المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معرفة الصحابة رضي الله عنهم - فتح الباقي بشرح ألفية العراقي - جـ ٢

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌لَفْظُ الإِجَازَةِ وَشَرْطُهَا

- ‌الرَّاْبِعُ: الْمُنَاوَلَةُ

- ‌كَيْفَ يَقُوْلُ مَنْ رَوَى بِالمُنَاولَةِ وَالإِجَاْزَةِ

- ‌الْخَامِسُ: الْمُكَاتَبَةُ

- ‌السَّادِسُ: إِعْلَامُ الشَّيْخِ

- ‌السَّابِعُ: الوَصِيَّةُ بالكِتَابِ

- ‌الثَّامِنُ: الوِجَادَةُ

- ‌كِتَابَةُ الْحَدِيْثِ وضَبْطُهُ

- ‌الْمُقَابَلَةُ

- ‌تَخْرِيْجُ السَّاقِطِ

- ‌التَّصْحِيْحُ والتَّمْرِيْضُ

- ‌الكَشْطُ والْمَحْوُ والضَّرْبُ

- ‌العَمَلُ في اخْتِلَافِ الرُّوَايَاتِ

- ‌الإِشَارَةُ بِالرَّمْزِ

- ‌كِتَابَةُ التَّسْمِيْعِ

- ‌صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيْثِ، وأَدَائِهِ

- ‌الرِّوَايَةُ مِنَ الأَصْلِ

- ‌الرِّوَايَةُ بِالمَعْنَى

- ‌الاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ الحَدِيْثِ

- ‌إِصْلَاحُ اللَّحْنِ، وَالْخَطَأِ

- ‌اخْتِلَافُ أَلْفَاْظِ الشُّيُوْخِ

- ‌الزِّيَاْدَةُ فِيْ نَسَبِ الشَّيْخِ

- ‌الرِّوَاْيَةُ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي إسْنَاْدُهَا وَاحِدٌ

- ‌تَقْدِيْمُ المَتْنِ عَلى السَّنَدِ

- ‌إِبْدَاْلُ الرَّسُوْلِ بِالنَّبِيِّ، وَعَكْسُهُ

- ‌السَّمَاْعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الوَهْنِ، أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ

- ‌آدَاْبُ الْمُحَدِّثِ

- ‌العَالِي والنَّازِلُ

- ‌الغَرِيْبُ، وَالْعَزِيْزُ، وَالْمَشْهُوْرُ

- ‌غَرْيِبُ أَلْفَاْظِ الأَحَاْدِيْثِ

- ‌الْمُسَلْسَلُ

- ‌النَّاسِخُ، وَالْمَنْسُوْخُ

- ‌التَّصْحِيْفُ

- ‌مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ

- ‌رِوَايةُ الأَكَابِرِ عَنِ الأَصاغِرِ

- ‌رِوَايَةُ الأَقْرَانِ

- ‌الأُخْوَةُ والأَخَوَاتُ

- ‌السَّابِقُ وَاللَاّحِقُ

- ‌مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَاّ رَاوٍ وَاحِدٌ

- ‌أَفْرَادُ العَلَمِ

- ‌الأَسْمَاءُ والكُنَى

- ‌الأَلْقَابُ

- ‌الْمُؤْتَلِفُ والمُخْتَلِفُ

- ‌الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ

- ‌تَلْخِيْصُ المُتَشَابِهِ

- ‌المُبْهَمَاتُ

- ‌مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ والضُّعَفَاءِ

- ‌مَعْرِفَةُ مَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ

- ‌طَبَقَاتُ الرُّوَاةِ

- ‌أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ

الفصل: ‌معرفة الصحابة رضي الله عنهم

قَالَ الناظمُ: ((وَفِي كثيرٍ مِمَّا ذكرَهُ فِيْهِ نَظرٌ، والصوابُ مَا ذَكرَهُ ابنُ الصَّلَاحِ، واقْتَصَرْتُ عَلَيْهِ)) (1)، من التفصيلِ بَيْنَ أَنْ يؤتى في السنَدِ الناقصِ بِمَا لا يَقْتَضِي الاتصالَ، وأَنْ يُؤْتَى فِيْهِ بِمَا يقتَضِيهِ.

‌مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- (2)

(مَعْرِفَةُ الصَّحَابَة): هِيَ فَنٌّ مُهِمٌّ، وفائِدتُهُ: تَمْييزُ الْمُرْسَلِ، والحكمُ لَهُمْ بالْعَدالَةِ، وغيرُهُمَا، وفيه تصانِيفُ كثيرةٌ.

وَالصَّحَابِيُّ لغةً: مَنْ صَحِبَ غيرَهُ ما ينطلقُ عَلَيْهِ اسمُ الصُّحْبَةِ، وإنْ قلَّتْ.

واصطِلاحاً: ما ذكرَهُ بِقولِهِ:

786 -

رَائي النَّبِيِّ مُسْلِماً ذُو صُحْبَةِ

وقِيْلَ: إنْ طَالَتْ وَلَمْ يُثَبِّتِ

787 -

وقِيلَ: مَنْ أقَامَ عاماً أو غَزَا (3)

مَعْهُ (4) وذَا لابْنِ المُسَيِّبِ عَزَا (5)

(رَائي النَّبِيِّ) صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُسْلِماً) مميِّزاً، ولو بلا مُجالسةٍ ومكالَمَةٍ، إنسياً أَوْ جِنِّيّاً (ذُو صُحْبَةِ) اكتفاءً بِمُجرَّدِ الرُؤْيَةِ، لشرفِ مَنْزِلةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فيظهرُ أثر نُورِهِ في قَلْبِ الرَّائِي، وَعَلَى جَوَارِحِهِ.

(1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 444.

(2)

انظر في ذلك:

معرفة علوم الحديث: 22 - 25، والكفاية:(93 - 102 ت، 46 - 52 هـ)، ومعرفة أنواع علم الحديث: 460، والإرشاد 2/ 584 - 605، والتقريب: 162 - 165، واختصار علوم الحديث: 179 - 191، والشذا الفياح 2/ 483 - 518، والمقنع 2/ 490 - 505، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 5 - 56، وفتح المغيث 3/ 83 - 138، وتدريب الراوي 2/ 206 - 233، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 171، وتوضيح الأفكار 2/ 426 - 471، وظفر الأماني 496 - 513، وتوجيه النظر 1/ 399.

(3)

في (أ) و (ب) و (ج) والنفائس وفتح المغيث: ((وغزا))، والوزن صحيح بالروايتين.

(4)

بسكون العين لضرورة الوزن العروضي.

(5)

في (أ): ((عزى))، وهو خطأ، وصوابه ما أثبت.

ص: 185

وجرى تَبَعاً لابن الصَّلَاحِ (1) في التَّعْبيرِ بالرُّؤْيَةِ عَلَى الغالِبِ، وإلاّ فالأولى - كَمَا قَالَ (2) - التَّعْبيرُ بـ ((لاقي)) النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أي: ليدخلَ نَحْوُ ابنِ أمِّ مَكْتومٍ.

ثُمَّ قَالَ: ((فالعِبارَةُ السَّالِمَةُ مِن الاعتِرَاضِ، أَنْ يُقَالَ: ((الصَّحَابِيُّ مَنْ لقيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْلِماً، ثُمَّ ماتَ عَلَى الإِسْلَامِ)) لِيخْرجَ مَنِ ارتَدَّ، وماتَ كافِراً، كابنِ خَطَلٍ، ورَبِيعَةَ بنِ أُمَيَّةَ)) (3).

قَالَ: ((وفي دُخُولِ مَنْ لقيَهُ مُسْلِماً، ثُمَّ ارتَدَّ، ثُمَّ أسلَمَ بَعْدَ وفاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الصحابةِ نَظَرٌ كَبِيْرٌ، كَقُرَّةَ بنِ هُبَيْرةَ، والأشْعَثِ بنِ قَيْسٍ)) (4).

قَالَ شَيْخُنَا: ((وَالصَّحِيْحُ دخُولُهُ فِيْهِمْ، لإطْبَاقِ الْمُحَدِّثِيْنَ عَلَى عَدِّ الأشْعَث بن قَيْسٍ، ونحوِهِ مِنْهُمْ)) (5).

أما مَنْ رجَعَ إلى الإِسْلَامِ في حَياتِهِ، كَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سَرْحٍ، فلا مانِعَ مِنْ دُخُولِهِ فِيْهِمْ بدخُولِهِ الثَّانِي في الإِسْلَامِ.

قَالَ النَّاظِمُ (6): ((وقولُهم: مَنْ رأى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَل الْمُرَادُ أنَّهُ رآهُ في حالِ نبوَّتِهِ، أَوْ أعمُّ؟))، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدلُّ عَلَى أنَّ الْمُرِادَ الأوَّلُ.

وخرجَ بـ ((قَبْلَ وَفَاتِهِ)): مَنْ رآهُ بَعْدَهَا، وبـ ((الْمُسْلِمِ)): الكافِرُ، وَلَوْ أسْلَمَ بعدُ، وبـ ((المميِّزِ)) غَيْرُهُ، وإنْ رآهُ، كَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عدِيِّ بنِ الخيار الَّذِي أحضِرَ إِلَيْهِ غَيْرَ مميِّز.

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 461.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 6.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 6 - 7، وهذا ما عرف به ابن حجر في الإصابة1/ 7، ونزهة النظر:149.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 7. لأن الردة محبطة للعمل عند أبي حنيفة، والشافعي وصححه الزركشي، وحكى الرافعي عن الشّافعيّ: ((أنها إنما تحبط بشرط اتصالها بالموت)).

انظر: بدائع الصنائع 7/ 136، والبحر المحيط 4/ 304، والأم 6/ 169، ومغني المحتاج 4/ 133.

(5)

الإصابة 1/ 8، ونزهة النظر: 149 - 150.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 8.

ص: 186

(وَقِيْلَ): إنَّمَا يَكُوْنُ من ذُكِرَ صَحَابِياً (إنْ طَالَتْ) عُرْفاً صُحْبَتُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وكَثُرَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِ، والأخْذِ عَنْهُ (1).

وبهِ جزَمَ ابنُ الصَّبَّاغِ في " العدة ".

(وَ) هَذَا القولُ (لَمْ يُثَبَّتِ) - بِضَمِّ التَّحْتيةِ، وتَشْديدِ الْمُوحَّدَةِ الْمَفتوحَةِ - أي: لَمْ يُقَوَّ عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ، والأصوليينَ.

