المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الفتح (48) : آية 15] - التحرير والتنوير - جـ ٢٦

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌46- سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 5 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 13 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : الْآيَات 29 إِلَى 32]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْأَحْقَاف (46) : آيَة 35]

- ‌47- سُورَةُ مُحَمَّدٍ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 4 الى 6]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 20 الى 21]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : الْآيَات 36 الى 37]

- ‌[سُورَة مُحَمَّد (47) : آيَة 38]

- ‌48- سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌أَغْرَاضُهَا

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 1 إِلَى 3]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 8 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 18 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : الْآيَات 22 إِلَى 23]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 29]

- ‌49- سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌أَغْرَاضُ هَاتِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : الْآيَات 4 إِلَى 5]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : الْآيَات 7 الى 8]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 18]

- ‌50- سُورَةُ ق

- ‌أَغْرَاضُ هَاتِهِ السُّورَةِ

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 1 الى 3]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 17 إِلَى 18]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 20 إِلَى 21]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 24 إِلَى 25]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 27]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 28 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 31 إِلَى 35]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 36 إِلَى 37]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 39 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة ق (50) : الْآيَات 41 إِلَى 43]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة ق (50) : آيَة 45]

- ‌51- سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةُ

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 1 إِلَى 6]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 7 إِلَى 9]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 10 إِلَى 11]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 12 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 15 إِلَى 19]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 24 إِلَى 30]

الفصل: ‌[سورة الفتح (48) : آية 15]

[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 14]

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (14)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [الْفَتْح: 11] فَهُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْقَوْلِ، وَهَذَا انْتِقَالٌ مِنَ التخويف الَّذِي أَو همه فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِلَى إِطْمَاعِهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ الَّتِي سَأَلُوهَا، وَلِذَلِكَ قُدِّمَ الضُّرُّ عَلَى النَّفْعِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى فَقِيلَ إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً [الْفَتْح: 11] لِيَكُونَ احْتِمَالُ إِرَادَةِ الضُّرِّ بِهِمْ أَسْبَقَ فِي نُفُوسِهِمْ.

وَقُدِّمَتِ الْمَغْفِرَةُ هُنَا بِقَوْلِهِ: يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ لِيَتَقَرَّرَ مَعْنَى الْإِطْمَاعِ فِي نُفُوسِهِمْ فَيَبْتَدِرُوا إِلَى اسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَهُمْ. وَهَذَا تَمْهِيدٌ لِوَعْدِهِمُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ إِلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً [الْفَتْح: 16] .

وَزَادَ رَجَاءَ الْمَغْفِرَةِ تَأْكِيدًا بِقَوْلِهِ: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً أَيِ الرَّحْمَةُ وَالْمَغْفِرَةُ أَقْرَبُ مِنَ الْعِقَابِ، وَلِلْأَمْرَيْنِ مَوَاضِعُ وَمَرَاتِبُ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، وَالنَّوَايَا وَالْعَوَارِضِ، وَقِيمَةُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَقَدَّرَهَا تَقْدِيرًا.

وَلَفْظُ مَنْ يَشاءُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِجْمَالٌ لِلْمَشِيئَةِ وَأَسْبَابِهَا وَقَدْ بُيِّنَتْ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي تَضَاعِيفِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [النِّسَاء: 48] .

[15]

[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 15]

سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَاّ قَلِيلاً (15)

هَذَا اسْتِئْنَافٌ ثَانٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا [الْفَتْح: 11] . وَهُوَ أَيْضًا إِعْلَام للنبيء صلى الله عليه وسلم بِمَا سَيَقُولُهُ الْمُخَلَّفُونَ عَنِ الْحُدَيْبِيَةِ يَتَعَلَّقُ بِتَخَلُّفِهِمْ عَنِ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُذْرِهِمُ الْكَاذِبِ، وَأَنَّهُمْ سَيَنْدَمُونَ عَلَى تَخَلُّفِهِمْ حِينَ يَرَوْنَ اجْتِنَاءَ أَهْلِ

ص: 166

الْحُدَيْبِيَةِ ثَمَرَةَ غَزْوِهِمْ، وَيَتَضَمَّنُ تَأْكِيدَ تَكْذِيبِهِمْ فِي اعْتِذَارِهِمْ عَنِ التَّخَلُّفِ بِأَنَّهُمْ حِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ هُنَالِكَ مَغَانِمَ مِنْ قِتَالٍ غَيْرِ شَدِيدٍ يَحْرِصُونَ عَلَى الْخُرُوجِ وَلَا تَشْغَلُهُمْ أَمْوَالُهُمْ

وَلَا أَهَالِيهِمْ، فَلَوْ كَانَ عُذْرُهُمْ حَقًّا لَمَا حَرَصُوا عَلَى الْخُرُوجِ إِذَا تَوَقَّعُوا الْمَغَانِمَ وَلَأَقْبَلُوا عَلَى الِاشْتِغَالِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ.

وَلِكَوْنِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ صَدَرَتْ مِنْهُمْ عَنْ قَرِيحَةٍ وَرَغْبَةٍ لَمْ يُؤْتَ مَعَهَا بِمَجْرُورِ لَكَ كَمَا أُتِيَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ آنِفًا لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ رَاغِبٌ صَادِقٌ غَيْرُ مُزَوَّرٍ لِأَجْلِ التَّرْوِيجِ على النبيء صلى الله عليه وسلم كَمَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ.

وَاسْتُغْنِيَ عَنْ وَصْفِهِمْ بِأَنَّهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُخَلَّفُونَ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ، أَيِ الْمُخَلَّفُونَ الْمَذْكُورُونَ.

وَقَوْلُهُ: إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها مُتَعَلِّقٌ بِ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ وَلَيْسَ هُوَ مَقُولُ الْقَوْلِ. وإِذَا ظَرْفٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَوُقُوعُ فِعْلِ الْمُضِيِّ بَعْدَهُ دُونَ الْمُضَارِعِ مُسْتَعَارٌ لِمَعْنَى التَّحْقِيقِ، وإِذَا قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ.

وَالْمُرَادُ بِالْمَغَانِمِ فِي قَوْلِهِ: إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ: الْخُرُوجُ إِلَى غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَأُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ مَغَانِمَ مَجَازًا لِعَلَاقَةِ الْأَوَّلِ مِثْلُ إِطْلَاقِ خَمْرًا فِي قَوْلِهِ: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً [يُوسُف: 36] . وَفِي هَذَا الْمَجَازِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُمْ مَنْصُورُونَ فِي غَزْوَتِهِمْ.

وَأَن النبيء صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَقَامَ شَهْرَ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ وست وَأَيَّامًا مِنْ مُحَرَّمٍ سَنَةَ سَبْعٍ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ خَيْبَرَ وَرَامَ الْمُخَلَّفُونَ عَنِ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ فَمَنَعَهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ غَزْوَةَ خَيْبَرَ غَنِيمَةً لِأَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ خَاصَّةً إِذْ وَعَدَهُمْ بِفَتْحٍ قَرِيبٍ.

وَقَوْلُهُ: لِتَأْخُذُوها تَرْشِيحٌ لِلْمَجَازِ وَهُوَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمَغَانِمَ حَاصِلَةٌ لَهُمْ لَا مَحَالَةَ.

وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أخبر نبيئه صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ وَعَدَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يُعَوِّضَهُمْ عَنْ عَدَمِ دُخُولِ مَكَّةَ مَغَانِمَ خَيْبَرَ.

ص: 167

وَ (مَغانِمَ) : جَمْعُ مَغْنَمٍ وَهُوَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ غَنِمَ إِذَا أَصَابَ مَا فِيهِ نَفْعٌ لَهُ كَأَنَّهُمْ سَمَّوْهُ مَغْنَمًا بِاعْتِبَارِ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ الْمَغْنُومِ بِمَكَانٍ فِيهِ غَنَمٌ فَصِيغَ لَهُ وَزْنُ الْمَفْعَلِ.

وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: ذَرُونا بِأَن النبيء صلى الله عليه وسلم سَيَمْنَعُهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُ إِلَى غَزْوِ خَيْبَرَ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ إِلَّا مِنْ حَضَرَ الْحُدَيْبِيَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالَ

فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى

فِي سُورَةِ غَافِرٍ [26] .

وَقَوْلُهُ: نَتَّبِعْكُمْ حِكَايَةٌ لِمَقَالَتِهِمْ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ قَالُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ اسْتِنْزَالًا لِإِجَابَةِ طَلَبِهِمْ بِأَنْ أَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ إِلَى غَزْوِ خَيْبَرَ كَالْأَتْبَاعِ، أَيْ أَنَّهُمْ رَاضُونَ بِأَنْ يَكُونُوا فِي مُؤَخِّرَةِ الْجَيْشِ فَيَكُونَ حَظُّهُمْ فِي مَغَانِمِهِ ضَعِيفًا.

وَتَبْدِيلُ كَلَامِ اللَّهِ: مُخَالَفَةُ وَحْيِهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ كَرَامَةً لِلْمُجَاهِدِينَ وَتَأْدِيبًا لِلْمُخَلَّفِينَ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ. فَالْمُرَادُ بِكَلَامِ اللَّهِ مَا أَوْحَاهُ إِلَى رَسُوله صلى الله عليه وسلم مِنْ وَعْدِ أَهِلِ الْحُدَيْبِيَةِ بِمَغَانِمِ خَيْبَرَ خَاصَّةً لَهُمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَلَامِ اللَّهِ هُنَا الْقُرْآنَ إِذْ لَمْ يُنَزَّلْ فِي ذَلِكَ قُرْآنٌ يَوْمَئِذٍ. وَقَدْ أُشْرِكَ مَعَ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ مَنْ أَهْلِ هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ الَّذِينَ أَعْطَاهُم النبيء صلى الله عليه وسلم بِوَحْيٍ.

وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَلَامِ اللَّهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا [التَّوْبَة: 83] فَقَدْ رَدَّهُ ابْنُ عَطِيَّةَ بِأَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ هَذِهِ السُّورَةِ وَهَؤُلَاءِ الْمُخَلَّفُونَ لَمْ يُمْنَعُوا مَنْعًا مُؤَبَّدًا بَلْ مُنِعُوا مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ لِئَلَّا يُشَارِكُوا فِي مَغَانِمِهَا فَلَا يُلَاقِي قَوْلَهُ فِيهَا لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَيُنَافِي قَوْلَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ [الْفَتْح:

16] الْآيَةَ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ.

وَجُمْلَةُ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. وَالْإِرَادَةُ فِي قَوْلِهِ:

يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ عَلَى حَقِيقَتِهَا لِأَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ حِينَئِذٍ يَقُولُونَ: ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ أَنَّ اللَّهَ أوحى إِلَى نبيه صلى الله عليه وسلم بِمَنْعِهِمْ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَنَازُلُهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ فَهُمْ يُرِيدُونَ حِينَئِذٍ أَنْ

ص: 168

يُغَيِّرُوا مَا أَمَرَّ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ حِينَ يَقُولُونَ ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ إِذِ اتِّبَاعُ الْجَيْشِ وَالْخُرُوجُ فِي أَوَّلِهِ سَوَاءٌ فِي الْمَقْصُودِ مِنَ الْخُرُوجِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ كَلامَ اللَّهِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ كَلِمَ اللَّهِ اسْمُ جَمْعِ كَلِمَةٍ. وَجِيءَ بِ لَنْ الْمُفِيدَةِ تَأْكِيدَ النَّفْيِ لِقَطْعِ أَطْمَاعِهِمْ فِي الْإِذْنِ لَهُمْ بِاتِّبَاعِ الْجَيْشِ الْخَارِجِ إِلَى خَيْبَرَ وَلِذَلِكَ حُذِفَ مُتَعَلِّقُ تَتَّبِعُونا لِلْعِلْمِ بِهِ. ومِنْ قَبْلُ تَقْدِيرُهُ: مِنْ قَبْلِ طَلَبِكُمُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِمَا سَيَقُولُونَهُ إِذْ قَالَ: فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا، وَقَدْ قَالُوا ذَلِكَ بَعْدَ نَحْوِ شَهْرٍ وَنِصْفٍ فَلَمَّا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَأَهِّبُونَ لِلْخُرُوجِ إِلَى خَيْبَرَ مَقَالَتَهُمْ قَالُوا: قَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ فِي الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنَّهُمْ سَيَقُولُونَ هَذَا.

وبَلْ هُنَا لِلْإِضْرَابِ عَنْ قَول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَنْ تَتَّبِعُونا وَهُوَ إِضْرَابُ إِبْطَالٍ نَشَأَ عَنْ فَوْرَةِ الْغَضَبِ الْمَخْلُوطِ بِالْجَهَالَةِ وَسُوءِ النَّظَرِ، أَيْ لَيْسَ بِكُمُ الْحِفَاظُ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، بَلْ بِكُمْ أَنْ لَا نُقَاسِمَكُمْ فِي الْمَغَانِمِ حَسَدًا لَنَا عَلَى مَا نُصِيبُ مِنَ الْمَغَانِمِ.

وَالْحَسَدُ: كَرَاهِيَةُ أَنْ يَنَالَ غَيْرُكَ خَيْرًا مُعَيَّنًا أَوْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ تَمَنِّي انْتِقَالِهِ إِلَيْكَ أَوْ بِدُونِ ذَلِكَ، فَالْحَسَدُ هُنَا أُرِيدَ بِهِ الْحِرْصُ عَلَى الِانْفِرَادِ بِالْمَغَانِمِ وَكَرَاهِيَةِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ سِهَامُ الْكَارِهِينَ. وَتَقَدَّمَ الْحَسَدُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [الْبَقَرَة: 90] وَعِنْدَ قَوْلِهِ: حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ [الْبَقَرَة: 109] كِلَاهُمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

وَضَمِيرُ الرَّفْعِ مُرَادٌ بِهِ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ، نَسَبُوهُمْ إِلَى الْحَسَدِ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الْجَوَابَ بمنعهم لعدم رضى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ بِمُشَارَكَتِهِمْ فِي الْمَغَانِمِ. وَلَا يُظَنُّ بِهِمْ أَنْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ الضَّمِيرِ شُمُول النبيء صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ الْمُخَلَّفِينَ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَا يتهمون النبيء صلى الله عليه وسلم بِالْحَسَدِ وَلِذَلِكَ أَبْطَلَ اللَّهُ كَلَامَهُمْ بِالْإِضْرَابِ الْإِبْطَالِيِّ فَقَالَ: بَلْ كانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا، أَيْ لَيْسَ قَوْلُكَ لَهُمْ ذَلِكَ لِقَصْدِ الِاسْتِبْشَارِ بِالْمَغَانِمِ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَكِنَّهُ أَمْرُ اللَّهِ وَحَقُّهُ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَتَأْدِيبٌ لِلْمُخَلَّفِينَ لِيَكُونُوا عِبْرَةً لِغَيْرِهِمْ فِيمَا

ص: 169