المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة ق (50) : الآيات 41 إلى 43] - التحرير والتنوير - جـ ٢٦

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌46- سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 29 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 35]

- ‌47- سُورَةُ مُحَمَّدٍ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 4 الى 6]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 20 الى 21]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 36 الى 37]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 38]

- ‌48- سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 29]

- ‌49- سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌أَغْرَاضُ هَاتِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : الْآيَات 7 الى 8]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 18]

- ‌50- سُورَةُ ق

- ‌أَغْرَاضُ هَاتِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 1 الى 3]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 31 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 41 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 45]

- ‌51- سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 24 إِلَى 30]

الفصل: ‌[سورة ق (50) : الآيات 41 إلى 43]

[سُورَة ق (50) : الْآيَات 41 إِلَى 43]

وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43)

لَا مَحَالَةَ أَنَّ جُمْلَةَ اسْتَمِعْ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [ق: 39] ، فَالْأَمْرُ بِالِاسْتِمَاعِ مُفَرَّعٌ بِالْفَاءِ الَّتِي فُرِّعَ بِهَا الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يَقُولُونَ. فَهُوَ لَا حق بتسلية النبيء صلى الله عليه وسلم فَلَا يَكُونُ الْمَسْمُوعُ إِلَّا مِنْ نَوْعِ مَا فِيهِ عِنَايَةٌ بِهِ وَعُقُوبَةٌ لِمُكَذِّبِيهِ.

وَابْتِدَاءُ الْكَلَامِ بِ اسْتَمِعْ يُفِيد توثيقا إِلَى مَا يَرِدُ بَعْدَهُ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ. وَالْأَمْرُ بِالِاسْتِمَاعِ حَقِيقَتُهُ: الْأَمْرُ بِالْإِنْصَاتِ وَالْإِصْغَاءِ.

وَلِلْمُفَسِّرِينَ ثَلَاثُ طُرُقٍ فِي مَحْمَلِ اسْتَمِعْ، فَالَّذِي نَحَاهُ الْجُمْهُورُ حمل الِاسْتِمَاع على حَقِيقَته وَإِذْ كَانَ الْمَذْكُورُ عَقِبَ فِعْلِ السَّمْعِ لَا يَصْلُحُ لِأَنْ يَكُونَ مَسْمُوعًا لِأَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ مِمَّا يُسْمَعُ تَعَيَّنَ تَقْدِيرُ مَفْعُولٍ لِ اسْتَمِعْ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ الَّذِي بَعْدَهُ فَيُقَدَّرُ: اسْتَمِعْ نِدَاءَ الْمُنَادِي، أَوِ اسْتَمِعْ خَبَرَهُمْ، أَوِ اسْتَمِعِ الصَّيْحَةَ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ فِعْلَ اسْتَمِعْ مُنْزَلًا مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، أَيْ كُنْ سَامِعًا وَيَتَوَجَّهُ عَلَى تَفْسِيرِهِ هَذَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْأَمْرِ بِالِاسْتِمَاعِ تَخْيِيلًا لِصَيْحَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي صُورَةِ الْحَاصِلِ بِحَيْثُ يُؤْمَرُ الْمُخَاطَبُ بِالْإِصْغَاءِ إِلَيْهَا فِي الْحَالِ كَقَوْلِ مَالِكِ بْنِ الرَّيْبِ:

دَعَانِي الْهَوَى مِنْ أَهْلِ وُدِّي وَجِيرَتِي

بِذِي الطَّبَسَيْنِ فَالْتَفَتُّ وَرَائِيَا

وَنَحَا ابْنُ عَطِيَّةَ حَمْلَ اسْتَمِعْ عَلَى الْمَجَازِ، أَيِ انْتَظِرْ. قَالَ:«لِأَن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤْمَرْ بِأَنْ يَسْتَمِعَ فِي يَوْمِ النِّدَاءِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ فِيهِ يَسْتَمِعُ وَإِنَّمَا الْآيَةُ فِي مَعْنَى الْوَعِيدِ لِلْكُفَّارِ فَقيل لمُحَمد صلى الله عليه وسلم تَحَسَّسْ هَذَا الْيَوْمَ وَارْتَقِبْهُ فَإِنَّ فِيهِ تَبِينُ صِحَّةُ مَا قُلْتَهُ» اهـ. وَلَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَمِثْلُهُ فِي «تَفْسِيرِ الْفَخْرِ» وَفِي «تَفْسِيرِ النَّسَفِيِّ» . وَلَعَلَّهُمَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مُتَأَخِّرَانِ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ وهما وَإِن كَانَا مَشْرِقِيَّيْنِ فَإِنَّ الْكُتُبَ تُنْقَلُ بَيْنَ الْأَقْطَارِ.

