الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا (كالْمُسْتَشْكِلِ كَلِمةً) مِن غَريبِ العَربيَّةِ، أَوْ غَيرِها وجدَها (في أصْلِهِ) غَيْرَ مقيَّدةٍ، (فَلْيَسْأَلِ) (1) أي: فإنه يسألُ عَنْهَا العالِمينَ بِهَا، ويرويها عَلَى مَا أخبروهُ بِهِ، كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الإمامِ أَحْمَدَ وغيرِهِ (2).
اخْتِلَافُ أَلْفَاْظِ الشُّيُوْخِ
(اخْتِلافُ أَلْفَاْظِ الشُّيُوْخِ) في مَتْنٍ، أَوْ كتابٍ، والمعنى واحدٌ، وَقَدْ بدأ بالقسمِ الأوَّلِ، فَقَالَ:
652 -
وَحَيْثُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْخٍ سَمِعْ
…
مَتْناً بِمَعْنَى لَا بِلَفْظٍ فَقَنِعْ
653 -
بِلَفْظِ وَاحِدٍ وَسَمَّى الْكُلَّ: صَحّْ
…
عِنْدَ مُجِيْزِي النَّقْلِ مَعْنىً وَرَجَحْ
654 -
بَيَانُهُ مَعْ قالَ أَوْ مَعْ قالَا
…
وَمَا بِبَعْضِ ذَا وَذَا وَقالَا:
655 -
اقْتَرَبَا فِي اللَّفْظِ أَوْ لَمْ يَقُلِ:
…
صَحَّ لَهُمْ وَالْكُتْبُ إِنْ تُقَابَلِ
656 -
بِأَصْلِ شَيْخٍ مِنْ شُيُوخِهِ فَهَلْ
…
يُسْمِي (3) الجَمِيْعَ مَعْ بَيَانِهِ؟ احْتَمَلْ
(وَحَيْثُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْخٍ) اثنينِ، فأكثرَ (سَمِعْ) أي: الرَّاوِي (مَتْناً) أي: حديثاً (بِمَعْنَى) واحِدٍ اتَّفَقوا عَلَيْهِ، (لا بِلَفْظٍ) واحِدٍ، بَلْ (4) اختلفوا فِيْهِ، (فَقَنِعْ) حِيْنَ أَوْرَدَهُ (بِلَفظِ) شَيْخٍ (واحِدٍ) مِنْهُمْ، (وسَمَّى) مَعَهُ (الكُلَّ) حَمْلاً لألفاظِ غَيرِهِ عَلَى لَفْظِهِ، كَأَنْ يَقُوْلَ فِيْمَا يَكُوْنُ فِيْهِ اللفظُ لأبِي بَكْرِ بنِ أبي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مثنَّى (5)، ومُحَمَّدُ بنُ بشارٍ، قالوا: حَدَّثَنَا فُلَانٌ.
(1) في (م): ((فيسأل)).
(2)
انظر: الكفاية: (374 - 377 ت، 255 - 257 هـ).
(3)
بتسكين السين؛ لضرورة الوزن.
(4)
ساقطة من (ع).
(5)
في (ع): ((المثنى)).
(صَحّْ) ذَلِكَ (عِنْدَ مُجِيْزِي النَّقْلِ مَعْنًى) أي: بِالْمَعْنَى، وَهُمْ الْجُمْهُوْرُ، كَمَا مَرَّ سواءٌ أبيَّنَ (1) ذَلِكَ، أم لا.
وَمِمَّنْ فَعَلَهُ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ (2).
(و) لَكِنْ (رَجَحْ) عِنْدَهُم (بَيانُهُ) أي: هُوَ أحسَنُ، بأَنْ يعيِّنَ صَاحِبَ اللفظِ الَّذِي أتى بِهِ، كأنْ يَقُوْلَ في الْمِثالِ السَّابِقِ: واللّفْظُ لأبي بكر بنِ أَبِي شَيْبَةَ، لِلْخُروجِ مِن خِلافِ جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى.
وَبَيَانُهُ (3) ذَلِكَ يَكُوْنُ (مَعْ) إفراد (قَالَ، أَوْ مَعْ) بإسْكانِ الْعَينِ فِيْهِمَا (قَالَا).
((أَوْ)) إما للتخْييرِ - وجرى عَلَيْهِ النَّاظِمُ (4) كابنِ الصَّلَاحِ (5) - فيقولُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ وفُلانٌ، واللفْظُ لِفُلانٍ، قَالَ، أَوْ قَالا: حَدَّثَنَا فُلَانٌ.
أَوْ لِلتَّنويعِ - وَهُوَ الأَولَى - لأنَّهُ في مقامِ بيانِ ما ذُكِرَ فيقول: ((قَالَ)) إنْ أخذَهُ عَنْ شَيخٍ، كَمَا في الْمِثالِ الْمَذْكورِ، أَوْ ((قَالَا)) إنْ أخذَهُ عَنْ شَيْخَينِ، أَوْ ((قَالوا)) إنْ أخذَهُ عَنْ أكثرَ. كأنْ يَقُوْلَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ (6)، واللَّفْظُ لِفُلانٍ وفُلَانٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا فُلَانٌ، أَوْ (7) واللَّفْظُ لفلانٍ وفلانٍ وفلانٍ قالوا: حَدَّثَنَا فُلَانٌ.
