الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفارقتِ الرِّوَايَةُ مَا مَرَّ من النَّظيرِ بتوسُّعِهم فِيْهَا، كَمَا مَرَّ.
(وَحَيْثُ أدّى) مَا تحمَّلَهُ بالكتابةِ، فبأيِّ لفظٍ يؤدِّي بِهِ؟ (فالليثُ مَعْ مَنْصورٍ اسْتَجَازا) أي: أجازا إطلاقَ (أَخْبَرَنَا)، و (حَدَّثَنَا)(1).
وقولُه: (جَوازا) تكملة.
لَكِنَّ الْجُمْهُورَ مَنعوا الإطلاقَ (وَصَحَّحُوا التَّقييدَ بالكِتَابهْ)، كقولِهِ: حَدَّثَنَا، أَوْ أَخْبَرَنَا كتابةً، أَوْ مُكاتبةً، أَوْ كتبَ إليَّ، (وَهْوَ الذِي يَليقُ بالنَّزاههْ) أي: التحرِّي، والبعدِ عَمَّا يوهمُ اللَّبْسَ (2).
قَالَ الحاكِمُ: الذي أختارُهُ وَعهِدتُ عَلَيْهِ أكثرَ مشايخِي، وأئمةَ عصري، أَنْ يَقُولَ فِيْمَا كَتبَ إِليهِ المحدِّثُ مِن مدينةٍ، وَلَمْ يُشَافهْهُ بالإجازةِ:((كَتَبَ إليَّ فُلَانٌ)) (3).
السَّادِسُ: إِعْلَامُ الشَّيْخِ
(السادسُ) من أقسامِ التحمُّلِ: (إعلامُ الشَّيْخِ) الطَّالِبَ لفظاً بشيءٍ من مرويِّه (4)، مجرداً عَنْ الإِجَازَةِ.
541 -
وَهَلْ لِمَنْ أَعْلَمَهُ الشَّيْخُ بِمَا
…
يَرْوِيْهِ أَنْ يَرْوِيَهُ؟ فَجَزَمَا
542 -
بِمَنْعِهِ (الطُّوْسِيْ) وَذَا الْمُخْتَارُ
…
وَعِدَّةٌ (5)(كَابْنِ جُرَيْجٍ) صَارُوْا
543 -
إلى الْجَوَازِ وَ (ابْنُ بَكْرٍ) نَصَرَهْ
…
وَصَاحِبُ الشَّامِلِ جَزْماً ذَكَرَهْ
544 -
بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ (6) لَوْ مَنَعَهْ
…
لَمْ يَمْتَنِعْ، كَمَا إذا قَدْ سَمِعَهْ
545 -
وَرُدَّ كَاسْتِرْعَاءِ مَنْ يُحَمَّلُ
…
لَكِنْ إذا صَحَّ، عَلَيْهِ الْعَمَلُ
(1) انظر: الكفاية (489 ت، 343 هـ)، ومعرفة أنواع علم الحديث:334.
(2)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 335.
(3)
معرفة علوم الحديث: 260.
(4)
بعد هذا في (م): ((أو غيره)).
(5)
انظر: النكت الوفية 269 / أ.
(6)
بتخفيف النون؛ لضرورة الوزن.
(وَهَلْ لِمَنْ أعلمَهُ الشَّيْخُ بما يروِيه) سَمَاعاً، أَوْ إجازةً، أَوْ غيرَهما مجرداً عَمَّا ذكرَ (أَنْ يرويَهُ) أَوْ لا؟
(فَجَزَمَا بِمَنْعِهِ (1)) أَبُو حَامدٍ (الطُّوْسِيْ) مِن أَئِمَّةِ الشَّافِعيةِ - وَالظّاهِرُ كَمَا قَالَهُ النَّاظِمُ أنَّه الغزاليُّ، فإنَّهُ كَذلِكَ في " الْمُسْتَصْفَى "(2) - وَذَلِكَ لِعَدمِ إذنِهِ لَهُ، وربَّما لا يُجَوَّزُ روايتُهُ عَنْهُ لِخَلَلٍ يعرفُهُ فِيهِ، وإنْ سَمِعَهُ.
(وذَا) أي: المنعُ هُوَ (الْمُخْتَارُ)، كَمَا قَالَ (3) ابنُ الصَّلاحِ (4)، وغيرُهُ.
(وَعِدَّةٌ) كثيرونَ مِنَ الأئمّةِ الْمُحَدِّثِيْنَ، وغَيْرِهِم (كَابْنِ جُريجٍ) عَبْدِ المَلِكِ (5)(صَاروا إلى الْجَوازِ) قياسَاً عَلَى الشَّاهِدِ (6) بما سَمِعَهُ مِنَ الْمُقِرِّ، وإنْ لَمْ يَأذنْ لَهُ فِيْهَا.