(وَقِيْلَ): إنَّما يَكُوْنُ صَحابياً (مَنْ أقامَ) مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (عاماً) أَوْ أكْثَرَ، (أو غَزَا مَعْهُ) غزوةً أَوْ أكثرَ.

(وَذَا) القَوْلُ (لابنِ الْمُسَيِّبِ) سعيدٍ (2) - بكسرِ الياءِ وفتحِهَا وَهُوَ الأشْهَرُ، والأوَّلُ أولى لما نُقِلَ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الفتحَ (3)، ويقولُ: سيَّبَ اللهُ مَنْ سيَّبَنيْ - (عزا) أي: ابنُ الصَّلَاحِ متوقِّفاً في صحَّتِهِ عَنْهُ (4).

قَالَ الشَّارِحُ: ((ولا يصحُّ عَنْهُ، ففي الإسنادِ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عمرَ الواقديُّ ضَعِيفٌ في الْحَدِيْثِ)) (5).

وَقِيْلَ: الصَّحَابِيُّ مَنْ رآهُ مُسْلِماً بالِغاً عاقِلاً (6).

(1) نسب ابن الصّلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 461 هذا القول لأبي المظفر السمعاني ثمّ قال بعده: ((وهذا طريق الأصوليين)). وانظر: قواطع الأدلة 1/ 374، ومختصر ابن الحاجب2/ 67، والمستصفى1/ 165، وإحكام الأحكام 1/ 275، وفواتح الرحموت2/ 158، ونقل الزركشي هذا القول عن أبي الحسين في "المعتمد". انظر: البحر المحيط 4/ 302.

(2)

أسنده إليه الخطيب في الكفاية (99 ت، 50 هـ) من طريق ابن سعد، عن الواقدي: محمد بن عمر، عن طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: كان سعيد بن المسيب يقول:

فذكره، وهو سند ضعيف لشدة ضعف الواقدي.

(3)

تهذيب الأسماء واللغات 1/ 219، تاج العروس 3/ 90.

(4)

معرفة أنواع علم الحديث: 461.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 13.

(6)

نقله العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 3/ 14، والسيوطي في تدريب الراوي 2/ 12، وقد حكما على هذا القول بالشذوذ.

ص: 187

وَقِيْلَ: مَنْ أدْرَكَ زمنَهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ وإنْ لَمْ يَرَهُ (1).

ثُمَّ بَيَّنَ ما تُعْرَفُ بِهِ الصُّحْبَةُ، فقالَ:

788 -

وَتُعْرَفُ الصُّحْبَةُ باشْتِهَارٍ أَوْ (2)

تَوَاتُرٍ أو قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَوْ

789 -

قَدِ ادَّعَاهَا وَهْوَ عَدْلٌ قُبِلَا

وَهُمْ عُدُولٌ قِيلَ: لا مَنْ دَخَلَا

790 -

في فِتْنَةٍ، والمُكْثِرُونَ سِتَّةُ

أَنَسٌ، وابنُ (3) عُمَرَ، والصِّدِّيقَةُ

791 -

البَحْرُ، جَابِرٌ أَبُو هُرَيْرَةِ

أَكْثَرُهُمْ وَالبَحْرُ في الحَقِيقَةِ

792 -

أَكْثَرُ فَتْوَى وَهْوَ وابنُ (4) عُمَرا (5)

وَابْنُ الزُّبَيرِ وَابْنُ عَمْرٍو قَدْ جَرَى (6)

793 -

عَلَيْهِمُ (7) بِالشُّهْرَةِ العَبَادِلهْ

لَيْسَ ابْنَ مَسْعُودٍ ولا مَنْ شَاكَلَهْ

794 -

وَهْوَ وزَيْدٌ (8) وابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ

فِي الْفِقْهِ أَتْبَاعٌ يَرَوْنَ قَوْلَهُمْ

(وَتُعْرَفُ الصُّحْبَةُ) إما (باشْتِهَارٍ) بِها قاصرٍ عَنْ التواترِ، ويُسَمَّى استفاضةً عَلَى رأي، ك: عُكَاشَةَ بنِ مِحْصَنٍ، وضمامِ بنِ ثَعْلَبةَ.

(اوْ)(9) بالدرجِ (تواترٍ) بِهَا، ك: أبي بَكرٍ، وعمرَ، وعُثمانَ، وعليٍّ.

(1) نسب العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 3/ 14 هذا القول ليحيى بن عثمان بن صالح المصري. وقد حكاه من الأصوليين القرافي في شرح التنقيح: 360.

(2)

بدرج الهمزة؛ لضرورة الوزن.

(3)

في (أ) و (ب) و (ج)(ابن) من غَيْر واو، (وفي النفائس) وفتح المغيث:((وابن)) بالواو العاطفة، والوزن صحيح بالروايتين، والأسلم إثبات الواو للإشعار بالمغايرة، على صحة حذفها هنا، والله أعلم.

(4)

في (ب): ((إبن)) بإسقاط الواو، وهو خطأ، وإن صحّ وزناً بهمزة القطع، والصواب ما ورد في (أ) و (ج) و (النفائس) و (فتح المغيث):(وابن) بلا همزة.

(5)

بالإطلاق في (عمر)؛ لتصريع شطري البيت.

(6)

في (ج): ((جرا))، وهو خطأ.

(7)

بإشباع الضمة على الميم؛ لضرورة الوزن.

(8)

هكذا في (أ) و (ب) و (ج)، و (النفائس)، وَهُوَ صَحِيْح بخلاف ما ورد في (فتح المغيث):

في الفِقْهِ أَتْبَاعٌ يَرَوْنَ قَوْلَهُمْ

((وهو ابن زيد)) وهذا خطأ بيّنٌ إذ المقصود: زيد بن ثابت.

(9)

في (م): ((أَو)) بإثبات الهمزة.

ص: 188

(أَوْ قَوْلِ) أي: إخبارِ (صَاحِبٍ) أخبر (1) بِهَا صريحاً، كقولِهِ: فلانٌ لَهُ صُحْبَةٌ، أَوْ ضمناً، كقولِهِ: كنتُ أنا، وفلانٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ عُلِمَ إسلامُ فلانٍ في تِلْكَ الحالةِ (2). وكذا تُعرَفُ بقولِ آحادِ ثقاتِ التَّابِعينَ.

(وَلَوْ قَدِ ادَّعاهَا) أي: الصُّحْبَةَ لنفْسِهِ (3)، (وَهْوَ) قَبلَ دَعْوَاهُ إيَّاهَا (عَدْلٌ، قُبِلا) قولُهُ، لأنَّ مقامَهُ (4) يِمْنَعُهُ الكذبَ.

قَالَ النَّاظِمُ: ((ولابُدَّ منْ أنْ يَكُوْنَ ما ادَّعَاهُ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الظاهرُ، أمَّا لَوْ ادَّعاهُ بَعْدَ مُضِيِّ مئةِ سنةٍ مِن حينِ وفاتِهِ صلى الله عليه وسلم، فإنَّهُ لا يقبلُ، وإنْ ثَبَتَتْ عدالتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لقولِهِ صلى الله عليه وسلم في الْخَبْرِ الصَّحِيْحِ: ((أرَأيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فإنَّهُ عَلَى رَأسِ مِئَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْضِ مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَيْهَا أحَدٌ)) (5)، قالَهُ في سنةِ وفاتِهِ صلى الله عليه وسلم)) (6).

قَالَ: ((وَقَدْ اشترَطَ الأصُوْلِيُّوْنَ (7) في قَبولِ ذَلِكَ مِنْهُ مَعْرِفَةَ معاصرتِهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) (8).

وَقِيْلَ: لا يُقْبَلُ قولُهُ بِذَلِكَ، لِكَونِهِ متهَماً بدعوى رتبةٍ يثبتُها لنفْسِهِ (9).

(1) في (م): ((آخر)).

(2)

انظر: الكفاية (100 ت، 52هـ)، ومعرفة أنواع علم الحديث: 462، والبحر المحيط 4/ 305، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 17، وفتح المغيث3/ 87 - 88، وتدريب الرّاوي 2/ 213.

(3)

في (ص) و (م): ((بنفسه)).

(4)

سقطت من (ق).

(5)

أخرجه عبد الرزاق (20534)، وأحمد 2/ 88 و 121، والبخاري 1/ 40 (116) و156 (601)، ومسلم 7/ 186 - 187 (2537)(217)، وأبو داود (4348)، والترمذي (2251)، والطحاوي في شرح المشكل (373) و (374)، وابن حبان (2985)، والطبراني في الكبير (13110)، والبيهقي 1/ 453، وفي الدلائل 6/ 500، والبغوي (352)، من حديث ابن عمر.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 18.

(7)

انظر: منتهى الوصول: 81، والبحر المحيط 4/ 306.

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 18.

(9)

انظر: منتهى الوصول: 81، والبحر المحيط 4/ 306.

ص: 189

ثُمَّ بيَّنَ مَرْتَبَتَهُمْ، فَقَالَ:(وَهُمْ) كُلُّهم باتفاقِ أهلِ السُّنَّةِ عَلَى ما حَكَاهُ ابنُ

عَبْدِ البَرِّ (1)(عُدُولٌ) وإنْ دَخلُوا في الْفِتْنَةِ نظراً إلى ما اشتَهَرَ عَنْهُمْ مِنَ المآثِرِ الْجَميلَةِ، ولقولِهِ تَعَالَى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (2)، وقولِهِ تَعَالَى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوْا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (3).

ولقولِهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَسُبُّوْا أصْحَابِيْ، فَوَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ، لَوْ أنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً، مَا أدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيْفَهُ)) رَوَاهُ الشَّيْخانِ (4).

وَقَولُهُ صلى الله عليه وسلم: ((اللهَ اللهَ فِيْ أصْحَابِيْ لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّيْ أحبهُم، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِيْ أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِيْ، وَمَنْ آذَانِيْ فَقَدْ آذَى اللهَ وَمَنْ آذَى اللهَ (5) فَيُوْشِكُ أنْ يَّأْخُذَهُ)) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (6)، وابنُ حِبّانَ في " صَحِيْحِهِ "(7).

وَ (قِيْلَ: لَا) يحكمُ بعدالةِ (مَنْ دَخَلَا) مِنْهُمْ (في فِتْنَةٍ) وقعَتْ من حينِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، كالجمَلِ وصفينَ إلا بَعْدَ البَحْثِ عَنْهَا؛ لأنَّ أحدَ الفريقينِ فاسقٌ (8).

(1) وعبارته: ((ونحن وإن كان الصحابة رضي الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين، وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول)) الاستيعاب 1/ 9.

(2)

آل عمران: 104.

(3)

البقرة: 143.

(4)

أخرجه البخاري5/ 10 (3673)، ومسلم 7/ 188 (2541)(222)، وكذلك أخرجه الطيالسي (2183)، وعلي بن الجعد (760) و (3553)، وابن أبي شيبة (32394)، وأحمد 3/ 11 و 54، وفي الفضائل له (5) و (6) و (7)، وعبد بن حميد (918)، وأبو داود (4658)، والترمذي (3861)، وابن أبي عاصم (988) إلى (991)، والبزار (2768)، وأبو يعلى (1087) و (1198)، وابن حبان (7003)، والخطيب البغدادي في " تاريخه " 7/ 144، والبغوي (359) من حديث أبي سعيد الخدري.

(5)

عبارة: ((ومن آذى الله)) لم ترد في (م).

(6)

(3862).

(7)

(7265). وأخرجه أحمد 4/ 87 و 5/ 54 و 55و 57، وفي الفضائل له (3)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على الفضائل (2) و (4)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 287، والبغوي (3860)، والمزي في تهذيب الكمال 17/ 112. من حديث عبد الله بن مغفل.

(8)

قال ابن كثير في إختصار علوم الحديث: 182: ((وقول المعتزلة: الصّحابة عدول إلا من قاتل علياً: قول باطل مرذول ومردود)).

ص: 190

وَقِيْلَ: يقبلُ الداخلُ فِيْهَا إذا انْفَرَدَ؛ لأنَّ الأصلَ العَدالةُ، وشَككنَا في ضِدِّهَا، ولا يقبلُ مع مُخَالفتِهِ لتحققِ (1) إبْطالِ أحدِهما من غيرِ تَعيينٍ.

وَقِيْلَ: القَوْلُ بالعدالةِ مُخْتَصٌّ بِمَنْ اشْتُهِرَ مِنْهُمْ، ومَنْ عداهم، كسائِرِ النَّاسِ.

وَالصَّحِيْحُ الأوَّلُ تَحْسِيناً للظَّنِّ بِهِمْ، وحَملاً لِمَنْ دخلَ في الفِتْنَةِ عَلَى الاجْتِهادِ.

ولا التفاتَ إلى ما يذكرُهُ أهلُ السِّيَرِ؛ فإن أكثرَهُ لَمْ يصِحَّ، وما صَحَّ فَلَهُ تَأْويلٌ صَحِيْحٌ، وما أَحْسنَ قَوْلَ عمرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ رحمه الله:((تِلْكَ دِماءٌ طهَّرَ اللهُ مِنْهَا سيوفَنَا، فلا نخضِّبْ بِهَا أَلْسِنَتَنَا)) (2).

قَالَ ابنُ الأنباريِّ: ((وليسَ الْمُرادُ بِعَدَالتِهِمْ ثُبوتَ عِصْمَتِهِمْ واسْتِحَالَةَ الْمَعْصِيةِ مِنْهُمْ، بَلْ قَبولَ رواياتِهِم مِن غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ عَدالتِهِم، وطلبِ تَزْكِيَتِهمْ)) (3).

ثُمَّ بيَّنَ الْمُكثرينَ مِنْهُمْ روايةً، وفتوى، فَقَالَ:(والْمُكْثِرونَ) مِنْهُمْ رِوَايَةً، وهم مَنْ زادَ حديثُهم عَلَى ألفٍ، (سِتَّةُ)، وَهُمْ:(أَنَسٌ) هُوَ ابنُ مالكٍ، (وابنُ عمرَ) عَبْدُ اللهِ، (وَ) عَائِشَةُ (الصِّدِّيقَةُ) بنتُ الصِّدِّيقِ، و (البَحْرُ) عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ (4) سُمِّيَ بَحْراً، لِسعةِ عِلْمِهِ (5)، و (جابِرٌ) هُوَ ابنُ عَبْدِ اللهِ، و (أَبُو هُرَيْرَةِ)، وَهُوَ (أكْثَرُهُمْ) أي: الستَّةُ رِوَايَةً؛ لأنَّهُ رَوَى خمسةَ آلافِ حَدِيْثٍ وثلاثَ مِئَةٍ وأربعةً وسبعينَ حَدِيْثاً.

(1) في (م): ((لتحقيق)).

(2)

حلية الأولياء 9/ 114.

(3)

نقله السخاوي في فتح المغيث 3/ 96، ونقله عن السخاوي اللكنوي في ظفر الأماني:507.

(4)

أطلق عليه هذا اللقب جابر كما أخرج ذلك الحاكم في " مستدركه " 3/ 535 قال: ((أخبرنا أبو

عبد الله الصفار قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق قال: حدّثنا سليمان بن حرب وعارم بن الفضل قالا: حدّثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار قال: ذكر عند جابر لحوم الحمر الأهلية فقال: أبى ذاك البحر يعني ابن عباس

)). وجابر هذا: هو أبو الشعثاء.

(5)

قال الحاكم في مستدركه3/ 535: ((أخبرنا أبو عبد الله، قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدّثنا ابن نمير، قال: حدّثنا أبو أسامة، قال: حدّثنا الأعمش، عن مجاهد قال: كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه)).

ص: 191

ثُمَّ ابنُ عُمَرَ؛ لأنَّهُ رَوَى ألفين وستمِئَةٍ وثلاثينَ. ثُمَّ أنسٌ؛ لأَنَّهُ رَوَى أَلْفَينِ ومِئَتَيْنِ وستةً وثَمَانِيْنَ. ثُمَّ عَائِشَةُ؛ لأَنَّهَا رَوَتْ أَلْفَينِ ومِئَتَينِ وعشرةً. ثُمَّ ابنُ عَبَّاسٍ؛ لأَنَّهُ رَوَى ألفاً وستمِئَةٍ وسِتِّينَ. ثُمَّ جَابِرٌ؛ لأَنَّهُ رَوَى ألفاً وخمسَ مِئَةٍ وأربعينَ (1).

وزادَ النَّاظِمُ (2) سابعاً، وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ؛ لأَنَّهُ رَوَى ألفاً ومِئَةً وسبعينَ.

وإنَّما كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ أكثرَهُمْ، لقولِهِ (3)، كَمَا في " الصَّحِيْحَيْنِ " (4):

((قلتُ: يا رَسُوْلَ اللهِ! إنِّي أسْمَعُ مِنْكَ حَدِيْثاً كَثِيْراً أنْسَاهُ. قَالَ (5): ابْسُطْ رِدَاءكَ. فَبَسَطتُهُ (6) فَغَرَفَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ. فما نَسِيْتُ شَيْئاً بَعْدُ)).

والْمُكْثرونَ مِنْهُمْ فَتْوَى سَبْعةٌ: عمرُ، وعليٌّ، وابنُ مَسْعودٍ، وابنُ عُمرَ، وابنُ عَبَّاسٍ، وزيدُ بنُ ثابِتٍ، وعائشةُ.

(والبَحْرُ) ابنُ عَبَّاسٍ (في الْحَقيقةِ أكثرُ) الصَّحَابَةِ (فَتْوى)، لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعا لَهُ بقولِهِ:((اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ)) (7)، وفي لفظٍ ((اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِيْ الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيْلَ)) (8)، وفي آخر:((اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ، وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ)) (9).

ثُمَّ بَيَّنَ الْعَبادِلَةَ مِنْهُمْ، فَقَالَ:

(1) ذكر هذه الأعداد الحافظ ابن الجوزي في " تلقيح فهوم أهل الأثر ": 362 - 363.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 21.

(3)

في (ص): ((كقوله)).

(4)

صحيح البخاري1/ 40 (119) و 3/ 68 (2047) و 4/ 253 (3648)، ومسلم 7/ 167 (2492).

وكذلك أخرجه ابن سعد2/ 362، وأحمد2/ 240و333و427، والنسائي في الكبرى (5866)، والترمذي

(3834)

و (3835)، والطحاوي في شرح المشكل (1659)، وأبو نعيم في الحلية 1/ 378 و 381.

(5)

في (ص) و (ع): ((فقال)).

(6)

في (ق) و (م): ((فبسطه)).

(7)

بهذا اللفظ أخرجه البخاري 1/ 29 (75) و 9/ 113 (7270).

(8)

بهذا اللفظ أخرجه ابن سعد 2/ 365، وابن أبي شيبة (32213)، وأحمد 1/ 314 و 328 و 335، وابن حبان (7064)، والطبراني (10587) و (10614)، والحاكم 3/ 543.

(9)

أخرجه أحمد 1/ 214 و 269 و 359، وفي الفضائل له (1835) و (1883) و (1923)، وابن ماجه (166)، والترمذي (3824)، والنسائي في الفضائل (76)، وابن حبان (7063).

ص: 192

(وَهْوَ) أي: البحرُ عَبْدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ، (وابنُ عُمَرَا) عَبْدُ اللهِ، (وابنُ الزُّبَيْرِ) عَبْدُ اللهِ، (وابنُ عَمرٍو) ابنِ العاصِ عَبْدُ اللهِ (قَدْ جَرَى عَلَيْهِمُ بالشُّهْرَةِ: العَبَادِلَهْ).

و (لَيْسَ) مَنْ جَرى عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَهُمْ (ابنَ مَسْعُودٍ) عَبْدُ اللهِ؛ لتقدُّمِ مَوتِهِ عَلَيْهِمْ (1)، (ولا مَنْ شَاكَلَهْ (2)) في التَّسْمِيةِ بعبدِ اللهِ.

فإذا اجتمعتِ الأربعةُ عَلَى شيءٍ قيل (3): هَذَا قَوْلُ العبادلةِ. وبعضُهُم زادَ عَلَيْهِمْ، وبعضُهم نقصَ مِنْهُمْ.

ثُمَّ بيَّنَ مَنْ كَانَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أتْباعٌ، وأصْحَابٌ يقولونَ برأيهِ. فَقَالَ:(وَهْوَ) أي: ابنُ مسْعودٍ، (وَزَيدٌ) هُوَ ابنُ ثَابتٍ، (وابنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ) دونَ غَيرِهِم مِنَ الصَّحَابَةِ (في الفِقْهِ أتباعٌ يَرَوْنَ) في علمِهِم وفُتْياهُم (قولَهُمْ).

795 -

وَقَالَ مَسْرُوقُ: انْتَهَى العِلْمُ (4) إلى

سِتَّةِ أَصْحَابٍ كِبَارٍ نُبَلا

796 -

زَيْدٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَعْ (5) أُبَيِّ

عُمَرَ، عَبْدِ اللهِ مَعْ (6) عَليِّ

797 -

ثُمَّ انْتَهَى لِذَيْنِ والبَعْضُ جَعَلْ

الأَشْعَرِيَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَا (7) بَدَلْ

798 -

وَالعَدُّ لَا يَحْصُرُهُمْ فَقَدْ ظَهَرْ

سَبْعُونَ أَلْفاً بِتَبُوكٍ وَحَضَرْ

799 -

الحَجَّ أَرْبَعُونَ أَلْفاً وَقُبِضْ

عَنْ ذَيْنِ مَعْ (8) أَرْبَعِ (9) آلَافٍ تَنِضّْ

(1) نسب النووي في تهذيب الأسماء 1/ 267 هذا القول للبيهقي وقال: قيل لأحمد بن حنبل: فابن مسعود قال: ليس هو منهم - يعني العبادلة - وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 464، والإرشاد 2/ 596، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 22.

(2)

في (ع) و (م): ((مشاكله)).

(3)

في (م): ((قبل)) خطأ.

(4)

في (ب): " العلم به إلى " ويختلّ الوزن بهذه الزيادة.

(5)

العين ساكنة؛ لضرورة الوزن.

(6)

كذلك.

(7)

بقصر الممدود لضرورة الوزن.

(8)

بإسكان العين؛ لضرورة الوزن.

(9)

القياس: " أربعة"، وقد أسقطت الهاء لضرورة الوزن.

ص: 193

ثُمَّ بيَّنَ الذينَ انْتَهَى إِلَيْهِم العِلْمُ مِن أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ:

(وَقَالَ مَسْرُوقُ) بنُ الأجْدعِ الكُوفيُّ: (انْتَهَى العِلْمُ) أي: وصلَ علمُ الصَّحَابَةِ (إلى سِتَّةِ) أنْفُسٍ، (أصْحَابٍ) لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أيضاً، (كِبارٍ نُبَلَا (1)) أي: فُضَلاء: (زَيْدٍ) هُوَ ابنُ ثابِتٍ، و (أَبِي الدَّرْداءِ) عُوَيْمِرٍ، (مَعْ أُبَيِّ) بنِ كَعْبٍ، و (عُمَرَ) بنِ الْخّطَّابِ، و (عَبْدِ اللهِ) بنِ مَسْعودٍ، (مَعْ عَلِيِّ) بنِ أَبِي طَالِبٍ. (ثُمَّ انتَهَى) علمُ السِّتَّةِ (لِذَيْنِ) أي: لعليٍّ، وابنِ مسعودٍ. كَذَا رَوَاهُ بَعْضُهم عَنْ مَسْرُوقٍ (2).

(وَ) لَكِنْ (البعْضُ) مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ أيضاً، وَهُوَ الشَّعبيُّ (3)(جَعَلْ) أَبا مُوسَى

(الأَشْعَرِيَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَا (4)) -بالقصرِ للوزنِ- (بَدَلْ) بالوقفِ بلغَةِ رَبيعةَ.

وَلَا يَقْدحُ في انتهاءِ علمِ السِّتَّةِ إلى عَلِيٍّ، وابنِ مَسْعُودٍ تَأَخُّرُ وفاةِ كُلٍّ مِنْ زَيْدٍ، وأبِي مُوسَى عَنْهُمَا؛ إِذْ لَا مَانِعَ مِن انتِهاءِ عِلْمِ شَخْصٍ إلى آخرَ مَعَ بَقاءِ الأوَّلِ، كَمَا أفَادَهُ النَّاظِمُ (5).

قَالَ شَيخُنا: ((ولأنَّ عَلياً، وابنَ مَسعودٍ كَانَا مَعَ مَسْرُوقٍ بِالكُوفَةِ، فانْتَهى العِلْمُ إلَيْهِمَا بِهَا، بِمَعْنَى أنَّ عُمْدَةَ أهْلِ الكُوفَة في مَعْرِفَةِ عِلْمِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِمَا (6))) (7).

ثُمَّ بيَّنَ عدمَ انحِصارِهِمْ، فَقَالَ:

(وَالْعَدُّ لا يحصُرُهُمْ) لِتَفَرُّقِهِم (8) في البلدانِ (9) والنَّواحِي، (فَقَدْ) صَحَّ قَوْلُ

(1) في (م): ((نبلاء)) بإثبات الهمزة.

(2)

رواه ابن سعد في طبقاته 2/ 351، وابن المديني في علله: 44، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 1/ 481، والبيهقي في المدخل:160.

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 351، والعلل لابن المديني: 41، والمدخل للبيهقي:161.

(4)

في (م): ((الدرداء)) بإثبات الهمزة على أن الشارح نبه على حذفها.

(5)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 25.

(6)

في (ص): ((عليها)).

(7)

ذكره السخاوي في فتح المغيث 3/ 100 قائلاً: فيما نقل عنه.

(8)

في (م): ((لتفرقتهم)).

(9)

في (ص) و (ع) و (م): ((بالبلدان)).

ص: 194

كَعْبِ بنِ مالكٍ في قِصّةِ تبوك: ((وأصْحابُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَثيرٌ، لا يَجْمَعُهم كِتَابٌ حافِظٌ)) (1) أي: دِيْوَانٌ.

و (ظَهَرْ)، يعني شهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ما رُوِيَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازيِّ (سَبْعُونَ ألْفاً بتبوكٍ)(2).

قَالَ: (وَحَضَرْ) مَعَهُ صلى الله عليه وسلم (الْحَجَّ أَرْبَعُونَ ألْفاً، وقُبِضْ) صلى الله عليه وسلم (عَنْ ذَينِ) أي: الفَريقَينِ الْمَذكورَينِ في قِصّةِ تَبُوك، وحجةِ الوَداعِ، أي مقدارُهُما، وَهُوَ مِئَةُ ألفٍ وعَشرةُ آلاف (مَعْ) زيادةِ (أرْبَعِ آلافٍ)، فَذَلِكَ مِئَةُ ألفٍ وأربَعةَ عَشَر ألفاً (3)

(تَنِضّْ) - بكسرِ النّونِ، وتَشْدِيدِ الضادِ الْمُعْجَمة - أي: تتيسرُ.

يُقال: خُذْ ما نضَّ لكَ من دَيْنٍ، أي: تيسرَ، حكاهُ الْجًوهَريُّ (4).

والنَّضُّ والناضُ حقيقةٌ في النقدينِ، واستُعِيرَ لِلصَّحَابَةِ لرواجِهِم في النَّقْدِ وَسَلامتِهِم مِنَ الزَّيْفِ بِعَدالتِهِمْ.

قَالَ النَّاظِمُ: ((وأُسْقِطَت الْهَاءُ من ((أربعٍ)) للضَرورَةِ، وإنْ كَانَ الألْفُ مذكراً)). انتهى (5).

وَيَصِحُّ إسقاطُها تَشْبيهاً للرِّجالِ بالدراهِمِ، قَالَ صَاحِبُ " القَامُوسِ ":((الألفُ من العددِ مذكرٌ، وَلَوْ أُنِّثَ باعتبارِ الدراهِمِ جازَ)) (6).

ونَقَلَهُ الْجَوْهَريُّ، فَقَالَ:((وَقَالَ ابنُ السكيتِ: لَوْ قلتُ: هَذِهِ ألفٌ، بِمَعْنى هَذِهِ الدَّراهِمُ ألفٌ، لَجَازَ)) (7).

(1) هذا جزء من حديث طويل. أخرجه البخاري 6/ 4 (4418)، ومسلم 8/ 105 (2769)(53).

(2)

الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 293 (1893).

(3)

الجامع لأخلاق الرّاوي 2/ 293 (1894).

(4)

الصحاح 3/ 1108 (نضض).

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 27.

(6)

تاج العروس 23/ 28 (ألف).

(7)

الصحاح 4/ 1331 (ألف).

ص: 195

800 -

وَهُمْ طِبَاقٌ إِنْ يُرَدْ تَعْدِيدُ

قِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ أَوْ تَزِيدُ

801 -

وَالأَفْضَلُ الصِّدِّيقُ ثُمَّ عُمَرُ

وَبَعْدَهُ عُثْمَانُ (1) وَهْوَ الأَكْثَرُ

802 -

أَوْ فَعَلِيٌّ قَبْلَهُ خُلْفٌ حُكِيْ

قُلْتُ: وَقَوْلُ الوَقْفِ جَا (2) عَنْ مَالِكِ

803 -

فَالسِّتَّةُ البَاقُونَ، فالبَدْرِيَّهْ

فَأُحُدٌ، فَالبَيْعَةُ المَرْضِيَّهْ

804 -

قَالَ: وَفَضْلُ السَّابِقِينَ قَدْ وَرَدْ

فَقِيلَ: هُمْ، وَقِيلَ: بَدْرِيٌّ وَقَدْ

805 -

قِيلَ: بَلْ اهْلُ (3) القِبْلَتَيْنِ، واخْتَلَفْ

-أَيُّهُمُ أَسْلَمَ قَبْلُ؟ - مَنْ سَلَفْ

806 -

قِيلَ: أبو بَكْرٍ، وقِيلَ: بلْ عَلِيْ

وَمُدَّعِي إجْمَاعِهُ لَمْ يُقْبَلِ

807 -

وَقِيلَ: زَيْدٌ وادَّعى وِفَاقا

بَعْضٌ عَلَى خَدِيجَةَ اتِّفَاقا

ثُمَّ بيَّنَ تفاوتَهُم في الفَضِيلةِ إجْمالاً، ثُمَّ تَفْصِيلاً، فَقَالَ:

(وَهُمْ) باعتبارِ سبْقِهم إلى الإِسْلَامِ، أَوْ الْهِجْرَةِ، أَوْ شُهودِ الْمَشَاهِدِ الفاضِلَةِ

(طباقٌ إنْ يُرَدْ تَعْدِيْدُ) أي: عدّها (4).

