الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناظرة أهل البدع
المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة
التاريخ 19/06/1426هـ
السؤال
ورد كثير من الآثار عن سلفنا الصالح في عدم مناظرة المبتدعة بإطلاق، فهل نفهم هذه الإطلاقات في صور معينة، والمطلوب هو حصر هذه الإطلاقات وتنزيلها على صورها المعينة المخصوصة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، أما بعد:
فقد وردت آثار كثيرة عن السلف الصالح في النهي عن مجالسة أهل البدع والكلام معهم ومناظرتهم- كما ذكر السائل- وهذه الآثار عامة لئلا تنتشر البدع والشبه فيحصل الانحراف والزيغ والضلال عن الحق.
أما الرسل والدعاة والأئمة وأهل العلم والبصيرة، فإنهم يناظرون الكفار وأهل البدع لإلزامهم بالحق وإقامة الحجة عليهم، كما أخبر الله -تعالى- عن الرسل أنهم ناظروا أقوامهم وجادلوهم وأقاموا عليهم الحجة. فأخبرنا عن نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه:"قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان"[الأعراف: 71] . وقال تعالى عن قوم نوح أنهم قالوا له: "قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا"[هود: 32] ، وكما أخبر الله عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومحاجة قومه له، فقال:"وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان"[الأنعام: 8] .
وقد ناظر الإمام أحمد رحمه الله الجهمية، وكشف شبههم، وردَّ عليهم في كتابه المشهور "الرد على الزنادقة والجهمية"، كما ناظر عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله بشرًا المريسي، وردَّ عليه في كتابه المشهور، "رد عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي" وكتابه الآخر "الرد على الجهمية"، ومن ذلك المناظرة المشهورة لعبد العزيز الكناني في كتابه الجيد "الرد على بشر المريسي" والأمثلة كثيرة.
فإذا كان المناظر من أهل العلم والبصيرة، وعنده قدرة على استحضار الأدلة؛ بأن يكون حاضر البديهة، وعنده قدرة على كشف الشبهة التي يوردها المبتدع، ويستطيع الرد عليها، ويغلب على الظن رجوع المبتدع عن بدعته، ولا يتضرر أحد من الحاضرين بهذه الشبهة، كما يحصل في المناظرات التي تجري في القنوات الفضائية التي يسمعها ويراها كل أحد -فتجب الحيطة والحذر، والتأمل في العاقبة والنتيجة لهذه المناظرة والموازنة بين المصالح والمفاسد، ويقدم درء المفاسد على جلب المصالح، ولا يقدر على ذلك إلا أهل العقول والنظر والبصيرة، والله الموفق والمستعان وعليه التكلان، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان.