المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 7 إلى 9] - التحرير والتنوير - جـ ٢٦

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌46- سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 29 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 35]

- ‌47- سُورَةُ مُحَمَّدٍ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 4 الى 6]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 20 الى 21]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 36 الى 37]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 38]

- ‌48- سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 29]

- ‌49- سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌أَغْرَاضُ هَاتِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : الْآيَات 7 الى 8]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 18]

- ‌50- سُورَةُ ق

- ‌أَغْرَاضُ هَاتِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 1 الى 3]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 31 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 41 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 45]

- ‌51- سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 24 إِلَى 30]

الفصل: ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 7 إلى 9]

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تُوعَدُونَ مِنَ الْوَعْدِ، أَيِ الْإِخْبَارِ بِشَيْءٍ يَقَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِثْلَ قَوْلِهِ: إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [لُقْمَان: 33] فَوَزْنُهُ تُفْعَلُونَ. وَالْمُرَادُ بِالْوَعْدِ الْوَعْدُ بِالْبَعْثِ.

وَوَصْفُ لَصادِقٌ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ إِذِ الصَّادِقُ هُوَ الْمُوعَدُ بِهِ عَلَى نَحْوِ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ [الجاثية: 21] .

وَالدِّينُ: الْجَزَاءُ. وَالْمُرَادُ إِثْبَاتُ الْبَعْثِ الَّذِي أَنْكَرُوهُ.

وَمَعْنَى لَواقِعٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِقَرِينَةِ جَعْلِهِ مُرَتَّبًا فِي الذِّكْرِ عَلَى مَا يُوعَدُونَ وَإِنَّمَا يَكُونُ حُصُولُ الْمَوْعُودِ بِهِ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي ذِكْرِ الْجَزَاءِ زِيَادَةٌ عَلَى الْكِنَايَةِ بِهِ عَنْ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ تَعْرِيضٌ بِالْوَعِيدِ عَلَى إِنْكَارِ الْبَعْثِ.

وَكُتِبَ فِي الْمَصَاحِفِ إِنَّما مُتَّصِلَةً وَهُوَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسِ الرَّسْمِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدُ لِأَنَّهُمَا كَلِمَتَانِ لَمْ تَصِيرَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، بِخِلَافِ إِنَّمَا الَّتِي هِيَ لِلْقَصْرِ. وَلَمْ يَكُنِ الرَّسْمُ فِي زَمَنِ كِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ فِي أَيَّامِ الْخَلِيفَةِ عُثْمَانَ قَدْ بَلَغَ تَمام ضَبطه.

[7- 9]

[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9)

هَذَا قَسَمٌ أَيْضًا لِتَحْقِيقِ اضْطِرَابِ أَقْوَالِهِمْ فِي الطَّعْنِ فِي الدِّينِ وَهُوَ كَالتَّذْيِيلِ لِلَّذِي قَبْلَهُ، لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ خَاصٌّ بِإِثْبَاتِ الْجَزَاءِ. وَهَذَا يَعُمُّ إِبْطَالَ أَقْوَالِهِمُ الضَّالَّةِ فَالْقَسَمُ لِتَأْكِيدِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ شَاعِرِينَ بِحَالِهِمُ الْمُقْسَمِ عَلَى وُقُوعِهِ، وَمُتَهَالِكُونَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ مِنْهُ، فَهُمْ مُنْكِرُونَ لِمَا فِي أَقْوَالِهِمْ مِنِ اخْتِلَافٍ وَاضْطِرَابٍ جَاهِلُونَ بِهِ جَهْلًا مُرَكَّبًا وَالْجَهْلُ الْمُرَكَّبُ إِنْكَارٌ لِلْعِلْمِ الصَّحِيحِ. وَالْقَوْلُ فِي الْقَسَمِ بِ السَّماءِ كَالْقَوْلِ فِي الْقَسَمِ ب الذَّارِياتِ [الذَّارِيَاتِ: 1] .

وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْقَسَمِ لِلْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فِي وَصْفِ السَّمَاءِ بِأَنَّهَا ذَاتُ حُبُكٍ، أَيْ طَرَائِقَ لِأَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ: إِنَّ قَوْلَهُمْ مُخْتَلِفٌ طَرَائِقَ قِدَدًا وَلِذَلِكَ وَصَفَ الْمُقْسَمَ بِهِ لِيَكُونَ إِيمَاءً إِلَى نَوْعِ جَوَابِ الْقَسَمِ.

ص: 340

وَالْحُبُكُ: بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ حِبَاكٍ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَمِثَالٍ وَمُثُلٍ، أَوْ جَمْعُ حَبِيكَةٍ مِثْلُ طَرِيقَةٍ وَطُرُقٍ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحُبُكِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ إِجَادَةُ النَّسْجِ وَإِتْقَانُ الصُّنْعِ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِحُبُكِ السَّمَاءِ نُجُومُهَا لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الطَّرَائِقَ الْمُوَشَّاةَ فِي الثَّوْبِ الْمَحْبُوكِ الْمُتْقَنِ.

وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقِيلَ الْحُبُكُ: طَرَائِقُ الْمَجَرَّةِ الَّتِي تَبْدُو لَيْلًا فِي قُبَّةِ الْجَوِّ.

وَقِيلَ: طَرَائِقُ السَّحَابِ. وَفُسِّرَ الْحُبُكُ بِإِتْقَانِ الْخَلْقِ. رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحُبُكَ مَصْدَرًا أَوِ اسْمَ مَصْدَرٍ، وَلَعَلَّهُ مِنَ النَّادِرِ. وَإِجْرَاءُ هَذَا الْوَصْفِ عَلَى السَّمَاءِ إِدْمَاجٌ أُدْمِجَ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ الِامْتِنَانِ بِحُسْنِ الْمَرْأَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ رِوَايَةً رُويَتْ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ الْحُبُكِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمَّ الْبَاءِ وَهِيَ غَيْرُ جَارِيَةٍ عَلَى لُغَةٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ. وَجعل بعض أيمة اللُّغَةِ الْحِبُكَ شَاذًّا فَالظَّنُّ أَنَّ رَاوِيَهَا أَخْطَأَ لِأَنَّ وَزْنَ فِعُلٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّ الْعَيْنِ وَزْنٌ مُهْمَلٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كُلِّهِمْ لِشِدَّةٍ ثِقَلِ الِانْتِقَالِ مِنَ الْكَسْرِ إِلَى الضَّمِّ مِمَّا سَلِمَتْ مِنْهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ. وَوُجِّهَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ بِأَنَّهَا مِنْ تَدَاخُلِ اللُّغَاتِ وَهُوَ تَوْجِيهٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ إِعْمَالَ تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ إِنَّمَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يُفْضِ إِلَى زِنَةٍ مَهْجُورَةٍ لِأَنَّهَا إِذَا هُجِرَتْ بِالْأَصَالَةِ فَهَجْرُهَا فِي التَّدَاخُلِ أَجْدَرُ وَوَجَّهَهَا أَبُو حَيَّانَ بِاتِّبَاعِ حَرَكَةِ الْحَاءِ لِحَرَكَةِ تَاءِ ذاتِ وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ تَوْجِيهِ تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ فَلَا جَدْوَى فِي التَّكَلُّفِ.

وَالْقَوْلُ الْمُخْتَلِفُ: الْمُتَنَاقِضُ الَّذِي يُخَالِفُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَيَقْتَضِي بَعْضُهُ إِبْطَالَ بَعْضِ الَّذِي هُمْ فِيهِ هُوَ جَمِيعُ أَقْوَالِهِمْ وَالْقُرْآنُ وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ أَقْوَالُهُمْ فِي دِينِ الْإِشْرَاكِ فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ مُضْطَرِبَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ فَقَالُوا الْقُرْآنُ: سِحْرٌ وَشِعْرٌ، وَقَالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها [الْفرْقَان: 5] ، وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ [ص: 7] ، وَقَالُوا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هَذَا [الْأَنْفَال: 31] وَقَالُوا: مَرَّةً فِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [فصلت: 5] وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: وَحْيُ الشَّيَاطِينِ.

وَقَالُوا فِي الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أَقْوَالًا: شَاعِرٌ، سَاحِرٌ، مَجْنُونٌ، كَاهِنٌ، يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ، بَعْدَ أَنْ كَانُوا يُلَقِّبُونَهُ الْأَمِينَ.

ص: 341

وَقَالُوا فِي أُصُولِ شِرْكِهِمْ بِتَعَدُّدِ الْآلِهَةِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَقَالُوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ [الزمر: 3]، وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها [الْأَعْرَاف: 28] .

وَ (فِي) لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْمُلَابَسَةِ الشَّبِيهَةِ بِمُلَابَسَةِ الظَّرْفِ لِلْمَظْرُوفِ مِثْلَ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الْبَقَرَة: 15] .

وَالْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ الْكِنَايَةُ عَنْ لَازِمِ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ التَّرَدُّدُ فِي الِاعْتِقَادِ، وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ وَذَلِكَ مَصَبُّ التَّأْكِيدِ بِالْقَسَمِ وَحَرْفِ (إِنَّ) وَاللَّامِ.

ويُؤْفَكُ: يُصْرَفُ. وَالْأَفْكُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ: الصَّرْفُ. وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الصَّرْفِ عَنْ أَمْرٍ حَسَنٍ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ كَمَا فِي «اللِّسَانِ» ، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أيمة اللُّغَةِ وَالْفَرَّاءِ وَشَمَرٍ وَذَلِكَ مَدْلُولُهُ فِي مَوَاقِعِهِ مِنَ الْقُرْآنِ.

وَجُمْلَةُ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ صِفَةٍ ثَانِيَةٍ لِ قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ [الذاريات: 6] ، فَتَكُونُ جُمْلَةُ وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمْلَةِ الْبَيَانِيَّةِ وَالْجُمْلَةِ الْمُبَيَّنِ عَنْهَا. ثُمَّ إِنَّ لَفْظَ قَوْلٍ يَقْتَضِي شَيْئًا مَقُولًا فِي شَأْنِهِ فَإِذْ لَمْ يُذْكَرْ بَعْدَ قَوْلٍ مَا يَدُلُّ عَلَى مَقُولٍ صَلَحَ لِجَمِيعِ أَقْوَالِهِمُ الَّتِي اخْتَلَقُوهَا فِي شَأْنِهِ لِلْقُرْآنِ وَدَعْوَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَلَمَّا جَاءَ ضَمِيرُ غَيْبَةٍ بَعْدَ لَفْظِ قَوْلٍ احْتَمَلَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى قَوْلٍ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ، وَأَنْ يَعُودَ إِلَى أَحْوَالِ الْمَقُولِ فِي شَأْنِهِ فَقِيلَ ضَمِيرٌ عَنْهُ عَائِدٌ إِلَى قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ وَأَنَّ مَعْنَى يُؤْفَكُ عَنْهُ يُصْرَفُ بِسَبَبِهِ، أَيْ يُصْرَفُ الْمَصْرُوفُونَ عَنِ الْإِيمَانِ فَتَكُونُ (عَنْ) لِلتَّعْلِيلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ [هود: 53] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ [التَّوْبَة: 114]، وَقِيلَ ضَمِيرُ عَنْهُ عَائِدٌ إِلَى مَا تُوعَدُونَ [الذاريات: 22] أَوْ عَائِدٌ إِلَى الدِّينَ [الذاريات: 6] ، أَيِ الْجَزَاءُ أَنْ يُؤْفَكَ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ مَنْ أُفِكَ. وَعَنِ

ص: 342