(قِيْلَ) أي: قَالَ الْحَاكِمُ في " عُلومِ الْحَدِيْثِ "(5): هِيَ (اثنتا (6) عشرة) طبقةً:

فالأولى: مَنْ تقدمَ إسلامُه بِمَكةَ، كالخلفاءِ الأربعةِ.

الثانيةُ: أَصْحَابُ دارِ النَّدْوَةِ.

الثالثةُ: مَنْ هاجَرَ إلى الْحَبَشَةِ.

الرَّابِعةُ: أَصْحابُ العَقبةِ الأولى.

الخَامِسَةُ: أَصْحابُ العَقبةِ الثانِيَةِ، وأكْثَرُهُم مِنَ الأنْصَارِ.

(1) في النفائس: (العثمان)، وهو خطأ.

(2)

بالقصر لضرورة الوزن، وجاء في (فتح المغيث) بتحقيق الهمز، ولا يصح الوزن به.

(3)

بدرج الهمزة ووصلها لضرورة الوزن.

(4)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 28.

(5)

معرفة علوم الحديث: 22 - 25.

(6)

في (م): ((اثنا)).

ص: 196

السَّادِسَةُ: الْمُهَاجِرونَ الذِينَ وَصَلُوا إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بقباء قَبْلَ أَنْ يدخلَ الْمَدِينةَ.

السَّابِعةُ: أهلُ بَدْرٍ.

الثَّامِنَةُ: مَنْ هَاجرَ بَيْنَ بَدْرٍ والْحُدَيْبِيةَ.

التَّاسِعةُ: أهْلُ بَيعَةِ الرّضْوانِ.

الْعَاشِرَةُ: مَنْ هَاجَرَ بَيْنَ الْحُدَيبيةِ، وفتحِ مَكةَ.

الْحَاديةَ عشرَةَ: مسلَمَةُ الفَتْحِ.

الثَّانيةَ عشرةَ: صِبيان وأطفالٌ رأوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يومَ الفَتْحِ وحجَّةَ الوَداعِ، وغيرِهِما.

(أَوْ تَزيدُ) أي: قَالَ ابنُ الصَّلَاحِ: ((وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ عَلَى اثنتي عَشْرةَ)) (1).

وَقَالَ ابنُ سَعْدٍ: إنَّهُمْ خَمْسُ طِباقٍ فَقَطْ.

الأوْلى: الْبَدْريونَ.

الثَّانيةُ: مَنْ أسلمَ قديماً مِمَّنْ هاجرَ عامَّتُهُم إلى الْحَبَشَةِ، وشهِدُوا أُحُداً فما بعدَها.

الثالثةُ: مَنْ شهِدَ الْخَنْدقَ فما بعدَها.

الرَّابعةُ: مَسْلَمَةُ الفَتْحِ فَمَا بعدَها.

الْخَامِسَةُ: الصِّبْيانُ والأطْفالُ مِمَّنْ لَمْ يغزُ.

(والأَفْضَلُ) مِنْهُمْ مُطْلَقاً بإجماعِ أهْلِ السُّنَّةِ (2) أَبو بَكْرٍ (الصِّدِّيقُ) سُمِّيَ بِهِ لِمُبَادَرَتِهِ إلى تَصْدِيقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ غيرِهِ.

(ثُمَّ) يَليهِ (عُمَرُ) بنُ الْخَطَّابِ بإجماعِ أهلِ السُّنَّةِ أَيْضاً.

(وَبَعْدَهُ) أي: عُمَرَ، إما (عُثْمَانُ) بنُ عَفَّانٍ، (وَهْوَ الأكْثَرُ) أي: قَوْلُ الأكثرِ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ، فترتيبُهُم في الأفْضَلِيةِ كترتيبِهِم في الْخِلَافَةِ.

(أَوْ فَعَليٌّ) هُوَ ابنُ أَبِي طَالِبٍ (قَبْلَهُ) - إيضاحٌ - أي: قَبْلَ عُثْمَانَ

(خُلْفٌ) أي: خلافٌ (حُكِيْ).

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 466.

(2)

حكى الإجماع أبو العبّاس القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 8/ 148.

ص: 197

وإلى قَوْلِ الأكثرِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُمَا (1)، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ والثَّوْرِيِّ، وكَافَّةِ أَئِمَّةِ الْحَدِيْثِ، والفِقْهِ، وَكَثِيْرٍ مِنَ الْمُتَكَلمينَ، كَمَا قَالَ القَاضِي عِياضٌ (2).

وإليهِ ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الأشْعَرِيُّ، والقَاضِي أَبُو بَكرٍ الْبَاقلانِيُّ، لكنَّهُما اختَلَفَا في التَّفْضِيلِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ أهُوَ قَطْعِيُّ الدَّلِيلِ أَوْ ظنيهُ؟

فالذي مالَ إِلَيْهِ الأشْعَرِيُّ: الأوَّل، والْبَاقلانِيُّ: الثَّانِي (3).

(قُلْتُ: وقولُ الوَقْفِ) عَنْ تفَضِيلِ أحدِ الأخِيرَيْنِ عَلَى الآخَرِ (جا) - بالقصْرِ للوَزْنِ - (عَنْ مَالِكِ (4))، لَكِنْ حَكَى عَنْهُ القَاضِي عِيَاضٌ قَوْلاً بالرّجوعِ عَن الوَقْفِ إلى تَفْضِيلِ عُثْمَان (5).

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ((وَهُوَ الأصحُّ إنْ شَاءَ اللهُ)) (6). وَقَدْ (7) تَقَدَّمَ أنَّهُ الْمَشْهُورُ عَنْهُ.

(ف) يلي الْخُلَفَاءَ الأرْبَعَةَ (السِّتَّةُ الْبَاقُونَ) مِنَ العَشَرَةِ الَّذِيْنَ بَشَّرَهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالْجَنَّةِ، وهُمْ: طَلْحَةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعْدٌ، وسَعِيدٌ، وعبدُ الرَّحْمَانِ ابنُ عَوْفٍ، وأبو عُبَيْدَةَ بنُ الْجَرَّاحِ.

(ف) يَلِيهِم الطَّائِفَةُ (الْبَدْرِيَّهْ) أي: الَّذِيْنَ شَهِدُوْا بَدْراً، وهُمْ ثلاثُ مِئَةٍ، وبِضْعَةَ عَشَر.

(ف) يَلِيهِم (أُحُدٌ) أي: أهلُ أُحُدٍ الَّذِيْنَ شَهِدُوْهَا، وكَانُوا ألْفاً.

(فَ) يَلِيهِم (الْبَيْعَةُ الْمرضِيَّهْ) أي: أهْلُ بَيعَةِ الرِّضْوَانِ بالْحُدَيْبِيةِ (8) الَّتِيْ نَزَلَ فِيْهَا

(1) روى البيهقي عن الشّافعيّ فقط في كتابه الاعتقاد: 368 و 369.

(2)

إكمال المعلم 7/ 382.

(3)

انظر: شرح صحيح مسلم 5/ 242.

(4)

المدونة 6/ 451.

(5)

ترتيب المدارك 1/ 175، وإكمال المعلم 7/ 382.

(6)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 32، وفتح المغيث 3/ 106.

(7)

من (م) فقط.

(8)

والحديبية بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وياء ساكنة، وكسر الباء الموحدة وياء مخففة مفتوحة ك: دويهية، وقد تشدّد ياؤها أيضاً. عمدة القاري17/ 212، ومراصد الإطلاع 1/ 386، وتاج العروس2/ 246.

ص: 198

قَولُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِيْنَ} (1) الآيَة، وَقَدْ (2) كَانُوا ألفاً وأرْبَعَ مِئَةٍ (3).

(قَالَ) ابنُ الصَّلَاحِ (4): (وَفَضْلُ السَّابِقِينَ) الأولينَ مِنَ الْمُهَاجِرينَ، والأنْصَارِ (قَدْ وَرَدْ) في الْقُرْآنِ بِقولِهِ تَعَالَى:{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِيْنَ وَالأنْصَارِ} (5)

الآيةُ، وقولُهُ تَعَالَى:{لَا يَسْتَوي مِنْكُمْ مَنْ أنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} (6)

الآيةُ، وقولُهُ تَعَالَى:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} (7)

الآيةَ.

وَقَدْ اختُلِفَ فِيْهِمْ، (فقيلَ) أي: فَقَالَ الشَّعْبِيُّ وغيرُهُ: (هُمْ) أي: الَّذِيْنَ شَهِدوا بَيْعةَ الرضوانِ (8).

(وَقِيْلَ) أي: وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القرظيُّ (9)، وغيرُهُ (10):(بدريٌّ) أي: أهلُ بَدْرٍ.

(وَقَدْ (11) قِيْلَ) أي: وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأشْعَرِيُّ (12) وغيرُهُ (13): (بَلْ

(1) الفتح: 18.

(2)

من (م) فقط.

(3)

قال أبو منصور في أصول الدين: 304: ((أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم: الخلفاء الأربعة، ثمّ الستة الباقون إلى تمام العشرة، ثمّ البدريون، ثمّ أصحاب أحد، ثمّ أهل بيعة الرضوان الحديبية)). وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 34.

(4)

معرفة أنواع علم الحديث: 467وعبارته: ((وفي نص القرآن تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الّذين صلوا إلى القبلتين في قول سعيد بن المسيب)). وانظر: تفسير الطبري11/ 7، والاستيعاب 1/ 6.

(5)

التوبة: 100.

(6)

الحديد: 10.

(7)

الواقعة: 10.

(8)

جامع البيان للطبري 11/ 6، ومعرفة الصّحابة لأبي نعيم: 5 - 6، والاستيعاب 1/ 7، وتفسير البغوي 2/ 381، والدر المنثور 4/ 269.

(9)

الاستيعاب 1/ 7، والدر المنثور 4/ 268.

(10)

منهم عطاء بن يسار كما في الاستيعاب 1/ 7. وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 468 والمقنع 2/ 499، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 35، وفتح المغيث 3/ 109.

(11)

في (م): ((قد)) بدون واو.

(12)

تفسير الطبري 11/ 6، والدر المنثور 4/ 269.

(13)

منهم: سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وقتادة. انظر: تفسير الطبري 11/ 6، والاستيعاب 1/ 6 - 7، والدر المنثور 4/ 269.

