الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلْيَحْذَرْ أَيْضاً إذا نَسَخَ الكِتَابَ المُعَارَ أوْ شَيْئاً مِنْهُ (وأنْ (1) يُثْبِتَ) سَمَاعَهُ فِيْمَا نَسَخَهُ (قَبْلَ عَرَضِهِ) ومُقَابَلَتِهِ.
بَلْ لَا يَنْبَغِي إثْبَاتُ سَمَاعٍ في كِتَابٍ مُطْلَقاً، إلَاّ بَعْدَ مُقَابَلَتِهِ، لِئَلَاّ يَغْتَرَّ بهِ أحَدٌ (2) قَبْلَها (مَا لَمْ يُبَنْ) - بِضَمِّ أوَّلِهِ، وفَتْحِ ثَانِيْهِ -، أي: مَا لَمْ يُبَيِّنْ في الإثْبَاتِ والنَّقْلِ أنَّ النُّسْخَةَ غَيْرُ مُقَابَلَةٍ.
صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيْثِ، وأَدَائِهِ
غَيْرُ مَا مَرَّ:
620 -
وَلْيَرْوِ مِنْ كِتَابِهِ وَإِْن عَرِي
…
مِنْ حِفْظِهِ فَجَائِزٌ لِلأَكْثَرِ
621 -
وَعَنْ أبي حَنِيْفَةَ الْمَنْعُ كَذَا
…
عَنْ مَالِكٍ وَالصَّيْدَلَانِيْ وَإِذَا
622 -
رَأَى سَمَاعَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فَعَنْ
…
نُعْمَانٍ الْمَنْعُ وَقالَ ابْنُ الْحَسَنْ
623 -
مَعْ أبي يُوْسُفَ ثُمَّ الشَّافِعِيْ
…
وَالأَكْثَرِيْنَ بِالْجَوَازِ الْوَاسِعِ
624 -
وَإِنْ يَغِبْ وَغَلَبَتْ سَلَامَتُهْ
…
جَازَتْ (3) لَدَى جُمْهُوْرِهِم رِوَايَتُهْ
625 -
كَذَلِكَ الضَّرِيْرُ وَالأُمِّيُّ
…
لَا يَحْفَظَانِ يَضْبُطُ الْمَرْضِيُّ
626 -
مَا سَمِعَا وَالْخُلْفُ فِي الضَّرِيْرِ
…
أَقْوَى، وَأَوْلَى مِنْهُ فِي الْبَصِيْرِ
(وَلْيَرْوِ) الرَّاوِي (مِنْ كِتابِهِ) المُقَابَلِ المَصُونِ مُعْتَمِداً عَلَيْهِ (وإنْ عَرِي) أي: خَلَا (مِنْ حِفْظِهِ) لأحَادِيْثِهِ عِنْدَ تَحْدِيْثِهِ.
(فَ) ذَلِكَ (4)(جَائِزٌ للأَكْثَرِ) مِنَ العُلَمَاءِ، وصَوَّبَهُ ابنُ الصَّلَاحِ (5) لِبِنَاءِ الرِّوَايَةِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ.
(1) في (م): (أن).
(2)
في (ع): ((أحد به)).
(3)
في (ب): ((جاز))، والوزن بها صحيح أيضاً.
(4)
في (ص): ((ذاك)).
(5)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 372.
(وَ) رُوِيَ (عَنْ) الإمَامِ (أبي حَنِيْفَةَ) النُّعْمَانِ بنِ ثَابِتٍ الكُوْفِيِّ (المَنْعُ)(1) مِنْ ذَلِكَ، وأنَّهُ لَا حُجَّةَ إلَاّ فِيْمَا رَوَاهُ الرَّاوِي مِنْ حِفْظِهِ، وتَذَكُّرِهِ لهُ.
و (كَذَا) رُوِيَ (عَن) الإمِامِ (مَالِكٍ)، هُوَ ابنُ أنَسٍ (2)، (وَ) عَنْ أحَدِ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ أبي بَكْرٍ (الصَّيْدَلَانِيْ) - بالإسْكَانِ لِمَا مَرَّ - المَرْوَزِيِّ (3).
(وَإِذَا رَأَى) المُحَدِّثُ (سَمَاعَهُ) في كِتابِهِ بِخَطِّهِ، أو خَطِّ مَنْ يَثِقُ بهِ (ولَمْ يَذْكُرْ) سَمَاعَهُ لهُ، ولَا عَدَمَهُ (فَعَنْ) أَبِي حَنِيْفَةَ (نُعْمَانٍ المَنْعُ)(4) مِنْ رِوَايَتِهِ، يَعْنِي: وإنْ كانَ حَافِظاً لِمَا فِيْهِ (5).
(وقَالَ) صَاحِبُهُ مُحَمَّدُ (ابنُ الحَسَنْ مَعْ) شَيْخِهِ ورَفِيْقِهِ القَاضِي (أبي يُوسُفَ، ثُمَّ) الإمِامِ (الشَّافِعِيْ والأَكْثَرِيْنَ) مِنْ أصْحَابِهِ (6)(بالجَوازِ الوَاسِعِ) الَّذِي لَمْ يَقُلْ
(1) انظر: الكفاية: (342 ت، 231 هـ).
(2)
انظر: الكفاية: (337 ت، 227 هـ)، والإلماع:136.
