المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم تارك الصلاة - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٦

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ حكم صلاة وصوم الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم

- ‌ حكم أمر الأولاد الذين دون العاشرة بالصلاة

- ‌ حكم ترك الفرائض لمختل الشعور

- ‌ حكم ترك الفرائض لضعيف العقل

- ‌ حكم ترك الصلاة والصوم لكبير السن ضعيف البدن

- ‌ بيان وجوب تعليم كبير السن لتأدية الصلاة

- ‌ حكم صلاة كبير السن مختل العقل

- ‌ حكم صلاة كبير السن الذي لا يدرك أوقات الفرائض

- ‌ حكم صلاة المرأة ضعيفة العقل

- ‌ حكم صلاة شارب الخمر

- ‌ حكم تارك الصلاة

- ‌ بيان أقوال العلماء في تارك الصلاة

- ‌ مسألة في حكم تارك الصلاة

- ‌ مسألة في تارك الصلاة

- ‌ تعريف الكبيرة من المعاصي

- ‌ حكم تارك الصلاة تهاونا أو جاحدا لوجوبها

- ‌ بيان حكم حديث: " تارك الصلاة لا يقبل منه عمل

- ‌ بيان الفرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا

- ‌ حكم ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها

- ‌ حكم تارك الصلاة متعمدا مع إقراره بالشهادتين

- ‌ مسألة في حكم تارك الصلاة تكاسلا

- ‌ بيان الراجح في اختلاف العلماء في تكفير تارك الصلاة

- ‌ حكم من مات وهو يجهل أن ترك الصلاة كفر

- ‌ حكم من قتل في الحرب وهو لا يصلي

- ‌ حكم قضاء الصلوات عن الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته

- ‌ حكم قبول سائر العبادات من تارك الصلاة

- ‌ حكم القول بتخليد تارك الصلاة في النار

- ‌ حكم ذبح الأضحية عن الميت التارك للصلاة قبل وفاته

- ‌ عقوبة تارك الصلاة

- ‌ بيان الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة

- ‌ بيان عدم صحة حديث"من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة

- ‌ حكم إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة

- ‌ حكم صيام من لا يصلي

- ‌ حكم صيام من لا يصلي إلا في شهر رمضان

- ‌ نصيحة لمن لا يصلي إلا في شهر رمضان

- ‌ مسألة في حكم من لا يصلي إلا في شهر رمضان

- ‌ حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا

- ‌ حكم من يصلي وينقطع مرارا عنها

- ‌ حكم قضاء من يترك الصلاة أحيانا

- ‌ حكم من يترك بعض الصلوات تكاسلا

- ‌ حكم التساهل بصلاة الفجر والعصر

- ‌ حكم ترك صلاة الفجر

- ‌ حكم التساهل بأداء الصلاة حتى يخرج وقتها

- ‌ حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها وقضائها عند قيامه للعمل

