكولات أو المشروبات، أو الدهونات أو المروخات أو الكي، هذا لا بأس به، إذا كان سليما ليس معه دعوى علم الغيب، وليس معه عبادة للجن، قد كانت العرب، وغالب الناس على هذا فيما مضى يعرفون عادات
يفعلونها، ويعالجون بها، ويتطببون بها، وقد تنفع وقد لا تنفع، وليست من علم الغيب، ولا من خدمة الجن، بل هي أمور اعتادوها، من أشربة أو مأكولات، أو بخور يتبخرون به، وينفع الله به، أو ما أشبه ذلك، من الأمور الواضحة الظاهرة، التي ليس فيها تلبيس ولا عبادة للجن، ولا دعوى علم الغيب وهكذا الكي.
س: يقوم رجل صالح حينما تحضر لهم في إحدى المشكلات، يقول: نستخير لك الله، أو نفتح لك الكتاب، أو نشوف لك الخيرة، ويحدثونك عن المستقبل، ويعالجونك عما بك من مصائب، هل هذا صحيح أم لا؟ (1)
ج: هذا غلط فإنهم لا يعلمون الغيب، فإذا أرادوا أن يفكروا في الدواء والعلاج فلا بأس، أما أن ينظروا في أمر معناه أنهم يعلمون الغيب، بطريق يقرءونها أو يكتبونها، أو تكتب لهم فهذا لا صحة له أبدا، يقول الله سبحانه:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2) فهو سبحانه يعلم الغيب، ولقول النبي عليه الصلاة والسلام:«مفاتح الغيب خمسة لا يعلمهن إلا الله، ثم قرأ قوله تعالى: (4)»
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 39.
(2)
سورة النمل الآية 65
(3)
أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:" عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا "، برقم 7379، سورة لقمان، الآية 34.
(4)
سبحانه وتعالى، ويقول الله له:{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (1) فهو عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، وإنما هو نذير وبشير لعباد الله، فالذي يدعي أنه يستخير للمريض، أو يستفتح للمريض، أو يفكر للمريض، حتى يعلم ما وراء علم الأسباب، بل علم آخر وهو علم الغيب، هذا لا يجوز وهذا باطل، ومن ادعى علم الغيب فهو كافر نعوذ بالله، أما إن أراد أن يفكر في الدواء المناسب، والعلاج المناسب، فهذا لا بأس به، والطبيب قد يخفى عليه المرض، فيفكر كذلك، بقوله: أستخير، هذا إن كان قصده يستخير الله في الصلاة ركعتين، ويستخير الله في كيفية علاجه، هذا لا بأس، أما يستخير بمعنى أن ينظر في علم الغيب فهذا باطل.
(1) سورة الأعراف الآية 188