(3)
انظر: الإلماع: 139، معرفة أنواع علم الحديث:371. قلنا: ونسبه الزركشي إلى زين الدين الكشاني من المتأخرين. نكت الزركشي 3/ 604.
فائدة:
قال الحميدي: ((فأمّا من اقتصر على ما في كتابه فحدّث به ولم يزد ولم ينقص منه ما يغير معناه، ورجع عما يخالف فيه بوقوف منه عن ذلك الحديث، أو عن الاسم الذي خولف فيه من الإسناد ولم يغيره، فلا يطرح حديثه، فلا يكون ذلك ضاراً في حديثه إذا لم يرزق من الحفظ والمعرفة بالحديث ما رزق غيره إذا اقتصر على ما في كتابه ولم يقبل التلقين)). الكفاية: (341 ت، 230 هـ).
(4)
نقل القاضي عياض عن المحاملي أنه حكاه عن أبي حنيفة وبعض الشافعية. ونقله الخطيب عن المتأخرين من الحنفية. انظر: الكفاية: (541 ت، 380 هـ)، والإلماع: 139، ومعرفة أنواع علم الحديث:375.
(5)
ونسبه القاضي عياض إلى إمام الحرمين، وقال القاضي حسين من الشافعية في فتاويه: إنه كذلك من طريق الفقه، واختاره ابن دقيق العيد، فحكى القطب الحلبي قال: أتيته بجزء سمعه من ابن دراج والطبقة بخطه، فقال: حتى أنظر فيه، ثُمّ عدت إليه فقال: هو بخطي، لكن ما أحقق سماعه ولا أذكره، ولم يحدث به. انظر: الإلماع: 139، وفتح المغيث 2/ 199.
(6)
الإلماع: 139.
بِمِثْلِهِ الإمَامُ (1) الشَّافِعِيُّ وأكْثَرُ أصْحابِهِ في الشَّهَادَةِ؛ لأنَّ بابَ الرِّوَايَةِ أوْسَعُ (2).
(وإنْ يَغِبْ) كِتَابُهُ عَنْهُ، ولَوْ غَيْبَةً طَوِيْلَةً بإعَارَةٍ، أوْ غَيْرِهَا، ثُمَّ حَضَرَ (وغَلَبَتْ) عَلَى ظَنِّهِ (سَلَامَتُهْ) مِنَ التَّغْيِيْرِ والتَّبْدِيْلِ، (جَازَتْ لَدَى) أي: عِنْدَ (جُمْهُورِهِمْ) أي: الْمُحَدِّثِيْنَ (رِوَايَتُهْ)؛ لأنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ كَمَا مَرَّ (3).
قَالَ الخَطِيْبُ: وكَذَا الحُكْمُ فِيْمَنْ يَجِدُ سَمَاعَهُ في كِتابِ غَيْرِهِ (4)، وغَيْرُ الجُمْهُورِ مَنَعَ ذَلِكَ؛ لاحْتِمالِ التَّغْيِيرِ (5) في الغَيْبَةِ (6).
(كَذَلِكَ الضَّرِيْرُ) أي: الأَعْمَى، (والأُمِّيُّ) أي: الَّذِي لا يَكْتُبُ، اللَّذَانِ (لا يَحْفَظَانِ) حَدِيْثَهُمَا مِنْ فَمِ مَنْ حَدَّثَهُمَا، تَصِحُّ رِوَايَتُهُمَا عِنْدَ الجُمْهُورِ، حَيْثُ (يَضْبِطُ) لَهُما (الْمَرْضِيُّ) الثِّقَةُ (مَا سَمِعَا) هُ يَحْفَظُ كُلٌّ منهما كِتَابَهُ عَنِ التَّغْييرِ، ولَوْ بِثِقَةٍ غَيْرِهِ، بِحَيْثُ يَغْلبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ مِنَ التَّغِييرِ إلى انْتِهَاءِ الأدَاءِ (7).
ومَنَعَ غَيْرُ الجُمْهُورِ ذَلِكَ لاحْتِمَالِ إدْخَالِ مَا لَيْسَ مِنْ سَمَاعِهِمَا عَلَيْهِمَا (8)، (والخُلْفُ في الضَّرِيْرِ أقْوَى، وأوْلَى مِنْهُ في البَصِيْرِ) الأُمِّيِّ؛ لِخِفَّةِ الْمَحْذُورِ فِيْهِ.
(1) لم ترد في (ص) و (ق).
(2)
قال ابن كثير: ((وهذا يشبه ما إذا نسي الراوي سماعه، فإنه تجوز روايته عنه لمن سمعه منه، ولا يضر نسيانه، والله أعلم)). اختصار علوم الحديث 2/ 398.
(3)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 371.
(4)
انظر: الكفاية: (349 ت، 236 هـ). وقال الخطيب: سألت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري عن رجل وجد سماعه في كتاب من شيخ قد سمي ونسب في الكتاب غير أنه لا يعرفه؟ فقال: لا يجوز له رواية ذلك الكتاب)). الكفاية: (350 ت، 237 هـ)، وانظر: فتح المغيث 2/ 201.
(5)
في (ص)(م): ((ذلك التغيير)).
(6)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 371.
(7)
انظر: الكفاية: (338 ت، 228 هـ)، ومعرفة أنواع علم الحديث:373.
(8)
قال الخطيب في الكفاية: (339 ت، 229 هـ): ((ونرى العلة التي لأجلها منعوا صحة السماع من الضرير البصير الأمي هي جواز الإدخال عليهما ما ليس من سماعهما)).