ولَلزَّمَخْشَرِيِّ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فَقَالَ «يَعْنِي: وَاسْتَمِعْ لِمَا أَخْبَرَكَ بِهِ مِنْ حَالِ يَوْمِ

ص: 329

الْقِيَامَةِ. وَفِي ذَلِكَ تَهْوِيلٌ وَتَعْظِيمٌ لِشَأْنِ الْمُخْبَرِ بِهِ كَمَا

رُوِيَ أَن النبيء صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ «يَا مُعَاذُ اسْمَعْ مَا أَقُولُ لَكَ ثُمَّ حَدَّثَهُ بَعْدَ ذَلِكَ»

. وَلَمْ أَرَ مَنْ سَبْقَهُ إِلَى هَذَا وَهُوَ مَحْمَلٌ حَسَنٌ دَقِيقٌ.

وَاللَّائِقُ بِالْجَرْيِ عَلَى الْمَحَامِلِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنْ يكون يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مُبْتَدَأً وَفَتْحَتُهُ فَتْحَةُ بِنَاءٍ لِأَنَّهُ اسْمُ زَمَانٍ أُضِيفَ إِلَى جُمْلَةٍ فَيَجُوزُ فِيهِ الْإِعْرَابُ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْفَتْحِ، وَلَا يُنَاكِدُهُ أَنَّ فِعْلَ الْجُمْلَةِ مُضَارِعٌ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ وَهُوَ قَوْلُ نُحَاةِ الْكُوفَةِ وَابْنِ مَالِكٍ وَلَا رِيبَةَ فِي أَنَّهُ الْأَصْوَبُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [الْمَائِدَة: 119] فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ بِفَتْحِ يَوْمَ.

وَقَوْلُهُ: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بَدَلٌ مُطَابَقٌ من يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ وَقَوْلُهُ: ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ.

وَلَكَ أَنْ تجْعَل يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مَفْعُولًا فِيهِ لِ اسْتَمِعْ وَإِعْرَابُ مَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ.

وَلَكَ أَنْ تجْعَل يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ ظَرْفًا فِي مَوْقِعِ الْخَبَرِ الْمُقَدَّمِ وَتَجْعَلَ الْمُبْتَدَأَ قَوْلَهُ: ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ وَيَكُونُ تَقْدِيرُ النَّظْمِ: وَاسْتَمِعْ ذَلِكَ يَوْمَ الْخُرُوجِ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي إِلَخْ، وَيَكُونُ اسْمُ الْإِشَارَةِ لِمُجَرَّدِ التَّنْبِيهِ، أَوْ رَاجِعًا إِلَى يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي، فَإِنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْهُ فِي الْمَعْنَى وَاسْمُ الْإِشَارَةِ يَكْتَفِي بِالتَّقَدُّمِ اللَّفْظِيِّ بَلْ يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الْخُطُورِ فِي الذِّهْنِ. وَفِي «تَفْسِيرِ النَّسَفِيِّ» أَنَّ يَعْقُوبَ أَيِ الْحَضْرَمِيَّ أَحَدَ أَصْحَابِ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَقَفَ عَلَى قَوْلِهِ وَاسْتَمِعْ.

وتعريف الْمُنادِ تَعْرِيف الْجِنْسِ، أَيْ يَوْمَ يُنَادِي مُنَادٍ، أَيْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ الْمَلَكُ الَّذِي يَنْفُخُ النَّفْخَةَ الثَّانِيَةَ فَتَتَكَوَّنُ الْأَجْسَادُ وَتَحِلُّ فِيهَا أَرْوَاحُ النَّاسِ لِلْحَشْرِ قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر: 68] .