- ‌ حكم قضاء صلاة الفجر بعد شروق الشمس تهاونا

- ‌ حكم قضاء صلاة الفجر بعد العاشرة صباحا

- ‌ حكم تأخير قضاء صلاة الفجر مع الظهر لغير عذر

- ‌ الأسباب المعينة على صلاة الفجر

- ‌ حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا

- ‌ مسألة في حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب

- ‌ بيان الحكمة من عدم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب

- ‌ مسألة في قضاء الصلاة والصيام لمن تركهما تعمدا ثم تاب

- ‌ مسألة في قضاء الصلوات التي تركت تعمدا

- ‌ حكم من بلغت سن الحيض ولم تصل ولم تصم إلا بعد سنوات

- ‌ حكم قضاء الصلوات لمن تركها جاهلا أو متهاونا

- ‌ حكم من ترك الصلاة

- ‌ مسألة في حكم من ترك الصلاة جهلا

- ‌ حكم صلاة الجاهل بصفة الصلاة

- ‌ نصيحة لمن يصلي ثم يترك الصلاة لغير عذر

- ‌ حكم قضاء من ترك الصلاة لغير عذر ثم تاب والتزم بها

- ‌ حكم تارك الصلاة والصوم بعد البلوغ جهلا

- ‌ حكم قضاء الصلوات التي تركت جهلا وتكاسلا ولا يعرف عددها

- ‌ بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة

- ‌ بيان شروط التوبة النصوح

- ‌ حكم من فاتته أيام لم يصل فيها

- ‌ حكم من ترك الصلاة بسبب المرض

- ‌ بيان كيفية دعوة من لا يصلي

- ‌ بيان ما يلزم تارك الصلاة بغير عذر إذا تاب

- ‌ التوبة النصوح تجب ما قبلها من الذنوب والمعاصي

- ‌ حكم تأخير الصلاة بسبب العمل

- ‌ حكم من ترك الصلاة إذا كان متعبا أو مشغولا

- ‌ بيان كيفية زيادة العمل الصالح

- ‌ شرح حديث "أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته

- ‌ الواجب على الأبناء دعوة ونصح آبائهم إذا كانوا لا يصلون

- ‌ حكم من يترك الصلاة بحجة أنه يفعل المعاصي

- ‌ حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي لا يصلي

- ‌ حكم بقاء الزوجة مع زوجها المتهاون في أداء الصلاة

- ‌ مسألة في حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي يصر على ترك الصلاة