ص: 199

اهْلُ (1)) - بالدرجِ - (القِبْلَتَين) الَّذِيْنَ صَلُّوْا إلَيْهِمَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ بَيَّنَ مَنْ أوَّلُهم إسْلاماً، فَقَالَ:(واخْتَلَفَ أيُّهُمُ) - بضمِّ الْمِيمِ - (أسْلَمَ قَبْلُ) أي: الْبَاقِينَ (مَنْ سَلَفْ) فاعلُ ((اخْتَلَفَ)) أي: واختَلَفَ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ والتَّابِعينَ فمَنْ بَعْدَهُم في أيِّ الصَّحَابَةِ أوَّلُ إسْلاماً؟

(قِيْلَ) أي: فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ (2)، وغيرُهُ: أوَّلُهم إسْلاماً (أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيقُ، لقولِهِ رضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، كَمَا في التِّرْمذيِّ:((ألستُ أوَّلَ مَنْ أسلمَ؟)) (3).

ولقولِهِ صلى الله عليه وسلم لعمرِو بنِ عبسةَ (4) لما سألَهُ مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا الأمر: ((حرٌ وعبدٌ))، يعني أبا بَكْرٍ، وبلالاً، رَوَاهُ مُسْلِم (5).

(وَقِيْلَ) أي: وَقَالَ جابرُ بنُ عَبْدِ اللهِ (6) وغيرُهُ (7): (بَلْ) أوَّلُهُمْ إسْلاماً (عَلِيْ) بنُ أَبِي طالبٍ، لقولِهِ رضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ (8): ((لَقَدْ صَلَّيتُ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ

(1) في (م): ((أهل)) بإثبات الهمزة.

(2)

الاستيعاب 2/ 28.

(3)

الجامع للترمذي (3667)، وفي علله الكبير (690)، وأخرجه البزار (35)، وابن حبان (6872)، والدارقطني في العلل 1/ 234، وأبو نعيم في معرفة الصّحابة (71) و (72).

(4)

في (ص): ((عتبة))، وفي (م):((عنبسة))، وما أثبتناه من (ق) و (ع). وهو الموافق لما جاء في مصادر ترجمته، انظر: تهذيب الكمال 5/ 435 (4994).

(5)

صحيح مُسْلِم 2/ 208 (832)، وأخرجه أحمد 4/ 111 و 112، وعبد بن حميد (298)، وأبو داود (1277)، والترمذي (3579)، والنسائي1/ 91و279، وفي الكبرى (174) و (1460)، وابن خزيمة (1147).

(6)

الاستيعاب 3/ 27.

(7)

منهم: زيد بن الأرقم، وأبي ذر، والمقداد، وسلمان الفارسي، وخباب، وأبي سعيد الخدري وغيرهم نقله عنهم ابن عبد البر في الاستيعاب 3/ 27، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 469، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 37، وفتح المغيث 3/ 111.

(8)

لم ترد في (ق).

ص: 200

النَّاسُ سَبْعاً)) (1).

(وَمُدَّعِي إجْمَاعَهُ) أي: الإجْماعِ عَلَى هَذَا القَوْلِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ (2)(لَمْ يُقْبَلِ) مِنْهُ، بَلْ اسْتُنْكِرَ مِنْهُ، كَمَا قَالَهُ ابنُ الصَّلَاحِ (3).

(وَقِيْلَ) أي: وَقَالَ معمرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ (4): أوَّلُهم إسْلاماً (زَيْدٌ) هُوَ ابنُ (5) حارِثةَ.

(وادَّعَى) حالةَ (6) كَوْنِهِ (وِفَاقا) أي: موافِقاً لغيرِهِ، كقتادَةَ (7)، وابنِ إسْحَاقَ (8)(بعضٌ)، كالثَّعْلَبِيِّ (عَلَى) أُمِّ الْمُؤْمِنِيْنَ (خَدِيْجَةَ) في أنَّها أوَّلُ النَّاسِ إسْلاماً (اتِّفَاقا) مفعولُ ((ادَّعَى)).

قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: ((والْخِلافُ إنَّما هُوَ في مَنْ أسْلَمَ بَعْدَهَا)) (9).

وَهَذَا القَوْلُ قَالَ النَّوَوِيُّ: ((إنَّهُ الصَّوابُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُحَقِّقِيْنَ)) (10).

وَقَالَ ابنُ إسْحَاقَ: ((أوَّلُ مَنْ آمَنَ: خَدِيْجَةُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، وَهُوَ ابنُ عَشْرٍ، ثُمَّ زيدٌ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، فأظْهَرَ إسْلامَهُ ودعى إلى اللهِ عز وجل، فأسْلَمَ بدعائِهِ عُثْمانُ، والزُّبَيْرُ،

(1) أخرجه الطيالسي (188) وابن أبي شيبة (32075)، وأحمد 1/ 99، وابن ماجه (120)، والبزار (751)، وابن أبي عاصم في السنة (1324)، والنسائي في خصائص علي (7)، والحاكم 3/ 111 - 112، وأبو نعيم في معرفة الصّحابة (337).

(2)

معرفة علوم الحديث: 23.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 468. وقال ابن كثير في اختصار علوم الحديث: 189: ((ولا دليل عليه من وجه يصح)).

(4)

الاستيعاب 1/ 528.

(5)

كتب ناسخ (ع): ((بلغ)) دليل على بلوغ المقابلة.

(6)

في (ق): ((حال)).

(7)

الاستيعاب 4/ 282.

(8)

الاستيعاب 4/ 282.

(9)

انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 469، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 341، والمقنع 2/ 501، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 38، وفتح المغيث 3/ 112.

(10)

الإرشاد 2/ 602، والتقريب:165.

ص: 201

وعبدُ الرَّحْمانِ بنُ عَوْفٍ، وسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وطلحَةُ، فَكَانَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الثَّمَانِيةُ أسبقَ النَّاسِ بالإسْلامِ)) (1).

وَقِيْلَ: أوَّلُهُم إسْلاماً بلالُ، لِخَبرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ.

قَالَ ابنُ الصَّلَاحِ للجمعِ (2) بَيْنَ الأقْوَالِ: ((والأورعُ أَنْ يُقالَ: أوَّلُ مَنْ أسلمَ مِنَ الرِّجَالِ الأحرارِ: أَبُو بكرٍ، ومنَ الصبيانِ: عليٌّ، ومن النِّساءِ: خَدِيْجَةُ، ومِنَ الْمَوالي: زيدٌ، ومِنَ الْعَبيدِ: بلالٌ)). انتهى (3). وَحُكِيَ هَذَا عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ رحمه الله (4)، وفي الْمَسْألةِ أقوالٌ أُخَرُ (5).

808 -

وَمَاتَ آخِراً بِغَيْرِ مِرْية

أبُو الطُّفَيْلِ مَاتَ عَامَ مِئَةِ

809 -

وقَبْلَهُ السَّائِبُ بالمَدِينَةِ

أَوْ سَهْلٌ اوْ (6) جَابِرٌ اوْ (7) بِمَكَّةِ (8)

810 -

وقِيلَ: الاخِرُ (9) بِهَا: ابنُ عُمَرَا

إنْ لا (10) أبُو الطُّفَيْلِ فِيهَا قُبِرَا

811 -

وأَنَسُ بنُ مالِكٍ بالبَصْرَةِ

وابنُ أبي أوْفَى قَضَى بالكُوْفَةِ

812 -

والشَّامِ فَابْنُ بُسْرٍ اوْ (11) ذُو باهِلَهْ

خُلْفٌ، وقِيلَ: بِدِمَشْقٍ وَاثِلَهْ

813 -

وَأنَّ في حِمْصَ ابنُ بُسْرٍ قُبِضَا

وأنَّ بالجزيرةِ العُرْسُ قَضَى

(1) سيرة ابن هشام 1/ 257 - 269، والمعارف: 168، والبداية والنهاية 3/ 20 - 24.

(2)

في (ق): ((الجمع)).

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 469.

(4)

نقله الحاكم عنه في "تأريخه" كما قال السخاوي في فتح المغيث 3/ 113، وقال السيوطي في تدريب الرّاوي 2/ 228:((قال البرماوي: ويحكى هذا الجمع عن أبي حنيفة)).

(5)

انظر: فتح المغيث 3/ 113 فقد نقل السخاوي منها الشيء الكثير.

(6)

بدرج الهمزة لضرورة الوزن.

(7)

كذلك.

(8)

بصرف (مكة) وهي ممنوعة من الصرف؛ لضرورة الوزن.

(9)

بدرج ووصل (الآخر) لضرورة الوزن.

(10)

في (أ) و (ب): ((إلا)).

(11)

بدرج همزة (أو)؛ لضرورة الوزن.

ص: 202

814 -

وبِفِلَسْطِينَ أبُو أُبَيِّ

ومِصْرَ فابنُ الحارِثِ بنِ جُزَيِّ (1)

815 -

وقُبِضَ الهِرْمَاسُ باليَمَامَةِ

وقَبْلَهُ رُوَيْفِعٌ ببَرْقةِ (2)

816 -

وقِيلَ: إفْرِيقِيَّةٍ (3)، وسَلَمَهْ

بادِياً اوْ (4) بِطِيبَةَ المُكَرَّمَهْ

ثُمَّ بيَّنَ مَنْ آخرُهُمْ موتاً، فَقَالَ:

(وَماتَ) مِنْهُمْ (آخِراً) مُطلقاً (بغيرِ مِرْيَةِ) - بكسر الْمِيمِ أشهرُ من ضمِّها (5) - أي: شكٍّ (أَبُو الطُّفَيلِ) عَامِرُ بنُ واثِلَةَ الليثيُّ (مَاتَ عَامَ مِئَةِ) مِنَ الْهِجْرَةِ، لقولِهِ كَمَا في مُسْلِم:((رأيتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومَا عَلَى وَجْهِ الأرْضِ رجُلٌ رآه غيرِي)) (6).

وَقِيْلَ: ماتَ سنةَ اثنتينِ (7)، أَوْ سبعٍ (8)، أَوْ عَشْرٍ ومِئَةٍ (9)، وَكَانَ مَوْتُهُ بِمَكَّةَ (10). وَقِيْلَ: بالْكوفَةِ. فهو آخرُ مَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ، أَوْ بالكوفَةَ (11). أَيْضاً (و) آخرُهُمْ مَوْتاً مقيَّداً بالنَّواحي (قبلَهُ) أي: قَبْلَ أَبِي الطُّفَيلِ، إمَّا (السَّائِبُ) بنُ يَزِيدَ (بالْمَدِينَةِ) النَّبَوِيَّةِ، (أَوْ سَهْلٌ) بِها، وَهُوَ ابنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، (اوْ)(12) بالدرجِ (جابِرٌ)،

(1) الأصل: (ابن جزء) أبدلت الهمزة ياءً وأشبعت لضرورة الوزن والتصريع.

