الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالواجب خوف الله مع فعل ما أوجب، وترك ما حرم الله، يكون خوف يحمل على فعل الأسباب، يخاف الله خوفا حقيقيا، يحمله على أداء الواجب، وعلى ترك المحرم، كما يرجوه أنه يدخله الجنة، وينجيه من النار، إذا أدى حقه، فهو يخاف الله، فيعمل ما أوجب الله، ويدع ما حرم الله، وهو يرجو ويخاف، لكن مع العمل، مع أداء الواجبات، وترك المحارم، هذا هو الصادق الذي يخاف الله، ويرجوه، هو الذي يخاف ويرجو مع العمل مع أداء الفرائض، وترك المحارم، والوقوف عند حدود الله، يرجو ثوابه، ويخشى عقابه، سبحانه وتعالى، هكذا جاءت الرسل، وهكذا جاء القرآن الكريم.
***
10 -
بيان مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف
س: المستمع: أ. ل. ع. يسأل ويقول: ما مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف؟ (1)
ج: أهل السنة والجماعة يقولون: يجب الرجاء والخوف، والعبد يسير إلى الله بين الرجاء والخوف، كجناحي الطائر، يخاف الله ويرجوه، يصلي، ويصوم، ويتصدق، ويحج، ويجاهد، وهو مع ذلك يخاف الله ويرجوه، كما قال تعالى عن الرسل وأتباعهم، يقول سبحانه:
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 51.
{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} (1) رغبا يعني رجاء، ورهبا يعني خوفا:{وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (2) وقال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (3). فالمؤمن يرجو رحمة ربه، ويخاف عذابه، ويتقيه دائما، فلا يقنط، ولا يأمن، قال تعالى:{إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (4) وقال: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (5)، وقال عز وجل:{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (6).
فالواجب الخوف والرجاء، لا أمن، ولا قنوط، يرجو ربه، ولا ييأس، ولا يقنط، ولا يخاف، ولا يأمن أيضا، يخاف عقوبته، يخاف الذنوب وشرها، هكذا المؤمن، وهذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، يجب على المؤمن أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء حتى يلقى ربه. قال بعض أهل العلم: ينبغي أن يغلب الرجاء في حال المرض، والخوف في حال الصحة، حتى ينشط في العمل الصالح، وحتى يحذر محارم الله، ولكن المعتمد في هذا أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء دائما.
(1) سورة الأنبياء الآية 90
(2)
سورة الأنبياء الآية 90
(3)
سورة الإسراء الآية 57
(4)
سورة يوسف الآية 87
(5)
سورة الزمر الآية 53
(6)
سورة الأعراف الآية 99
س: قرأت في أحد الكتب وهو كتاب: (حكم وإرشادات)، يقول صاحب الكتاب هذه الوصية: كن راجيا عفو الله تعالى ورحمته، وحسن الظن بالله عز وجل، أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بشرح هذه العبارة، جزاكم الله خيرا (1).
ج: يجب على المؤمن دائما وهكذا المؤمنة، أن يسير إلى الله في أعماله وأقواله بين الخوف والرجاء، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، لأن الله جل وعلا أمر عباده بأن يحسنوا به الظن، وبأن يخافوه ويرجوه، فقال جل وعلا:{فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2)، وقال سبحانه:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} (3)، وقال:{وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (4)، فالمؤمن مأمور برجاء ربه وخوفه سبحانه، فيخافه ويرجوه، قال تعالى:{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (5){وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} (6)، وقال سبحانه:{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} (7).
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 396.
(2)
سورة آل عمران الآية 175
(3)
سورة الكهف الآية 110
(4)
سورة البقرة الآية 40
(5)
سورة الحجر الآية 49
(6)
سورة الحجر الآية 50
(7)
سورة غافر الآية 3
والمعنى حث الناس على الخوف والرجاء، فلا يقنط ولا يأمن، ولكن يرجو الله ويخافه، ويجتهد في العمل الصالح، وترك ما حرم الله عليه، ويحسن ظنه بربه، وأنه سبحانه يوفي بما وعد، وهو الكامل وهو الكريم الجواد، فمن أدى ما عليه فالله جل وعلا سيوفي له بما وعده من الخير، أما إن قصر ولم يقم بالواجب فلا يلومن إلا نفسه، وصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال:«يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني (1)» ، وقال عليه الصلاة والسلام:«لا يبيتن أحد منكم إلا وهو يحسن ظنه بالله» ، ولا يستقيم له هذا إلا إذا أحسن الفعل، إذا أحسن العمل إذا اتقى ربه وجاهد نفسه، وحاذر محارمه، فإن هذا هو الذي يستطيع أن يحسن ظنه بربه.
أما من ساءت أعماله وساءت أقواله فكيف يستطيع أن يحسن ظنه بربه، وقد بارزه بالمحاربة، وتعدى حدوده، وترك أوامره، وارتكب نواهيه، فتحسين الظن بربه في هذه الحالة غرور، وفيه أداء من الشيطان، فمن ساء فعله ساء ظنه، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يراقب الله سبحانه، وأن يجتهد في طاعته وترك معصيته، وأن يحسن الظن به سبحانه، لكونهما قاما بما يجب وتركا ما نهى الله عنه.
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى، برقم 2675.