وَتَنْوِينُ مَكانٍ قَرِيبٍ لِلنَّوْعِيَّةِ إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِتَعْيِينِهِ، وَوَصْفُهُ بِ قَرِيبٍ لِلْإِشَارَةِ إِلَى سُرْعَةِ حُضُورِ الْمُنَادَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فَسَّرَتْهُ جُمْلَةُ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ

ص: 330

لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ النِّدَاءَ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ لَا يَخْفَى عَلَى السَّامِعِينَ بِخِلَافِ النداء من كَانَ بَعِيدٍ.

وبِالْحَقِّ بِمَعْنَى: بِالصِّدْقِ وَهُوَ هُنَا الْحَشْرُ، وُصِفَ بِالْحَقِّ إِبْطَالًا لِزَعْمِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُ اخْتِلَاقٌ.

وَالْخُرُوجُ: مُغَادَرَةُ الدَّارِ أَوِ الْبَلَدِ، وَأُطْلِقَ الْخُرُوجُ عَلَى التَّجَمُّعِ فِي الْمَحْشَرِ لِأَنَّ الْحَيَّ إِذَا نَزَحُوا عَنْ أَرْضِهِمْ قِيلَ: خَرَجُوا، يُقَالُ: خَرَجُوا بِقَضِّهِمْ وَقَضِيضِهِمْ.

وَاسْمُ الْإِشَارَةِ جِيءَ بِهِ لِتَهْوِيلِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ فَأُرِيدَ

كَمَالُ الْعِنَايَةِ بِتَمْيِيزِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهَذَا الْخَبَرِ الْعَظِيمِ. وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: هُوَ يَوْمُ الْخُرُوجِ.

ويَوْمُ الْخُرُوجِ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، أَيِ الْخُرُوجِ مِنَ الْأَرْضِ.

وَجُمْلَةُ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ تَذْيِيلٌ، أَيْ هَذَا الْإِحْيَاءُ بَعْدَ أَنْ أَمَتْنَاهُمْ هُوَ من شؤوننا بِأَنَّا نُحْيِيهِمْ وَنُحْيِي غَيْرَهُمْ وَنُمِيتُهُمْ وَنُمِيتُ غَيْرَهُمْ.

وَالْمَقْصُودُ هُوَ قَوْلُهُ: وَنُمِيتُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: نُحْيِي فَإِنَّهُ لِاسْتِيفَاءِ مَعْنَى تَصَرُّفِ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ.

وَتَقْدِيمُ إِلَيْنَا فِي إِلَيْنَا الْمَصِيرُ لِلِاهْتِمَامِ. وَالتَّعْرِيفُ فِي الْمَصِيرُ إِمَّا تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، أَيْ كُلُّ شَيْءٍ صَائِرٌ إِلَى مَا قَدَّرْنَاهُ لَهُ وَأَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ نَامُوسُ الْفَنَاءِ الْمَكْتُوبُ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْيَاءِ وَإِمَّا تَعْرِيفُ الْعَهْدِ، أَيِ الْمَصِيرُ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْمَصِيرَ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى حُكْمِ اللَّهِ.

وَعِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ قَوْلِهِ: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ إِلَى قَوْلِهِ الْمَصِيرُ مَكَانٌ قَرِيبٌ هِيَ مَعَ مَا تُفِيدُهُ مِنْ تَسْلِيَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مُبَشِّرٌ بِطَرِيقَةِ التَّوْجِيهِ الْبَدِيعِيِّ إِلَى تَهْدِيدِ الْمُشْرِكِينَ بِعَذَابٍ يَحُلُّ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا عَقِبَ نِدَاءٍ يُفْزِعُهُمْ فَيَلْقَوْنَ إِثْرَهُ حَتْفَهُمْ، وَهُوَ عَذَابُ يَوْمِ بَدْرٍ فخوطب النبيء صلى الله عليه وسلم بِتَرَقُّبِ يَوْمٍ يُنَادِيهِمْ فِيهِ مُنَادٍ إِلَى الْخُرُوجِ وَهُوَ نِدَاءُ الصَّرِيخِ الَّذِي صَرَخَ بِأَبِي جَهْلٍ وَمَنْ مَعَهُ بِمَكَّةَ بِأَنَّ عِيرَ قُرَيْشٍ وَفِيهَا أَبُو سُفْيَانَ قَدْ لَقِيَهَا الْمُسْلِمُونَ بِبَدْرٍ وَكَانَ الْمُنَادِي

ص: 331