(2)

بصرف (برقة) وهي ممنوعة من الصرف؛ للتصريع بين شطري البيت.

(3)

بصرف (إفريقية) لضرورة الوزن.

(4)

بدرج الهمزة لضرورة الوزن.

(5)

الصحاح 6/ 2491 (مرا).

(6)

صحيح مسلم 7/ 84 (2340)، وأخرجه أحمد 5/ 454، والبخاري في الأدب المفرد (790)، وأبو داود (4864)، والترمذي في الشمائل (14) من طريق الجريري عن أبي الطفيل.

(7)

جزم به ابن حبان في ثقاته 3/ 291.

(8)

قاله أبو زكريا بن منده، كما نقله العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 3/ 41.

(9)

هذا الّذي صححه الذهبي في العبر 1/ 89 و 104، وفي سير أعلام النبلاء 3/ 470 وفي الكاشف 1/ 527 (2548)، وانظر: حاشية سبط ابن العجمي هناك وتعليق المحقق.

(10)

انظر: الثقات 3/ 291، والإصابة 4/ 113.

(11)

في (م): ((كوفة))، وهو ذهول.

(12)

في (م): ((أَو)) بإثبات الهمزة.

ص: 203

وَهُوَ ابنُ عَبْدِ اللهِ، أي: فهو آخرُهُم مَوتاً بِهَا، أَوْ بـ ((قباءَ)(اوْ)(1) -بالدرجِ-

(بِمَكَّةِ) بالصَّرْفِ للوزنِ، وَالْجُمْهُوْرُ عَلَى الأوَّلِ.

قَالَ النَّاظِمُ: ((كَذَا اقْتَصَرَ ابنُ الصَّلَاحِ عَلَى أنَّ أخِرَهُم مَوْتاً بالْمَدينَةِ أحدُ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ تأخَّرَ عَنِ الثَّلَاثَةِ مَوْتاً بِهَا: مَحْمُوْدُ بنُ الرَّبِيْع، وَتُوُفِّيَ سنةَ تِسعٍ وَتِسْعِيْنَ بتقديمِ التَّاءِ فِيْهِمَا، وَمَحْمُودُ بنُ لَبِيْدٍ الأَشْهَلِيُّ (2) وتُوفيَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وتِسْعِينَ)) (3).

(وَقِيْلَ: الاخِرُ) بالدرجِ - مَوْتاً (بِهَا) أي: بِمَكَّةَ (ابنُ عُمَرا) عَبْدُ اللهِ، وكلٌّ مِنْهُ، ومِنْ جَابِرٍ عَلَى القَوْلِ بأنَّهُ مَاتَ بِمَكَّةَ إنَّما يَكُوْنُ آخرهم مَوْتاً بِمَكَّةَ (إنْ لا) أي: إنْ لَمْ يَكُنْ (أَبُو الطُّفَيلِ فِيْهَا قُبِرَا)، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أنَّهُ قُبِرَ بِهَا، والْمُرادُ: ماتَ بِهَا.

وَتُوفِيَ السَّائِبُ سنةَ ثَمَانِيْنَ أَوْ اثنتينِ (4)، أَوْ سِتٍّ، أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ. أَوْ إحْدَى وتِسْعِينَ (5)، أقْوَالٌ.

وسَهْلٌ سنةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ (6)، وَقِيْلَ: إحْدَى وتِسْعينَ (7).

وجابِرُ سنةَ اثنتينِ أَوْ ثلاثٍ، أَوْ أربَعٍ، أَوْ سَبْعٍ، أَوْ ثَمَانٍ، أَوْ تِسْعٍ وسَبْعِينَ، والْمَشْهُورُ: خامِسُها (8).

(1) كذلك.

(2)

أفاده البخاري في التاريخ الكبير 7/ 402 (1762).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 44 - 45 وفي النقل تصرف.

(4)

وبه قال أبو نعيم. انظر: هامش تهذيب الكمال 3/ 105 (2158).

(5)

قاله الجعد بن عبد الرحمان، والفلاس، والواقدي، وبه جزم ابن حبان. انظر: الثقات 3/ 172، وتهذيب الكمال 3/ 106، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 43.

(6)

وإليه ذهب أبو نعيم الفضل بن دكين، والبخاري، والترمذي. انظر: التاريخ الكبير 4/ 97 (2092)، والتاريخ الصغير 1/ 181، وتهذيب الكمال 3/ 325 (2597).

(7)

وبه قال الواقدي، والمدائني، ويحيى بن بكير، وابن نمير، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ورجحه ابن زبر، وابن حبان. انظر: الثقات3/ 168، وتاريخ مولد العلماء ووفياتهم 1/ 219، وتهذيب الكمال 3/ 325 (2597).

(8)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 44.

ص: 204

وابنُ عُمَرَ سَنَةَ اثنتينِ (1)، أَوْ ثلاثٍ (2)، أَوْ أربَعٍ وسبعينَ (3)، والْمَشْهورُ ثانيها.

(وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ) آخرُهُم مَوتاً (4)(بالْبَصْرَةِ) - بفتحِ الْمُوحَّدَةِ أشْهَرُ مِن ضَمِّهَا وكَسْرِها - وتوفيَ سنةَ تِسْعينَ، أَوْ إحْدى (5)، أَوْ اثنَتَينِ (6)، أَوْ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ، ورجَّحَ النَّوويُّ (7) وغيرُهُ (8) أخرَها. (وابنُ أَبِي أَوْفَى) عَبْدُ اللهِ الأسْلَمِيُّ (9) (قَضَى) أي: مَاتَ آخراً (بالْكُوفَةِ) سنةَ ستٍّ (10)، أَوْ سَبْعٍ (11)، أَوْ ثَمَانٍ وثَمَانينَ (12).

(1) هو قول ضمرة، رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 31/ 198 عنه بالشك فقال:((مات ابن عمر في سنة ثنتين -أَو ثلاث- وسبعين)). وهو قول ضعيف جداً، تفرد بذكره ضمرة. وروي عنه قول آخر يأتي.

(2)

وبه قال الزبير بن بكار، وأبو نعيم الفضل، وابن أبي شيبة، وأحمد، وضمرة، وابن حبان، وأبو زرعة الدمشقي.

التاريخ الكبير 5/ 2 (4)، وثقات ابن حبان 3/ 209، وتاريخ دمشق 31/ 197 - 199.

(3)

وهو قول الواقدي، وابن سعد، وخليفة بن خياط، والفلاس، وسعيد بن عفير، ونافع مولاه، ويحيى بن بكير. تاريخ بغداد 1/ 173، وتاريخ دمشق 31/ 197 - 199.

(4)

قاله قتادة وأبو هلال والفلاّس وابن المديني وابن سعد وغيرهم. انظر: وفيات ابن زبر 1/ 222، وتاريخ دمشق 9/ 378، والطبقات الكبرى 7/ 25 - 26.

(5)

وهو قول الهيثم بن عدي، وأبي عبيد القاسم بن سلاّم، وقتادة. تاريخ دمشق 9/ 380.

(6)

وإليه ذهب الواقدي، وعبد الله بن يزيد الهذلي، ورواه معن بن عيسى عن ابن لأنس ولم يسمه. طبقات ابن سعد7/ 25والتاريخ الكبير2/ 28 (1579)، وتاريخ مولد الْعُلَمَاء 1/ 222.

(7)

تهذيب الأسماء 1/ 127 وقال: ((والصّحيح الّذي عليه الجمهور)).

(8)

منهم: إسماعيل بن علية، وسعيد بن عامر، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وخليفة بن خياط، والترمذي، والسري بن يحيى، وقعنب بن المحرر. طبقات ابن سعد 7/ 26، وتاريخ خليفة: 309، والمعرفة والتاريخ 2/ 267، والتاريخ الكبير 2/ 27 - 28 (1579). وتاريخ دمشق 9/ 382 - 384.

(9)

وقد اختلف فيما بينه وبين عمرو بن حريث فإنه مات بالكوفة أيضاً. وانظر الخلاف في شرح التبصرة والتذكرة 3/ 49 - 50.

(10)

وبه قال الواقدي، والمدائني، ويحيى بن بكير، والفلاس، وابن عساكر. تاريخ مولد العلماء1/ 214، والكنى والأسماء 1/ 241 (127)، وتاريخ دمشق 31/ 38، وتهذيب الكمال 4/ 91 (3159).

(11)

وهو قول أبي نعيم، حكاه البخاري في تاريخه الكبير 5/ 24 (40).

(12)

وَهُوَ قول أبي نعيم في رواية محمد بن يحيى الذهلي- على الشك مع القول السابق -، هكذا عزاه المزي في تهذيبه3/ 91 (3159) وزاد بأنه قول البخاري في موضع آخر، والترمذي وغيرهم. انظر: تاريخ دمشق31/ 37

ص: 205

(وَ) أمّا آخرُهُم مَوْتاً في (الشَّامِ ف) هُوَ إمّا (ابنُ بُسْرٍ) - بضَمِّ الْمُوحَّدَةِ ثُمَّ بسينٍ مُهْمَلَةٍ - عُبيدُ اللهِ الْمَازِنِيُّ (1)(اوْ)(2) بالدرجِ - أَبُو أُمَامَةَ صُدَيُّ بنُ عَجْلانَ (3)(ذُو بَاهِلَهْ)، أي: البَاهِلِيُّ (خُلْفٌ)، أي: خِلافٌ. وَالصَّحِيْحُ الأوَّل.

وتوفيَ الأوَّلُ سَنَةَ ثَمَانِ وَثَمانِيْنَ (4)، وَهُوَ الْمَشْهورُ، أَوْ ست وتسعِينَ (5)، أَوْ سنةَ مِئَة، والثَّانِي سنةَ إحْدَى (6) أَوْ ست وَثَمَانِيْنَ (7).