- ‌ حكم ترك الصلاة بسبب سلس البول

- ‌ حكم ترك الصلاة بحجة عدم القراءة والكتابة

- ‌ حكم أكل طعام تارك الصلاة

- ‌ مسألة في حكم الإقامة مع زوج تارك الصلاة

- ‌ حكم كشف حجاب المرأة أمام المرأة التي لا تصلي

- ‌ حكم التعامل مع الزوجة والبنات اللاتي لا يصلين

- ‌ حكم الاستمرار مع زوجة لا تصلي ولا تلتزم بالزي الإسلامي

- ‌ حكم عقد النكاح على امرأة تبين أنها لا تصلي

- ‌ حكم قضاء الصلاة والصيام لمن لم يصل منذ بلوغه حتى بلغ خمسين عاما

- ‌ مسألة في إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة

- ‌ حكم هجر تارك الصلاة

- ‌ بيان كيفية التعامل مع الأبناء إذا امتنعوا عن الصلاة

- ‌ حكم إجابة دعوة وليمة من لا يصلي

- ‌ حكم ضرب الابن إذا امتنع عن الصلاة وبلغ خمس عشرة سنة

- ‌ حكم من ترك الصلاة ويخشى أنه لو تاب لربما رجع للفسق

- ‌ بيان الهجر المشروع لتارك الصلاة

- ‌ بيان كيفية تعليم كبير السن أحكام الطهارة والصلاة

- ‌ وجوب تعليم المسلم أهله لأحكام العبادات

- ‌ مسألة في هجر ذوي الأرحام إذا امتنعوا عن أداء الصلاة

- ‌ حكم قطع النفقة عن تارك الصلاة

- ‌ حكم العيش والسكن مع أناس لا يصلون

- ‌ حكم الموالاة وإظهار المودة لتارك الصلاة

- ‌ حكم تزويج من لا يصلي

- ‌ حكم السلام على تارك الصلاة

- ‌ حكم الجلوس والأكل مع تارك الصلاة

- ‌ حكم تقبيل رأس تارك الصلاة

- ‌ حكم التعامل مع تارك الصلاة

- ‌ حكم إقامة الوليمة لتارك الصلاة

- ‌ حكم العمل عند تارك الصلاة

- ‌ مسألة في حكم العيش مع تارك الصلاة

- ‌ حكم زيارة القريب تارك الصلاة

- ‌ حكم استضافة وإسكان القريب تارك الصلاة

- ‌ بيان كيفية تعامل الموظف مع زميله الموظف تارك الصلاة

- ‌ بيان ضوابط الولاء والبراء في معاملة تارك الصلاة

- ‌ حكم التعامل مع تارك الصلاة رغبة في دعوته ونصحه

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌ حكم الأذان للصلاة

- ‌ بيان كيفية الأذان

- ‌ حكم الزيادة على الأذان المشروع بقول حي على خير العمل

- ‌ حكم الاكتفاء بأذان واحد للفجر

- ‌ بيان مشروعية أذانين للفجر

- ‌ بيان قول "الصلاة خير من النوم" في الأذان الثاني من الفجر

- ‌ حكم قول "الصلاة خير من النوم" عند الأذان الأول من الفجر

- ‌ حكم قطع المؤذن أذانه لعذر

- ‌ حكم تعطيل المسجد من الأذان

- ‌ حكم الاكتفاء بالأذان في المسجد الكبير دون غيره من المساجد

- ‌ حكم الاكتفاء بأذان واحد في المدينة وينقل عبر المذياع

- ‌ حكم الاكتفاء بسماع الأذان من شريط المسجل

- ‌ حكم تأخير الأذان لمدة خمس دقائق

- ‌ بيان المدة بين الأذان الأول والثاني من الفجر

- ‌ حكم إعادة الأذان لمن فاتته صلاة الجماعة

- ‌ حكم الإقامة عند كل صلاة

- ‌ حكم إطلاق كلمة الأذان على الإقامة

- ‌ حكم الصلاة بدون إقامة

- ‌ حكم الأذان والإقامة للمنفرد

- ‌ حكم صلاة من نسي الأذان والإقامة

- ‌ حكم من نسي قول "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر

- ‌ الأفضل أن يقيم من أذن

- ‌ بيان جواز أن يأتي بلفظ الإقامة كالأذان

- ‌ حكم التكلف واللحن في الأذان

- ‌ حكم استقبال القبلة عند الأذان

- ‌ حكم الأذان بغير وضوء

- ‌ حكم الأذان بالنعال

- ‌ حكم الإنابة في الأذان بدون أجرة

- ‌ حكم أخذ الأجرة على الأذان

- ‌ حكم الأذان لغير الصلاة

- ‌ حكم الأذان والإقامة للمرأة

- ‌ حكم ترديد الأذان خلف عدد من المؤذنين

- ‌ بيان ما يقال عند قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم

- ‌ حكم قول: "أقامها الله وأدامها" عند إقامة الصلاة

- ‌ حكم البيع عند الأذان

- ‌ حكم الاستماع إلى القرآن والمؤذن يؤذن

- ‌ حكم الكلام أثناء الأذان

- ‌ حكم تحية المسجد أثناء الأذان

- ‌ حكم متابعة الأذان وهو في الصلاة

- ‌ حكم متابعة المؤذن أثناء قضاء الحاجة

- ‌ بيان الدعاء الوارد بعد الأذان

- ‌ مسألة في الأدعية التي تقال بعد الأذان

- ‌ بيان معنى: "آت محمدا الوسيلة

- ‌ حكم ترديد الأذان مع المؤذن

- ‌ حكم الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌ حكم الدعاء المأثور بعد الأذان للمؤذن

- ‌ بيان فضل قراءة القرآن قبل الأذان وبعده

- ‌ حكم قراءة بعض الآيات القرآنية قبل البدء بالأذان

- ‌ حكم الصلاة على النبي

- ‌ حكم الزيادة على الأذان بقول: "أشهد أن عليا ولي الله

- ‌ حكم التواشيح قبل أذان الفجر

- ‌ حكم الزيادة على الأذان ببعض الآيات أو الأدعية

- ‌ حكم قول الصلاة والسلام عليك يا سيدي

- ‌ حكم قول: "على حق يا داعي الله ورسوله" بعد الأذان

- ‌ حكم قول: "حقا لا إله إلا الله" بعد الأذان

- ‌ حكم رفع السبابة عند قول المؤذن لا إله إلا الله

- ‌ حكم رفع اليدين والدعاء بعد الإقامة للصلاة

- ‌ حكم مسح العينين وتقبيلهما عند سماع الأذان

الفصل: ‌ حكم تارك الصلاة

هي حرام عليه مطلقا ولو لم تسكره، وصلاته صحيحة إذا كان صلى وهو عاقل قد ذهب عنه السكر يتوضأ ويصلى، أما في حال السكر فصلاته غير صحيحة لأنه غير عاقل.

ص: 25

12 -

‌ حكم تارك الصلاة

س: يسأل السائل ويقول: ما حكم تارك الصلاة (1)؟.