(وابنُ بَكْرٍ) الوليدُ (7)(نَصَرَهْ) واختارَهُ، (وَ) ابنُ الصبَّاغِ (8) (صَاحِبُ
" الشَّامِلِ " جَزْمَاً ذكرَهْ) أي: ذَكرَهُ عَلَى سَبيلِ الْجَزْمِ.
(بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ)، وَهُوَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ (9) فِيْمَا نَقَلَهُ ابنُ الصَّلاحِ (10) - فَصرَّحَ (بأنْ) أي: بأنَّهُ (لَوْ مَنَعَهْ) مِنْ روايتِهِ عَنْهُ بَعْدَ إعلامِهِ بِمَا ذكر، كقولِهِ: لا تروهِ عَنِّي
(1) في (م): ((يمنعه)).
(2)
1/ 166، وإليه ذهب ابن حزم، والماوردي، وابن القطان، والبيضاوي، وابن السّبكيّ، والآمدي. انظر: إحكام الأحكام2/ 91، والإبهاج 2/ 334، ونهاية السول 3/ 196 ونكت الزّركشيّ 3/ 549، ومحاسن الاصطلاح: 290، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 182.
(3)
في (م): ((قاله)).
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 336.
(5)
الإلماع: 115. قال الحافظ العراقي: ((وذهب كثيرون منهم: ابن جريج وعبيد الله العمري، وأصحابه المدنيون، وطوائف من المحدّثين، والفقهاء، والأصوليين والظاهريين، إلى الجواز. واختاره ونصره الوليد بن بكر الغمري - بفتح الغين المعجمة - في كتاب " الوجازة " له وبه قطع أبو نصر ابن الصباغ صاحب الشامل، وحكاه القاضي عياض عن الكثير)). شرح التبصرة والتذكرة 2/ 183 - 184.
(6)
في (ص) و (ع): ((شهادة الشاهد)).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 183.
(8)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 335، والبحر المحيط 4/ 395، وشرح التبصرة 2/ 184.
(9)
المحدث الفاصل: 451، وانظر: الإلماع: 108.
(10)
معرفة أنواع علم الحديث: 336.
أَوْ لَا أُجيزُه لَكَ (لَمْ يَمْتَنِعْ) بِذَلِكَ من روايتِهِ، (كَمَا) أنَّه لا يَمْتَنِعُ (إذَا) مَنَعَهُ مِنَ التَّحديثِ بِمَا (قَدْ سَمِعَهْ) لا لِعلَّةٍ وريبةٍ في المرويِّ: لكونِهِ هُنَا أَيْضَاً قَدْ حدَّثَهُ -، أي إجْمَالاً - وَهُوَ شيءٌ لا يرجعُ فِيهِ، كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الإِجَازَةِ.
(وَ) لَكِنْ (رُدَّ) أي: القَوْلُ بِالجوازِ (كاسْتِرْعاءِ) أي: كَمَا في اسْتِرعاءِ الشّاهِدِ (مَنْ يُحَمَّلُ (1)) الشَّهادةِ - بفتحِ الميمِ، ويجوزُ كسرُها -، أي: من تحمله الشَّهادةَ.
حَيْثُ لا يكفي (2) إعْلامُه بِهَا (3)، أَوْ سَمَاعُهُ لَها مِنْهُ في غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكمِ وبيانِ السَّببِ، بَلْ لَابُدَّ أَنْ يأذَنَ لَهُ فِي أنْ يشهدَ عَلَى شهادتِهِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ في مَحلِّهِ؛ لجوازِ أنْ يمتنعَ مِن أدائِها لِشَكٍّ يدخلُهُ، فَكَذا هُنَا.
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ (4): وهذا مِمّا تَساوتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ والشَّهادةُ، لأنَّ المعْنى يَجْمَعُهمَا (5) فِيهِ، وإن افْتَرَقَتَا (6) في غيرِهِ.
(لَكِنْ إذَا صَحَّ) عِنْدَ أَحَدٍ، مَا حَصَلَ الإعْلامُ بِهِ مِنَ الحَدِيْثِ يجبُ (عَلَيْهِ العَمَلُ) بمضمونِهِ، وإنْ لَمْ تجزْ (7) لَهُ روايتُهُ؛ لأنَّ العَمَلَ بِهِ يكفي (8) فِيهِ صِحَّتُهُ في نفسِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ روايةٌ، كَمَا مَرَّ في نَقْلِ الحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ.
هَذَا وَفِي القَوْلِ بالْمَنعِ نظرٌ يؤخذُ مِن كَلامِ ابنِ أَبِي الدمِ الآتي قريباً (9).
(1) في (م): ((تحمّل)).
(2)
في (م): ((لا يكتفي)).
(3)
في (م): ((لها)).
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 337.
(5)
في (ص) و (ق): ((يجمعها)).
(6)
في (ق) و (ع): ((افترقا)).
(7)
في (م): ((يجز)).
(8)
في (ص) و (ع): ((يكتفي)).
(9)
بعد هذا في (ق): ((والله تعالى أعلم)).