الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَبَعدَهُ) أي: بَعْدَ انتهاءِ السَّاقِطِ (اكتُبْ صَحَّ)، والأولى كونُها صغيرةً، (أَوْ زِدْ) مَعَهَا:(رَجَعا)، بَلْ أَوْ اقتصِرْ عَلَى ((رجع))، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنا، أَوْ عَلَى ((انتهى اللحقُ)) كَمَا نقلَهُ القاضِي عِيَاضٌ (1) عَنْ بَعْضِهم، (أَوْ كَرِّرِ الكَلْمَةَ) الَّتِي (لَمْ تَسْقُطْ) مِنَ الأصْلِ، وَهِيَ التَّالِيةُ لِلسَّاقِطِ، بأنْ تكتبَهَا عقبَهُ بِالْهَامِشِ (مَعَا) أي: مَعَهُ.
قَالَ ابنُ الصَّلَاحِ: ((وهذا لَيْسَ بِمرضيٍّ)) (2).
وَقَالَ غيرُهُ: ((إنَّه لَيْسَ بِحَسَنٍ)) (3).
(وَفِيْهِ لَبْسٌ)، فرُبَّ كَلِمةٍ تجِيءُ في الكلامِ مَرَّتَينِ وَثَلاثاً، لمعنىً صَحِيْحٍ، فإذا كَرَّرنا الكلِمَةَ لَمْ نأمَنْ أن توافِقَ مَا يَتَكَرَّرُ حقيقَةً، أَوْ يشكِلُ أمرُهُ، فيوجِبُ ارتياباً، و (4) زيادةَ إشكالٍ.
(وَلِغَيرِ الأصْلِ) مِمَّا يَكتبُ مِنْ شَرْحٍ، أَوْ تَنْبِيْهٍ عَلَى غَلَطٍ، أَوْ اخْتِلافِ رِوَايَةٍ أَوْ نُسْخَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (خَرِّجْ) لَهُ (بِوَسْطِ) - بإسْكانِ السين -، أي: بأعلى وسط (كِلْمَةِ الْمَحَلِّ) الَّتِي كُتِبَتْ الْحَاشِيةُ لأجلِها، لا بَيْنَ الكلمتينِ، ليتميّزَ بِذَلِكَ عَنْ تَخْرِيجِ السَّاقِطِ مِنَ الأصْلِ.
(و) لَكِنْ (لعياضٍ لا تُخَرِّجْ) لتلكَ الكلمةِ، بَلْ:(ضَبِّبِ) عَلَيْهَا، (أَوْ صَحِّحَنْ) أي: أكتبْ عَلَيْهَا ((صَحَّ)) (لخوفِ) دخولِ (لَبْسٍ) فِيْهِ يُظَنُّ أنَّهُ مِنَ الأَصْلِ (5).
(و) قَدْ (أُبِي) هَذَا، أي: مُنِعَ، لأنَّ الإعلامَ بِذَلِكَ، يغايرُ الإعلامَ بِمَا مَرَّ، فَلَا لَبْس.
التَّصْحِيْحُ والتَّمْرِيْضُ
، وَهو التَّضْبِيْبُ
وَقَدْ أَخَذَ في بَيَانِ التَّصْحِيحِ، والتَّمْريضِ (6)، والتَّضْبِيبِ، فَقَالَ:
(1) الإلماع: 162.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 356.
(3)
الإلماع: 163.
(4)
في (ص) و (ع): ((أو)).
(5)
الإلماع: 164.
(6)
((التمريض)): سقطت من (ص).
(التَّصْحِيحُ)، وَهُوَ كِتابةُ ((صَحَّ)) عَلَى ما يأتِي، (والتَّمْريضُ، وَهُوَ التَّضْبِيبُ) الْمُشارُ بِهِ إِلَى صِحةِ الرِّوَايَةِ مَعَ فَسَادِ شيءٍ عَلَى مَا يأتي.
590 -
وَكَتَبُوْا (صَحَّ) عَلى الْمُعَرَّضِ
…
لِلشَّكِّ إِنْ نَقْلاً وَمَعْنًى ارْتُضِي
591 -
وَمَرَّضُوْا فَضَبَّبُوْا (صَاداً) تُمَدّْ
…
فَوْقَ الذَّيِ صَحَّ وُرُوْداً وَفَسَدْ
592 -
وَضَبَّبُوْا فِي الْقَطْعِ وَالإِرْسَالِ
…
وَبَعْضُهُمْ فِي الأَعْصُرِ الْخَوَالي
593 -
يَكْتُبُ صَاداً عِنْدَ عَطْفِ الأَسْمَا (1)
…
تُوْهِمُ (2) تَضْبِيْباً، كَذَاكَ إِذ مَا
594 -
يَخْتَصِرُ التَّصْحِيْحَ بَعْضٌ يُوْهِمُ
…
وَإِنَّمَا يَمِيْزُهُ (3) مَنْ يَفْهَمُ
(وَكَتَبُوْا) أي: الْمُحَدِّثُوْنَ، وغيرُهم (((صَحَّ)) عَلَى) قَالَ ابنُ الصَّلَاحِ (4): أَوْ عِنْدَ (الْمُعَرَّضِ) مِن حرفٍ، أَوْ أكثرَ (للشَّكِّ)، أَوْ الْخِلافِ فِيْهِ، لتكريرٍ، أَوْ غَيْرِهِ (إنْ نَقْلاً) أي: روايةً، (وَمعْنًى ارتُضِي) مَا صَحَّحَ عَلَيْهِ؛ إشارةً إِلَى أنَّه قَدْ ضُبِطَ وَصَحَّ، فَلَا يُبادِرُ الواقفَ عَلَيْهِ مِمَّنْ لَمْ يتأمَّلْ إِلَى تَخْطِئَتِهِ.