ج: حكم تارك الصلاة فيه تفصيل عند أهل العلم: إن تركها جاحدا لوجوبها يقول: ما هي بواجبة، وهو عاقل؟ كفر بإجماع المسلمين لأنه مكذب لله ولرسوله والله سبحانه يقول:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (2) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3) ويقول جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (4) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان،

(1) السؤال الثاني من الشريط رقم: 235.

(2)

سورة البقرة الآية 43

(3)

سورة البقرة الآية 238

(4)

سورة النساء الآية 103

ص: 25

وحج البيت (1)» متفق عليه.

ولما سأله جبرائيل عن الإسلام قال عليه الصلاة والسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا (2)» والصلاة عمود الإسلام، فمن جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، فإن كان بعيدا عن الإسلام في محلات لا تعرف الإسلام بين له وأقيمت عليه الحجة وذكر له الآيات فإن أصر على جحده وجوبها كفر إجماعا، أما الذي بين المسلمين يسمع القرآن والسنة، هذا إذا جحدها كفر، أما من تركها وهو لا يجحد لكن تكاسل، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر أيضا إذا تركها ولو لم يجحد وجوبها لأنها عمود الإسلام، وقد صح فيها أحاديث تدل على كفر من تركها، وقد نقل ذلك عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر

(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8).

ص: 26

الإسلام، وعموده الصلاة (1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم:«بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (2)» رواه مسلم في صحيحه.

والكفر والشرك إذا عرف فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (3)» وهذا هو الأرجح، وأصح القولين أنه يكفر كفرا أكبر - نعوذ بالله - ولو ما جحد وجوبها، سواء تركها كلها أو ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكفر بذلك وعليه أن يجدد توبة نصوحا.

وذهب الأكثرون من الأئمة الأربعة من المالكية والحنفية والشافعية إلى عدم كفره، وأنه كفر أصغر وشرك أصغر، وهو قول جماعة من الحنابلة أيضا، ولكن الصواب الأول، أنه كفر أكبر؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على كفره؛ لأنها عمود الإسلام، فيجب الحذر من ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وأن يحافظ عليها في جميع الأوقات، المغرب والعشاء والفجر والظهر والعصر، يجب أن

(1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

(3)

أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

ص: 27

يحافظ عليها جميعا، وأن يصليها في الجماعة أيضا إذا كان رجلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (1)» ولما سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (2)» أعمى ليس له قائد يقوده، ومع هذا يقال له: أجب، صل في الجماعة، فكيف بحال البصير؟ يكون الوجوب عليه أشد وأعظم؟ ولأن عدم الصلاة في الجماعة وسيلة إلى تركها بالكلية والتهاون بها، فالواجب على كل مكلف وكل مسلم الحذر من ذلك وأن يصليها في الجماعة ويحافظ عليها، ويحذر التأسي بأهل الباطل، يحذر صحبة الأشرار الذين يتركونها ويتهاونون بها ليحذرهم غاية الحذر والتهاون بها من صفات المنافقين فلا يجوز للمسلم أن يتأسى بهم، يقول الله سبحانه:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)

(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

(3)

سورة النساء الآية 142

ص: 28

فاحذر أن تشابه أعداء الله المنافقين، يقول الله في حقهم:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (1) فالواجب الحذر من صفات المنافقين، والواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلاة في أوقاتها والرجل يؤديها في الجماعة، والمرأة تؤديها في بيتها وتحافظ عليها في وقتها، تحذر الكسل والتهاون فهي عماد الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته - يعني يوم القيامة - فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (2)» وهذا من الأدلة

(1) سورة النساء الآية 145

(2)

أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، برقم (413)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب قول النبي:«كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه» ، برقم (846)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، برقم (465)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة، برقم (1425).