ثُمَّ أشارَ النَّاظِمُ (8) إلى طريقةٍ أُخْرَى (9) سَلَكَهَا أَبُو زَكَرِيا ابنُ مَنْدَه في آخِرِهِم مَوتاً بِنَواحٍ مِنَ الشَّامِ، وَهِيَ: دِمَشْقُ، وحِمْصُ، والْجَزِيرةُ، وفِلَسْطِينُ، فَقَالَ:

(وَقِيْلَ): إنَّ أخرَهُم مَوْتاً (بِدِمَشْقٍ)(10)، وَقِيْلَ: بِالْقُدسِ (11)، وَقِيْلَ: بِحِمصٍ (12)

(1) قاله الأحوص بن حكيم، وابن المديني، وابن حبان، وابن قانع، وابن عبد البر وغيرهم. انظر: تاريخ دمشق 27/ 159، والثقات 3/ 233، ومعجم الصّحابة 2/ 80 - 81، والاستيعاب 2/ 267.

(2)

في (م): ((أو)) بإثبات الهمزة.

(3)

روي ذلك عن الحسن البصري، وسفيان بن عيينة وبه جزم أبو عبد الله بن منده. انظر: تاريخ دمشق 24/ 58 - 73، وتهذيب الكمال 3/ 452 (2858).

(4)

وبه قال عبد الرحمان بن الضحاك، والواقدي، ومحمد بن سعد، وخليفة بن خياط، وعمرو بن علي الفلاس، وابن نمير، ويحيى بن بكير، والمفضل الغلابي، وأبو عبيد وغيرهم. انظر: الطبقات الكبرى 7/ 413، وطبقات خليفة 552 (2835)، وفيات ابن زبر 1/ 215، وتاريخ دمشق 27/ 160 - 162.

(5)

قاله عبد الصمد بن سعيد. انظر: تاريخ دمشق 27/ 146.

(6)

وبه قال إسماعيل بن عياش، وأحمد بن محمد البغدادي، وأبو اليمان. انظر: تاريخ دمشق 24/ 74 - 75، تهذيب الكمال 3/ 452 (2858).

(7)

وهو قول يحيى بن بكير، والمدائني، والفلاس، وخليفة، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وابن زبر. انظر: تاريخ خليفة 292، وفيات ابن زبر1/ 213، وتاريخ دمشق 24/ 75 - 76، تهذيب الكمال 3/ 452 (2658).

(8)

من (م): فقط.

(9)

لم ترد في (ص) و (ق).

(10)

انظر في هذا الخلاف: تاريخ دمشق 62/ 366، وتهذيب الكمال 7/ 446 (7254).

(11)

قاله أبو حاتم الرازي. الجرح والتعديل 9/ 47.

(12)

قاله ابن قانع. انظر: تهذيب الكمال 7/ 446.

ص: 206

(وَاثِلَهْ) بنُ الأسقعِ، وتوفيَ سنةَ ثَلاثٍ أَوْ خَمْسٍ (1)، أَوْ ستٍّ وَثَمَانِينَ.

(وَأنَّ فِي حِمْصَ ابنُ بُسْرٍ) السَّابقُ (قُبِضَا) آخرهم.

(وأنَّ بالْجَزِيرةِ) الَّتِيْ بَيْنَ دجلَةَ والفُرَاتِ (2)(العُرْسُ) -بضمِّ العَينِ (3) - ابنُ عَمِيْرة -بفتحِهَا- الكِنْدِيُّ (4)(قَضَى)(5) آخرهم. وَقِيْلَ: آخرُهُم مَوْتاً بِهَا: وابِصَةُ بنُ معبدٍ.

(و) أنَّ آخرَهُم مَوْتاً (بِفِلَسْطينَ) - بكسر الفاء، وفتح اللام، وسكون المهملة (6) - ناحيةٌ كبيرةٌ وراءَ الأُرْدُنِّ مِنْ أرضِ الشَّامِ، فِيْهَا عدةُ مُدُنٍ: كالقُدْسِ، والرَّمْلَةِ، وَعَسْقَلَانَ، والْمُرادُ هنا القُدْسُ (أَبُو أُبَيِّ) -بالتصغير- عَبْدُ اللهِ، ويقالُ لَهُ: ابنُ أمِّ حرامٍ. واختُلِفَ في اسْمِ أبيهِ، فقيلَ: عمرُو بنُ قَيْسٍ (7)، وَقِيْلَ: أُبَيُ، وَقِيْلَ: كَعْبٌ. وَقِيْلَ: إنَّمَا مَاتَ بِدَمْشق (8).

(وَ) أما (9) آخرُهم مَوْتاً في (مِصْرَ فابنُ الْحَارِثِ) عَبْدُ اللهِ (بنُ جُزَيِ) بإبدال همزتِهِ ياءً ثُمَّ إشْباعِها للوزنِ، فإنَّهُ جَزْء، وَهُوَ الزُّبَيْدِيُّ - بالتَّصْغيرِ -. وَقِيْلَ: إنَّما مَاتَ بسَفْطِ القدورِ (10)، وتُعْرَفُ اليومَ بسَفْطِ أبي ترابٍ بالغَرْبيةِ. وَقِيْلَ: مَاتَ باليَمَامَةِ (11).

وتوفيَ سنة خَمسٍ، أَوْ ستٍّ، أَوْ سَبعٍ، أَوْ ثَمانٍ، أَوْ تِسْعٍ وَثَمانينَ، والْمَشْهورُ ثانيها.

(وقُبِضَ الْهِرْمَاسُ) - بكسرِ الْهَاءِ - بنُ زِيادٍ الْبَاهِليُّ، آخرُهم (بالْيَمَامةِ).

(1) وهو الذي اقتصر عليه المزي في تهذيب الكمال 7/ 446 الترجمة (7254)، واعتمده الذهبي في الكاشف 2/ 346 الترجمة (6025).

(2)

تسمى هذه المنطقة جزيرة أقور بالقاف. انظر: مراصد الإطلاع1/ 331، واللسان 4/ 133.

(3)

بضم أوله وسكون الراء بعدها مهملة. التقريب (4552).

(4)

قاله أبو زكريا بن منده. انظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 52.

(5)

في (م): ((وقضي)).

(6)

انظر: مراصد الإطلاع 3/ 1042.

(7)

قاله ابن سعد وخليفة وابن عبد البر. انظر: الطبقات الكبرى 3/ 495، وطبقات خليفة: 87، والاستيعاب 4/ 14.

(8)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 3/ 53.

(9)

سقطت من (م).

(10)

قال الزبيدي في تاج العروس19/ 352: ((سفط القدور بأسفل مصر، وهي المعروفة الآن بسفط عَبْدالله بالغربية، وبها توفي عبدالله بن جزء الزبيدي، آخر من مات من الصّحابة بمصر، وقبره ظاهر يزار زرته مراراً)).

(11)

انظر: فتح المغيث 3/ 120.

ص: 207

وَعَنْ عكرمةَ بنِ عَمَّارٍ أَنَّهُ لقيَهُ سَنَةَ اثنتينِ ومِئَةٍ (1): فموتُهُ إمّا فِيْهَا أَوْ فِيْمَا بعدَها، فإنْ صَحَّ ذَلِكَ، أُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ (2) أنَّ آخرَهم مَوْتاً مُطْلَقاً: أَبُو الطُّفيلِ، وإنَّهُ مَاتَ سنةَ مِئَةٍ.

(و) قُبِضَ (قبلَهُ) سنةَ ثلاثٍ، أَوْ ستٍ وخَمْسينَ (رُوَيْفِعٌ) (3) هُوَ ابنُ ثابِتٍ الأنصاريُّ (بِبَرْقَةِ) -بالصَّرفِ للوزنِ-مِنْ بِلادِ الْمَغْربِ (4). (وَقِيْلَ): قُبِضَ في (إفْرِيقيَّةٍ) -بِكسرِ الْهَمْزَةِ، وبالصَّرفِ للوزنِ (5) -من بلادِ الْمَغْرِبِ أَيْضاً. وَقِيْلَ: قُبِضَ بأنطابُلس (6). وَقِيْلَ: بالشامِ.

(و) قُبِضَ (سَلَمَهْ) بنُ عَمْرٍو بنِ الأكوعِ الأسْلَمِيُّ سَنةَ أربعٍ وسَبْعِينَ. وَقِيْلَ: أربعٍ وسِتينَ (بادِياً) أي: بالْبادِيةِ، فهو آخرُهم مَوتاً بِهَا (7)، (اوْ)(8) -بالدرجِ- (بِطِيبةَ)، أي: الْمَدينَةِ (الْمُكَرَّمَهْ) بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الصَّحِيْحُ (9).

قَالَ النَّاظِمُ: ((وآخرُهم مَوْتاً بِخُرَاسانَ بُرَيْدَةُ بنُ الْحُصَيْبِ، وبـ ((الرُّخَّجِ)) -أي: براءٍ مَضمومةٍ ثُمَّ خاءٍ معجمةٍ مُشَدَّدةٍ مَفْتُوحَةٍ، وَقِيْلَ: ساكِنة، ثُمَّ جيم من أعمالِ سجستانَ (10): الْعَدَّاءُ بنُ خَالدٍ بنِ هَوْذَة، وبأصْبَهانَ: النَّابِغَةُ الْجُعْدِيُّ (11). وبالطَّائِفِ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ)) (12).

(1) تهذيب التهذيب 11/ 28، والتقييد والإيضاح:315.

(2)

سقطت من (م).

(3)

بضم الراء وكسر الفاء مصغر. فتح المغيث 3/ 120.

(4)

قال السخاوي في فتح المغيث 3/ 120: ((ببرقة من بلاد المغرب فيما قاله أحمد بن البرقي. قال: وقد رأيت قبره بها وكان أميراً عليها)).

(5)

انظر: مراصد الإطلاع 1/ 100.

(6)

مدينةمن أعمال برقة بين مصر وبلاد أفريقية. انظر: معجم ما استعجم1/ 199 - 200ومعجم البلدان 1/ 266

(7)

قاله أبو زكريا بن منده. كما نقله العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 3/ 55.

(8)

في (م): ((أو)) بإثبات الهمزة.

(9)

قاله إياس بن سلمة، ويحيى بن بكير، وأبو عبد الله بن منده. انظر: تهذيب الكمال 3/ 251 (2446).

(10)

انظر: معجم البلدان 3/ 38، واللباب 2/ 20 (الرخجي).

(11)

ذكر وفاته أبو الشيخ في "طبقات المحدّثين بأصبهان" 1/ 273، وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " 1/ 73.

(12)

شرح التبصرة والتذكرة 3/ 55 - 56 وفي النقل اختصار وتصرف.

ص: 208