وَقَدْ يُكتبُ بدلَ ((صَحَّ)) في الحاشيةِ عددُ حروفِ الكَلِمَةِ إِذَا تكرَّرَتْ بحروفِ الجمل.
(وَمَرَّضُوا) أَيْضاً (فَضَبَّبُوا) مَا مَرَّضُوهُ (صاداً) مُهْملةً مُخْتصرةً من ((صَحَّ))، ويجوزُ أنْ تَكُوْنَ معجمةً من ((ضَبَّبْتُهُ)) (تُمَدّْ) هَكَذا:((صـ)) (فَوْقَ الذِي صَحَّ) مِن حرْفٍ، أَوْ أَكثرَ (ورُوداً) في الرِّوَايَةِ. (و) لكنَّهُ
…
(فَسَدْ) مَعْنَىً، أَوْ لفظاً، أَوْ خطاً، كأنْ يَكُوْنَ مَلْحوناً، أَوْ شاذاً، أَوْ مُصَحَّفاً، أَوْ ناقِصاً من غَيْرِ إلصاقِها (5) بِالْمُمَرَّضِ، لِئَلا يَظنَّ ضَرباً.
(1) بقصر الممدود (الأسماء)؛ لأجل التصريع هنا.
(2)
في (أ) و (ج): ((يوهم)).
(3)
يميزه بلا تشديد؛ لضرورة الوزن.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 358.
(5)
في (ق): ((التصاقها)).
وأشاروا بكتابتِها نِصْفَ ((صَحَّ)) إِلَى أنَّ الصَّحَّةَ لَمْ تَكُنْ فِيْمَا (1) هِيَ فوقَهُ مَعَ صَحَّةِ روايتِهِ، لئلا يظنَّ كَمَالَهَا فِيْهِ (2)، وإلى تَنْبيهِ النَّاظِرِ فِيْهِ عَلَى أنَّهُ متثبتٌّ في نَقْلِهِ غَيْرُ غافِلٍ؛ فَلَا يظن أنَّهُ غَلطٌ فيصلحَهُ، وَقَدْ يأتِي بَعْدَ مَنْ يظهرُ لَهُ توجيهُ صِحَّتِهِ، فيسهلُ عَلَيْهِ حينئذٍ تكميلُها:((صَحَّ)) الَّتِي هِيَ علامةُ المعرَّضِ للشكِّ (3).
وَقَدْ تجاسرَ بَعْضُهُمْ فغيَّرَ مَا الصَّوابُ إبقاؤُهُ، واسْتُعيرَ لتلكَ الصُّورَةِ اسمُ الضبَّةِ لِشِبْهِهَا بضَبَّةِ الإناءِ الَّتِي يُصْلَحُ بِهَا خَلَلُهُ بجامِعِ أنَّ كلاً مِنْهُمَا جَعَلَ عَلَى ما فِيْهِ خللٌ، أوْ بضبةِ البابِ، لكونِ المحلِ مقفلاً بِهَا، لا تتجه قراءتُهُ، كَمَا أنَّ الضَّبةَ يقفلُ بِهَا (4).
وبما تَقرَّرَ عُلِمَ أنَّ عطفَ ((ضببوا)) المشارَ بِهِ إِلَى ما مَرَّ عَلَى ((مرضوا)) عطفُ تفسيرٍ.
(وَضَبَّبُوا) أَيْضاً (في) مَحلِّ (الْقَطْعِ، والإرْسَالِ)(5) في الإسْنادِ، ليتنَبَّهَ (6) النَّاظِرُ في ذَلِكَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَحلِّ السُّقُوْطِ.
(وَبَعْضُهُمْ) كَانَ (في الأعْصُرِ الْخَوالِي، يكتبُ صاداً عِنْدَ عطفِ الأسْما (7)) بعضُها عَلَى بَعْضٍ، كَحَدَّثَنَا فُلَانٌ وفُلَانٌ وفُلَانٌ، فـ (تُوْهِمُ) الصاد من لا خبرةَ لَهُ كونُها (تَضْبيباً) أي: ضَبَّةً، وليستْ بضبةٍ، بَلْ كأنَّها - كَمَا قَالَ ابنُ الصَّلَاحِ (8) - علامةُ وصلٍ فِيْمَا بَيْنَها أثبتَتْ تأكيداً لِلْعَطْفِ، خَوفاً مِن أنْ تَجعَلَ (9)((عَنْ)) مكان
(1) في (ص): ((تكمل فيها)).
(2)
عبارة: ((لئلا يظن كمالها فيه)). سقطت من (ص) و (ق).
(3)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 358.
(4)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 233.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 360، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 234.
(6)
في (ص) و (ع): ((لينبه)).
(7)
في (م): ((الأسماء)).
(8)
معرفة أنواع علم الحديث: 360.
(9)
في (ق) و (ع): ((يجعل)).