ص: 29

على كفر تاركها. فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في الجماعة، وهكذا كل مسلمة عليها أن تتقي الله وأن تراقب الله وأن تحافظ على الصلاة في وقتها، كل وقت، ولا يجوز تأخير الفجر حتى طلوع الشمس إلى أن يذهب إلى العمل، يجب أن يصليها في الوقت مع الجماعة في مساجد الله، فإن صلاها في البيت صحت مع الإثم لكن ليس له أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يؤخر المغرب إلى أن يغيب الشفق، يجب أن يصلي في الوقت ويجب أن يصلي في الجماعة إذا كان رجل يصليها في المساجد، فإذا أهملها وضيعها كفر - نسأل الله العافية - بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام:«بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (1)» والحكم عام للرجل والمرأة، ولهذا في الحديث الآخر:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (2)» فالأحكام مشتركة، ما ثبت في حق الرجل ثبت

(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

(2)

أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

ص: 30

في حق المرأة، وما ثبت في حق المرأة ثبت في حق الرجل، إلا ما دل عليه الدليل بالخصوصية، فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة تعظيم الصلاة والعناية بها والمحافظة عليها وعلى طهارتها وعلى جميع شؤونها وعلى الطهور فيها، الطهارة شرط لا بد منها والوقت كذلك، واستقبال القبلة كذلك، فالواجب على الجميع العناية بهذه الأمور، وأن يعتني بالطهارة والسترة، ويستر العورة، وأن يعتني باستقبال القبلة وأن يصليها في الوقت، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه، «كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله - إلى أمرائه - ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (1)» يعني متى ضيع الصلاة ضيع دينه - نسأل الله العافية - ولا تجد إنسانا يتهاون بالصلاة إلا وهو متهاون بالدين، فهي علامة التهاون وعلامة المحافظة من حافظ عليها حافظ على بقية الدين واستقام أمره،

(1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة، برقم (6).

ص: 31

ومن ضيعها وتهاون بها، تهاون ببقية الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله وثبت في مسند أحمد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه:«من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (1)» نسأل الله العافية، وإنما يحشر مع هؤلاء الكفرة لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة لأنه ملك أو لأنه رئيس جمهورية، أو شيخ قبيلة فقد شابه فرعون، فيحشر مع فرعون إلى النار يوم القيامة، وإن ضيع الصلاة من أجل الوزارة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ضيع الصلاة بأسباب الأموال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به الأرض وبأهله فيكون معه يوم القيامة في النار - نسأل الله العافية - وإن ضيعها بأسباب المعاملات والتجارة شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، أبي بن خلف كان من تجار أهل مكة، قتل يوم أحد، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة عليه الصلاة

(1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

ص: 32

والسلام كافرا، فمن ضيع الصلاة من أجل البيع والشراء والمعاملات شابه عدو الله أبي بن خلف فيحشر معه إلى النار يوم القيامة فيجب الحذر أيها الإخوة في الله يجب الحذر أيها المسلمون، أيها المسلمون نوصيكم بالصلاة احرصوا عليها، حافظوا عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة وعدم النقر وعدم العجلة، اتقوا الله في صلاتكم، حافظوا عليها، اركدوا فيها اخشعوا فيها لله لا تعجلوا، أدوها بالطمأنينة والخشوع في القراءة وفي الركوع وفي السجود وفي الرفع بعد الركوع وبين السجدتين، إذا ركع يقرأ: سبحان ربي العظيم - لا يعجل - سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي - لا يعجل يطمئن - وإذا رفع يقرأ: سمع الله لمن حمده. إن كان الإمام أو منفردا وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد.

يكون مطمئنا، يعتدل واقفا، ثم ينحط ساجدا، ويعتدل السجود على السبعة الأعضاء، على جبهته وعلى أنفه، ويديه وركبتيه، وأطراف قدميه يطمئن، يقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يدعو ربه في سجوده، ويخشع لله في السجود،

ص: 33

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب؟ وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (1)» يعني: حري أن يستجاب لكم.

ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء (2)» وهكذا بين السجدتين يطمئن ولا يعجل، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني لا يعجل، ثم يسجد الثانية ويطمئن ويدعو بما تيسر لا يعجل، هكذا المؤمن فالرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله ويسارع إليها إذا سمع الأذان حي على الصلاة، حي على الفلاح بادر سارع إلى هذه العبادة العظيمة، والمؤمنة كذلك في بيتها، تصليها في بيتها في وقتها بخشوع وطمأنينة وإقبال وإحضار قلب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479).

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

ص: 34