واستُحْسِنَ لِمُسْلِمٍ قولُهُ: ((حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيبةَ، وأبو سَعيدٍ الأشجُّ كِلاهُما عَنْ أَبِي خَالدٍ، قَالَ أَبُو بكرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خالدٍ الأحمرُ)) (8).
(1) في (ع): ((بيّن)). وهو خطأ نحوي.
(2)
قال الخليلي: ((ذاكرت يوماً بعض الحفاظ فقلت: البخاريّ لم يخرج حمّاد بن
سلمة في الصّحيح. وهو زاهد ثقة؟! فقال: لأنه جمع بين جماعة من أصحاب أنس، فيقول: حدّثنا قتادة، وثابت، وعبد العزيز بن صهيب، وربما يخالف في ذلك)). الإرشاد 1/ 417 - 418.
(3)
في (ع) و (م): ((وبيان)).
(4)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 282.
(5)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 388.
(6)
((فلان وفلان)) الأخيرتين، ساقطة من (م).
(7)
لم ترد في (ع).
(8)
صحيح مسلم 2/ 133 طبعة إستانبول، و 1/ 465 (673) طبعة محمد فؤاد.
قَالَ ابنُ الصَّلَاحِ: ((فإعادتُهُ ثانياً ذكرَ أحدِهِما خاصةً فِيْهَا إشْعارٌ بأنَّ اللفظَ المذكور لَهُ)) (1).
قَالَ النَّاظِمُ: ((وَيَحْتَمِلُ أنَّهُ أرادَ بإعادتِهِ بَيانَ التَّصْرِيحِ فِيْهِ بِالتَّحْدِيثِ، وأنَّ الأشجَّ لَمْ يصرِّحْ بِهِ)) (2).
(وَمَا) أتَى فِيْهِ الرَّاوِي (بِبعضِ) لفظِ (ذَا) أي: أحدِ الشَّيخينِ (و) بَعْضِ لَفْظِ (ذَا) أي: الآخرِ مِمَّا اتَّحَدَ فِيْهِ الْمَعْنَى، (وَقَالَا) أي: وَقَالَ الرَّاوِي: (اقْتَرَبا) أي: الشَّيخانِ، أَوْ تَقَارَبا (في اللَّفْظِ)، أَوْ قَالَ: والمعنى واحدٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.
(أَوْ لَمْ يَقُلِ) شَيْئاً مِن ذَلِكَ (صَحَّ) أَيْضاً (لَهُمْ) أي: لِمُجيزِي النَّقْلِ بالمعنى.
والأحسنُ أَيْضاً الْبَيَانُ، فَقَدْ عِيبَ بتركِهِ البُخَارِيُّ، وغيرُهُ، فِيْمَا قَالَهُ ابنُ الصَّلَاحِ (3). ثُمَّ ثَنَى بالْقِسْمِ الثَّانِي، فَقَالَ:
(والكُتْبُ) - بإسْكانِ التَّاءِ - الْمَسْمُوعةُ لِلرَّاوِي مِنْ شَيْخَينِ فأكثرَ (إِنْ تُقَابَلِ بأصْلِ شَيْخٍ) واحِدٍ (مِنْ شُيُوخِهِ) دُوْنَ مَنْ سِواهُ، (فَهَلْ يُسْمِي) - بإسْكانِ السِّينِ - عِنْدَ روايتِهِ لتلكَ الكُتُبِ (الْجَمِيْعَ) أي: جَمِيْع شيوخِهِ (مَعْ) - بالإسْكان - (بَيَانهِ) أَنَّ اللفظَ لِفلانِ الَّذِي قابَلَ بأصْلِهِ؟
(احْتَمَلْ) الْجَواز، كالأوَّلِ، وَهُوَ الظَّاهرُ؛ لأنَّ ما أوْرَدَهُ قَدْ سَمِعَهُ بنصِّهِ مِمَّنْ ذكرَ أنَّهُ (4) بلفظِهِ.
واحْتمَلَ عدَمَهُ؛ لأنَّهُ لا علمَ عِنْدَهُ (5) بكيفيةِ رِوَايَةِ مَنْ سِواهُ، حَتَّى يُخبِرَ عَنْهُ، بِخِلافِهِ في الأوَّلِ، فإنَّهُ اطلعَ فِيْهِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْمَعْنَى (6).
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 388.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 283.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 389.
(4)
في (ق): ((ذكره)). و (أنه) لم ترد فيها.
(5)
في (ق): ((له)).
(6)
قال البدر بن جماعة: ((ويحتمل تفصيلاً آخر، وهو النظر إلى الطرق، فإن كانت متباينة بأحاديث مستقلة لم يجز، وإن كان تفاوتها في ألفاظ أو لغات أو اختلاف ضبط جاز)). المنهل الروي: 102. وانظر: نكت الزركشي 3/ 627 - 628، ومحاسن الاصطلاح: 345. ففيهما تفصيل يستحسن.